هل تُطبق البصمة على طلاب الأزهر؟. رئيس الجامعة يحسم الجدل    جامعة بنها الأهلية تشارك في مؤتمر الجامعات الرقمية في العالم العربي بعمان    القليوبية ترفع درجة الاستعداد لانطلاق العام الدراسي الجديد    خريطة الأسعار اليوم: ارتفاع الزيت والأسمنت والذهب    التعليم العالي: مصر وألمانيا تطلقان مشروعا مشتركا لتعزيز سلامة الغذاء والصادرات    قرض ومنحة ب60 مليون يورو.. قرار جمهوري بشأن مركز التحكم الإقليمي بالإسكندرية    إطلاق مبادرة "صحح مفاهيمك" بالوادي الجديد برعاية المحافظ    جاهزية 75 قطعة أرض بمشروع «بيت وطن» لتوصيل الكهرباء في القاهرة الجديدة    بولندا: صاروخ أطلق من طائرة مقاتلة غربية هو الذي سقط على الأرجح على منزل أثناء التوغل الروسي    سوريا.. قوات الأمن تحرر مختطفين من السويداء    اتصال بين وزير الخارجية والمبعوث الأمريكى الخاص للشرق الأوسط    مصر ل"ويتكوف": الفلسطينيون باقون على أرضهم.. ولا تهجير    لويس دياز عن مفاوضات برشلونة: فضلت الانتقال لبايرن لتحقيق البطولات    ميسي يقترب من توقيع عقد جديد مع إنتر ميامي    فيريرا يطيح ب شيكو بانزا أمام الإسماعيلي.. إعلامي يكشف التفاصيل    إصابة 4 أشخاص إثر انقلاب سيارة في الوادي الجديد    رسميًا.. توزيع درجات الثانوية العامة والبكالوريا للعام الدراسي الجديد    الإعلان عن موعد عرض أولى حلقتي مسلسل ولد – بنت – شايب على WATCH IT (فيديو)    "يارب أسعد حبيبي".. مريم منيب تطلب من جمهورها الدعاء لخطيبها الراحل    الاثنين.. استراحة معرفة- دبي تناقش رواية «سنة القطط السمان» لعبد الوهاب الحمادي    الصحة: المبادرة الرئاسية «صحتك سعادة» تواصل تقديم خدماتها المتكاملة في مكافحة الإدمان    «الري»: خرائط لاستهلاك المحاصيل للمياه للوفاء بالتصرفات المائية المطلوبة    ميدو: مواجهة الزمالك والإسماعيلي فقدت بريقها.. وأتمنى عودة الدراويش    الكلاسيكو 147.. التاريخ يميل نحو الزمالك قبل مواجهة الإسماعيلي الليلة    شبانة: وكيل إمام عاشور تخطى حدوده    هل اقترب موعد زفافها؟.. إيناس الدغيدي وعريسها المنتظر يشعلان مواقع التواصل    معا من أجل فلسطين.. حفل خيري بريطاني يهدم جدار الخوف من إعلان التضامن مع غزة    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات الخميس    نائب وزير الصحة تشهد إطلاق ورشة عمل للإعلاميين حول الصحة الإنجابية والتنمية السكانية    وزير الدفاع الصيني يجدد تهديداته بالاستيلاء على تايوان لدى افتتاحه منتدى أمنيا    النقل تناشد المواطنين الالتزام بعدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه    مفتى كازاخستان يستقبل وزير الأوقاف على هامش قمة زعماء الأديان    سكاي: مورينيو يوافق على تدريب بنفيكا    فرنسا تستعد لاحتجاجات واسعة وسط إضرابات وطنية ضد خطط التقشف الحكومية    ديستيني كوسيسو خليفة ميسي ويامال يتألق فى أكاديمية لا ماسيا    «نعتز برسالتنا في نشر مذهب أهل السنة والجماعة».. شيخ الأزهر يُكرِّم الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    آثار تحت قصر ثقافة ومستوصف.. سر اللقية المستخبية فى الأقصر وقنا -فيديو وصور    فيديو متداول يكشف مشاجرة دامية بين جارين في الشرقية    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    الصحة تشارك في مؤتمر إيجي هيلث لدعم الخطط الاستراتيجية لتطوير القطاع الصحي    10 ورش تدريبية وماستر كلاس في الدورة العاشرة لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب    ضبط المتهم بإنهاء حياة زوجته بمساكن الأمل في بورسعيد    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    تزامنًا مع عودة المدارس.. «الطفولة والأمومة» يطلق حملة توعوية لحماية الأطفال من العنف والإساءة    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    التحفظ على أكثر من 1400 كتاب دراسى خارجى مقلد داخل مكتبتين    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين فى حادث تصادم أتوبيس مع سيارة نقل بطريق مرسى علم    الأولى من نوعها.. مصر وإسبانيا توقّعان اتفاقية الشراكة من أجل التنمية 2025-2030    رئيس اتحاد الصناعات: العمالة المصرية المعتمدة تجذب الشركات الأجنبية    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    سعر الأرز والفول والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    احتفظ بانجازاتك لنفسك.. حظ برج الدلو اليوم 18 سبتمبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفساد بين محاربيه ومناصريه
نشر في شبكة رصد الإخبارية يوم 16 - 01 - 2016

الفساد كائن حى يعيش بيننا، ومنا من يعيش فيه، وهناك من يموت إذا فكر أن يعيش بدونه، وبالرغم من ذلك توجد قلة تحاول التخلص منه ،ولكنها تواجه بمقاومة شديدة ليست منه فحسب بل من الاشخاص الذين دأبو على أن يعيشوا فيه ويتعايشوا منه ،ولا يكتفى هؤلاء بالمقاومة، بل يسعون الى استمالة هؤلاء القلة بوسائل عدةمن المغريات ، ومن يرفض يكون مصيره حرب شرسة تنتهى بإنهاء حياته فى العمل العام ان لم يكن مصيره أسوأ من ذلك .
