الأبنودي : التوافق الفكري والوحدة الوطنية والمصداقية أهم ما يميز الأغنية الوطنية قديمًا عوض بدوي : من يعود بذاكرته للأغنية الوطنية الفديمة وينظر إلى الأغاني الحالية يبكي على حالها هاني مهنا : الأغنية الوطنية الأكثر شرقية وإبداع تستمر ولذا نستحضر دائمًا الأغاني الوطنية القديمة كتب- محمد الموجي "بلادي بلادي.. لك حبي وفؤادي " لم يكن الزعيم "مصطفى كامل" يعلم أن تلك الكلمات التي ألقاها في خطاب على المصريين عام 1907، سيقتبسها الشاعر "محمد يونس القاضي" ليؤلف نشيد " بلادي.. بلادي" ويلحنه الموسيقار "سيد درويش"، فيأتي عام 1971 موسيقار الأجيال "محمد عبد الوهاب" ليعيد توزيعه، ويكون النشيد الوطني لجمهورية مصر العربية منذ عام 1980 وحتى الآن . تاريخ الأغنية الوطنية : يُعتبر الموسيقار الراحل "سيد درويش" (1892/1923) رائد الأغنية الوطنية في العصر الحديث،حيث لحن درويش نشيد " بلادي بلادي … لك حبي وفؤادي " و " قوم يا مصري .. مصر دايماً بتناديك " و"أنا المصري كريم العنصرين " فكان درويش صوتاً يشدو لتحقيق مطالب ثورة 1919 مع الزعيم "سعد زغلول" . برحيل درويش عن عالمنا وفشل الثورة في تحقيق مطلبها الأساسي ألا وهو رحيل الإنجليز عن مصر تراجعت الأغنية الوطنية لأكثر من عقد من الزمن . مع انتفاضة الطلبة التي نادت برحيل الإنجليز واسقاط وزارة إسماعيل صدقي باشا في عهد الملك "فؤاد الأول" عام 1935 وإبرام معاهدة 1936 مع الإنجليز، عادت الأغنية الوطنية للساحة مرة أخرى، حيث قدم الموسيقار محمد عبد الوهاب أغنية "حب الوطن فرض علي … أفديه بروحي وعينيه " في نفس العام . ولكن سرعان ما اختفت الأغنية الوطنية مرة أخري بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية "1939 /1945 "، إلى أن تأتي نكبة فلسطين عام 1948 فيشدو موسيقار الأجيال بقصيدة للشاعر "على محمود طه" التي يندد فيها باحتلال فلسطين . بالرغم من أن عام 1951 قد مُنعت فيه أغنية وطنية للموسيقارمحمد عبد الوهاب "كنت في صمتك مرغم " إلا أن العام الذي تلاه قامت ثورة يوليو 1952 وأُذيعت هذه الأغنية، كما قدم عبد الوهاب أغنية " وأنا رايح الميدان" لتكون الثورة بداية طوفان وعصر ذهبي للأغنية الوطنية، حيث قدم قنديل بعد قيام الثورة بيومين فقط أغنية"ع الدوار..راديو بلدنا فيه أخبار"، وأهدت كوكب الشرق "أم كلثوم" أغنية "مصر التي في خاطري" للمصريين،كما ظهر العندليب الأسمر "عبد الحليم حافظ" والذي عُرف بمطرب الثورة وقدم مايقرب من 48 أغنية وطنية منها " صورة _ بالأحضان _أحلف بسماها وبترابها _ أهلاً بالمعارك_ وادي احنا بنينا السد العالي " . كذلك قدم الموسيقار فريد الأطرش أغنية "سنة وسنتين _ المارد العربي " والمطرب ماهر العطار " يا ما زقزق القمري علي ورق الليمون" والمطرب محرم فؤاد "مصر لم تنم " مع شن الدوان الثلاثي على مصر 1956 قدمت أم كلثوم أغنية "والله زمان يا سلاحي"، والتي أُعتمدت نشيداً وطنياً لمصر حتي نهاية السبعينات من القرن العشرين إلى أن تم استبدلها بنشيد "بلادي بلادي " كما قدمت المطربة فايدة كامل أغنية " دع سمائي " توضح فيها العدوان على "بورسعيد" و"ياريتني من بور سعيد " لكارم محمود . 1958 أعلنت مصر وسوريا الجمهورية العربية المتحدة مما أدي إلى ظهور الأغاني الوطنية المرحبة بحلم القومية العربية فقدم عبد الوهاب " يا إلهي انتصرنا بقدرتك " . 