قد لا يصدق أحد أن مستشفيات جامعة المنصورة التى كان يطلق عليها يوما عاصمة مصر الطبية بسبب هذه الصروح الطبية العملاقة تدهورت بشكل مخيف فى الآونة الأخيرة وأصبحت لاتختلف كثيرا عن مستشفيات وزارة الصحة من حيث المستوى الطبى وعلاج المرضى رغم إمكانياتها ماديا وعلميا فضلا عن أن منشآتها وتجهيزاتها الطبية على أعلى مستوى وقد تسبب تدهور الخدمة الطبية فى هذه المستشفيات فى ارتفاع أعداد الموتى داخلها بشكل ملحوظ. يقول أحمد محمد: والدى محتجز بقسم العظام فى مستشفى الطوارئ منذ عشرة أيام ورغم ذلك لايوجد مكان فى المستشفى حيث ينام فى الطرقة علما بأنه رجل مسن.
وأوضح أحمد أن أسرته بسيطة الحال ولا تستطيع إدخال والده فى القسم الاقتصادى حيث تصل الليلة فى الغرفة الواحدة 400 جنيه ولفت إلى أن نسبة الموتى داخل مستشفيات تزايدت بشكل رهيب مما دفع إدارتها إلى إرغام أهل المتوفين على توقيع إقرارات بخروج مرضاهم أحياء بعد تهديدهم بإدخال جثة المتوفى بالمشرحة وانتظار الإجراءات وذلك من أجل خفض نسبة الموتى داخل المستشفى، ويضيف السعيد عمر إنه منذ 3 أسابيع تقرر إجراء عملية جراحية لوالده وتم تأجيل إجرائها بسبب دخول حالات جديدة تابعة لأساتذة كلية الطب.
وقال السعيد لقد اضطررت للذهاب بالتحاليل الخاصة بوالدى إلى رئيس القسم فى عيادته الخاصة ودفعت قيمة كشف خارجى رغم أن والدى محتجز داخل المستشفى وبعد رحلة من العذاب أجريت العملية والحمدلله.
ويشير محمد رمضان إلى أن والده تم احتجازه داخل مستشفى النقاهة بقسم القىء الدموى بعد تحويله من الطوارئ وكان يتوقع ان تكون الخدمة الطبية كما كان يسمع عنها من أن المنصورة قلعة الطب ولكنه وجدها أقل من الوحدات الصحية فلا يوجد أساتذة ولا أى عناية بالمرضى.
أضاف قائلا: أننى رأيت مشهدا لن أنساه طوال عمرى عندما فوجئنا بالمسئول الإدارى فى المستشفى يطلب من كل مرافق مبلغ 30 جنيها ولم يكن مع أحد المرافقين هذا المبلغ وألح على الموظف مؤكدا انه لايمتلك هذا المبلغ وأرغم الموظف هذا المرافق على ترك والده بين الحياة والموت ولم ينته المشهد عند ذلك الحد حيث تعرض والده لنزيف حاد دون أن يكون موجودا أحد من أهله وعندما ذهبنا للممرضة حضرت بعد 10 دقائق حيث فارق المريض الحياة فلو كانت الخدمة الطبية متوفرة من الممرضات لمباشرة المرضى لن نضطر للجلوس مع المرضى حيث نقوم بأعمال التمريض.
ويروى أحمد فؤاد إنه دخل قسم الجراحة بمستشفى الجامعة لإجراء عملية الشبكية بعد خطأ طبى من الطبيب فى إجراء عملية الزائدة عن طريق الكشف فى العيادة الخاصة لأحد الأساتذة بعد أن توجه للعيادة الخارجية وفشل فى أن يحتجز لإجراء العملية.
وأوضح أنه لايستطيع أن يدخل أى مريض لأى قسم بمستشفى المنصورة إلا عن طريق العيادات الخارجية والحالات الحرجة فى الحوادث وممكن تركه لإرغامه على ترك المستشفى ليقوم طبيب بالقسم أو رئيس القسم ذاته بإجراء العملية فى مستشفى خاص.