هذا هو ملخص المشهد الذى تعيشه مصرمنذ سنوات ، وبالأخص فى هذه الفترة ،فمنذ أيام صدر حكم نهائى وبات وواجب النفاذ بأن مبارك ونجليه لهم فساد مالى ووجب حبسهم ثلاث سنوات ،وقبلها تم القاء القبض على وزير الزراعة بتهمة الفساد المالى ، وبعدها قام وزيرى القوى العاملةالسابقين بإرجاع مبالغ مالية تم أخذها بغير حق ، وسبقها القبض على رئيس جمعية مكافحة الفساد متلبسا برشوة ،وأخيرا كان تصريح رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات أن "حجم الفساد بمصر خلال عام 2015 بلغ 600مليار جنيه".
الملفت أن الدولة والنظام الحاكم يتعامل مع الفساد بأساليب مختلفة فكل حالة لها أسلوب يتماشى معها وذلك وفقا لما تقتضيه مصلحة هذا النظام ، فنجد وزير الزراعة السابق تم التعامل معه بشكل إعلامى بحت ، لكى يتظاهر النظام بأنه يحارب الفساد ، أما وزيرى القوى العاملة السابقين فتم التعامل معهم بمبدأ"شدة أذن " واكتفى النظام للتصالح معهم باسترداد ما أخذوه ، أما رئيس جمعية مكافحة الفساد فأراد النظام أن يثبت للمجتمع المصرى صحة المثل المصرى " باب النجار مخلع".
أما التعامل مع رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات فقد جاء فى صورة مختلفةنظرا لأنه ليس من الفاسدين ، بل من القلة التى تسعى إلى كشف الفساد ، فكان لابد من محاربته بطريقة جديدة ألا وهى اغتياله معنويا من خلال وسائل عدة منها: تشكيل لجنة تقصى حقائق من قبل الجهات التى نسب إليها الفساد ، وخرجت تلك اللجنة بتقرير تؤكد فيه بأن تقرير رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات مضلل ولا يمت إلى الحقيقة بأى صلة، وتم عمل بروباجندا لتقرير تلك اللجنة المعينة من قبل السيسي لكى تسئ إلى رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، وكل ذلك لتهيئة الرأى العام أن المستشار جنينة مضلل ومفبرك للتقرير .
ولم يكتفوا بذلك بل إن إعلامي النظام اتهموا جنينه بأنه استولى على 25 فدان بالحزام الأخضر ،حتى يظهروا للمجتمع المصرى أن جنينه لديه فساد مثل المسئولين ،ولكن جاء رد المستشار جنينة سريعا فأعلن فى بيان أن من ادعى ملكيته فى الحزام الأخضر فعليه أن يدله على مكانها وأ ياتى بصورة من حيازة جنينه لها ،ووقتها سيعلن انه متبرع به لمستشفى السرطان .كما زعموا أنه مضلل حيث قالوا كيف يكون الفساد 600 مليار جنيه وميزانية الدولة 750 مليار جنيه ،وتناسى هولاء أن المستشار جنينه قال أن الفساد فى مصر بلغ 600 مليار جنيه ،وليس الفساد فى الموازنة ،فهناك موارد داخل الدولة لا تدخل ضمن موازنة الدولة مثل أراضى الدولة،فقد صدر تقرير -فى سبتمبر الماضى من قبل الجهاز المركزى للمحاسبات والرقابة الادارية وتم تسليمه إلى رئاسة الجمهورية - يفيد بأن قيمة المخالفات والتعديات على أراض ملك الدولة وصل إلى 440 مليار جنيه ، كما ذكرت وزيرة المالية السويسرية فى يوليو الماضى أن حجم الأموال المهربة من مصر قد بلغ 64 مليار دولار ، فكل هذه النقاط التى ذكرناها ربما تزيد فاتورة الفساد فى العام الماضى إلى أكثر من 600 مليار جنيه.
