القضاء الإداري بالإسكندرية أصدرت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار محمد عبد الوهاب خفاجى، حكما مهما جديدا فى مجال الحفاظ على مياه النيل اكدت فيه على ان قيام الدولة بتحديد مناطق زراعات الغمر بالماء واهمها زراعة الارز يرتبط باستراتيجية الحفاظ على مياه النيل باعتباره اغلى موارد مصر واكثرها نفعا, واكدت على ان حرية ملاك الاراضى الزراعية فى زراعة الارز الذى يستلزم الغمر بالماء فى اى وقت وفى كل مكان وبأى مساحة ليست طليقة من كل قيد بل يجب ان تكون لحماية نهر النيل من التبديد. وقضت المحكمة برئاسة المستشار محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محمد حراز ووائل المغاورى نائبى رئيس مجلس الدولة، بتأييد قرار الدولة بتحديد مناطق زرعات الغمر بالماء واهمها زراعة الارز باعتباره يرتبط باستراتيجية الحفاظ على نهر النيل ودون الاعتداد باحقية الملاك بصفة مطلقة بزراعات الغمر بالماء فى اى وقت وفى كل مكان وبأى مساحة والزمت الملاك المصروفات. قالت المحكمة انه إدراكًا من المشرع الدستورى لاهمية المياه بصفة عامة ولنهر النيل بصفة خاصة فقد اورد فى مقدمة ديباجة الدستور المعدل الصادر فى 18 يناير 2014 وهى تأخذ نفس القوة الدستورية للنصوص ذاتها " ان مصر هبة النيل للمصريين وهبة المصريين للانسانية " وهى عبارة تشير الى مدى ارتباط مصر الحضارة بالنيل , بل ان تكرار المشرع الدستورى للفظ " نهر النيل " فى اكثر من موضع فى ديباجة الدستور يدل على مدى الرؤية الثاقبة لماضى مصر ومستقبلها الذى يرتبط اشد الارتباط بنهر النيل. وأضافت المحكمة ان استراتيجية الحفاظ على نهر النيل باعتباره من اهم موارد مصر على الاطلاق واغلاها واكثرها نفعا لا يتحقق فقط بمجرد توافره وانما بالاقتصاد الامثل له , فلا يجوز ان يبدد اسرافا بل لابد من حسن الاستغلال وعدم الاستنزاف والحفاظ عليه قابلا للاستخدام فى كل الاغراض التى يقبلها ومنها الزراعة لاحياء الارض وانمائها , وبهذه المثابة فانه ازاء تراجع الوعى القومى فلا يجوز ايثار بعض ملاك الاراضى الزراعية لمصالحهم الشخصية وتقديمها على ما سواها بحجة القول بحريتهم المطلقة فى زراعات الغمر بالماء واهمها زراعة الارز فى اى وقت وفى كل مكان وباى مساحة ,لان ذلك يؤدى فى اطلاقه الى استنزاف مياه نهر النيل وتبديدها, وذلك يتعارض مع المصلحة العامة , وانه فى مجال ترتيب المصالح يجب تغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة سيما اذا كانت الاخيرة تنال من تعاظم المصلحة العامة. وذكرت المحكمة أن التطور الايجابى للتنمية لا يتحقق بمجرد توافر الموارد الطبيعية على اختلافها بل يتعين ان تقترن وفرتها بالاستثمار الافضل لعناصرها , واذا كان الماء اغلى هذه الموارد باعتباره نبض الحياة وقوامها فلا يجوز ان يبدد اسرافا والحفاظ عليه يغدو واجبا وطنيا خاصة نهر النيل والترع المنتشرة فى ربوع مصر, وانه يتعين الارتكان لوسائل علمية تؤمن للمياه نوعيتها وتطرح الصور الجديدة لاستخدامها لتعم فائدتها , واذا كان تراكم الثروة يقتضى جهدا وعقلا واعيا فان صون الموارد المائية يكون من المصالح الحيوية لاجيال متعاقبة. واختتمت المحكمة حكمها الجديد من نوعه ان قرار الدولة بتحديد مناطق زراعات الغمر بالماء واهمها زراعة الارز يهدف الى تحقيق المصلحة العامة وتوزيع المياه توزيعا عادلا وترشيد استخدام المياه والقول بحرية ملاك الاراضى الزراعية فى زراعات الغمر بالماء ومنها الارز دون الالتزام بقرار الدولة المشار اليه يؤدى الى استنزاف مياه نهر النيل وتبديدها فى اغراض خاصة بما يضر المصلحة العامة وهو امر غير مقبول.