شهد عام 2015 نشاطًا وازدهارًا غير مسبوق للزيارات الخارجية للرئيس عبد الفتاح السيسى لاسيما للدول العربية الشقيقة، فقد زار الرئيس 6 دول عربية منها زيارتان للسودان ومثلهما للإمارات بخلاف الكويت والأردنوالبحرين و4 زيارات للسعودية وسنعرض فى السطور القادمة أبرز حيثيات هذه الزيارات وأهم ما دار فيها بين الرئيس وزعماء هذه الدول .الكويت كانت الزيارة الأولى للرئيس فى العام الماضى وبالتحديد فى الخامس من يناير إلى دولة الكويت، فى إطار تدعيم علاقات التعاون والتفاهم الأخوية. بين البلدين الشقيقين، وخلال الزيارة، قلد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الرئيس عبدالفتاح السيسى قلادة «مبارك الكبير»، وهى أعلى وسام فى دولة الكويت تقديرا واعتزازا بمواقف الرئيس والمكانة التى يحظى بها فى قلوب الشعب الكويتى. تطابق الأفكار والرؤى، ساد جولتى مباحثات السيسى والصباح، تجاه الملفات العربية المعقدة ومنها الأوضاع فى سوريا والعراق واليمن وليبيا، مثلما كان الأمر مع ملفات التعاون الثنائى، وبالأخص مشاركة الكويت حكومة ورجال أعمال فى قمة مصر الاقتصادية التى عقدت بشرم الشيخ فى مارس الماضى، ورغبة الكويتيين فى زيادة استثماراتهم بمصر بمعدلات ضخمة، وهى الرغبة التى قابلها الرئيس فى لقاءيه مع غرفة التجارة والصناعة ورجال الأعمال الكويتيين بترحاب وتشجيع شديد. الملاحظ فى هذه الزيارة أن القيادة الكويتية ومعها الشعب الكويتى، تكن إعجاباً كبيراً بشخصية الرئيس السيسى وإتزانه وصراحته، وتنظر إليه ليس فقط كمنقذ لمصر وإنما للدول العربية، والمسئولون الكويتيون يقولون دون مواربة: لو كانت مصر – لا سمح الله – سقطت فى دوامة الفوضى، لتداعى بنيان بقية الدول العربية التى تتساند على الجدار المصرى، كقطع الدومينو. هناك أيضا تقدير بالغ عبر عنه الشيخ صباح الأحمد وكبار المسئولين الكويتيين فى لقاءاتهم مع الرئيس لما حققه فى الفترة القليلة التى تولى فيها المسئولية، لاسيما على الصعيدين الأمنى والاقتصادى، مما أدى إلى استعادة الاستقرار، وارتفاع المؤشرات الاقتصادية المصرية، كما نظر الأمير والمسئولون الكويتيون بانبهار لمشروع قناة السويس الجديدة والانتهاء منه بمعدلات قياسية، ذلك الإعجاب والتقدير للرئيس السيسى، أفصحت عنه الحفاوة البالغة التى قوبل بها السيسى منذ وصوله إلى العاصمة الكويتية، وحتى إقلاع طائرته فى رحلة العودة إلى القاهرة. الإمارات الزيارة الثانية للرئيس عبد الفتاح السيسى للدول العربية كانت إلى الإمارات العربية المتحدة واستغرقت يومين خلال الفترة من 18 إلى 19 يناير، حيث التقى الرئيس السيسى خلال زيارته نظيره الإماراتى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وعددا من كبار المسئولين فى دولة الإمارات، ورافقه خلال الزيارة، 6 وزراء هم اللواء عادل لبيب، وزير التنمية المحلية وأشرف العربى، وزير التخطيط، وسامح شكرى وزير الخارجية، وأشرف سلمان وزير الاستثمار، ونجلاء الأهوانى، وزيرة التعاون الدولى، محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة. وجاءت الزيارة فى إطار علاقات الأخوة الوثيقة والعميقة، التى تجمع بين البلدين على كافة الأصعدة، وشهدت الزيارة أيضا مشاركة الرئيس فى «القمة العالمية لطاقة المستقبل»، وأعلن الرئيس فى القمة العالمية ترحيب السوق المصرى بالاستثمار فى مجال إنتاج الطاقة المتجددة فيه، والاستفادة من موارد مصر فى هذا المجال بشكل خاص . وقد بحث الجانبان خلال جلسة المحادثات العلاقات المتميزة التى تربط بين البلدين فى مختلف المجالات، خاصة السياسية والاقتصادية