اذا كان هناك تقييم لحالة التدهور الرهيب في الساحة الكروية، وما آلت إليه من صدامات وأزمات ومهاترات فإنه ينبغي أن يوضع الحكام أو التحكيم في مقدمة الأسباب التي جعلت الحابل يختلط بالنابل، ودفعت إلي »مصايب وبلاوي« لا حدود لها. والعجيب.. أنه كلما دافع الكثيرون.. من العقلاء وغير العقلاء عن الحكام وترديد نغمة أو اسطوانة أن الحكم بشر، وأن الأخطاء التي لا يقع فيها عادة ما تكون غير مقصودة، وأن كل حكام الدنيا يخطئون. كلما زاد هذا الدفاع عن الحكام والتحكيم.. كثرت الأخطاء بصورة مرعبة.. الأمر الذي أصاب من يساندون قضاة الملاعب بانفصام في الشخصية، ولم يعد بمقدور البعض منهم أن يستمر في دفاعه لأن الأخطاء ساذجة ومستمرة. بالطبع.. ما يمر به الموسم الكروي الحالي هو الأصعب في تاريخ الدوري علي الاطلاق.. في الماضي كانت هناك أخطاء، ولكنها لم تكن بهذا القدر المتلاحق الذي يجعل الموقف خطيرا، ويحتاج إلي اعتراف واضح وصريح بأن التحكيم هو الذي ورط الجميع في هذا الوضع المتأزم الذي يفتقد فيه الكثيرون في كل شيء. وعليه.. فإن اتحاد كرة القدم ولجنة الحكام، وأسرة التحكيم عموما.. هؤلاء جميعا مسئولون عما يعاني الوسط الكروي الآن من تمزق.. وإذا كان بعض الملونين بفانلات الأندية »شعللوها« وبعض المعلقين المتعصبين »ولوعوها« وبعض الأقلام في ساحات النقد كادوا يخربونها.. فإن كل هذا لا يمثل إلا افرازات لكبوة الحكام الذين لم يستطيع أغلبهم اقناع الرأي العام والمشاهد العادي غير المتعصب بأن الأخطاء التي ارتكبوها لم تكن عن قصد! إذن.. القضية واضحة.. واحتواء توابعها له بداية.. ولن يكون من فراغ.. البداية عن الحكام أنفسهم.. أما نغمة أن الأخطاء واردة.. وأنه لا توجد مباراة بدون أخطاء.. وأن الحكم هو الشخصية الوحيدة الذي لا يرضي عنه الجميع.. ثم سرد عدة أمثلة لأخطاء قاتلة مثلما تأهلت فرنسا لكأس العالم بيد تيري هنري.. أو هدف مارادونا بيده في مرمي انجلترا.. و»شوية كلام فاضي« لا هدف منه إلا التقليل من حجم أخطاء فادح في الساحة المحلية المصرية.. اذا استمرت سيرة مثل هذه الأخطاء كمبررات.. فكل عام وأنتم بخير. يجب أن يجلس الحكام مع أنفسهم قبل أن يجلسوا مع سمير زاهر أو محمد حسام الدين وأن يعترفوا جميعا بأنهم السبب في »البلاوي« وأن من يستمر في الدفاع عنهم الآن لن يكون بمقدوره أن يصمد غدا.. حينئذ عليهم أن يتعاهدوا علي شيء واحد.. وهو أن يعيدوا احترامهم لأنفسهم حتي تحترمهم الجماهير.. أما أن يرتكب أحدهم خطأ لحسابات خاصة في نفسه، فهو الخطر الذي لا يمكن ازالته وعليه أن يرحل فورا.. أو تشطبه اللجنة. ربما يغفر لك الرأي العام مرة أو مرتين.. أما الثالثة تبقي »استعباط« وما أكثر من يستعبط في الساحة الكروية.