ثلاثون من كبار الصحابة دخلوا إفريقيا مرورًا بمصر بعضهم متفق على صحبته، وبعضهم مختلف فيها وهم:- المقداد بن عمرو البهراني، كعب بن عمرو الأنصاري، عبد الله بن أنيس الجهني، عبدالله بن عمر بن الخطاب، أبو ذر الغفاري، عمرو بن عوف المزني، سلمة بن عمرو بن الأكوع، أبو زمعة البلوى، المسيب بن حزن، جرهد بن خويلد, فضالة بن عبيد، عبدالله بن عباس عبدالله بن الزبير، عبدالله بن عمرو بن العاص، عقبة بن عامر، ورفيع بن ثابت، حمزة بن عمرو، عبدالرحمن بن أبى بكر، بلال بن الحارث، المسور بن مخزمة، جبلة بن عمرو، عبدالله بن سعد ابن أبى سرح، معاوية بن خديج، المطلب بن أبى وداعة، ربيعة بن عباد، زياد بن الحارث، سفيان بن وهب، أبيض ابن حمال السبائين أبواليقظان، بسر بن أرطأة. سنذكر بعضهم فى هذا الشهر الفضيل.خلال خلافة عمر بن الخطاب ولاه قيادة جيوش فى فلسطين والأردن بعد موت يزيد بن أبى سفيان واثناء وجود عمر بن الخطاب بالقدس ليتسلم مفاتيحها استغل هذه الفرصة عمرو وطلب من عمر فتح مصر وقال له إن فتحتها فستكون قوة وعونًا للمسلمين ولكى تؤمن حدود الشام من هجمات الرومان ثم وافق عمر وولاه قيادة الجيش الذاهب لفتح مصر. كان عمرو بن العاص قد زار مصر من قبل فى تجارة له، وعندما تولى عمر بن الخطاب رضى الله عنه الخلافة، فاتحه عمرو فى أمر فتح مصر أكثر من مرة، حتى وافقه عمر. فسار بجيش مكون من 4 آلاف رجل وعبر بهم من فلسطين إلى العريش ومر ببئر المساعيد حتى انتهى إلى الفرما وهى السويس حاليًا وتقابل هناك مع حامية رومية ودار قتل شديد حتى انتصر المسلمون، ثم واصلوا السير إلى داخل مصر حتى وصلوا إلى بلبيس فى دلتا مصر فى مارس 640 م / ربيع أول 19 ه. و فى بلبيس تقابل جيش المسلمين مع جيش الروم بقيادة آرتيون الذى سماه العرب أرطبون، وانتصر المسلمون بعد قتال دام شهرًا واستولوا على بلبيس ثم تقدموا إلى حصن بابليون. وكان الحصن فيه حامية رومية كبيرة ويقع فى منطقة تسمى مدينة مصر، وهى منطقة مزارع من قرى وحدائق تتصل جنوبًا بمدينة منف فى الجيزه على الضفة الغربية للنيل. كان حصن بابليون شديد المنعة، فارسل عمرو بن العاص يطلب مددًا من الخليفة عمر بن الخطاب. توجه عمرو بن العاص بجيشه إلى حصن بابليون وحاصره 7 أشهر متواصلة. فأرسل المقوقس إلى عمرو بن العاص يفاوضه ويعرض فيها عليه مبلغًا من المال نظير رجوع المسلمين لبلادهم، ولكن عمرو بن العاص رفض وقال له ليس بيننا وبينكم إلا ثلاث خصال:- الإسلام أو الجزية أو القتال. فأشار المقوقس على الحامية الرومانية بالتسليم والصلح، ولكن الحامية رفضت وكذلك الإمبراطور الرومانى هرقل الذى قام بعزل المقوقس عن حكم مصر، فتجدد القتال وشدد المسلمون الحصار على الحصن، وفى أبريل 641 م استطاع الزبير بن العوام تسلق سور الحصن ومعه نفر من جند المسلمين وكبروا، فظن الروم أن العرب اقتحموا الحصن فتركوا أبواب الحصن وهربوا إلى الداخل، فقام المسلمون بفتح باب الحصن، واستسلم الروم وطلبوا الصلح فأجابهم عمرو بن العاص سنة 641 م / 20ه. بعد سقوط حصن بابليون فقد الروم معظم مواقعهم فى مصر، ولكن مازالت عاصمتهم المزدهرة الأسكندرية فى أيديهم. ولقد رأى عمرو بن العاص أن مصر لن تسلم من غارات الروم مادامت الأسكندرية فى حوزة الروم، فاتجه بجيشه إلى الإسكندرية وفرض عليها حصار برى استمر لمدة أربعة أشهر، ولكن هذا الحصار لم يكن مجديًا لأن المواصلات بينها وبين الإمبراطورية الرومانية عن طريق البحر ظلت مفتوحة لولا موت الإمبراطور الرومانى وحدوث فتن واضطرابات عمن يخلفه. فقرر عمرو بن العاص اقتحام المدينة وعهد إلى عبادة بن الصامت بذلك، فنجح فى اقتحام المدينة بجنده، وجاء المقوقس إلى الإسكندرية ووقع على معاهدة الإسكندرية مع عمرو بن العاص سنة 642 م / 21 ه، وكانت تنص على انتهاء حكم الدولة البيزنطية لمصر وجلاء الروم عنها ودفع الجزية للمسلمين دينارين فى السنة عن كل شخص وإعفاء النساء والأطفال والشيوخ منها. وكان تعداد مصر فى ذلك الوقت من ستة إلى ثمانية ملايين قبطى على أرجح الأقوال. وكان عدد من تجب عليهم الجزية من مليون إلى اثنين مليون قبطى. بعد إتمام فتح مصر، ولى عمر بن الخطاب عمرو بن العاص على مصر. وعندما استتب له الأمر فى الإسكندرية عاد إلى موضع فسطاطه عند حصن بابليون وشرع فى بناء عاصمة لمصر بدلًا من الأسكندرية لأن الخليفة عمر بن الخطاب أمره أن يختار عاصمة لا تكون بينها وبينه ماء. ثم سار عمرو بن العاص بجيشه تجاه برقة وكان يسكنها البربر الذين عانوا طويلًا من الطغيان البيزنطى، فتفاوض عمرو مع زعماء البربر الذين رحبوا بالفتح الإسلامى العربى ووافقوا على دفع الخراج لعمرو وكان حوالى 13 ألف درهم وكان ذلك عام 643 م / 22 ه. بعد ذلك أكمل عمرو بن العاص مسيرته إلى الغرب لفتح طرابلس، فدخل بنفسه مدينة طرابلس دون مقاومة سنة 643 م / 22 ه. وبعد تأمينها أرسل بعثة إلى ولاية فزان (جنوب غرب ليبيا) بقيادة عقبة بن نافع ففتحها وكان بها أحد أقوى الحصون البيزنطية. دامت ولاية عمرو بن العاص الأولى على مصر حوالى أربع سنوات، ثم عزله الخليفة عثمان بن عفان عنها وولى عبد الله بن أبى السرح، وكان ذلك بدء الخلاف بين عمرو بن العاص وعثمان بن عفان. وعاد بعدها عمرو إلى المدينةالمنورة. توفى فى مصر وله من العمر ثمانية وثمانون عامًا ودفن قرب المقطم.