1960 وضع حجر أساس السد العالي وظهر أوبريت "الوطن الأكبر" للموسيقار محمد عبد الوهاب والذي شارك فيه عدد كبير من المطربين والمطربات . نكسة يونيو 1967 كانت هناك أغنيات عبرت عنها محاولة تجاوزها لتحقيق النصر مثل : ( عدى النهار ) لحليم، و "أصبح الآن عندي بندقية" و "إنا فدائيون" لأم كلثوم ، ولأحد أن يستطيع أن ينكر آثر الأغاني الوطنية الساخرة للشيخ "إمام" ورفيقه الشاعر "أحمد فؤاد نجم " والذي يعد أول سجين بسبب الغناء مثل أغنية" صباح الخير على الورد اللي فتح في جناين مصر" و "شرفت يا نكسون بابا" . وقدمت شادية عدد من الأغاني الوطنية منها أغنية "يا حبيبتي يا مصر" عام 1970 وأغنية أخرى عن مذبحة مدرسة "بحر البقر " بفلسطين . أما عن نصر أكتوبر1973 فقد ظهرت أغنية "صباح الخير يا سينا" لحليم " بسم الله .. الله أكبر" و " أنا على الربابة بغني " لوردة و " يا أول خطوة فوق أرضك يا سينا " لمحمد رشدي و " الباقي هو الشعب" لعفاف راضي و"شدي حيلك يا بلد" لمحمد نوح و "أم البطل " لشريفة فاضل . وأدى عدم الإفراج عن المعتقلين السيايسين بعد حرب أكتوبر كالشيخ امام ونجم وغيرهما إلى ظهور عدد من الأغاني الوطنية التي تهاجم السلطة مثل أغنية " شيد قصورك " للشيخ إمام ،ويأتي توقيع اتفاقية "كامب ديفيد" مع إسرائيل، ليؤدي إلى تراجع الأغنية الوطنية مرة أخري إلا عند عودة السيادة الكاملة لمصر على أرض سيناء باسترجاع "طابا" فقد ظهرت الأغاني الوطنية التي تحتفل بهذا ال "سينا رجعت تاني لينا" .حتى نهاية عصر الرئيس المخلوع مبارك الذي لم يشهد إلا عدد قليل من الأغاني الوطنية أشهرها أوبريت "الحلم العربي " و "اخترناه" وأغنية "ما شربيتش من نيلها " لشيرين عبد الوهاب . ومع اندلاع ثورة 25 يتاير 2011 امتلأت الميادين بالأغاني الوطنية القديمة لشحذ الهمة، كما ظهر عدد من الأغاني الجديدة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : "ارحل و "طاطي راسك " و الجحش والحمار" وأبو دبورة وشورت وكاب" و "يا مجلس ابن حرام" و"ركبوا الميدان " لرامي عصام ، و "صوت الحرية" لكاريوكي و"يابلادي " لرامي جمال ، "أنا اللي هتفت سلمية" عصام إمام، "ارفع راسك" حمزة نمرة، " قالوا الشهيد " تامر عاشور و"علمونا في مدرستنا" للملحن عمرو مصطفى و يا "مصريين" آمال ماهر ، و "إزاى "لمحمد منير ، و " الشهيد " لعلى الحجار ، و "يامصر هانت" لمصطفى سعيد . وأخيراً، 30/6 /2013 ظهرت أغنية اغنية "تسلم ايدينك" للفنان حسين الجسمي و"مش من بلدنا " لأنغام وأوبريت "تسلم الأيادي" لحن وتأليف وغناء مصطفى كامل وغناء مجموعة من الفنانين،والتي تثني على دور الجيش ونصرة الإرادة الشعبية . ثم طرح كامل أغنية أخرى لتكون الجزء الثاني من "تسلم الأيادي" ألا وهى "وقت الشدايد" والتي تثني على دور عدد من الدول العربية في دعم مصر في ظل الظروف الراهنة، ومن المنتظر أن يصدر كامل أغنية ثالثة يثني فيها على دور الشرطة . عن الأغنية الوطنية : الشاعر الكبير "عوض بدوي" يقول إذا عودنا بالذكرة للأغنية الوطنية القديمة، سنبكي على حال الأغنية الوطنية وعلى ماوصلت اليه الآن من ركاكة في الكلمات وجمل موسيقية مكررة وليس بها أي إبداع ومستوى ثقافي ضحل للقائمين عليها . ويوضح بدوي كلامه مشيراً إلى نسيج الأغنية الوطنية قديما : كانت من كلمات الكاتب الكبير "صلاح جاهين" والشاعر "محمد حمزة" والخال "عبد الرحمن الأبنودي" وموسيقى موسيقارالأجيال "محمد عبد الوهاب" و"كمال الطويل" والمبدع "بليغ حمدي" وصوت كوكب الشرق "أم كلثوم" والعندليب الأسمر "عبد الحليم حافظ"، أما الأن فلننظر إلى الأغنية الوطنية ومن يقدمها وما تقدمه الأغنية نفسها من كلمات تستخف بعقولنا وتختذل الوطن في (أكل الذرة) و(السير بجوار النيل) و ( الجدعنة والحداقة ) في حين أن الدول الأخرى تتقدم يوما بعد يوم ونحن نتحدث عن الجدعنة . وأنهي كلامه : الأغنية الوطنية قديما كانت أكثر