بوادر أزمة بدت فى الأفق فى الأيام الماضية بين الاتحاد العام للغرف التجارية والحكومة على خلفية بعض تصريحات لمسئولين وصفها الاتحاد بأنها صادرة عن أصوات تسعى لطرد الاستثمارات وأنها تعبر عن سياسات اقتصادية عفا عليها الزمن وسيدفع فاتورتها 90 مليون مصرى، وطالب الاتحاد الحكومة باحترام الاتفاقيات الدولية التى وقعت عليها مصر حيث إن هذه الاتفاقيات هى المنفذ الوحيد لزيادة الصادرات وكذلك لجذب الاستثمارات وتحقيق التحدى الأكبر لمصر فى الفترة المستقبلية وهو خلق فرص عمل للشباب، ورفض الاتحاد الأصوات التى تنادى بالحد من الواردات وقال إنه لو تم اتخاذ إجراءات بهذا الشكل فهذا سيؤدى فى المقابل إلى خفض الصادرات وفتح الباب لعمليات التهريب وطرد الاستثمار وخفض موارد الدولة.بداية الأزمة أو الخلاف ظهرت فى البيان الذى أصدره الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية واستنكر فيه السياسات الطاردة للاستثمار فى مصر، والذى جاء فيه. «انطلاقاً من الخوف والشعور بأهمية ودقة الظروف الراهنة وإيماناً بوجود السبل للخروج الآمن لاقتصادنا من حصار الفقر والتخلف وتحقيق الطموحات التى تولدت ونحن فى سبيلنا لاستكمال خارطة الطريق التى توافق عليها شعب مصر العظيم باختيار نوابه فى مجلس النواب بعد اختيار لرئيسه بأغلبية ساحقة وتوافقه أيضاً على دستوره بأغلبية فارقة، وبذلك تستكمل مؤسساتنا الدستورية. تخرج علينا أصوات تنادى بأن نستمر فى مسلسل الانغلاق الطارد للاستثمارات بسياسات اقتصادية عفا عليها الزمن تعود بنا إلى عقود ماضية وتقضى على الطموحات التى تولدت بأن تكون مصر مركزاً للتجارة والصناعة والخدمات بالشرق الأوسط بسياسات اقتصادية طبقت فى عقود ماضية وأدت إلى أمراض اقتصادية متوطنة نعانى منها جميعاً الآن بتحجيم الطلب بدلاً من سياسات اقتصادية توسعية تدير العرض منافية لما ورد بالدستور بالمادة 27 من المقومات الاقتصادية. وأضاف البيان: مع الاحترام الكامل للاتفاقيات التجارية الدولية التى أبرمتها حكومات مصر، حيث إن هذه الاتفاقيات هى المنفذ الوحيد لزيادة الصادرات وكذلك لجذب الاستثمارات وتحقيق التحدى الأكبر لمصر فى الفترة المستقبلية وهو خلق فرص عمل لشباب هو الوطن باعتبار أن السوق المصرى ليس 90 مليون مستهلك ولكن مليار و600 مليون مستهلك. وللأسف لن يدفع فاتورة تلك القرارات 90 مليون مستهلك مصرى فقط ولكن للأسف ستدفعها الأجيال القادمة حيث ستحجم الاستثمارات الأجنبية عن القدوم لدولة تتذبذب قراراتها الاقتصادية بين انفتاح وإنغلاق مما يؤثر على الجدوى الاقتصادية لأى استثمار وستتوجه لدول أخرى مجاورة. غرفة الإسكندرية وما أكد وجود أزمة بالفعل هو إعلان مجلس إدارة الغرفة التجارية بالإسكندرية بأنها فى حالة انعقاد دائم لمجابهة الأصوات المصممة على ترك بصماتها المدمرة التى ستؤدى لرفع الأسعار وخفض الصادرات وزيادة البطالة وتحويل مصر لجزيرة منعزلة طاردة للاستثمار غير قادرة على خلق فرص عمل لأبنائها والتى سيدفع فاتورة ذلك الشعب المصرى بكافة طوائفه، ولسنوات عديدة قادمة، بسبب التصريحات المستندة لبيانات مغلوطة، والسياسات التى ثبت فشلها محليا وعالميا، وتخبط الحكومة فى مجابهة الأزمة الاقتصادية، وهو ما صرح به أحمد الوكيل رئيس غرفة الإسكندرية واتحاد الغرف التجارية. الوكيل أوضح أيضا أن مجلس إدارة الغرفة يعكف حاليا على تحليل هيكل الواردات وأثره على الاستثمار والصادرات، وذلك فى إطار التزامات مصر الدولية. وأكد الوكيل أن على الحكومة احترام التزامات مصر الدولية، وإزالة معوقات التجارة والصناعة والاستثمار، وإرسال رسالة للعالم بأن مصر الثورة هى المستقبل، بدلا من أن تنادى أصوات بها بأن نستمر فى مسلسل الانغلاق الطارد للاستثمارات، بسياسات عفا عليها الزمن، تعود بنا إلى عقود ماضية، سمحت لدول أخرى لأن تكون مركز التجارة والخدمات بالشرق الأوسط، بالرغم من مميزات مصر الواضحة، والتى ستؤدى لأن تصبح تونس والمغرب مركز الاستثمارات الصناعية بدلا من مصر بالرغم من الموقع الجغرافى، وفارق حجم السوق والقاعدة الصناعية والموارد البشرية. أرقام مغلوطة وتخرج الحكومة وأصوات أخرى، مستندة لأرقام مغلوطة ومبالغ فيها، تنادى بزيادة الرسوم الجمركية وغير الجمركية على ما اسمته السلع الاستفزازية، وهى بذلك تضرب ما بقى من الصناعة والسياحة فى مقتل. ودلل الوكيل على تلك الأرقام المغلوطة قائلا إنه تارة يقال إن مصر تستورد ما قيمته 600 مليون جمبرى، بينما الواقع هو 90 مليونا فقط متضمنة كافة المنتجات البحرية بخلاف الأسماك، يستخدم 81% منها قطاع السياحة، وبالمثل، يقال 450 مليون دولار تفاح بينما الواقع هو 134 مليونا فقط، 76% منها للصناعات الغذائية التصديرية، وبالمثل 153 مليون دولار لأكل القطط والكلاب بينما الواقع هو 4,3 مليون فقط غالبيته لا غنى عنه لشركات الحراسة ووزارة الداخلية لحماية المنشآت السياحية، مضيفا: وللأسف فالأثر السلبى لن يكون فقط على قطاعات الصناعة والسياحة وإمكانية المعاملة بالمثل فى أسواقنا التصديرية، ولكن سيتجاوز ذلك إلى الحد من الموارد السيادية المتمثلة فى الجمارك وضرائب المبيعات، كما أن تلك المنتجات ستدخل مصر فى جميع الأحوال من خلال التهريب وتجارة الشنطة التى فشلنا فى الحد منها سابقا فى ظل تواجد أمنى قوى. مشيرًا أنه بدلا من قيام الحكومة بدورها فى دعم الصناعة، والذى كان يدار بنجاح، من خلال توفير آليات لدعم تلك الصناعات، سواء من خلال مركز تحديث الصناعة الذى تم وأده، أو برامج التدريب التى تم تجميدها، أو صندوق دعم الصادرات الذى تم خفض موازنته وتأخر سداد التزاماته. حقائق فى الأيام وأضاف قائلا إن تلك الأصوات تناست أن السلع تامة الصنع لا تشكل نسبة كبيرة من الواردات، حيث إن السلع الاستهلاكية المعمرة لا تتجاوز 4,71% من جملة الواردات، وجزء كبير منها من دول الاتفاقيات التى لن يطبق عليها أى زيادة بالجمارك أساسا، كما أن غالبيتها لا يتم تصنيعها محليا أصلا، والفائدة التى ستعود على الاقتصاد أقل بكثير من الضرر طويل الأجل الذى سيتسبب فيه مثل هذه القرارات الحمائية. كما يجب عدم التحدث عن الاستيراد كرقم مطلق ولكن يجب تحليله التحليل العلمى الذى يتفق مع النظرة الشاملة وهى كما يلى: سلع استثمارية (معدات والات) 14.8%، مواد خام للصناعة 12.5%، السلع الوسيطة للصناعة 39.6%، وقود 10.5%،سلع استهلاكية غير معمرة 16,9%،سلع استهلاكية معمرة 5.4%. كما أن غالبية السلع الاستهلاكية غير المعمرة، وهى 9 مليار دولار، هى واردات لا غنى عنها ولا تنتج محليا، مثل الأدوية (657 مليونا) والأمصال واللقاحات (908 ملايين) والعديد من المواد الغذائية مثل القمح (1743 مليونا) والذرة (993 مليونا) واللحوم (633 مليونا) وفول الصويا (561) والآلبان (402 مليونا) وزيت الطعام (437 مليونا) والأسماك (329 مليونا) والشاى (175 مليونا) والفول (151 مليونا) وغيرها. وأكد على أن تلك الأصوات لم تراع الضغوط التى بدأ المنتجون الأجانب فى وضعها على حكوماتهم فى أسواقنا التصديرية للقيام بالمعاملة بالمثل، والتى نجحنا فى وقفها فى مجال الملابس الجاهزة التى كانت ستدمر الصادرات المصرية وصناعاتها المحلية والتى تصدر أضعافا مضاعفة مما نستورده، وللأسف لم ننجح فى وقفها مسبقا بالنسبة لصادراتنا من البطاطس إلى اليونان حيث تم غلق الأبواب أمامها انتقاما من وقف استيراد القطن اليونانى، واضطرت الحكومة للرجوع فى قرارها بعد خسائر ضخمة تكبدها المصدرون المصريون. وأشار إلى أن مثل تلك المطالب مثل رفع الجمارك سيؤدى لنمو العشوائيات فى التجارة من خلال التهريب والذى ثبت فشل الحكومة فى القضاء عليه، أو حتى تحجيمه، فبدلا من دعم الشركات الملتزمة والتى تسدد الجمارك والضرائب والتأمينات للدولة، سنقوم بالقضاء على هذا القطاع المنتظم، ونخلق المناخ المواتى للتجارة العشوائية، مضيفا: فبدلا من الحفاظ على الاستثمارات القائمة وتنميتها وجذب المزيد منها، لخلق فرص عمل كريمة لأبناء مصر فى وطنهم خاصة فى الظروف الحالية، تسعى تلك الاصوات جاهدة لعزل مصر اقتصاديا، وطرد الاستثمارات. خلاف رأى من جانبه ينفى د.علاء عز أمين عام الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية وجود أزمة بين الحكومة وبين الاتحاد قائلا إن ما يحدث هو مجرد خلاف فى وجهات النظر ،فنحن نطرح رؤيتنا للاقتصاد المصرى والآليات الخاصة به، والحكومة الجديدة لها رؤية لم تعلن بعد لذلك أردنا أن نوضح رؤيتنا، خاصة أن هناك مشكلة تواجه الاقتصاد المصرى وهى التصريحات التى تصدر من بعض الجهات وتأتى بنتائج سلبية على الاقتصاد لأن من أصدرها لم يدرس الآثار التى قد تترتب عليها. ونفى مصدر مسئول بالاتحاد العام للغرف التجارية _ رفض ذكر اسمه _ ما اشيع حول اعتراض الغرفة على قرار وضع حد أقصى للإيداع بالبنوك يقدر بخمسين ألف دولار شهريا وأن القرار من ضمن أسباب الأزمة، أن القرار غير مطروح للنقاش فى الاتحاد ولم يتم الاعتراض عليه من الأساس لأن البنك المركزى هو الجهة الوحيدة التى من حقها وضع سياسات نقدية لضبط السوق وليس من حق احد الاعتراض على قرارات البنك المركزى، خاصة أن السوق السوداء للدولار عادت مرة أخرى ولدينا سعرين للدولار احدهما رسمى والأخر سعر السوق السوداء، ولابد من ضبط السوق. وأضاف المصدر قائلا إن نقطة خلاف الاتحاد مع الحكومة هو رفضه لكثرة التصريحات والتذبذب فى القرارات، وهو ما يؤثر سلبيا على الاستثمار، فهناك من اقترح اتخاذ إجراءات إدارية لتحكم فى التجارة الخارجية والحد من الاستيراد وهو ما نرفضه لأن هناك اتفاقيات دولية لابد من احترامها، وهناك دول تتعامل بالمثل، وعلى سبيل المثال عندما صدر قرار بمنع استيراد القطن من الخارج اتخذت دول قرار بمنع استيراد البطاطس المصرية ردا على القرار الأول، كما أن شائعة نشرت بإحدى الصحف وتداولتها مواقع إعلامية بوقف استيراد السيارات لمدة سنة _ وهو موضوع غير متداول بالمرة ولم يتم بحثه _ أدت إلى زيادة سعر السيارات فى مصر بنسبة 20% فى نفس اليوم!! وهذا ما نتحدث فيه فى الاتحاد. فإذا اتخذت الحكومة قرارات للحد من الاستيراد ستتخذ الدول الأخرى إجراءات مقابلة بالحد من الاستيراد من مصر وبذلك اقتل الاستثمار فى مصر، ويضيف قائلا نريد سياسات مالية واقتصادية مستقرة وواضحة وشفافة وثابتة، ولا يفرق معنا ومع المستثمر إذا كانت الساسة الاقتصادية تتجه ناحية اليمين أو اليسار لان المستثمر يقوم بحساب حساباته قبل الاستثمار فى أى دولة بناء على السياسات المعلنة لها قبل اتخاذ قراره بالاستثمار فى تلك الدولة، وما يهمه أن تكون سياسات ثابتة وليست متذبذبة، ولا يهمه اليمين أو اليسار.