تحت شعار «الصين وإفريقيا تتقدمان معا - تعاون مربح للجميع- من أجل التنمية المشتركة» انطلقت أول أمس الجمعة، بمدينة جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، أعمال قمة «منتدى الصين-إفريقيا» السادسة بحضور 37 رئيس دولة وحكومة إفريقية من بينهم رئيس الوزراء شريف اسماعيل والذى رأس وفد مصر ،إضافة للرئيس الصينى شى جين بينج.اكتسبت هذه القمة أهمية خاصة كونها الأولى التى تنعقد فى إفريقيا والثانية التى يحضرها رؤساء الحكومات والدول منذ 15 عاما كما أنها تأتى فى أعقاب تهديدات مباشرة من الجماعات الإرهابية للمصالح الصينية والرعايا الصينيين فى القارة السمراء ،مما سيدفع بالصين - حسب خبراء - لتغيير استراتيجيتها فى البقاء بعيدة عن الصراعات إلى التدخل المباشر حتى ولو فى مجال التعاون الأمنى من أجل حفظ استثماراتها. وفى الأعوام الأخيرة، تجددت الضغوط على بكين لتوفير الأمن لأكثر من 800 ألف من مواطنيها يعملون فى الخارج، خصوصاً فى أفريقيا حيث أصبحت الصين المستثمر الرئيسى هناك وفى ظل حوادث اختطاف العمال الصينيين فى مناطق الصراعات. وقال وزير الخارجية الصينى وانج يي،إن الصين ستعزز تعاونها مع أفريقيا فى مكافحة التطرف العنيف، بعد الهجوم الذى شنّه متشددون فى مالي، وأودى بحياة 19 شخصاً من بينهم ثلاثة مواطنين صينيين. وأشار وانج، فى تصريحات صحفية أمام دبلوماسيين وصحفيين قبيل القمة أنه و«بينما تواصل الصين تشجيع تعاون عملى بين الصين وأفريقيا، فإنها ستعزز التعاون الثنائى فى مكافحة الإرهاب والتطرف. وكرر وانج أيضاً، موقف الصين من أن مساعداتها لأفريقيا ستكون بلا شروط سياسية حيث من المنتظر أن تعلن الصين عن مساعدات جديدة للدول الأفريقية خلال قمة «منتدى الصين- إفريقيا» السادسة. من جانبه كشف السفير أمجد عبدالغفار، مساعد وزير الخارجية للمنظمات الإفريقية، عن أن القمة سيصدر عنها وثيقتان الأولى هى «إعلان جوهانسبرج» وهو بمثابة وثيقة سياسية تعكس مبادئ وأهداف الشراكة الصينية-الإفريقية،وأولويات تعزيز التعاون بينهما، بالإضافة إلى المواقف المشتركة بينهما تجاه القضايا الدولية متعددة الأطراف.أما الوثيقة الثانية فستتناول خطة العمل وهى ترجمة للإعلان السياسى الذى دعا إلى وضع رؤية مستقبلية لكيفية تعزيز الشراكة بين الجانبين الإفريقى والصينى، مشيرا إلى أن خطة العمل تتضمن سبعة مجالات أساسية يتطلع الجانبان لتعزيز التعاون فيهما خلال السنوات الثلاث المقبلة، وتشمل التعاون السياسى، والاقتصادى، والاجتماعى، والأمنى فضلا عن العلاقات على مستوى الشعوب، والتعاون الدولى. وأكد عبد الغفار فى تصريحات خاصة أن الجانب الاقتصادى سيحظى بأهمية كبيرة خلال الاجتماعات و سيركز على التعاون فى قطاعات الزراعة والبنية التحتية والاستثمار، فضلا عن التمويل والسياحة حيث يتطلع الجانب الصينى إلى زيادة حجم التجارة مع إفريقيا إلى 400 مليار دولار بحلول عام 2020 بدلا من 220 مليار دولار فى الوقت الحالى، كما تتطلع الصين إلى زيادة استثماراتها المباشرة للقارة من 300 مليار دولار إلى 1000 مليار دولار بحلول 2020. من جانبه قال الدكتور إبراهيم الغيطانى رئيس الوحدة الاقتصادية بالمركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، إن الأمن ومكافحة الإرهاب يعد منحى جديدًا فى الاهتمامات الصينية بالقارة خاصة فى أعقاب أحداث مالى الأخيرة. وتابع الغيطانى فى تصريحات خاصة على هامش أعمال المائدة المستديرة للخبراء قبيل القمة: أن المسؤولين الصينيين أكدوا فى أكثر من مناسبة أن التحدى الجديد فى إفريقيا هو تحد جيوسياسى وأن أكبر التحديات التى تواجه الاستثمارات الصينية والاقتصاد الصينى بوجه عام هى الإرهاب بما قد يؤثر على الحضور الصينى فى إفريقيا. وأوضح أن الجانب الصينى يدرك تماما أن الإرهاب سيضر بالمصالح الصينية فى إفريقيا وهو قلق يأتى فى محله فى ظل سياق واتجاه عالمى لمواجهة الإرهاب. وأشار الغيطانى إلى اختلاف النظرة الصينية لأفريقيا حيث أصبح الاقتصاد هو ما يقود شكل العلاقات بين الصين وإفريقيا وشهدت طفرة كبيرة لدرجة أصبحت الصين الشريك التجارى الأول للقارة برصيد يتجاوز 220 مليار دولار سنويا. وعن الجديد الذى من المتوقع أن يعلن عنه الجانب الصينى خلال القمة قال الباحث إن المصالح الاقتصادية الصينية تتعلق بثلاثة محاور أولها استغلال المصادر الطبيعية كالمعادن والنفط والمشاركة الصينية قوية فى تلك القطاعات، أما المحور الثانى فيتعلق بالصادرات الصينية باعتبار أن إفريقيا سوقًا كبيرًا للصادرات الصينية ،والمحور الثالث والأخير يتعلق بزيادة الاستثمارات من خلال ضخ مليارى دولار فى إفريقيا. وفى تقدير العديد من المراقبين تعتبر هذه القمة حاسمة فى تاريخ العلاقات الصينية الأفريقية مع تكرار الانعقاد السادس لمنتدى التعاون الصينى الإفريقى focac حيث ستركز على كيفية الارتقاء بالعلاقات لمستوى أكبر من حجم أرقام التجارة بين الجانبين إضافة لاعتبارات أخرى تتعلق بتضمين تضامن الصين مع أجندة التنمية التى أعلنها الاتحاد الأفريقى عام 2013 وتنتهى عام 2063 كما أن هناك مخططًا لربط العواصم الأفريقية بخطوط سكك حديدية خاصة بعد أن حققت الصين طفرة فى صناعة السكك الحديدية وكذلك ربط هذه العواصم بالطرق السريعة وخطوط الطيران والتى ستساهم الصين فى تأسيسها بقوة من أجل الإسراع بوتيرة التصنيع فى هذه الدول.