حسنًا ما فعلته الهيئة الوطنية للإعلام بمنع القنوات الفضائية وبرامج "التوك شو" من استضافة المنجمين والمنجمات والعرافين والعرافات والذين يقرأون الطالع ويضربون "الودع" وغيرهم فى قنواتهم وبرامجهم وعلى شاشات التليفزيون. وإحقاقًا للحق فإنه قرار صائب من الهيئة الوطنية للإعلام لحماية المشاهدين من الوقوع فى براثن هؤلاء النصابين والمحتالين.. وللحد من تعظيم هؤلاء الدجالين، وذلك بعد أن تفشت وانتشرت ظاهرة استضافة القنوات الفضائية لمثل هؤلاء "النصابين" مع بداية كل عام جديد ليدلوا بدلوهم للمشاهدين بتوقعاتهم وتنبؤاتهم بما سيحدث فى العام الجديد.. وكذلك بعد أن أصبحت "فقرة" استضافة هؤلاء الدجالين "فقرة" أساسية ثابتة سنويًا بالقنوات الفضائية مع نهاية كل عام أو مع حلول عام جديد. وللأسف كانت "فقرة" هؤلاء الدجالين تحظى بمشاهدة كبيرة من جانب الكثير من المشاهدين، نظرًا إلى طبيعتنا الشرقية التى تميل إلى الاعتقاد فى مثل هذه الخزعبلات بالفطرة وحب معرفة الغيب. وقد اشتغل هؤلاء الدجالين فى إيهام المشاهدين بأنهم على دراية بعلم الغيب ويجيدون قراءة الطالع والمستقبل وغيرها.. حيث كانوا يوهمون المشاهدين بأنهم يستندوا فى توقعاتهم هذه على حسابات النجوم والفلك وغيرها.. ووصل الأمر ببعضهم أنه كان يأتى بأوراق "الكوتشينة" ويقوم "بتفنيطها" وعلى ضوءها التنبؤ بما سيحدث فى العام الجديد (!!) وللأسف كان البعض من المشاهدين يصدقون ما يقوله هؤلاء الدجالين. وللأسف أيضًا بأنه كان بعض هذه التنبؤات كانت تتحقق بمحض الصدفة على أرض الواقع.. مما كان يجعل البعض يعتقد فى مصداقيتهم.. وفى قدرتهم على قراءة المستقبل والطالع.. رغم أنهم كاذبون.. وينطبق عليهم مقولة "كذب المنجمون ولو صدقوا". وهى مقولة مقتبسة من الآية القرآنية "بسورة النمل" والتى قال فيها الله تعالى: (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ).. مما يؤكد أن الغيب عند الله وحده وليس عند المنجمين ولا السحرة ولا الكهنة. والواقع أن ظاهرة استضافة هؤلاء المحتالين فى برامج القنوات الفضائية تعد شيئًا مرضيًا لما تسببه هذه التنبؤات فى التأثير على الحالة النفسية للمجتمع وقد تسبب حدوث البلبلة والهلع لدى البعض. وهذا لا يصح السماح به باللعب فى مشاعر وأحاسيس المجتمع ونحن نعيش فى الجمهورية الجديدة التى يقوم ببنائها الرئيس عبد الفتاح السيسي واهتمامه ببناء الإنسان المصرى. فهؤلاء الدجالون لا يختلفون شيئا عن الدجالين الذين يوهمون الناس "بفك العمل" أو "تزويج العانس" وغيرها من أعمال الدجل.. وكلها أمور تندرج تحت بند النصب والاحتيال. إننى أناشد المشاهدين أن يتحلو بالوعى ولا يصدقون الخزعبلات والدجل.. وأن يفرزوا بين الحقيقة والكذب.. ولا أملك إلا أن أقول لهم "كذب المنجمون ولو صدقوا".