إذا رسمنا لمثلث تنظيم الإخوان الدولى صورة لكل ضلع سنجد أن الأولى ل «سعيد رمضان» وقد رسمناها.. والثانية لرجل تركى غامض لا يميل للأضواء اسمه «غالب همت» والضلع الثالث هو «يوسف ندا» وجميعهم انطلقوا من «مسجد ميونيخ» كما يقول مؤلف الكتاب الذى يحمل هذا الاسم وهو الكاتب الكندى (إين دينيس جونسون).. الذى يقول عن «ندا»: هو شخص متحمس ودورد.. شغوف بالشهرة محب للظهور يمتلك شبكة علاقات قوية فى أوروبا.. وندا.. انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين وكان لا يزال شابًا فى الإسكندرية.. فقد كان يمضى فى أحد شوارعها وكانت هناك مشاجرة وسرعان ما تدخل بعض الشبان يلبسون ملابس الكشافة ونجحوا فى فض المشاجرة وأعجبه تصرف الشباب وسأل وعرف وانضم إلى الإخوان فى عام 1948.. وعندما بلغ من العمر 23 عاما ألقى القبض عليه بينما أفلت سعيد رمضان.. وخلف القضبان توثقت علاقته بقيادات الإخوان.ورغم التعذيب الذى تعرض له على حد قوله.. تمسك بعضوية الإخوان وكان قد عقد العزم أن يصفى مصنعا للألبان والجبن كان يمتلكه.. ورحل إلى النمسا بحجة دراسة تصنيع الألبان وبدأ يختلط برموز الجماعة فى النمسا.. وألمانيا حيث «مسجد ميونيخ» ثم اتجه إلى طرابلس من أجل البيزنس ونجح فى جمع بعض الأموال لأجل بناء المسجد وكانت هذه هى الورقة التى لعبوا بها لصالحهم أكثر مما هو لصالح المسجد، كما سترى وتعرف.. فهل تتصور أن ندا الذى جاء إلى ليبيا لجمع التبرعات أصبح مستشارًا زراعيًا للملك الليبى.. ثم تحول إلى استيراد مواد البناء من النمسا.. وعندما قام معمر القذافى بثورته ترك ليبيا واتجه إلى تونس ثم إلى اليونان ومنها إلى ألمانيا حيث توطدت علاقته بالتركى «غالب همت».. وبعدما قرر ندا أن يعيش للأبد فى أوروبا واتجه إلى سويسرا وبالتحديد فى الجنوب بالقرب من بحيرة «لوجانو» وهى أرض إيطالية ولكنها فى النطاق السويسرى وعام 1973 عقد التنظيم الدولى للإخوان اجتماعه وكان ندا قد نجح فى ربط مسجد ميونيخ بالسعودية وإيران وتركيا وأفغانستان وباكستان وفلسطين وأمريكا.. وفى بيت ندا عام 1977 يظهر فى الصورة الشيخ يوسف القرضاوى فى اجتماع دعا إليه.. وحتى لا يكون مسجد ميونيخ الستار الوحيد تأسست جماعات ومعاهد للدراسات الإسلامية.. وهو ما رأت فيه المخابرات الأمريكية «ورقة» تلعب بها فى الشرق وفق ما تريد.. ولعبة إنشاء مراكز الدراسات أو المعاهد هى لعبة مخابراتية معروفة.. وامتدت يوسف ندا إلى أمريكا عن طريق ثلاثة عراقيين هم جمال برزنجى وأحمد توتونجى وهشام يحيى الطالب الذى كان يعمل فى إحدى شركات ندا.. ثم دخلت لندن على الخط على يد الباكستانى «خورشيد أحمد» والسورى «عصام العطار» رئيس جماعة الإخوان فى سوريا والذى هاجر إلى بلجيكا فى أوائل الستينيات.. وكل هذه الشبكة الدولية كانت على اتصال دائم بمكتب الإرشاد فى مصر.. وإلى جانب هؤلاء ظهر على الساحة الدولية اسم العراقى «أحمد الراوى كاظم» الذى حصل على درجة الدكتوراة فى الهندسة من جامعة رندى فى اسكتلندا.. وتأسس بعد ذلك اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا ثم الاتحاد العالمى للمسلمين الذى رأسه القرضاوى وكلها أقرع مرتبطة بشجرة الإخوان التى اعتمدت فى تأسيسها على الخلايا بحيث سقطت واحدة استمرت الأخرى.. وتداخلت شبكة «ندا» فها هو إسلامى قد يختلط مع ما هو بيزنس.. وفى ذلك يعترف الرجل بكل وضوح قائلا عن نفسه: إذا قيل إننى مهندس فهذا صحيح.. وإذا قيل إننى رجل أعمال فهذا صحيح.. وإذا قيل إننى مصرفى (مؤسس بنك التقوى مع غالب همت) فهذا صحيح.. وإذا قيل بأننى سياسى أو ناشط أو ديمقراطى أو اشتراكى أو إسلامى فهذا أيضا صحيح.. أما إذا قيل إننى إرهابى أو أُموِّل الإرهاب أو كانت لدى صلات بالإرهاب فهذا خطأ وخداع وتضليل ولأن مؤلف الكتاب «جونسون» لم يلحق بما جرى بعد وصول الرئيس الإخوانى محمد مرسى إلى حكم مصر.. وما تلا ذلك من أحداث ظهر فيها العنف والدم والانفجارات والقتل بيد الإخوان.. وبتحويلات خارجية وردت من تركيا وقطر وانجلترا وألمانياوأمريكا وغيرها.. وأظن فى هذه الأحداث الدموية خير دليل على دموية جماعة الإخوان ومشاهدهم أثناء اعتصام رابعة والنهضة بعد ثورة 30 يونيه ضدهم.. خير دليل على أكاذيب «ندا» وباقى أعضاء التنظيم أو التشكيل العصابى الذى يعمل وفقا لمبدأ الغاية تبرر الوسيلة.. واسألوهم لماذا انفصلت عنهم فى وقت مبكر جماعة «شباب محمد» لأنها رأت أن رسالة الإخوان قد تحولت من الدعوة إلى الله.. إلى الدعوة إلى السلطان واللعب فى أرض السياسة.. ونعود إلى جونسون وكتابه حيث يذكر أن أمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر وجهت أصابع الاتهام إلى «ندا» بتمويل الإرهاب.. وقد اكتشف المحققون أن المستثمرين فى بنك التقوى أعطوا ليوسف ندا حق التصرف فى أموال زكاتهم كما يرى.. وكان ندا أذكى من أن يستخدم البنك وأرباحه الطائلة فى تمويل التنظيمات الإرهابية بشكل ساذج ومباشر ورغم كل ما قال ندا عن نفسه من قبل إلا أنه فى لقاء مطول مع قناة الجزيرة يقول بأنه مجرد وزير خارجية فقط لتنظيم الإخوان وتجاهل الدور المالى تماما وهو الضلع الأساسى والعنصر المحرك للتنظيم داخليا وخارجيا.. ومهما كانت شطارة «ندا» وشبكة علاقاته.. لم يكن يستطيع أن ينجح ويضع خلايا التنظيم الدولى بدون دعم أجهزة المخابرات الأوروبية والأمريكية.. وإلا لماذا عادت أمريكا تدافع عن الإخوان وترى ما جرى فى 30 يونيه انقلابا عسكريا وليس ثورة شعبية.. رغم اعتبارهم أن التنظيم الإخوانى هو شبكة إرهابية من قبل!.. إنه سؤال يكشف لك الكثير من اللغز!