في احتفال مهيب ، هيمنت عليه مشاعر التقدير للعطاء العلمي والانساني ، لواحد من ابناء الشعب المصري النابغين ، قلد الرئيس حسني مبارك صباح امس جراح القلب المصري العالمي الدكتور مجدي يعقوب قلادة النيل العظمي. واكد الرئيس مبارك ان تكريم الدكتور مجدي يعقوب هو في جوهره تكريم لما يرمز اليه هذا العالم الجليل من عطاء مصري أصيل لأرض مصر الطيبة ولشعبها العريق .. وان تكريم الدكتور يعقوب يحمل أيضا تكريما للعديد من أبناء مصر النابغين ممن يجتهدون علي أرضها ،أو يسهمون بعطائهم خارج حدودها ،فيحملون معهم اسم مصر .. ويحوزون تقدير العالم. وكان الاحتفال الكبير الذي اقامه الرئيس مبارك امس بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة ، وحضرته السيدة سوزان مبارك قرينة رئيس الجمهورية ،وكبار رجال الدولة وفي مقدمتهم رؤساء مجالس الوزراء والشعب والشوري والعديد من الوزراء وكبار الشخصيات السياسية والاعلامية، قد بدأ بكلمة للرئيس مبارك ، ثم تم تلاوة قرار رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 2011 بمنح قلادة النيل العظمي للدكتور مجدي حبيب يعقوب ،وقد تفضل السيد الرئيس بتقليده لقلادة النيل العظمي، ثم القي د. مجدي يعقوب كلمة مرتجلة خلال الاحتفال ،وعقب ذلك ، اقيم حفل استقبال بهذه المناسبة علي شرف د. يعقوب وحضره كل المشاركين في الاحتفالية. كلمة الرئيس والقي الرئيس مبارك كلمة في بداية الاحتفال فيما يلي نصها: الإخوة والأخوات.. نلتقي اليوم تكريما للدكتور مجدي حبيب يعقوب.. واحتفاء به.. ابنا بارا من أبناء مصر.. ونبتة طيبة من أرض الوطن.. نحتفل به ونكرمه.. رمزا بين رموز عديدة علي أصالة هذا الشعب العريق وعطاء أبنائه.. وعلي تنوع مجالات تميز المصريين ونبوغهم.. وقدرتهم علي مواكبة أحدث علوم العصر وتقنياته .. بل والمساهمة في تطويرها والإضافة إليها. ابن بلبيس أنجبت مدينة (بلبيس) هذا الابن البار.. في منتصف ثلاثينات القرن الماضي.. لعائلة مصرية قبطية تأتي أصولها من (أسيوط). درس الطب بجامعة القاهرة كآلاف المصريين.. واستكمل دراساته في (شيكاغو) ومنها إلي (لندن).. فأثبت منذ سنوات الستينات اجتهادا ومثابرة ونبوغا.. وصار علما من أعلام الطب.. واستشاريا لأمراض القلب.. ورائدا من رواد جراحات نقل الأعضاء وزرع الخلايا الجذعية. حصل الدكتور مجدي يعقوب علي ألقاب ودرجات شرفية رفيعة.. من جامعات عديدة علي اتساع العالم.. منحته الملكة إليزابيث الثانية لقب (فارس ) عام 1992.. وحاز جائزة ( فخر بريطانيا ) عام 2007. ملك القلوب يطلق عليه الإعلام البريطاني لقب.. (ملك القلوب).. ونحن - هنا في مصر - نحمل له في قلوبنا الاعتزاز بانتمائه لوطنه الأم.. فبرغم ما حازه من مجد وشهرة في بريطانيا والعالم.. لأكثر من نصف القرن.. فإن زياراته لم تنقطع لهذه الأرض الطيبة.. أجري العديد من جراحات القلب المفتوح لبني وطنه.. بالمجان.. ثم عاد لبلده بعد رحلة حياة شاقة وناجحة .. لينشيء علي أرض (أسوان) مركزا لجراحات القلب.. لعلاج الحالات الحرجة لغير القادرين .. كما شرع في إنشاء مركز آخر - ملحق به - لدراسات وأبحاث أمراض القلب. وفضلا عن ذلك .. فقد أطلق الدكتور مجدي يعقوب مبادرته الإنسانية.. (سلسلة الأمل) .. في عمل خيري عالمي رائد.. يرعي مرضي القلب من الأطفال بالعديد من الدول النامية.. ويسهم في إتاحة الرعاية الصحية وتنمية المجتمعات المحلية بهذه الدول . - الإخوة والأخوات .. إنني أطرح هذا النموذج للنجاح أمام شبابنا .. بما ينطوي عليه من رسائل ودلالات ومعان. هو نموذج للتصميم ووضوح الرؤية للمستقبل .. فلقد قرر (السير مجدي يعقوب) - منذ سنوات شبابه المبكرة - أن يكون جراحا.. كوالده.. وعندما توفيت إحدي عماته بضيق في صمام القلب.. قرر أن يصبح جراحا في هذا التخصص بالذات. درس واجتهد