والتنموية، كما جرى خلال اللقاء تناول مجمل الأحداث والتطورات على الساحتين الإقليمية والدولية، وتبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك. ثم قام الرئيس بجوله تفقدية بعد ذلك برفقة الدكتور سلطان الجابر وزير الدولة الإماراتى إلى مسجد وضريح المغفور له الشيخ زايد آل نهيان، وقرأ الفاتحة على روح المغفورله، كما عقد السيسى لقاءين منفصلين مع رجال الأعمال الإماراتيين لبحث سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين وزيادة الاستثمارات الإماراتية فى مصر، ثم استعرض الرئيس الخطوات والإجراءات الجارية لتوفير مناخ جاذب للاستثمار وتذليل العقبات البيروقراطية، وذلك قبل انطلاق المؤتمر الاقتصادى الذى استضافته مصر فى شهر مارس الماضى. والتقى أيضا برجال الأعمال المصريين، مشددًا على حاجة مصر فى المرحلة الحالية إلى جهود كافة أبنائها من المستثمرين المصريين، من خلال تنفيذ مشروعات تتيح فرص عمل جديدة للشباب، وتساعد على دعم الاقتصاد المصرى، مشيراً إلى ضرورة مواصلة الحكومة سياستها نحو تدريب العمالة المصرية وإعدادها للعمل بالخارج. ثم عاد وزار السيسى الإمارات مرة أخرى فى إطار جولة آسيوية شملت أيضا الهندوالبحرين، وبحث السيسى والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ولى عهد أبو ظبى العلاقات الأخوية والتعاون المشترك بين مصر ودولة الإمارات. وجرى أيضا خلال اللقاء تناول أوجه التعاون بين دولة الإمارات ومصر وسبل دعمها وتعزيزها فى جميع المجالات بما يخدم مصالح البلدين ويلبى تطلعات الشعبين الشقيقين، حيث أكد على أهمية تنويع وتوسيع نطاق التعاون بينهما فى الجوانب الاقتصادية والاستثمارية والتنموية. وعرض الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم فى هذه الزيارة استراتيجية دولة الإمارات ورؤيتها حتى العام 2021 على الرئيس السيسى، كما عرض على الوفد الزائر الجهود التى تبذلها حكومة دولة الإمارات فى تعزيز المكانة التنافسية للدولة عبر مجموعة من الأنظمة والمؤسسات والمجالس التى تعمل كفريق عمل واحد لتعزيز تنافسية الدولة وتطوير حوكمة المؤسسات وأنظمة وإجراءات كافة الوزارات والهيئات. وعرض بن راشد على الوفد الزائر أيضا تجربة دولة الإمارات فى تنفيذ وتطوير استراتيجيات طويلة المدى ووضع أنظمة لمتابعة الأداء فى كافة الوزارات والهيئات الاتحادية والعمل أيضا على تطوير جيل جديد من القيادات الحكومية بالإضافة لبرامج تطوير الخبراء والمتخصصين فى مجالات الجودة والابتكار فى القطاع الحكومى. فضلا عن تجربة الحكومة الذكية فى دولة الإمارات والخطة والبرامج التى اعتمدتها لتحويل الخدمات الحكومية التقليدية لتكون متاحة عبر الهواتف الذكية لجمهور المتعاملين عبر استخدام الأنظمة التقنية الحديثة. السودان وإلى الجنوب هبطت طائرة الرئاسة فى مطار الخرطوم حيث اللقاء الأخوى بين شعبى وادى النيل مع الرئيس السودانى عمر البشير وبالتحديد فى مارس الماضى وكانت المناسبة توقيع اتفاق إعلان المبادئ الخاص بسد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، ووقع الرئيس السيسى ونظيره السودانى عمر البشير ورئيس وزراء إثيوبيا هايلى ماريام ديسالين خلال قمتهم فى الخرطوم وثيقة إعلان المبادئ لسد «النهضة» الإثيوبى، التى تعد أساسا للوصول إلى اتفاقات تفصيلية حول استخدام مياه النيل فى تحقيق مصالح مشتركة لها. الرئيس السيسى فى كلمته التى ألقاها خلال جلسة إعلان مبادئ اتفاق سد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان دعا إلى جعل نهر النيل محورا للتعاون والتنمية، وأعرب عن شكره