رحب خبراء سوق المال باتجاه الدولة لإعلان الحرب على الفساد وتجفيف بؤره، مؤكدين أن اعتماد الدولة لأسلوب المصارحة والمكاشفة يعزز من تصنيفها على مؤشرات الشفافية ويدفع مواطنيها للاصطفاف خلف تلك التوجهات والترحيب وتعزيز الثقة لديهم في أفعال الدولة. فيما أشار الخبراء إلى أن البورصة قد تتأثر سلباً على المدى القصير في حالات تورط رجال أعمال من أصحاب الأسهم المتداولة بها في قضايا الفساد، مؤكدين أنها تنتعش وتتأثر إيجاباً على المدى الطويل خاصة بعد اكتسابها لثقة المستثمرين الأجانب بفضل هذه التوجهات. قال محمد سعيد، المحلل المالي، إنه لا يمكن توصيف الكشف عن حادثة بفساد بأنها اتجاه تمثل اتجاه عام لدى الدولة على الرغم من أن الكشف عن تلك الواقعة يعد نقطة جيدة تحسب لصالح الدولة ولها آثار إيجابية بشكل عام على الاقتصاد وتلاقي استحسان كبير لدى جموع المواطنين وتؤدي لزيادة دعمهم للدولة واصطفافهم خلف توجهاتها. وأضاف أن البورصة ربما تتأثر سلباً على المدى القصير خاصة إذا كان هناك رجال أعمال من المتورطين بوقائع يمكلون أسهم في البورصة، أما على المدى الطويل فيكون التأثير إيجابي للغاية نظراً لما يعكسه ذلك من شفافية خاصة أن المنظومة الخالية من الفساد تعد جاذبة بشكل أكبر للمستثمر الأجنبي، وبالتالي تشهد البورصة انتعاش فحال وجود اتجاه حقيقي ودائم من الدولة بهذا الصدد. وأشار إلى ضرورة استمرار المصارحة والإفصاح عن حالات الفساد بجانب التأكد من وجود آليات حقيقية لمحاربته ودحر جميع بؤره وألا يكون هناك فروق أو فجوات في تصريحات المسئولين عن المواطنين، لأن المسئول الذي يشعر نفسه فوق القانون يكون الأقرب للفساد وعلى الدولة أن تلتفت لذلك، والأهم هو وجود آلية واضحة لمحاربة الفساد والإبلاغ عنه ومواجهة تداعياته. وأردف أن اتجاه جهات التحقيق للإفصاح عن تفاصيل الواقائع وخاصة كلما كانت تلك التقارير الصادرة عنها مقاربة لما أعلن عن حوادث الفساد في الإعلام ولدى الرأي العام وكلما كانت سريعة ولا تترك مجال لتداول الشائعات كان ذلك إيجابياً وفي الصالح العام ويخدم بشكل أساسي اتجاه الدولة لدحر الفساد ويضع المواطن في جوار الدولة خلال تلك الحرب، فاقتناع المواطن بوجود نية صادقة لدى الدولة لإنهاء الفساد هو أمر هام خلال تلك الحرب. من جانبه قال الدكتور هشام إبراهيم، المحلل المالي والخبير المصرفي، إن اتجاه الدولة لمحاربة الفساد بشكل الصريح قد يحتمل رأيين مرحب ومنتقد، إلا أنه لاشك فذلك يصب بشكل أساسي في صالح المجتمع ومن المؤكد أن الفساد كان موجود بالسابق ولم يكن يتم الإعلان عنه. ويرى إبراهيم أن الإعلان عن وقائع الفساد أمر بالغ الأهمية للمجتمع والمناخ العام، لافتاً إلى أن الحكومة بصدد تغير جديد بعد اتمام الانتخابات البرلمانية خلال شهرين وكان من الممكن لمتخذ القرار السياسي أو الرئيس تحديداً أن يتنتظر ويؤجل الأمر حتى هذه المدة إلا أن عدم الإنتظار على وجود الفساد يعكس جرءة سياسية هامة في هذا التوقيت وبهذا الشكل خاصة وأن واقعة فساد وزارة الزراعة طالت وزير جديد لم يكمل ال5 أشهر في منصبه. وتابع: كان من الممكن للقيادة السيادية أن تتخوف من تفجير تلك القضية نظراً لأن الوزير جديد في مكانه حتى لا يقال أن الاختيارات كانت بعيدة عن محلها فتتعرض بذلك للنقد، إلا أن القيادة السياسية أعلت رغبتها على عدم الاستمرار في ظل وجود فساد عن أي انتقادت قد تتعرض لها، ولذلك فأرى هذه المواجهة للفساد أمر إيجابي للدولة والمناخ العام للاقتصاد. وحول تأثر البورصة بذلك الاتجاه أكد أنه إذا شهدت وقائع الفساد مشاركة من رجال أعمال لهم أسهم بالبورصة فلا شك سينعكس ذلك عليها، والنساجون الشرقيون وجهينة كانتا مثالاً لوقائع مشابهة على الرغم أنهما مختلفتين عن الوقائع الكبيرة بحجم قضية وزارة الزراعة إلا أن الممارسة الاحتكارية نوع من الفساد والارتباط بجماعة الإخوان، فعلى الرغم من اختلاف الحالات والتوصيفات إلا أن البورصة تأثرت بما وقع لتلك الشركات وأصحابها مادام الأمر مرتبط بأسهم متداولة في البورصة. وأضاف أن مصارحة الدولة والإفصاح عن وقائع الفساد يعززان من تصنيف مصر على مؤشر الشفافية وكذلك مؤشر الفساد الذي تقدمت مصر عليه 20 مركزاً، لكن للأسف فيما يتعلق بالشفافية فمصر مازالت مصنفة ضمن أخر 5 دول على هذا المؤشر، وهذا الاتجاه يعزز تصنيف مصر على هذا المؤشرات.