ألقي الرئيس حسني مبارك، أمس كلمة بمناسبة تكريم د.مجدي يعقوب ومنحه قلادة النيل العظمي، أكد خلالها أن «يعقوب» نبتة طيبة من أرض الوطن.. أنجبته مدينة «بلبيس» في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، وأثبت منذ الستينيات اجتهادا ومثابرة ونبوغا وصار علما من أعلام الطب، ورائدا من رواد جراحات نقل الأعضاء وزرع الخلايا الجذعية. وقال الرئيس: أطرح هذا النموذج للنجاح أمام شبابنا بما ينطوي عليه من رسائل ودلالات ومعان.. هو نموذج للتصميم ووضوح الرؤية للمستقبل. وفيما يلي نص كلمة الرئيس: الإخوة والأخوات نلتقي اليوم تكريما للدكتور مجدي حبيب يعقوب.. واحتفاءً به ابنا بارا من أبناء مصر.. ونبتة طيبة من أرض الوطن.. نحتفل به ونكرمه.. رمزا بين رموز عديدة.. علي أصالة هذا الشعب العريق وعطاء أبنائه.. وعلي تنوع مجالات تميز المصريين ونبوغهم.. وقدرتهم علي مواكبة أحدث علوم العصر وتقنياته.. بل والمساهمة في تطويرها والاضافة إليها. أنجبت مدينة «بلبيس» هذا الابن البار.. في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي.. لعائلة مصرية قبطية تأتي أصولها من «أسيوط».. درس الطب بجامعة القاهرة كآلاف المصريين واستكمل دراساته في «شيكاغو» ومنها إلي «لندن» فأثبت منذ سنوات الستينيات اجتهادا ومثابرة ونبوغا.. وصار علما من أعلام الطب.. واستشاريا لأمراض القلب.. ورائدا من رواد جراحات نقل الأعضاء وزرع الخلايا الجذعية. حصل الدكتور مجدي يعقوب علي ألقاب ودرجات شرفية رفيعة.. من جامعات عديدة علي اتساع العالم.. منحته الملكة اليزابيث الثانية لقب «فارس» عام 1992 وحاز جائزة «فخر بريطانيا» عام 2007 . يطلق عليه الاعلام البريطاني لقب «ملك القلوب» ونحن هنا في مصر نحمل له في قلوبنا الاعتزاز بانتمائه لوطنه الأم.. فبرغم ما حازه من مجد وشهرة في بريطانيا والعالم.. لأكثر من نصف القرن.. فإن زياراته لم تنقطع لهذه الأرض الطيبة.. أجري العديد من جراحات القلب المفتوح لبني وطنه.. بالمجان.. ثم عاد لبلده بعد رحلة حياة شاقة وناجحة.. لينشئ علي أرض «أسوان» مركزا لجراحات القلب.. لعلاج الحالات الحرجة لغير القادرين.. كما شرع في إنشاء مركز آخر ملحق به لدراسات وأبحاث أمراض القلب. وفضلا عن ذلك.. فقد أطلق الدكتور مجدي يعقوب مبادرته الإنسانية.. «سلسلة الأمل».. في عمل خيري عالمي رائد.. يراعي مرضي القلب من الاطفال بالعديد من الدول النامية.. ويسهم في اتاحة الرعاية الصحية وتنمية المجتمعات المحلية بهذه الدول. الإخوة والأخوات.. إنني أطرح هذا النموذج للنجاح أمام شبابنا.. بما ينطوي عليه من رسائل ودلالات ومعانٍ. هو نموذج للتصميم ووضوح الرؤية للمستقبل.. فلقد قرر «السيد/ مجدي يعقوب» منذ سنوات شبابه المبكرة أن يكون جراحا.. كوالده.. وعندما توفيت إحدي عماته بضيق في صمام القلب.. قرر أن يصبح جراحا في هذا التخصص بالذات.. درس واجتهد وثابر.. فتحقق له ما تطلع إليه.. وصار علما من أعلام جراحات القلب علي مستوي العالم. وهو نموذج رفيع للاقتناع بقيم الانسانية.. ووحدة أبناء البشر.. كان من السهل علي عالم كبير مثله.. أن يكتفي بما ناله من شهرة ومال ومكانة.. لكنه أبي إلا أن يكون بين أطفال فقراء العالم.. يعطيهم من علمه ووقته وخبرته.. ليعالجهم دون مقابل. وهو فوق كل ذلك.. نموذج راقٍ للاخلاص لمصر.. وللبسطاء من أبنائها.. لم ينشغل عنها أو عنهم.. ولم يتعال عليهم أو يكتف بالحديث عن معاناتهم.. لم يقل «إني» أو «أنا» .. ولم يبتغ مغنما أو مصلحة ذاتية.. عمل في صمت.. دون صخب أو ضجيج.. وذهب إلي أقصي صعيد مصر.. فأقام مركزا متطورا لجراحات القلب.. شارك في تمويل نفقاته من حر ماله.. يعالج الفقراء بالمجان.. ويسهم في تدريب جيل جديد.. من الأطباء وأطقم التمريض. خلال عام واحد.. أجري البروفيسور مجدي يعقوب ومعاونوه.. «190» عملية قلب مفتوح ونحو «450» عملية قسطرة.. كما فحص أكثر من «3000» حالة ممن يعانون من أمراض القلب.. كانت الغالبية العظمي منهم من أبناء الصعيد.. لا فارق بين مسلميهم وأقباطهم. وبالاضافة إلي ذلك.. فقد تبنت «مؤسسة مجدي يعقوب» الخيرية.. بالتعاون مع «مكتبة الاسكندرية».. برنامجا لامراض القلب الوراثية علي المستوي القومي.. بدءا بمحافظات أسوانوالقاهرةوالاسكندرية والمنوفية.. أسهم حتي الآن في متابعة حالات أكثر من «1600» من الأسر المصرية. السيدات والسادة.. لقد برهن الدكتور مجدي يعقوب علي احساس وطني عال.. وادراك لما يقترن بالشهرة والنجاح.. من مسئولية اجتماعية وأخلاقية وإنسانية.. كما برهن علي أن العمل من أجل الوطن.. والبسطاء من أبناء الشعب.. يتجاوز المفهوم التقليدي للعمل الخيري.. لمفهوم أكثر شمولا.. يقرن الأقوال بالافعال.. ويسهم في تغيير ملموس للواقع.. علي نحو عملي.. وعلي الأرض. إنني أدعو الحكومة والقطاع الخاص.. للوقوف إلي جانب هذا النموذج الناجح.. أدعوهم لمساندة الجهود التي يبذلها الدكتور يعقوب.. لتعبئة الموارد المالية.. واتطلع لافتتاح «مركز أسوان لدراسات أمراض القلب».. ليصبح مع المركز الجراحي القائم حاليا.. نواة لمركز طبي عالمي.. يقوم ويتوسع علي أرض الصعيد. إن الدولة تبذل أقصي جهودها للارتقاء بالتعليم.. بما في ذلك العلوم الطبية.. تجتهد للنهوض بالرعاية الصحية لابناء الشعب.. وفق رؤية واضحة لنهضة مصرية شاملة.. تدفع بمجتمعنا إلي الامام.. لكن جهود الدولة تظل في حاجة ماسة.. لجهود موازية وداعمة.. للقطاع الخاص والمجتمع المدني المصري.. ولكل عطاء مخلص وجاد لابناء الوطن. إن هذا التكريم الذي أشارك فيه اليوم.. هو تكريم يأتي بحق عن جدارة واستحقاق.. وهو تكريم ليس للدكتور مجدي يعقوب.. فحسب.. وانما لما يرمز إليه من عطاء مصري أصيل.. لهذه الأرض الطيبة.. ولشعبها العريق. نكرم الدكتور مجدي يعقوب.. ابنا نابغا وأصيلا من أبناء مصر.. ونموذجا للنجاح والعطاء للوطن.. ونكرم في شخصه فريقه ومعاونيه.. والداعمين لأنشطته بالمال والجهود. نكرم في شخصه.. العديد من أبناء مصر النابغين.. ممن يجتهدون علي أرضها.. أو يسهمون بعطائهم خارج حدودها.. فيحملون معهم اسم مصر.. ويحوزون تقدير وإعجاب العالم. إنني أقوم اليوم بتقليد الدكتور مجدي يعقوب.. قلادة النيل العظمي.. أعلي أوسمة الوطن.. لا تمنحها مصر سوي لرؤساء الدول.. ولمن يقدمون الخدمات الجليلة للوطن والإنسانية.. أقوم بتقليده أمامكم هذه القلادة الرفيعة.. تقديرا لمكانته العلمية وإسهاماته للطب والإنسانية.. وتعبيرا عن الاشادة والامتنان.. لما قدمه للوطن وابنائه من بذل وعطاء. حفظ الله مصر.. وجعل لها من ابنائها ذخراً وسندا.. جيلا بعد جيل. أشكركم،،،، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،،،