كل عام عندما يهل علينا شهر أكتوبر تنتابنى مشاعر جميلة وأحاسيس عميقة منها الفرحة ومنها الزهو ومنها الحب والسعادة الغامرة.. هذا شهر الانتصارات وشهر الحب لبلدنا العظيمة مصر أم الدنيا، شهر الاعتزاز بأجمل نصر حققته مصر بعد انكسار وانحصار دام 6 سنوات عشناها تائهين ومقهورين فى هزيمة ليس للمواطن العادى ذنب ولا جريرة فيها إنما الوطن كله كان ينتظر هذا الانتصار العظيم الذى حققه الجيش المصرى والعربى فى 6 ساعات، معجزة بكل المقاييس ولكن الله كان معنا ورفع شأننا بين كل بلاد العالم وأعاد لنا الفرحة التى كنا نسيناها والعزة والافتخار مرة أخرى.. إن انتصار أكتوبر 1973 فعل بالشعب المصرى معجزات، حالة نشاط وعمل فى كل مجال وكل مهنة.. الشعب كله كان يريد أن يشارك فى المعركة والانتصار على قدر استطاعته.. الشعراء تغنوا بأحلى المعانى، أصوات المطربين والمطربات بأجمل الأغانى الوطنية، وماسبيرو أصبح خلية نحل تعمل فى نقل أخبار الحرب وانتصارات جيشنا العظيم فى سيناء وعلى طول الجبهة وجو من الحماسة.. البنات والسيدات فى المستشفيات لمساعدة الجرحى والمرضى العائدين من جبهة القتال، حالة من النشاط فى الشارع المصرى كل منهمك فى عمله بجدية واستعداد للبذل والعطاء بأى شئ وأى طريقة ممكنة.. صدقونى لو قلت لكم إن الدراسات الاجتماعية والجنائية رصدت أنه لا يوجد جريمة فى شهر أكتوبر.. لا سرقة ولا لصوص ولا بلطجية ولا جرائم على الإطلاق، حتى معتادى الإجرام اختفوا هم أيضا وشاركوا فى الانتصارات بطريقتهم ويا ليتهم استمروا فى ذلك. هذه هى روح أكتوبر التى شملت الشعب المصرى كله فرحة بانتصار أكتوبر العظيم والمجيد الذى نتحدث عنها ونقول ليتها تعود حالة الحب التى شملت كيان الشعب المصرى كله شعبه وجيشه وشرطته وقوات الدفاع المدنى التى كانت تسير ليلا لتأمين الشوارع، وعاد المثقفون إلى حضن الوطن الذين شعروا أكثر منا بطعنة النكسة والهزيمة فى 67 وامتلأت الأرفف بالروايات تحكى عن الانتصار منها (العمر لحظة) وأغنية (على الممر) و(الرصاصة لا تزال فى جيبى) لإحسان عبد القدوس وانتعشت الثقافة مرة أخرى بعد أن انكفأ كثير من الكتاب والمثقفون فترة من الزمن على أنفسهم.. هذه كانت روح أكتوبر وانتصاراته التى أعادت الثقة مرة أخرى لأنفسنا جميعا وظلت سنوات إلى أن ضاعت منا فى غمرة الحياة والأحداث التى طرأت علينا مرة أخرى بسنوات عجاف ليتها لا تعود، ونريد فى هذه الأيام أن نستلهم روح أكتوبر وحالة الانتصار الذى عشناه يوما بحب وعمل وحركة ونشاط فى كل اتجاه.. ليتها تعود، وكل سنة وشعبنا وجيشنا بخير.