تحتل قضية البحر الأحمر وحمايته مساحة دائمة فى مباحثات الدول المطلة عليه ومع ذلك لم تتخذ أية خطوات بشأنها سوى بعض المواقف المنفردة فى وقت الشدة أو الأحداث المفاجأة التى تؤثر على الملاحة فى الممرات المفاجئة ويبدو أن الهدف الاستراتيجى حاليا هو السيطرة على المنافذ البحرية لتحقيق أهداف سياسية وحتى عسكرية وبالتالى حان الوقت لعقد قمة للدول المطلة على البحر الأحمر لوضع خطط عملية تساهم فى الحفاظ على الأمن القومى لهذه الدول ومنع الاختراق الذى تتعرض له بين وقت وآخر ومؤخرا أعلنت السعودية عن تأسيس قاعدة عسكرية فى جيبوتى لدعم قوات التحالف فى الحرب على الحوثى وصالح. فى هذا السياق، ذكرت مصادر عسكرية بقوات التحالف العربى، أن السعودية حصلت على قاعدة بحرية عسكرية فى جيبوتى. وأكد سفير جيبوتى لدى الرياض ضياء الدين با مخرمة، أن بلاده تؤيد المملكة ودول التحالف العربى فى حربها لإعادة الشرعية إلى اليمن وطرد الانقلابيين الحوثيين وقوات المخلوع صالح. وذكرت المصادر العسكرية حسب تقارير إعلامية أن السفن العسكرية السعودية والمصرية وحتى الفرنسية والأمريكية التى تساهم بمراقبة المياه الإقليمية اليمنية، وبفرض حصار بحرى على اليمن منعاً لتهريب الأسلحة والمساعدات العسكرية لقوات الحوثيين وعلى صالح، تتخذ من ميناء جيبوتى قاعدة لتحركاتها. وتقدم الحكومة الجيبوتية كل ما تحتاجه السعودية من تسهيلات، وقد تشكلت لجنة عسكرية سعودية جيبوتية مشتركة اجتمعت فى شهر أغسطس الماضى تتولى التنسيق العسكرى بين البلدين، وقدمت السعودية خمسة زوارق عسكرية بحرية سريعة لحكومة جيبوتى فى إطار مساعدتها على دعم قدرات قوات خفر السواحل لتعزيز دورها فى عمليات الرقابة والتفتيش على السفن فى المياه الإقليمية لجيبوتى. وشهدت العلاقات السعودية مع جيبوتى (الدولة المطلة على الجانب الغربى من مضيق باب المندب)، تطوراً كبيراً بعد اندلاع عملية «عاصفة الحزم» التى تقود فيها السعودية تحالفاً عربياً فى الحرب على الحوثيين وقوات المخلوع على صالح، لإعادة الشرعية إلى اليمن والرئيس عبد ربه منصور هادى. بالإضافة إلى ذلك، أقامت المملكة فى جيبوتى مركزاً لنقل المساعدات إلى الشعب اليمنى بحراً، كما تقدم السعودية مساعدات للاجئين اليمنيين فى مخيمهم هناك. وذكرت مصادر أن رئيس جيبوتى إسماعيل جيله، سيقوم بزيارة للرياض بعد نحو أسبوع، يلتقى خلالها العاهل السعودى الملك سلمان بن عبد العزيز، وكبار المسئولين فى المملكة. ومنذ انطلاقة عمليات «عاصفة الحزم» فى سبتمبر قبل عام من الآن، هدفت المملكة العربية السعودية التى قادت التحالف العربى ضد ميليشيات الحوثيين التى انقلبت بمساندة فلول المخلوع على عبد الله صالح على الشرعية فى اليمن، من ضمن ما هدفت؛ إلى منع المسلحين الموالين لإيران من الاقتراب من مضيق باب المندب، الاستراتيجى. وتعمل السعودية، على تأمين حماية أكثر ديمومة للمضيق الذى يوصل نفطها إلى العالم، وذلك عبر تحصينها بقاعدة عسكرية بحرية فى جيبوتى (الدولة المطلة على الجانب الغربى من مضيق باب المندب)، هى الأولى للمملكة خارج الحدود، وفق ما ذكرت مصادر عسكرية مطلعة بالتحالف العربى. ونقلت بعض التقارير