إن المستشار جنينة لا يسعى إلى فضح أجهزة الدولة ،ولكن الدولة لا تلقى له ولا لتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات بالا ، ولا تريد أن تتعامل معه فقد سبق أن تقدم الجهاز ببلاغات عدة إلى النيابة العامة والنيابة الادارية والكسب غيرالمشروع ولم يبت إلا فى أعداد قليلة من هذه البلاغات، كما اشتكى الجهاز سابقا من عدم تعاون بعض الاجهزة والوزرات فى الدولة، ولم تكن هناك اى استجابة من قبل الدولة.
لقد كان تعامل مجلس النواب مع هذا الموضوع سيئاً جدا ، فبدلاً من أن يقوم المجلس باستخدام صلاحياته ومنها مناقشة تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات وتشكيل لجان تقصى حقائق لحسم الخلاف بين الجهاز الرقابى والسلطة التنفذية ،اكتفى المجلس ونوابه بتقرير السلطة التنفذية واعتماده، وطالب النواب باستجواب رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات واتهامه بأنه يريد أن يسئ إلى مصر ،ووصل الأمر إلى حد المطالبة بعزله ،وتناسى هؤلاء النواب بأن دور الجهاز المركزى للمحاسبات هو الكشف عن الفساد وتقديمه للجهات المسئولة وإعلان بعضه للرأى العام وليس اختلاقه.
إذن نحن أمام حالة من التقاعس من جهات لا تريد أن تقوم بواجبها تجاه ما يكشف لها من قضايا فساد،وكان الواجب أن تقوم السلطتين التشريعة والقضائية بمسئوليتهما تجاه تلك القضايا وتتعاون مع الأجهزة الرقابية فى محاربة الفساد ، ولكن نواب السلطة التشريعة كان لهم رأى آخر وهو التعاون مع السلطة التنفذية ضد الأجهزة الرقابية .
إن محاربة الفساد تتطلب إرادة سياسية واضحة من قبل كل الجهات حتى نتمكن من كشف هذا الفساد ومحاربته بعد ذلك ، وقد تجلى ذلك فى قضية القصور الرئاسية- أول قضية يحكم فيها على مبارك ونجليه بحكم نهائى وبات وواجب النفاذ - حيث أصدر القضاء سواءفى محكمة الجنايات أو النقض بأن مبارك فاسد ماليا ،وما كان لهذا الحكم أن يصدر إلا بعد توافر الإرادة السياسية آنذاك ،والتى تمثلت فى قيام الضابط معتصم فتحى بإرسال مستندات تلك القضية إلى رئاسة الجمهورية ،وقام الرئيس محمد مرسى بإرسال تلك الملفات إلى النائب العام المستشار طلعت عبدالله حيث قام بإعداد قضية مكتملة الأركان وخالية من الثغرات التى يستطيع المحامون أن يتخللوا منها إلى إسقاط التهم عن موكليهم ، وبعد ثلاث سنوات فى المحاكم صدر الحكم بإدانة مبارك ونجلييه فى أول قضية توافرت فيها الإرادة السياسية وتعاونت فيها جميع الجهات من أجل الحفاظ على المال العام ومحاربة الفساد.
ونظراً لأن نظام مبارك مازال يحكم ، فكان مصير الضابط الذى كشف قضية القصور الرئاسية هو التنكيل به ، حيث تم تجريده من رتبه، وتهديده هو وأسرته ، ونقله من الرقابة الإدارية إلى وظيفة مدنية بوزارةالتجارة ، وهو الآن خارج البلاد . فبدلاً من أن يتم تكريم كاشف الفساد تمت محاربته والتضيق عليه ماليا ومعنويا حتى خرج من البلاد .
معتصم فتحى تمكن من تقديم الفسادين إلى العدالة لكى يأخذوا جزاء ما اقترفت يداهم ،ولكن الفاسدون لم يتركوه ،فما بالكم بمن يريد أن يسير على منواله فماذاسيكون مصيره ، إن ما حدث مع معتصم فتحى ربما يحدث مع أى شخصية أخرى يكون لها نفس الهدف ألا وهو محاربة الفساد ،فرئيس الجهاز المركزى للمحاسبات لن يتركه الفاسدون ،بل سيحاولون بكل ما يملكون من قوة وبطش النيل منه والتنكيل به حتى يكون عبرة لمن تسول له نفسه أن يفكر فى محاربة الفساد أو على الأقل كشفه.
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.