تقرير- مارينا ميلاد: فى أحد الأزقة القديمة بمنطقة باب الشعرية، يجلس بعيدًا عما يحدث فى العالم الخارجى، ليصنع لنفسه عالمًا خاص وسط آلاف الكتب النادرة و الصحف و المجالات و الصور القديمة، التى يرجع عمرها لما قبل ثورة 1919 .. محمد صادق، الأرشفيجى أو الوراق – كما كان يطلق على مهنته قديمًا – يختلف عن غيره من المهتمين بجمع أرشيف مصر الفنى و الثقافى و الإجتماعى و السياسى، فى كونه يعد ملفات خاصة بتاريخ كل فئة و جماعة و مؤسسة و شخصية، الأمر الذى جعلهم يختاروه ليعرض الأرشيف الرياضى بإحدى البرامج التلفزيونية كفقرة ثابتة أسبوعيًا، كما اختارته إدارة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى ليعرض الأرشيف الفنى بمعرض المطبوعات السينمائية الخاص بالمهرجان. لم يكد يبلغ – الرجل الأربعيني – عامه ال 13 حتى وجد نفسه يرث تلك المهنة عن والده و جده، ليكمل مسيرتهم و تضطره متغيرات الزمن لتطويرها:"اتولدت لقيت جدى ووالدى بيشتغلوا وراقين، وأنا كملت بعدهم، لكن كنت قلقان لأن مبقاش فى إقبال على الكتب زى زمان؛ ففكرت اطور المهنة و اشوف الناس بتحب إيه، بدأت اجمع الصحف و المجالات و الصور و الكتب و المستندات السياسية و الفنية و الثقافية و الرياضية، فى ملفات عليها رقم الملف و اسمه و التاريخ، مثلًا ملف خاص بتاريخ الأقباط فى مصر، أو تاريخ جماعة الإخوان، وده السبب أن الباحثين و الصحفيين يجوا هنا مخصوص لأنهم مش هيلاقوا ده عند حد تاني" . لابد أن تسلك طرق ملتوية لكى تصل إلى مخزن محمد صادق فى منطقة باب الشعرية، وهو ما يقول عنه :"التاريخ و الثقافة و المعرفة يحتاجوا أن الشخص يدور عليهم، عشان كدة زبائنى من الباحثين أو التابعين للمؤسسات الثقافية"، ويعتبر هذا المخزن المكون من ثلاث أدوار، واحدًا من ثلاثة مخازن يمتلكهما، ويوضح أن مصادر مقتنياته طوال ثلاثون عامًا فى المهنة هى العائلات الكبرى، التى تحتفظ بكل ما هو قديم، دورالسينما المغلقة، مكاتب الإنتاج السينمائى، المكاتب و المطابع، التى تستغنى عن المطبوعات القديمة. فى مساحة لا تتعدى أمتار تمتلئ على آخرها بأعداد مجلات الكواكب والمصور و حواء، و صورًا لعبد الناصر والملك فاروق، وكتب لا حصر لها .. يقف صادق مستكملاً حديثه:"هدفى توصيل الثقافة للناس و لجيل الشباب بالتحديد، لأنه أصبح يعتمد على الإنترنت فى كل شئ، وده لا يمكن يعرفه تاريخ بلده". انتقل الارشفيجى محمد صادق من بين تلك الأوراق إلى شاشات التليفزيون ليقدم فقرة خاصة بالارشيف الرياضى بإحدى البرامج التلفزيونية، إلى أن فاجئته إدارة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، منذ أيام، باختياره لعرض الأرشيف السينمائى فى أول معرض للمطبوعات السينمائية بالمهرجان، معتبرًا أن ذلك كان حلمًا بالنسبة له وتحقق:"جمعت كل حاجة عن تاريح السينما منذ الثلاثينات وحتى الآن من صور و أفيشات و كتب و مجلات و صحف، ولقى ذلك إعجاب المصريين و الأجانب"، مؤكدًا أن أكثر ما يتمناه من خلال هذه الخطوة أو غيرها هو توصيل تاريخ مصر فى مختلف المجالات إلى العالمية.