للرئيس السودانى عمر البشير لاستقباله واستضافته فى هذه المناسبة المهمة. وعاد السيسى إلى السودان مرة أخرى وفى مناسبة مهمة وهى للمشاركة فى حفل تنصيب الرئيس المنتخب عمر البشير رئيساً للسودان لولاية جديدة. وقد حضر الرئيس الجلسة الخاصة التى عقدها البرلمان السودانى لتنصيب الرئيس البشير وأدائه اليمين الدستورية، حيث استمع سيادته إلى الكلمة التى ألقاها الرئيس البشير بهذه المناسبة. وعقب انتهاء مراسم التنصيب، توجه السيد الرئيس إلى مقر القصر الرئاسى السودانى، حيث عقد اجتماعاً مع الرئيس البشير مُقدماً له التهنئة فى مستهل ولايته الرئاسية الجديدة، ومعرباً عن خالص تمنياته للرئيس السودانى بالنجاح والتوفيق فى قيادة السودان، وتحقيق آمال وطموحات شعبه الشقيق فى التنمية والتقدم. كما أكد الرئيس عزم مصر الكامل على الاِرتقاء بمستوى التعاون والتنسيق بين البلدين ليشهد آفاقاً جديدة وغير مسبوقة خلال الفترة القادمة. وأعرب الرئيس السودانى للرئيس عن خالص شكره وتقديره لمشاركة الرئيس السيسى فى مراسم التنصيب، مؤكداً أن هذه اللفتة تعكس متانة العلاقات الإيجابية المتميزة التى تجمع بين البلدين الشقيقين، والتى يتطلع الشعب السودانى لتنميتها فى كافة المجالات وعلى كل الأصعدة، لا سيما فى ضوء الآفاق الرحبة للعلاقات والإمكانيات الواعدة والإرادة القائمة لتطويرها. واستعرض الزعيمان تطورات الأوضاع على الساحتين العربية والإفريقية، لاسيما فيما يتعلق بدعم وتطوير التعاون بين الدول الإفريقية ولاسيما دول حوض النيل، فضلاً عن التوافق بشأن أهمية تسوية النزاعات فى عدد من الدول الإفريقية لتمكينها من مواصلة مسيرة التنمية وتحقيق آمال وطموحات شعوبها فى التقدم والرخاء، فضلاً عن تلافى الآثار الإقليمية السلبية على دول جوارها الجغرافى. كما تناول الاجتماع التشاور حول تطورات وتداعيات الأزمة فى ليبيا، والجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب وانتشار الفكر المتطرف فى المنطقة، والأهمية البالغة للتنسيق والتعاون بشأن أمن البحر الأحمر. الأردن وإلى الشرق توقفت محركات طائرة الرئاسة فى مطار عمان حيث العاصمة الأردنية وذلك فى 22 من مايو الماضى شاركت خلالها مصر فى منتدى «دافوس الاقتصادى» «اجتماعات المنتدى العالمى للشرق الأوسط و شمال إفريقيا». القمة التى جمعت بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والعاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى استقطبت اهتماما سياسيا وإعلاميا لافتا، نظرا لتوقيتها ونتائجها. ورأت الصحافة الأردنية أن زيارة الرئيس السيسى إلى عمان شكلت فرصة لإعادة التأكيد على عمق وتميز علاقات الأخوة بين البلدين والشعبين الشقيقين، والحرص على الارتقاء بهما فى مختلف المجالات وبما يخدم المصالح المشتركة ويسهم فى إحياء وتعزيز العمل العربى المشترك. ونوهت بأن المواقف الأردنية المصرية كانت متطابقة إزاء الملفات والقضايا التى تناولها الزعيمان، وهو ما يؤكد عمق وتجذر وتميز علاقات الأخوة التى تربط بين البلدين الشقيقين والدور المهم والحيوى الذى تنهض به عمانوالقاهرة فى القضايا العربية وملفات الإقليم، فضلا عن علاقات التعاون الاستراتيجية التى تربطهما. وأشارت إلى تأكيد الملك عبدالله الثانى على دعم الأردن الكامل لدور مصر المحورى والمهم فى محيطها العربى والمنطقة ليعكس الأهمية التى يوليها الأردن لدور الشقيقة الكبرى، وما ستسهم فيه من حفظ أمن واستقرار المنطقة وأيضا فى رأب الصدع داخل الصف العربى، وبما يفضى إلى صيانة حقوق الأمة والمحافظة على دورها الحضارى والتاريخى وبخاصة فى