مصداقية وبالتالي أكثر تأثيراً، كما ارتبطت بأحداث جللة أعطتها بريقًا خاصًا، لا يمكن المقارنة بين ماكانت عليه الأغنية الوطنية قديما وما أصبحت عليه الآن فالمجتمع نفسه اختلف هذا ما أكده الشاعر الكبير الخال عبد الرحمن الأبنودي ذاكراً : الأجواء السياسية، في الخمسينيات الستينيات وأوائل السبعينيات، مفعمة بالحس الوطنى و الثورية التى تبحث عن استقلال الوطن، وكان أهم ما يميزها أن الجميع كان يشارك بها، فكان هناك توافقاً فكرياً ووطنيا،ًوكانت مصر على قلب رجل واحد، أما الأن فالمجتمع مختلف وليس علي خط واحد ولكل منا اتجاهاته الخاصة . أما الموسيقار الكبير هاني مهنا يري أن لكل عصر آذان وأن الأغنية الوطنية ارتبطت دائما بالأحداث المختلفة كالعدوان الثلاثي على مصر والنكسة وحرب أكتوبر وعودة سيناء، فكان لها مكانة كبيرة عند المتلقي ولذلك مازال الناس يشدو بهذه الأغاني في المواقف التي تستدعي لهذا،مشيرا إلى أن هذا لا يقلل من لأغاني الوطنية الحالية التي استطاعت الوصول لوجدان المصريين لكننا ارتبطنا بالأغاني القديمة لأنها أكثر شرقية، ودائما الأغنية الأكثر إبداعاً هى التي تستمر . وعن الأغاني التي ظهرت عقب30 يونيو والتي قدمها عدد من الفنانين كإهداء للقوات المسلحة، فهي تدل على تقدير وحب المصريين للجيش الذي أنقذه من الظروف الراهنة الصعبة والتف معه حقق إرادته . ويقول المطرب الشاب رامي عصام : إنه من الخطأ أن يقتصر فهمنا أن الأغنية الوطنية هي الموالية للنظام فهناك آيضا أغاني وطنية تكون ضد النظام، ويشير عصام إلى أن الأغنية الوطنية قديماً تأثرت بظروف البلد المتمثلة في الاحتلال والطغيان الخارجي على مصر فمعظمها كان يحمس الناس ويؤيد النظام وإن كنا منها ما ينتقضه، ولكن مع انطلاق ثورة يناير كان العدو الأول في الأغنية الوطنية هو ظلم السلطة الداخلية وفسادها . واستنكر عصام توجه البعض للغناء من أجل مدح السلطة على حساب الشعب مدعياً أنه يقدم أغنية وطنية ،مؤكدا أن الأغنية الوطنية يجب أن يكون همها الأول هو مصلحة الشعب لا النظام الحاكم والسلطة . لا يمكن المقارنة بين ماكانت عليه الأغنية الوطنية قديما وما أصبحت عليه الآن فالمجتمع نفسه اختلف هذا ما أكده الشاعر الكبير الخال عبد الرحمن الأبنودي ذاكراً : الأجواء السياسية، في الستينيات وأوائل السبعينيات، مفعمة بالحس الوطنى و الثورية التى تبحث عن استقلال الوطن، الجميع كان يشارك بها، فكان هناك توافقاً فكرياً ووطنيا،ً أما الأن فالمجتمع ليس مختلف وليس علي خط واحد ولكل منا اتجاهاته الخاصة . ويقول الشاعر مصطفى كامل : أن الأغنية الوطنية قديما وحديثا تهدف لشحن الهمم وتحفيز الناس إلى بذل كل مافي وسعهم لنصرة الوطن،ودائما ما ترتبط بالأحداث الوطنية الهامة، وتكون عمل تطوعي صادق نابع من حب الفنان للوطن، مشدداً أن الأغاني الوطنية القديمة لها مذاق خاص ومرتبطة بوجدان المصريين وكذلك الأعمال التي ظهرت بعد ثورة ال25 من يناير، مشيراً إلى اعجابه الشديد بأغنية " تسلم ايدينك " لحسين الجسمي والتي تثني على دور الجيش في تحقيق إرادة الشعب المصري، وأغنية أنغام "م من بلدنا" . وردا على إشارة البعض إلى أن لحن أغنية "تسلم الأيادي " يشبه لحن أغنية " تم البدر بدري" لشريفة فاضل والحلو ولحن أغنية "وقت الشدايد " آيضًا يشبه لحن أغنية المطرب الكبير محمد رشدي "ياليلة ما جاني الغالي ودق عليا الباب" ،يقول كامل أنه لا يلتفت لهذا الكلام، نافيا أن يكون اقتبس منهما جمل موسيقية ولو كان اقتبس أي جملة موسيقية من الموسيقي الكبير الراحل " عبد العظيم محمد " لكان أشار لها لأن هذا شرف عظيم له أن يقتبس من أستاذ بحجمه .