موقع مصر المتميز في ملتقي القارات ووسط العالم هل أصبح خطرا بعد أن أصبحنا في مواجهة الأمراض الخطيرة مثل إنفلونزا الطيور والخنازير وأمراض النباتات. وأخيرا عبرت الآفة' توتا' حدود مصر لتهدد العائلة الباذجانية . وعلي رأسها إنتاج مصر من الطماطم التي تقدر زراعتها بنحو500 ألف فدان في العام بالإضافة إلي تهديدها بتدمير الباذنجان والفلفل والبطاطس وبعض الخضراوات الأخري.. وهذه الآفة لاحدود لها فهي عابرة للقارات والحدود بين الدول حيث يحملها الخواء وتنتشر بسرعة الريح وتتكاثر بشدة في غياب أعدائها لأنها في أرض الغربة وهي تترعرع في الحقول والدليل علي ذلك انتشارها كالنار في الهشيم في اسبانيا ومنها لانجلتراوفرنسا وغيرها من دول المتوسط لتنتقل لإفريقيا عبر المغرب والجزائر وتونس خلال عامين وأخيرا تدخل ليبيا وتدمر زراعات الطماطم في في شهور وأخيرا تعلن عن وجودها خلسة في مصر لتهدد محصولا مهما ورئيسي لا يتعدي ثمن انتاجه في العام3 مليارات جنيه بالإضافة للطماطم.. وهذا ينذر بغلاء فاحش في هذه السلعة إلا إذا تم التحرك الواعي المدعوم بخطة علمية تشارك فيها الجهات المعنية مع وزارة الزراعة وكليات الزراعة, فلابد من مواجهة متكاملة لإدارة مكافحة الحشرة بالوعي والعلم مع السرعة دون اندفاع في اتخاذ القرارات, ولهذه الحشرة آفة مشابهة لكنها أقل ضراوة منها, لكن يمكن مقاومة الحشرتين بطريقة مزدوجة وهناك العديد من الطرق البيولوجية والميكانيكية للحد من مخاطر الحشرة الجديدة, وقام أحد علماء مصر بابتكار مصيدة وآخر فيروسات يمكنها القضاء علي الآفة.. لكن يجب تعاون العلماء وبحث الطرق المتكاملة للقضاء علي الحشرة بالتعاون مع الدول الأخري.. وفد حذر علماء مصر من تزايد ظهور الآفات فقد دخلت مصر4 آفات خطيرة خلال السنوات العشر الأخيرة تدمر في الزراعات المصرية ومازال الفاعل مجهولا! وكان لابد من توضيح للحقائق دون تقصير علي لسان العلماء والباحثين من كلية زراعة الإسكندرية التي تعتبر في خط المواجهة, حيث يأتي غزو الحشرة من الشمال الغربي فيقول الدكتور صلاح سليمان أستاذ كيمياء المبيدات بجامعة الإسكندرية ونائب رئيس لجنة المبيدات إنه في شهر يوليو الماضي علمت أن هناك آفة تسبب خسائر كبيرة في الطماطم انتقلت من أمريكا الوسطي لأمريكا الجنوبية ومنها لاسبانيا ثم فرنسا وبريطانيا والمغرب والجزائر وتونس وانتقالها للقارات القديمة وانتشارها بشدة استغرق عامين فقط وانتقلت لليبيا في الشهور الأخيرة ودمرت زراعات الطماطم, وهناك تقارير تشير إلي أنها وصلت السعودية وسوريا, فهذه الآفة عابرة للحدود بالرياح ويمكن انتقالها أيضا في الثمار من العائلة الباذنجانية فهي فراشة صغيرة يمكن أن تطير لمسافات طويلة أو محمولة علي الرياح لكن غير معروف مدي انتقالها وطيرانها, ويحذر من مواقع فرز الطماطم التي نشرت الحشرة في انجلترا, وهي حتي الآن لم تصب سوي ثمار الطماطم في مصر, وللعلم إصاباتها للنبات نفسه تقلل الإنتاج بشدة ويمكن ان يصل التلف إلي100% ويوجد في مصر