وثابر.. فتحقق له ما تطلع إليه.. وصار علما من أعلام جراحات القلب علي مستوي العالم. وهو نموذج رفيع للاقتناع بقيم الإنسانية.. ووحدة أبناء البشر . كان من السهل علي عالم كبير مثله .. أن يكتفي بما ناله من شهرة ومال ومكانة .. لكنه أبي إلا أن يكون بين أطفال فقراء العالم .. يعطيهم من علمه ووقته وخبرته .. ليعالجهم دون مقابل. وهو فوق كل ذلك.. نموذج راق للاخلاص لمصر.. وللبسطاء من أبنائها. لم ينشغل عنها أو عنهم.. ولم يتعال عليهم أو يكتف بالحديث عن معاناتهم.. لم يقل " إني " أو " أنا ".. ولم يبتغ مغنما أو مصلحة ذاتية. عمل في صمت.. دون صخب أو ضجيج.. وذهب إلي أقصي صعيد مصر.. فأقام مركزا متطورا لجراحات القلب.. شارك في تمويل نفقاته من حر ماله.. يعالج الفقراء بالمجان.. ويسهم في تدريب جيل جديد.. من الأطباء وأطقم التمريض . خلال عام واحد.. أجري البروفسور مجدي يعقوب ومعاونوه .. (190) عملية قلب مفتوح .. ونحو (450) عملية قسطرة .. كما فحص أكثر من (3000) حالة ممن يعانون من أمراض القلب.. كانت الغالبية العظمي منهم من أبناء الصعيد.. لا فارق بين مسلميهم وأقباطهم. وبالإضافة إلي ذلك.. فقد تبنت "مؤسسة مجدي يعقوب" الخيرية .. بالتعاون مع " مكتبة الإسكندرية ".. برنامجا لأمراض القلب الوراثية علي المستوي القومي.. بدءا بمحافظات أسوانوالقاهرةوالإسكندرية والمنوفية .. أسهم - حتي الآن - في متابعة حالات أكثر من (1600) من الأسر المصرية . احساس وطني عال - السيدات والسادة .. لقد برهن الدكتور مجدي يعقوب علي إحساس وطني عال.. وإدراك لما يقترن بالشهرة والنجاح.. من مسئولية إجتماعية وأخلاقية وإنسانية. كما برهن علي أن العمل من أجل الوطن.. والبسطاء من أبناء الشعب.. يتجاوز المفهوم التقليدي للعمل الخيري.. لمفهوم أكثر شمولا.. يقرن الأقوال بالأفعال.. ويسهم في تغيير ملموس للواقع.. علي نحو عملي.. وعلي الأرض. إنني أدعو الحكومة والقطاع الخاص.. للوقوف إلي جانب هذا النموذج الناجح.. أدعوهم لمساندة الجهود التي يبذلها الدكتور يعقوب.. لتعبئة الموارد المالية .. وأتطلع لافتتاح "مركز أسوان لدراسات أمراض القلب".. ليصبح مع المركز الجراحي القائم حاليا.. نواة لمركز طبي عالمي.. يقوم ويتوسع علي أرض الصعيد. إن الدولة تبذل أقصي جهدها للارتقاء بالتعليم.. بما في ذلك العلوم الطبية.. نجتهد للنهوض بالرعاية الصحية لأبناء الشعب.. وفق رؤية واضحة لنهضة مصرية شاملة.. تدفع بمجتمعنا إلي الأمام. لكن جهود الدولة تظل في حاجة ماسة.. لجهود موازية وداعمة.. للقطاع الخاص والمجتمع المدني المصري .. ولكل عطاء مخلص وجاد لأبناء الوطن . تكريم عن جدارة إن هذا التكريم الذي أشارك فيه اليوم.. هو تكريم يأتي -بحق- عن جدارة واستحقاق.. وهو تكريم ليس للدكتور مجدي يعقوب.. فحسب.. وإنما لما يرمز إليه من عطاء مصري أصيل.. لهذه الأرض الطيبة .. ولشعبها العريق. نكرم الدكتور مجدي يعقوب.. ابنا نابغا وأصيلا من أبناء مصر.. ونموذجا للنجاح والعطاء للوطن.. ونكرم في شخصه فريقه ومعاونيه.. والداعمين لأنشطته بالمال والجهود. نكرم في شخصه.. العديد من أبناء مصر النابغين.. ممن يجتهدون علي أرضها.. أو يسهمون بعطائهم خارج حدودها.. فيحملون معهم اسم مصر.. ويحوزون تقدير وإعجاب العالم. إنني أقوم اليوم بتقليد الدكتور مجدي يعقوب.. قلادة النيل العظمي.. أعلي أوسمة الوطن.. لاتمنحها مصر سوي لرؤساء الدول.. ولمن يقدمون الخدمات الجليلة للوطن والإنسانية. أقوم بتقليده أمامكم هذه القلادة الرفيعة.. تقديرا لمكانته العلمية وإسهاماته للطب والإنسانية.. وتعبيرا عن الإشادة والامتنان.. لما قدمه للوطن وأبنائه من بذل وعطاء. حفظ الله مصر.. وجعل لها من أبنائها ذخرا وسندا.. جيلا بعد جيل. أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته