حشرة غريبة وصغيرة وألوانها جميلة ولامعة غزت الإسكندرية فى الأيام الأخيرة ورآها السكندريون فى كل مكان، فى الشوارع، على الكورنيش، فى الحدائق، وحتى داخل المنازل، وتواجدت بأعداد كثيفة وبشكل غريب وجديد لم نره من قبل، أطلق عليها اسم (الدعسوقة) وانتشر الإسم بسرعة وسببت الحشرة حالة من الذعر وهو ما فتح الباب للشائعات التى بدأت فى التناقل بين الناس وعن خطورتها وأضرارها، ما حقيقة تلك الحشرة وهل لها أضرار وبالفعل ولماذا انتشرت بتلك الطريقة الغريبة لأول مرة فى هذا الوقت ولماذا فى الإسكندرية تحديدا؟. هذه التساؤلات أجاب عنها د.عصمت حجازى أستاذ ورئيس قسم الحشرات الاقتصادية السابق بكلية زراعة الإسكندرية فيقول إن هذه الحشرة تسمى(أبو العيد) وتنتمى إلى مجموعة حشرات يطلق عليها بالإنجليزية (lady bird ) أو السيدة الطائرة من جمال شكلها، وأضاف أنها ليست حشرة ضارة على الإطلاق بل هى حشرة مفيدة جدا للنبات وتقوم بعمل مكافحة بيولوجية لآفات النبات،فهى تتغذى بشكل أساسى على حشرة المن التى تهاجم عدة نباتات منها الفول وتدمرها، كما تتغذى على حشرة (دودة اللوز الأمريكية) التى تهاجم لوزة القطن وورق أزهار القطن، فهى ليست لها أى أضرار على الإطلاق غير أنها قد تقف على جسم الناس وتضايقهم أو قد تقع فى طعام سواء فى منازل أو مطاعم وتسبب مشاكل للمسئولين عن المطعم. وعن سبب انتشارها فى هذه الفترة وهذا العام تحديدا بالإسكندرية قال د.عصمت حجازى إن هذه الحشرة تأتى مهاجرة من أوروبا لمصر_ وإن كانت موجودة بمصر أيضا _ وتطير لمسافات طويلة، وذكر أنها تهاجم حشرة المن فى بلاد أوروبا مثل إنجلترا، وعندما يزيد عدد حشرة أبوالعيد زيادة كبيرة نتيجة فقس البيض فإنها تبدأ فى الهجرة للأماكن التى تقع على ساحل البحر المتوسط مثل مصر بحثا عن الغذاء لأن الغذاء فى هذه الحالة لا يكفيها،كما أن هذه الحشرة تميل بصفة عامة للجو البارد فى أوروبا ولكن هناك أنواع لا تميل للبرد ولكن تفضل الفترات التى تسود فيها الرطوبة والحرارة المعتدلة فتأتى إلينا، وهى موجودة فى مصر منذ سنوات طويلة ولكنها تتزايد فى فترات الهجرة، ومع صغر حجمها يمكنها الطيران لمسافات طويلة وتساعد الرياح على دفعها دون أن تبذل الحشرة مجهودًا كبيرًا فى الطيران. وعن سبب كثرتها بهذه الطريقة هذا العام دون الأعوام السابقة قال د.عصمت حجازى الحشرات لها دورات، وكل فترة طويلة من السنوات يحدث للحشرة حالة( فورانات) أو طفرات وتزيد بنسبة كبيرة جدا وهذا هو السبب أننا رأيناها بتلك الكثافة هذا العام. وذكر د.عصمت حجازى أنه فى الولاياتالمتحدة يحب المزارعون هذه الحشرة جدا ويستخدمونها فى مقاومة الحشرات الضارة، وتقوم معامل الأبحاث الأمريكية بتربيتها بكميات كبيرة ويبيعونها للمزارعين وهذه الحشرة لها زوجان من الأجنحة، زوج غمدى ولونه أصفر وعليه نقاط سوداء، ولا يستعمل هذا الزوج فى الطيران، وتحته زوج من الأجنحة يستخدم فى الطيران، والمعامل الأمريكية أخرجت من الحشرة سلالات ليس لها أجنحة طيران لكى تظل فى المزرعة التى تباع لها دون أن تنتقل إلى المزارع الأخرى حتى تموت. وأضاف أن السعودية كانت قد أقامت مشروعا ضخما لزراعة نبات يسمى (الساليكورنيا) وهذا النبات يسقى بمياه البحر ويصدَّر إلى أوروبا لاستخدامه فى عمل السلطات لأن طعمه تكون به ملوحة ولا يحتاج إلى إضافة الملح،وهذا النبات تهاجمه دودة اللوز الأمريكية وتتغذى على بذوره وتدمرها والبذور هى ثروة هذا النبات لأنها يستخرج منها نوع من الزيوت الجيدة جدا ،وهذه الديدان لا تمكن مقاومتها بالمبيدات العادية لأنها ستصل للنبات الذى يؤكل مباشرة، فكان الحل هو استخدام حشرة أبو العيد فى مقاومة الدودة وكانت الحشرة متوطنة بالمنطقة وأثبتت جدواها فى المكافحة للدودة وكانت المشكلة الوحيدة هى أن بعضًا من تلك الحشرة قد يظل عالقا بالنبات عند تصديره. وقال د.عصمت حجازى إنه لا داعى من الانزعاج إذا دخلت الحشرة إلى المنازل لأنها ليس لها أى أضرار ولا تقوم بقرص البشر ولا تسبب اى أنواع من التلوث أو الحساسية، فقط يراعى تغطية الأطعمة، وبصفة عامة فإنها فى حالة دخولها المنازل فسيكون ذلك من سوء حظها لأنها ستموت خلال يومين على الأكثر من قلة الغذاء لأنها لن تجد الغذاء الذى تبحث عنه، كما أنها ستهاجر من الإسكندرية خلال أيام متجهة إلى المناطق الزراعية فى الدلتا بحثا عن حشرة المن، وديدان الفراشات واليرقات الصغيرة جدا التى تضر بالمزروعات وستظل هناك.