نحو500 ألف فدان طماطم ثمن إنتاجها لايقل عن6 آلاف جنيه وبالتالي ستكون الخسائر فادحة, لكن هناك أملا في العالم أمام الباحثين في خفض حجم الخسائر إلي أقل من50% ومازال الخوف أن تستشري الكارثة وتصل لخسائر كبيرة كما يحدث في الدول المصابة, فهي حشرة سريعة التكاثر خاصة في المناطق الدافئة فمن الممكن أن تصل إلي12 جيل في العام, وتضع الأنثي في كل جيل نحو250 بيضة بشكل فردي وليست مثل لطع دودة القطن متجمعة فيسهل تجميعها والتخلص الآمن منها. العمل بدأ من6 أشهر ويضيف الدكتور صلاح سليمان أنه يجب علي المزارعين اتباع الإرشادات أو بالتخلص من الثمار والنباتات المصابة بالدفن, ووضع مصايد فرمونية للفراشات في أماكن فرز وتجميع ثمار الطماطم وتعبئتها, للتأكد من عدم وصول الإصابة لها, وستبحث لجنة المبيدات الطرق التي تستخدم في مكافحة الآفة والتوصية بالمبيد المناسب في التوقيت المناسب للرش, وذلك بعد التقييم والدراسات والمفاضلة بين المبيدات إن تم استخدامها, البرنامج بدأ منذ6 أشهر عندما عرفنا البيانات الكاملة عن الحشرة, والعمل جار بكثافة, وعند الوصول لأعداء طبيعية للحشرة سنعمل علي إكثارها, والدرس السابق يؤكد أنها ستنتشر ولابد من التعلم من الدول الأخري التي سبق إصابتها. الرتب وعائلات الحشرات كثيرة كما يؤكد الدكتور فكري الشهاوي أستاذ كيمياء المبيدات بزراعة الإسكندرية, فالحشرات في بداية أطوارها شكل بعضها وتتميز في الأطوار المتقدمة لليرقة, وتكون الحشرة ضارة عند انتشارها وتسبب خسائر اقتصادية, وقبل وصولها لهذا الحد لايتم مكافحتها, فهناك الحد الحرج اقتصاديا وتكون فيه تكاليف المكافحة أقل من الخسائر, ويجب قبل المكافحة الحصول عليها وتربيتها وإجراء الأبحاث عليها وتقييم المبيد الآمن المستخدم قبل تقريره, وهذه العملية تستغرق عدة شهور وتصل لعام. أعداء الطماطم كثيرة ليس هناك آفة واحدة للطماطم.. هكذا بدأ الدكتور ماهر إبراهيم علي أستاذ كيمياء وسمية المبيدات حديثه مشيرا إلي أن الطماطم ليس لها آفة واحدة. ويري أن الإصابة عندما تكون أقل من الحد الاقتصادي يمكن تحملها دون مقاومة والاعتماد علي الظروف الطبيعية والطرق البيولوجية غير استخدام المبيدات, فاستخدامها آخر خط دفاعي, فهناك مثلا دودة لوزة القطن إذا كانت إصابتها أقل من5% لايتم مكافحتها, وكذلك دودة ورقة القطن, والمن والتربس والعنكبوت, لكن الآفة الجديدة خطيرة وتتكاثر بسرعة وحسب الظروف, حيث يلائمها الدفء فالصيف مناسب لها خاصة مع ارتفاع الرطوبة. الحد الاقتصادي أما الدكتور ممدوح إدريس وهو من كبار علماء علم الحشرات بزراعة الإسكندرية فيشير إلي أن الحشرة الجديدة لابد من الاسراع في مكافحتها إذا وصلت للحد الاقتصادي, فآفة بذرة القطن لايوجد برنامج لمكافحتها, وعلي العكس الذبابة البيضاء في الطماطم تعد العدو الأول لأنها تسبب خسائر فادحة فيه تقدر بنحو65% من الانتاج وتصل في بعض العروات إلي أكثر من90% وهي ليست بسبب تغذيتها المباشرة علي الورقة لكن بسبب نقلها لأمراض فيروسية تسبب