ليس هناك أصعب وأخطر من حرب أكتوبر في التاريخ العربي الحديث.. ومع ذلك وبعد مرور 45 عاماً عليها.. إلا أن آثارها الإيجابية لم تمتد بعد إلي ربوع أرض الكنانة. والمحزن.. أنه مع كل احتفال سنوي بالانتصار الأهم في حياة المصريين والعرب، تخرج إلي السطح نفس العبارات، ويجري التناول لنماذج مكررة من الحكايات، وما أن تنتهي المناسبة حتي يعود النمط التقليدي الكلاسيكي دون استثمار للدروس التي ساعدت علي تحقيق التفوق الساحق علي العدو الإسرائيلي الذي كان يملك عتاداً وإمكانيات وأسلحة متطورة أكثر من أحفاد الفراعنة. انتصر المصريون لأنهم خير أجناد الأرض، الذين وقف أمامهم التاريخ عبر كل العصور.. احتراماً وإجلالاً لأدوارهم البطولية التي سطرت عبقريتهم القتالية بأحرف من نور أمس.. واليوم وغداً. لو.. أن القوة الناعمة للدولة المصرية أدت.. وتؤدي الدور الذي ينبغي أن تلعبه في تنمية وجدان المواطن، وتؤثر فيه إيجابياً، وفي دفع حماسه إلي الأمام فعلاً.. ما انحدر السلوك إلي هذه الدرجة التي تجعل "الهيافة والسطحية" من السمات التي تأتي بالشخصية إلي منحدرات في منتهي الخطورة. بعد 45 سنة.. مازلت أسأل وبشكل شخصي.. ماذا قدم الإعلام بكل أشكاله وأطيافه ما يساعد علي زيادة الوعي.. وما الدور الذي لعبه المسرح في الارتقاء بالذوق.. وماذا فعلت السينما.. وما هي فلسفة الأغنية التي كانت في 1973.. أحد أهم أسلحة رفع المعنويات. واليوم بدلاً من أن تعود لتلعب نفس الدور إذا بها تمضي بأصحابها إلي طريق: "إديني في الهايف وانا احبك يا فننس"! علي رأي إخوانا البورسعيدية.. "العملية ماشية بلموطي" وكم أتمني أن تسرع الدولة بالتدخل لتصحيح مسار القوة الناعمة، لأن لها دوراً في غاية الأهمية لم تعد تلعبه ولا يخفي علي أحد أن أعداء الوطن الذين يحاولون "النخورة" لأهداف خبيثة، يدركون أن التخريب في الهوية الشخصية هو الباب الذي يمكن الدخول منه بسهولة للوصول إلي المراد. حرب الفراولة.. حرب أطاليا.. حرب كرموز.. لكن "مفيش حرب أكتوبر"!! القضايا والموضوعات علي الساحة الرياضية كثيرة ومتعددة ومتشعبة.. وبالفعل تشغل الكثيرين ممن يؤيدون هذا.. أو يناصرون ذاك.. والعجيب أن الوقوف علي الحقيقة في أي من هذه القضايا والمشاكل أصبح في منتهي الصعوبة لأن حضرتك دون أن تدري أصبحت مصنفاً.. فأنت لو جئت في صف أحدهم تحولت إلي عدو للآخر.. وإذا قلت كلمتك بصراحة قد تتحول إلي متهم في نظر الاثنين المتصارعين أو المتشابكين. الأكثر من هذا.. أن الصوت العالي لم يعد صوت صاحب الحق.. في بعض الأحيان، ولكنه صوت من يعتقد أن عصر الفتونة "بتاع السيما" يعود. هذا.. الوضع السيئ في الساحة الرياضية للأسف يشغل المساحات الأكبر في مختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. أري.. نفسي غير مقتنع بالحديث أو الكلام في هذه القضايا المملة.. خاصة في هذا التوقيت الذي ينبغي أن نقدر فيه أبطال وشهداء ضحوا بحياتهم لأجل مستقبل أفضل.. لا أن نظل "غرقانين" في "المسخرة"!