فى ظل المحاولات الإثيوبية المستمرة للتسويف وكسب الوقت، تسعى مصر لتحريك المياه الراكدة فى ملف سد النهضة الإثيوبى، وفى هذا السياق، صرح الدكتور حسام مغازى وزير الموارد المائية والرى بأن اللجنة الوطنية المصرية تلقت اقتراحاً من كل من (إثيوبيا والسودان) لعقد الاجتماع التاسع للجنة الوطنية الثلاثية فى القاهرة فى الأسبوع الرابع من أكتوبر 2015 وذلك فى ظل ظروف تشكيل حكومة جديدة فى إثيوبيا خلال الفترة الحالية، بالإضافة لبعض الارتباطات الدولية الأخرى للدولتين وجار التشاور لإمكانية حضور وزراء المياه الاجتماع.وكانت اللجنة الوطنية المصرية لسد النهضة قد وجهت الدعوة قبل ذلك لكل من السودان وإثيوبيا للاجتماع بالقاهرة يومى 4 و 5 أكتوبر على مستوى الخبراء وبحضور الشركتين الاستشاريتين الفرنسية والهولندية لمناقشة النقاط الخلافية، بينهما تمهيدا لإجراء الدراسات لتحديد تأثيرات إنشاء السد على مصر والسودان، ولم تتلق اللجنة تأكيد الدولتين على الحضور. وتعليقا على هذه المواقف يقول د. نادر نور الدين أستاذ التربة والمياه بجامعة القاهرة إن ما يحدث فى مفاوضات سد النهضة وتأجيل الاجتماعات أكثر من مرة آخرها أكتوبر الجارى هو تسويف من الجانب الإثيوبى ومحاولة كسب الوقت حتى الانتهاء من بناء السد دون توقف وخاصة أن الوزير الإثيوبى قال فى آخر تصريح له إنه أنجز 47 % من حجم السد وفى أكتوبر 2016 يبدأ تشغيل المرحلة الأولى من بناء السد والتى تولد 700 كيلو وات من إجمالى 6 آلاف وسوف ينتهى العمل فى أكتوبر 2017 حيث إن التأجيل شهر وراء شهر ومماطلة فى عقد الاجتماع منذ شهر 9 بعد اتفاق رؤساء الدول الثلاث ووزراء الدول الثلاث على عقد الاجتماع فى 4 و 5 أكتوبر وتم إلغاء الميعاد وتأجيله لنهاية الشهر مما يثير قلق رجل الشارع. الخديعة الإثيوبية وأكد د. نادر نور الدين أن جدول المفاوضات مع إثيوبيا معدوم حيث إن إثيوبيا تمضى بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة حيث إنهم يخدعونا لكى تخضع مصر ويصبح هناك فى إثيوبيا محبس على نهر النيل يتحكم فى الماء وخاصة نحن لا نعلم الغيب ماذا سيحدث فى الأيام القادمة ومع تغير الرؤساء والوزراء فى تلك الدول لا يعلم أحد ما سوف يكون فى الأيام القادمة فإذا حدث خلاف على أى شىء أو صراع تقوم إثيوبيا بغلق المياه مثل أمريكا من حقهم يقطع علينا الماء وخاصة أن سير المفاوضات عقيم والمكتب الاستشارى غير ملزم وخاصة أن وزير الرى المصرى نفى ذلك ثم أكد ذلك بعد تصريح الجانب الإثيوبى بذلك واعترف بأن المكتب الاستشارى يدرس تداعيات السد وأضراره وغير مسئول عن مواصفات السد وسعة تخزينه أى ممنوع الاقتراب من السد ويصبح الأمر مقصورا على المكتب الاستشارى فى تحديد التعويض المناسب للأضرار التى تصيب مصر حيث إن ملايين الدنيا لا تكفى ولا تعوضنا عن المياه ولذلك فإن سير المفاوضات خاطئ، مشيرا إلى أن مصر لابد أن تغير سير المباحثات وهو الاعتراف بحصة مصر فى المياه وتقسيم مياه حوض النيل الشرقى لنهر النيل لتحديد حصة كل دولة من المياه ولذلك لابد من توقيع اتفاقية جديدة لتقسيم المياه بين مصر وإثيوبيا والسودان لأن التسويف الإثيوبى مقلق لذلك يجب أن نلجأ إلى الأممالمتحدة مثلما فعلت إثيوبيا عام 1959 عندما لجأت إلى الأممالمتحدة عند بناء سد أسوان - السد العالى- حيث أرسلت الأممالمتحدة مبعوثين قاموا بعمل تقرير أكدوا أن السد العالى لا يسبب أى أضرار لإثيوبيا لذلك لابد أن نلجأ إلى التحكيم الدولى إلى جانب شكوى إلى الاتحاد الأفريقى، لابد أن يتم تدويل القضية لأن السد يسبب كوارث على الشعب المصرى ويكدر الأمن والسلم القومى لذلك نطلب تدخل الأممالمتحدة ولابد أن نعمل حشدا عالميا أمام التسويف الإثيوبى حيث إن أربع سنوات ونصف مرت دون خطوة واحدة إلى الأمام منذ 2011 إلى اليوم أكتوبر 2015. مؤكدا أن ما يحدث من إثيوبيا مخالف لقوانين الأممالمتحدة لأنهم يقومون بتغيير تدفقات النهر وله موسم فيضانات ويقوم بتغيير طبيعة تدفقات النهر التى تؤثر على دولتى المصب