* لو أتيح لأحد من الناس البسطاء، أن يقرأ أرقام، وإحصاءات من يمارسون الرياضة، فى واحدة من الدول الكبرى.. المحترمة قولا وفعلا، فإنه لن يشعر إلا بأحاسيس محددة.. فإما أن يصيبه الدوار.. ويقع من طوله، أو يتملكه القرف لو كان عنده دم طبعا أو يرفع يديه إلى السماء، داعيا من كل قلبه.. على زمرة المسيطرين على مقدرات الرياضة فى بلدنا.. "أن ربنا ياخدهم ويريحنا منهم".. لا لشىء سوى أنهم يمارسون أكبر، وأقذر كذبة على الإطلاق.. فنحن لا نمارس الرياضة، والأعداد الموجودة عندنا.. لا ترقى إلى هذا الوصف أبدا.. لأن الآلاف فى هذه الرياضة.. أو تلك، ونحن شعب تعداده يزيد على 80 مليون نسمة.. لا يمكن أن تسمح لنا بأن نقول إن هذه رياضة.. تماما مثلما هو الحال فى مهنة الصحافة حين تصدر جريدة وتوزع عشرات النسخ، وتريد أن تنال نفس المسمى، الذى تناله جريدة توزع مئات الآلاف.. أو الملايين، بالطبع هناك فرق.. وفرق شاسع! قبل أيام أتيح لى أن أقرأ الإحصاءات الخاصة بالاتحاد الألمانى لكرة القدم، واكتشفت العجب العجاب.. فى كل شىء.. عدد اللاعبين، وعدد اللاعبات، وعدد الناشئين، والناشئات.. شىء مذهل، لأنها ليست بالآلاف.. ولكنها تصل فى بعض الأحيان إلى الملايين.. وهناك ما هو أكثر.. عندما نعرف أن عدد الأندية على مستوى ألمانيا كلها، يصل إلى 17 ألف ناد تمارس كرة القدم، وكل ناد من هذه الأندية، يمتلك أكثر من فريق، وبالتالى يصل عدد الفرق الكروية إلى أرقام خرافية على مستوى الدولة كلها، وهو فى النهاية دلالة على عدد من يمارسون اللعبة، فى ألمانيا.. ومن المهم أن نقارن عدد الأندية الممارسة للكرة فى ألمانيا، وهى كما قلت 17 ألف ناد تفوق عدد اللاعبين المسجلين رسميا فى سجلات اتحاد الكرة المصرى.. ثم نقول إن لدينا كرة، ولدينا رياضة!! فى ألعاب أخرى.. الوضع مأساوى ومضحك للغاية، هناك عدد من الأندية التى تمارس رياضات لا يزيد فيها عدد الأندية الممارسة للمنافسات على عشرة أندية على مستوى مصر.. تخيلوا!! اتحاد.. وميزانيات.. وبهوات داخلة وخارجة، ومجالس إدارة.. واجتماعات، وخناقات، واتهامات.. وسفريات.. ومعسكرات.. وصرف فى كل اتجاه، ودولة تقتطع من ميزانيتها، حتى تعطى هذه الألعاب.. وتنفق عليها من المال الحكومى، حتى لو كان جنيها واحدا، مع أن الصحة والتعليم أولى بها فى هذه المرحلة، ثم يقولون لنا إنهم يمارسون الرياضة.. أى رياضة هذه التى يمارسها عدد هزيل من الأندية يثير الضحك أكثر مما يدفع إلى الإعجاب؟ أى رياضة التى يتكلمون عنها وعدد اللاعبين لا يتجاوز فصلا دراسيا من تلاميذ مدرسة حكومية؟ أى رياضة هذه التى يستفيد من يعملون بها أكثر مما يستفيد الوطن؟ أى رياضة التى يشتبك فيها أهلها طول الوقت لأسباب كلها تقريبا لا تتعلق بالمصلحة العامة؟!! ارحموا مصر.. وارحموا مالها.. لا رحمكم الله. * قال لى صديق.. وكنا نتحدث عن الأرقام المذهلة فى سوق كرة القدم، والملايين المتداولة فى الانتقالات، والرواتب، المكافآت الخيالية، التى وصل إليها لاعبو كرة القدم فى مصر: "اذهب إلى الجراج الخاص بنادى (........)، وحاول أن تمنع نفسك من الشعور بالصدمة، من الماركات، والموديلات الموجودة فيه التى تخص نجوم الفريق"!! النادى ليس الأهلى، و لا الزمالك.. ولا حتى الإسماعيلى، بل هو من الأندية غير الشعبية.. ولكن فى الجراج، توجد الجاجوار.. والبورش.. والهامر، وغيرها من النوعيات الفاخرة.. والفاخرة جدا، غالية الثمن، وهو ما يؤشر إلى حالة حقيقية من الانفلات.. لأن المنتج المقدم فى الملاعب المصرية، لا يتسم بالجودة، التى يتم فيها ضخ كل هذه الملايين، إلى جانب أن المردود المتحقق من اللعبة نفسها، لم يصل إلى الحد، الذى يدفع إلى مثل هذا التنافس الشرس، للحصول على صاحب هذه الموهبة، أو تلك.. وهم كبير بالطبع، والحكاية كلها.. عملية نصب كبرى.. تذهب فيها الملايين، إلى جيوب لاعبين، ومدربين، ومسئولين، وسماسرة، ووكلاء، ومشهلاتية.. وبتوع إعلام.. ويحاولون الإيحاء لنا فى النهاية بأن عندنا كرة قدم، وأن ما نشاهده.. هو نفس ما نراه فى الملاعب الأوروبية، مع أن الأمر ليس كذلك بالمرة.. ولكن لابد أن تستمر التمثيلية، حتى لا تنقطع أبواب "السبوبة الكبرى"!! لم أذكر اسم النادى المقصود، لأننى لست بصدد التشهير، ولا لدىّ رغبة بالمرة فى إثارة الناس، فليس هذا من قناعاتى، بل أنا على اعتقاد راسخ بأن الدول المتحضرة، لم تصنع تقدمها، إلا بطرد الحقد، والحسد، وعدم النظر لما فى أيدى الآخرين، ولكنها بكل أسف آفة مصرية سيئة، علينا أن نتوقف عنها.. ولهذا لم يعننى أن أذكر ما هو النادى، الذى أعطيت به المثل.. وهذا للتوضيح فقط. * مرة أخرى.. يمارس الإعلام.. خلط الأوراق.. والبعد عن الدقة، ربما لأن هناك.. اتجاهًا ما يريد أن يرسخ، حتى لو كان خاطئا.. فمنذ أسبوعين تقريبا، تناولت مسألة الفوز الذى حققه فريق نادى إنبى، على فريق الإنتاج الحربى وكان حسام البدرى قد وقع لتوه عقد الاتفاق مع النادى، ولم يتول الإدارة الفنية رسميا.. ولسبب أو آخر.. أراد الإعلام منح هذا الفوز، ووضعه فى سجل البدرى.. ربما لتساعد فى اختيار عنوان صحفى، أو فقرة فى برنامج تليفزيونى، ولم يكن هذا صحيحا.. وإنما كان خطأ مهنيا فادحا، ربما أضاع حقا لآخر, تولى المسئولية فى تلك الفترة الحرجة، التى وقعت مابين رحيل مختار مختار، وتولى حسام البدرى. على أى حال استمر خطأ الإعلام.. دون توقف، وراح العدد يتزايد مع كل مباراة يحقق فيها إنبى الفوز.. وكان آخرها على المقاولون العرب، يوم الجمعة الماضى.. وقالوا إنه الرابع، وهو ليس كذلك.. لأنه الثالث رسميا مع حسام البدرى، الذى كان عليه أن يتدخل لإيقاف هذا العبث.. بأن يدلى بتصريح، عن أن الفريق يحقق الفوز بالفعل، ولكن العمل الفنى سيحتاج لبعض الوقت، حتى تظهر نتائجه، لأن البدرى كان سيفعل هذا أى سيتكلم ويوضح ويفند ويحكى عن المشكلات التى يواجهها إنبى دون تفكير، ودون إبطاء.. فيما لو كانت النتائج هى الخسارة وليس الفوز.. مش كده ولا إيه؟! الفوارق بيننا وبين الكرة الأوروبية.. أو الكرة فى البلاد المحترمة، ليست فوارق فنية فقط، بل هى أيضا فوارق أخلاقية.. وربما الفرق فى جانب الأخلاقيات.. أكبر وأضخم من الفرق على مستوى الفنيات.. ولهذا سنبقى محلك سر حتى آخر العمر!! مقالات أخرى للكاتب