أثار القرار المصري الأخير الصادر عن مجلس الوزراء في مصر باعتبار جماعة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا العديد من المسائل القانونية المثيرة و التي شغلت الرأي العام المصري كما أنها ألقت الضوء أيضا علي أبرز القضايا القانونية في ذلك الشأن و هي المطالبة المصرية لدول عديدة من بينها قطر بتسليم المصريين الهاربين لديها وذلك لمقاضاتهم جنائيا وفقا للتشريعات الجنائية المصرية وذلك لارتكابهم جرائم مدعاة من بينها جرائم إرهابية علي الإقليم المصري . يعد تسليم المجرمين عملا من أعمال السيادة للدول له إجراءاته الخاصة إي يخضع في النهاية للإرادة السياسية للدولة المطلوب إليها تسليم مجرمين للدولة الطالبة التي تطلب مواطنا يشتبه في اتهامه بجريمة غير سياسية أو مذنبا قضي بإدانته من القضاء الوطني للدولة الطالبة التسليم ، لذا فقد انتشرت العديد من المعاهدات ، و الاتفاقيات الإقليمية والثنائية الدولية التي تتناول موضوع تسليم المجرمين . و خلافا لما يعتقده البعض، فان تسليم المجرمين بين الدول لا يتأسس قانونا فقط علي هذه الاتفاقيات المشار إليها ، لكن هناك حالات كثيرة تم التسليم فيها بمقتضي " المعاملة بالمثل و المجاملة " ،ومن الحالات الشهيرة في هذا الصدد الحالة المصرية القطرية، والتي تم فيها تسليم بعض المصريين والقطريين الهاربين للدولة الأخرى وفقا لهذه القواعد العرفية الراسخة . ان الدول المطلوب منها تسليم مجرمين هاربين للدولة الطالبة دوما تنظر في المصلحة السياسية المبتغاة من وجود المجرمين المطلوبين علي إقليمها ، و من النادر أن تقوم هذه الدول المطلوب إليها التسليم بمحاكمة هؤلاء المتهمين بواسطة قضائها إلا في الحالات التي تري فيها أن لها مصلحة أعلي من مصلحة الدولة الطالبة في مقاضاته بواسطة قضائها الوطني ، و في حالة المصريين الهاربين لدي دولة قطر فلا يستطيع أحد الزعم أن لقطر مصلحة أعلي من مصالح مصر العديدة في مقاضاة هؤلاء المصريين الهاربين ، خاصة في ضوء القرار المصري الأخير باعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية . هناك بعض الدول التي تجد في هروب المجرمين السياسيين إليها و إيواء هذه الدول لهم يحقق لها مصلحة سياسية كبيرة تجاه الدولة التي هربوا منها ، فتجعل منهم هذه الدول ورقة ضغط تتحكم فيها الدولة المستضيفة ضد الأخرى ، وتستفيد بالطبع الدولة المستضيفة من المبادئ و القواعد العرفية الدولية الراسخة التي تحظر تسليم المجرمين السياسيين ، بيد أن الأمر جد مختلف في حالة المصريين الهاربين الي قطر ، فالجرائم المدعاة التي يلاحق عليها كافة المصريين الهاربين من " التنظيم الإرهابي للإخوان المسلمين " ليست جرائم سياسية ولكن جرائم إرهابية وفقا للتشريعات الجنائية المصرية و تحديدا المادة 86 من قانون العقوبات المصري . جلي أن دولة الملجأ – في حالة اللجوء السياسي – هي التي تحدد ما إذا كان الشخص طال اللجوء السياسي يعتبر مرتكبا لجريمة عادية ، أو غير سياسية عملا بمبدأ حق الدولة في التكييف المنفرد ، بيد أن الحالة المصرية و تحديدا حالة التنظيم الإرهابي للإخوان المسلمين أضحت قضية سيادية للدولة طالبة اللجوء ، و لم تعتبرها السلطات المصرية هكذا إلا بعد فحص و تمحيص و تدقيق ، توثيقي لا يعوزه أدلة دامغة و براهين دالة لا يرقي إليها ثمة شك أو تشكيك . و ختاما : إن الاعتبارات السياسية الخارجية لدولة قطر ، والحرص علي تحسين علاقاتها مع مصر خاصة بعد ثورة 30 يونيو والمكانة التي تحتلها مصر في محيطها العربي و الإقليمي فضلا عن الضغوط السياسية من جانب دول و منظمات دولية في هذا الشأن ، قد تدفع قطر الي تسليم المطلوبين المصريين الهاربين لديها الي مصر . الدكتور أيمن سلامة خبير القانون الدولي و الدستوري