وكان من المفترض أن تعمل دراسات تسلمها لمصر وتوضح بها التأثيرات الفنية وطبيعة السد. وتخزينه وكل شىء يخص السد كما أكدته قوانين الأممالمتحدة ثم نقوم بدراسة تلك الأمور والرد عليها بعد سنة وقبل البدء فى بناء السد وإذا ثبت ضرر لا يقام السد ولكن ما حدث عكس ذلك لم تسلم مصر الدراسات ولم توافق عليها وأقامت السد قبل كل ذلك حتى إن سير المفاوضات عقيم لأن المكتب الاستشارى غير ملزم ولم يحدد مواصفات السد وهو قائم على 74 مليار متر مكعب ولكى يملأ السد لابد أن يصل ملء السد إلى 90 مليار متر مكعب وفى حاله ملىء سد إثيوبيا بهذا الكم سوف يفرغ 90 مليار من السد العالى فى مصر. ويشير د.نادر نور الدين إلى أن الانحياز للمكتب الفرنسى دون الهولندى وهو الأكثر خبرة وحضارة وتداعيات السدود على الأنهار أجبرت المكتب الهولندى على الانسحاب، حيث أشار فى التقرير إلى أن وفود الدول لم تضمن العمل باستقلالية وحيادية وهناك تدخلات فى عمل المكتب الهولندى والتقرير يكون موجهًا نحو جهة دون غيرها، حيث أسند العمل للمكتب الهولندى بنسبة 30 % من الدراسات والمكتب الهولندى يكتب التقارير ويسلمها للمكتب الفرنسى والذى يمكن يأخذ بها أو لا يأخذ بها يكتب ما يشاء ويمكن أن يكتب بعض الأمور التى لم ترد من المكتب الهولندى أى إن المكتب الفرنسى يكتب ما يريد وبعد التقرير النهائى بعد 11 شهرا من العمل من حق أى دولة أن تطعن ويكون مضى من الوقت 15 شهرًا وهذه المكاتب استشارية غير ملزمة ولا هو تحكيم دولى وليس به صفة الالتزام وكل ذلك أمور لا تفيد والعمل يجرى على قدم وساق فى بناء السد ووزير الرى الإثيوبى يبدأ فى السد الثانى وما تجنيه مصر هو تضييع للوقت لذلك لابد من تغير سير المفاوضات لأنه خاطئ وهو الاعتراف بحصة مصر فى المياه وتقسيم المياه واتفاقية جديدة تتضمن حقنا فى المياه. أضاف وزير الرى أنه كان من المقرر عقد اجتماع فى القاهرة قريبا بخصوص ملف سد النهضة بحضور ممثلين عن الأطراف الخمسة مصر والسودان وإثيوبيا والمكتبين الاستشاريين (الفرنسى والهولندى) قبل اعتذار المكتب الهولندى لافتا إلى أنه سوف يتم عقد اجتماع مع الثلاث دول للتعرف على نقاط الاختلاف وتقريب وجهات النظر وبحث آليات الفترة المقبلة. ولكن الواقع يقول من خلال تصريحات إثيوبيا نفسها أنها ترفض الاجتماع فى الميعاد المحدد مسبقا وتريد تأجيل الاجتماع لآخر شهر أكتوبر بحجة انشغالها وهذا التأخير يتيح لها الفرص الكبيرة فى استكمال بناء السد لأنها اعتادت على سياسة الأمر الواقع. والجدير بالذكر أن إثيوبيا تسعى للتأثير على حصة مصر من مياه النيل، وإثارة القلاقل بشأن المياه. وهذه سياسة إسرائيلية قديمة، حيث أعلنت «جولدا مائير» قبل عقود من الزمن فى خطاب لها بقولها: «إن التحالف مع تركيا وإثيوبيا يعنى أن أكبر نهرين فى المنطقة – أى النيل والفرات – سيكونان فى قبضتنا» ويبدو أن هذه السياسة الاستراتيجية تسعى إسرائيل لتحقيقها، ولا أدل على ذلك مما نشهده اليوم من تحالفات بين إسرائيل وإثيوبيا، وبين إسرائيل وتركيا، وتلعب إسرائيل منذ قيامها كدولة استعمارية وحتى الآن وتغلغلها فى دول المنبع، لكن مصر دائما ما وقفت لها بالمرصاد وأحبطت محاولات سابقة لتقويض حصتها فى مياه النهر الخالد ليبقى متدفقًا حاملًا الخير للمصريين، ولكن الكيان الصهيونى لا يزال يخطط لنقل المياه من إثيوبيا إليها عبر خراطيم ضخمة تمر فى قاع البحر الأحمر!! إن توجه إسرائيل نحو دول إفريقيا يشكل جزءا من الصراع العربى الإسرائيلى، وجزءا من نظرية الأمن الإسرائيلية القائمة على التفوق العسكرى واكتساب الشرعية والهيمنة والتحكم فى المنطقة وتطويق الدول العربية خاصة مصر وحرمانها من أى نفوذ داخل القارة الإفريقية. لذلك تحاول اسرائيل استغلال الخلافات العربية مع بعض الدول الإفريقية وتعميقها، وتهديد أمن الدول العربية المعتمدة على نهر النيل بمحاولة زيادة نفوذها فى الدول المتحكمة فى مياه النيل من منابعه، مع التركيز على إقامة مشروعات زراعية تعتمد على سحب المياه من بحيرة فكتوريا.