إظهار الصورة السمحة للإ سلام وتعاليمة النبيلة ورفضا للعنف والتطرف والإرهاب فى إشارة واضحة إلى الدور المحورى للأزهر الشريف باعتباره منارة لفكر الإسلام الوسطى المعتدل. وكانت القضيه الفلسطينية على رأس القضايا التى تباحث فيها الزعيمان من خلال حث القوى الدولية على العمل على تهيئة الظروف الملائمة لإحياء مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى وتذليل جميع العقبات التى تقف حائلا أمام استئناف المفاوضات وفق حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية ومبادرات السلام العربية، وجدد الزعيمان فى هذه القمة دعوتهما إلى ضرورة أن يكون هناك حل سياسى للأزمة السورية يخفف من معاناة الشعب السورى الشقيق ويحفظ وحدة أرضه وشعبه،كما عبرا عن دعم كل ما يعزز الوفاق الوطنى بين مكونات الشعب العراقى. البحرين وكان حضور افتتاح منتدى المنامة فى نسخته الحادية عشرة مناسبة مهمة لتتوقف طائرة الرئاسة فى مطار المنامة الدولى. وتكون فرصة لتشكر مصر ممثلة فى القيادة السياسة جلالة الملك البحرينى على مواقفه المشرفة تجاه مصر ومساندته للدولة المصرية وحضوره مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى فضلا عن حضور جلالته لحفل افتتاح قناة السويس الجديدة، وتناولت كلمة «السيسى» فى الجلسة الافتتاحية الأوضاع بالمنطقة العربية وما تواجهه المنطقة من تحديات وأزمات، وانعكاساتها على الأمن الإقليمى، فضلاً عن التوازن الأمنى والاستراتيجى، كما تطرّق الرئيس إلى تحديات التطرّف والإرهاب التى تسعى إلى تقويض مفهوم «الدولة الوطنية». وشدّد على «التزام مصر تجاه أمن واستقرار مملكة البحرين ودول الخليج العربية والوقوف معها ضد مختلف التحديات»، مؤكداً أن أمن البحرين واستقرارها جزء لا يتجزّأ من الأمن القومى المصرى. وأكد «السيسى» أهمية مواصلة العمل على توحيد الصف العربى، لمواجهة كل التحديات الإقليمية التى تواجه المنطقة العربية، والعمل على صون مقدراتها، ومحاربة التطرّف والعنف والتصدى للتنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرّفة التى تهدف إلى تقويض ركائز أمن واستقرار الدول ومؤسساتها الوطنية. السعودية السعودية كان لها نصيب الأسد فى زيارات الرئيس، ففى بداية العام الماضى قدم الرئيس واجب العزاء، فى وفاة الملك عبد الله، وفى مارس كانت الزيارة الأولى فى عهد الملك الجديد سالمان، ثم هبطت طائرة الرئاسة فى مايو الماضى فى زيارة خاطفة لتقديم التهنئة على التغيرات المحدودة بالمملكة، منها اختيار محمد بن نايف وليًا للعهد، ومحمد بن سالمان وليًا لولى العهد. وفى العاشر من نوفمبر من العام الماضى كانت السعودية هى المحطة الأخيرة فى جولات الرئيس للدول العربية، وذلك للمشاركة فى أعمال القمة الرابعة للدول العربية و دول أمريكا الجنوبية بهدف تنشيط و تفعيل علاقات التعاون بين مصر ودول أمريكا الجنوبية فى جميع المجالات والاستفادة من تجاربهم فى مسيرة التنمية والبناء فى مصر. استغرقت زيارة الرئيس يومين وأجرى السيسى على هامش مشاركته فى القمة أيضا مباحثات مهمة مع خادم الحرمين الشريفين الملك سالمان بن عبد العزيز آل سعود وولى العهد السعودى محمد بن نايف بن عبد العزيز، ورؤساء اليمن والسودان وفنزويلا ورئيس الوزراء اللبنانى. كما شهد السيسى وخادم الحرمين الشريفين الملك سالمان مراسم التوقيع على محضر إنشاء مجلس تنسيق سعودى مصرى لتنفيذ إعلان القاهرة، والملحق التنفيذى المرافق للمحضر والذى يتضمن برنامج اجتماعات مقرر عقدها فى الفترة المقبلة لبحث مشروعات محددة والانتهاء من إعدادها بصيغتها النهائية.