الحصانة هى موضوع الناس ومثار جدالهم منذ الإعلان عن انتخابات البرلمان والجدل فيها وحولها يتداخل فيه الحق والباطل والجهل والمعلوم به. وفى السطور التالية نحاول تفكيك هذه الأسطورة التى عنوانها «الحصانة».الحصانة البرلمانية هى نوع من الحماية القانونية التى يعطيها الدستور لنواب الشعب فى البرلمان كنوع من الحماية السياسية والقانونية حتى يستطيع النائب أن يؤدى وظيفته الدستورية كاملة كسلطة تشريعية بعيدا عن تأثير السلطة التنفيذية على أعضاء البرلمان بالترغيب أو الترهيب. وقد كفل الدستور لأعضاء المجلس حصانة خاصة من خلال المادة 113والتى نصت على أنه لا يجوز، فى غير حالة التلبس بالجريمة، اتخاذ أى إجراء جنائى ضد عضو مجلس النواب فى مواد الجنايات والجنح إلا بإذن سابق من المجلس. وفى غير دور الانعقاد، يتعين أخذ إذن مكتب المجلس، ويخطر المجلس عند أول انعقاد بما اتخذ من إجراء. وفى كل الأحوال، يتعين البت فى طلب اتخاذ الإجراء الجنائى ضد العضو خلال ثلاثين يومًا على الأكثر، وإلا عُد الطلب مقبولًا. وبهذا الاستثناء والذى اختص به أعضاء مجلس النواب تصبح الحصانة البرلمانية بمثابة ضمانة لاستقلال أعضاء البرلمان وحماية لهم ضد أنواع التهديد والانتقام سواء من جانب السلطات الأخرى فى المجتمع أم من جانب الأفراد. آراء إلا أن هناك بعض الآراء التى ترى أن الحصانة تخل بمبدأ المساواة بين الأفراد فيما يرى البعض الآخر أن عدم المساواة هنا لم يقرر لمصلحة النائب بل لمصلحة سلطة الأمة ولحفظ كيان التمثيل النيابى وصيانة ضد أى اعتداء .وإنما على أرض الواقع وقبل ثورة الخامس والعشرين من يناير كان أعضاء البرلمان يعتبرون أنفسهم فوق القانون بهذه الحصانة لا حسيب عليهم ولا رقيب . حملة لمنع الحصانة حملة «امنع حصانة» التى جمعت مليون توقيع خلال 13 شهرًا لرفع الحصانة عن النواب خارج المجلس حسبما أكد إسلام الكتاتنى المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين ومؤسس الحملة، موضحا فى تصريحات ل «أكتوبر» أن المطالبة بمنع حصانة النواب خارج البرلمان هى محاولة لمنع البعض من استغلال الحصانة فى ارتكاب التجاوزات أو وقائع فساد مثلما كان يحدث فى العهدين السابقين بحيث تختصر الحصانة على النائب داخل البرلمان لتقديم طلبات الإحاطة والاستجوابات وحتى لا يتعرض للتنكيل من السلطة التنفيذية. وأضاف الكتتانى أن الحملة تطالب بتعديل المادة 113 من دستور 2014، التى تمنح الحصانة لنائب البرلمان بحيث تقتصر داخل مجلس النواب فقط "لأن النائب يستغل هذه الحصانة فى قضاء مصالحه الشخصية من شراء أراضٍ ووحدات سكنية وغيرها، واستمرار الحصانة مع احتمالية جمع المجلس المقبل بين الإسلاميين وأعضاء الحزب الوطنى المنحل ورجال الأعمال، يجعله أسوأ من برلمانى 2010 و2012" على حد قوله. وكانت الحركة قد أقامت دعوى قضائية أمام مجلس الدولة، لاستبعاد أعضاء لجنة الخمسين والذين تم قبول أوراق ترشحهم فى الانتخابات البرلمانية . وفى السياق ذاته اتهم حزب «المصرى الديمقراطى الاجتماعى» المرشحين المستقلين بالبحث عن الحصانة لحماية أنفسهم فقط . ينفقون أموالهم وأوضح الحزب فى بيان له أن المرشحين المستقلين ينفقون أموالهم من أجل المقعد البرلمانى، وعند نجاحه ينتظر المقابل أو يحتمى بالحصانة ويبدأ الفساد، أما مرشح الحزب فإنه عند نجاحه يبدأ سباق تحقيق مطالب الناس وتنفيذ برنامج الحزب . ومن جانبه رفض البرلمانى السابق البدرى فرغلى فكرة رفع الحصانة عن أعضاء مجلس النواب، وأكد فى تصريحات ل «أكتوبر» أن هذه المطالبات غير مقبوله تماما ، متسائلا " كيف نرفع الحصانة عن أعضاء مجلس النواب ونطالبه بالرقابة على أداء الحكومة ويقدم استجوابات للحكومة ويسحب منها الثقة وهو لا يتمتع بأى حصانة وبالتالى فهو لن يستطيع أن يمارس دوره الذى انتخب الشعب من أجله . وأشار فرغلى إلى أن الحصانة البرلمانية تنص عليها كافة دساتير العالم وليس فى مصر فقط، مؤكدا أن هذه الدعوات لن تجد قبولًا من المجتمع المصرى . سياسيا ، شن ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل الديمقراطى هجوما حادا على هذه الحملات التى تدعو لرفع الحصانة البرلمانية عن أعضاء مجلس النواب، واصفا القائم على هذه الحملات بأنه جاهل بالدستور وبطبيعة عمل عضو مجلس النواب، على حد قوله. وأشار الشهابى إلى أن النائب البرلمانى يمثل الأمة وليس نفسه وبالتالى فإن الحصانة لا تحمى النائب وإنما الأمة، من بطش الحكومة والمؤامرات التى تحاك فى بعض الأحيان ضد عضو مجلس البرلمان، مضيفا أن الحصانة لا تحمى النائب إذا ضبط متلبسا بجريمة جنائية. ومن الناحية القانونية أعرب أسعد هيكل الخبير القانونى والدستورى عن تقديره لهذه الحملات التى تطالب برفع الحصانة عن أعضاء مجلس النواب خارج المجلس باعتبار هذه الحملات نابعة من حس وطنى وتحرص على المصلحة الوطنية. مؤكدا فى الوقت ذاته أن هذه المطالبات لا تجوز دستوريا لأن الدستور كفلها فى المادتين 113 و112 وبالتالى فلا يجوز تعديل هاتين المادتين أو إلغائهما إلا بالطريقة التى وضعها الدستور وفقا لنص المادة 226 من الدستور التى منحت الحق لرئيس الحمهورية أو خمسة أعضاء من مجلس النواب طلب تعديل مادة فى الدستور أو أكثر ثم استكمال باقى الإجراءات الدستورية التى نصت عليها هذه المادة من الدستور . النظر فى آخرها وأوضح هيكل أن هذه الدعوات التى تطالب برفع الحصانة من قبيل المطالبات الشعبية التى ينبغى أن ينظر فى أمرها رئيس الجمهورية ومجلس النواب المقبل سواء بقبولها أو رفضها . وأشار الخبير القانونى والدستورى إلى أنه إذا ارتكب عضو مجلس النواب جريمة جنائية فإنه سيخضع للقانون بعد اتخاذ إجراءات رفع الحصانة، معربا عن أمله فى أن يتم انتخاب مجلس تتوافر فى أعضائه الجدية ويتحمل هذه المسؤولية ويحسن استخدام الحصانة التى يمنحها له المجلس ويكفلها الدستور .