ويكشف أحد العاملين بالمستشفى أن معظم المرافق داخل المستشفى منهارة فى ظل وجود لامبالاة من المسئولين بل تعدى الأمر إلى المرضى وعدم تواجد الأطباء الكبار من الأساتذة والمدرسين والمدرسين المساعدين ولايتواجد بالمستشفى إلا النواب والامتياز فى حين يتواجد الآخرون بالعيادات والمراكز والمستشفيات الخاصة المساهمين فيها وفى نفس الوقت يتقاضون مكافآت وبدلات كبيرة على حساب الفقراء وإهدار المال العام ولا يوجد للأطباء الكبار بالمستشفى تواجد الا لحضور الامتحانات وساعة أوساعتين داخل مكتبة القسم مرة واحدة كل اسبوعين على أقصى تقدير. من جهته أكد الدكتور وائل خفاجى مدير مستشفى الطوارئ أن القرار الذى صدر من مجلس الإدارة واعتماده من رئيس الجامعة يهدف لصالح المريض ذوى الحالات الحرجة فى محاولة لخفض اعداد المرضى المترددين على الطوارئ مشيرا إلى أن متوسط المرضى المترددين فى يوم اسقبال الطوارئ يصل إلى 1046 حالة فى عام 2011 وكان يتقرر دخول نحو 200 حالة فقط بالأقسام الداخلية ووجدنا أن باقى المرضى كان يمكن علاجهم فى العيادات الخارجية وأشار إلى أن «الطورائ» مستشفى تعليمى جامعى وغير ملزمة قانونا باستقبال المرضى على مدار 24ساعة مثل مستشفيات وزارة الصحة. ولم ينف مدير المستشفى مايتردد عن اتجاه الإدارة إلى رفع قيمة التذكرة أوثمن الخدمات الطبية للمرضى فى حالة عدم انخفاض أعداد المترددين خاصة أن الاحصائية الأخيرة ليوم الأحد الماضى تؤكد عدم انخفاض الاعداد فقد استقبلت المستشفى 1085 مريضا. وأشار إلى أن حصيلة تلك المبالغ سوف تودع بصندوق تحسين الخدمة الطبية وقد حدد القانون طرق الصرف منه. يعترف الدكتور السيد أحمد عبدالخالق رئيس الجامعة بأنه سيتم رفع قيمة تذاكر الكشف فعلا مؤكدا أن القرارصدر بعد دراسة كبيرة والمستشفى ليس مسئولا عن استقبال حالات الطوارئ وان مستشفيات وزارة الصحة هى المسئولة عن ذلك ومخصص لها ميزانية من الدولة لتحملها هذا العبء فلا توجد ميزانية من الدولة لفتح المستشفى لاستقبال الطورائ ورغم ذلك نقوم بمسئوليتنا نحو المجتمع. بينما أكدت المصادر أن هذا القرارجاء لتدبير دفع الحوافز والمكافآت للعاملين بالمستشفى وايداع حصيلة المبالغ صندوق تحسين الخدمة الطبية لإتاحة الفرصة للصرف منه بحرية كاملة للمحاسيب وليس لتحسين الخدمة. من جهته كشف حسن الشويحى رئيس اللجنة النقابية للعاملين بمستشفيات الجامعة رفض العاملين الكامل لهذا القرار خاصة لأنه يعفى العاملين بالطوارئ فقط من دفع الرسوم ويحرم باقى زملائهم بمستشفيات الجامعة من هذه الميزة. ويعقب الناشط الحقوقى أيمن منصور العربى على أن هذا القرار بأنه مخالف لحقوق الانسان ويتنافى مع كل معانى الإنسانية وبعيد كل البعد عن أهداف الثورة مؤكدا أنه سيقوم برفع دعوى قضائية امام محكمة القضاء الإدارى والمطالبة بإلغائه خاصة أن هذا القرار يهدف إلى تحويل المستشفيات الحكومية والجامعية إلى استثمارية على حساب المرضى الفقراء وأن صندوق تحسين الخدمة ما هو الا باب خلفى لحصول الأطباء الكبار والموظفين المقربين من الإدارة بالحصول على مكافآت من دم الغلابة وليس لتحسين الخدمة كما يقولون.