الصحفية عن مصادر عسكرية بالتحالف، أن السفن العسكرية السعودية والمصرية، وحتى الفرنسية والأمريكية، التى تساهم بمراقبة المياه الإقليمية اليمنية، وبفرض حصار بحرى على اليمن؛ منعاً لتهريب الأسلحة والمساعدات العسكرية لقوات الحوثيين وعلى صالح، تتخذ من ميناء جيبوتى قاعدة لتحركاتها، وهو ما يشير لأهمية جيبوتى، كمقر للقاعدة العسكرية السعودية. وليست القاعدة السعودية فى جيبوتى هى الوحيدة وإنما هناك قاعدة فرنسية وأخرى أمريكية حيث تضم 4000 جندى أمريكى، استخدمتها فى إطلاق طائرات بدون طيار لقصف مواقع تنظيم قاعدة اليمن. ويكتسب «باب المندب»، المدخل الجنوبى للبحر الأحمر، أحد أهم الممرات المائية فى العالم، أهمية دولية كونه طريقاً حيوياً تشقه ناقلات النفط فى طريقها من منابع الجزيرة العربية وإيران إلى أمريكا وأوروبا وبقية الدول المستوردة، عبر قناة السويس، ويقدر عدد السفن وناقلات النفط العابرة من مضيق باب المندب بالاتجاهين 21000 سفينة، تساوى بحسب بعض التقديرات ما يصل إلى 30% من حمولات النفط فى العالم. علاوة على ذلك، يعتبر المضيق هو مفتاح الملاحة البحرية فى البحر الأحمر، فضلاً عن كونه يربط بين خليج عدنوالبحر الأحمر. يذكر أن إيران حاولت استفزاز دول التحالف العربى فى أبريل الماضى، حركت إيران قطعاً بحرية عسكرية نحو مضيق باب المندب وخليج عدن فيما رآها آخرون محاولات بائسة لاستعراض القوة. وحينها أوردت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية، شبه الرسمية، أن القطع البحرية ضمت الفرقاطة اللوجستية بوشهر، والمدمرة البرز، وذلك بدعوى «توفير الأمن لخطوط الملاحة البحرية الإيرانية، وصون مصالح إيران فى المياه الدولية الحرة»، وضمت المجموعة البحرية ال 33 للقوة البحرية الإيرانية كلاً من الفرقاطة اللوجستية بندرعباس، والمدمرة نقدى رست فى بندرعباس، وتستمر مهمتها نحو ثلاثة أشهر، وفق ما صرح به قائد القوة البحرية للجيش الإيرانى الأدميرال حبيب الله سيارى. وتسعى إيران إلى ترسيخ نفوذها الإقليمى على حساب جيرانها فى الخليج، عبر اختراقها لشواطئ البحر الأحمر عبر حليفها الحوثى الذى استطاع الوصول إلى ميناء الحديدة على مدخل البحر، فضلاً عن وجودها فى الطرف الآخر للمضيق الواقع فى دولة إريتريا، وهو وجود يلفه نوع من الغموض الناتج عن تكتم الطرفين عليه، فى حين تؤكد تقارير إعلامية وإفادات المعارضة الإرتيرية وزيارات متبادلة كان أبرزها زيارة الرئيس الإرتيرى لطهران فى مايو 2008؛ احتفاظ إيران بوجود عسكرى فى منطقة عصب، مقابل تزويد إريتريا بالنفط الإيرانى بسعر مخفض. وتسيطر إيران على مضيق هرمز من خلال موانئ التصدير الجديدة التى أنشأتها فى سلطنة عمان، كما أنها تطوّق السعودية من الجنوب، بعد أن أصبحت لها الكلمة العليا فى العراق الجار الشمالى للملكة. وأمام كل هذه المعطيات، وجدت القيادة السعودية أنه من واجبها التخطيط للدفاع الاستباقى عن أمنها الإقليمى، عبر افتتاح أول قاعدة عسكرية بحرية خارج أراضيها، تُحصّن بها مصالحها ومصالح شقيقاتها، ويمنع أى تدخل إيرانى فى أمنها الإقليمى أو زعزعة له من أى طرف، عبر تهديد المضائق والممرات الاستراتيجية للمنطقة.