مرض' كرمشة الأوراق' أو اصفرارها. لكن دخول حشرة جديدة يكون خطير ابوجه عام لأن أعداءها الطبيعية غير متواجدة فيحدث لها ما يعرف بالفوران, وهي زيادة عددية مهولة وغير طبيعية, ويشير العالم المصري إلي ما حدث مع سوسة النخيل التي دخلت مصر واجتاحت النخيل في السنوات الأخيرة وتحولت لأفة خراب ودمار, ويري أن عدم التدقيق أحيانا في إجراءات الحجر الزراعي وراء دخول بعض الآفات, ففي السنوات الأخيرة إلي جانب دخول سوسة النخيل, دخلت آفة أخري منتهي الخطورة وهي' فاروا' من اسرائيل وهو نوع من الأكاروس أصاب النحل المصري في مقتل مما أثر علي انتاجيته وتكاثره, الفراشة حرشفية الأجنحة وحجمها صغير هكذا يصفها الدكتور عبدالعزيز المنشاوي فتحملها تيارات الهواء لمسافات طويلة مثل حشرة صانعة أنفاق أوراق الموالح التي دخلت مصر عام1994 وانتشرت علي مستوي الجمهورية وأصابت جميع الموالح وانتقلت لحوض البحر المتوسط, ومازالت مشكلة كبيرة لأنها تؤدي لضعف عام في الشجرة وتقل النموات الخضرية وبالتالي الإنتاج الذي ينخفض بنسبة50% ويوجد حشرة علي الموالح وهي ذبابة الخوخ وهي من الحشرات الجديدة أيضا ووجدتها لأول مرة عام1997 في العجمي وتم تسميتها في المتحف البريطاني عن طريقي, ويجري عليها مشروع حاليا بأكثر من120 مليون جنيه في مصر للقضاء عليها تشرف عليه وزارة الزراعة واتحاد المصدرين, لأنها تصيب ثمار الخوخ والجوافة والمشمش والتفاح والمانجو ونخيل البلح الرطب والتين وتحدث إصابات ضخمة لثمار الفاكهة وهي من الحشرات الخطيرة وتسمي' بكتروسيرا زوناتا' وخسائرها رهيبة وإصابتها أشد من ذبابة حوض البحر المتوسط وتنافسها, فذبابة المتوسط تسبب خسائر تصل لنحو50 مليون جنيه سنويا, وبالتالي فحشرة الخوخ تتعدي خسائرها50 مليون جنيه, فهي عنيفة وتصيب عددا أكبر, فهي مثل الذبابة المنزلية فاليرقات تؤدي لتدود الثمار من الداخل, وعند ثقب الثمرة تخرج اليرقة بعد اكتمال النمو للتربة وبعدها تخرج الحشرة كاملة وتعيد دورة الحياة, وعند تحول اليرقات لدود في الثمار تتعفن, وبعضها يسقط من الأغصان, ومقاومة هذه النوعية من الذباب الأبيض تتم بالاتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتشارك فيها دول المتوسط لتعقيم ذكور الحشرة, أما حشرة ثمرة الخوخ فتستخدم في مكافحتها فرمونات جنسية جاذبة للحشرة فيقضي عليها المبيد في المصيدة وبالتالي تموت الذكور ولايتم تلقيح الإناث ولابد من استمرار المصايد أعواما متتالية للقضاء علي الآفة ونجح هذا الأسلوب في العديد من الدول الإفريقية وكاليفورنيا ومازال البرنامج مستمرا في مصر ونتائجه ايجابية فكانت المصايد تصطاد في البداية كميات كبيرة لكنها قلت الآن دليلا علي قلة الأعداد ومع استمرارها في المواعيد المضبوطة ستتقلص أعداد الحشرة جدا. لم يكن لها وجود ويؤكد العالم المصري الدكتور عصمت محمد حجازي المتخصص في علم الحشرات بجامعة الإسكندرية أن هذه الحشرة لم تكن موجودة مطلقا في مصر وأساس موطنها أمريكا الجنوبية ووصلت لأوروبا ووضعت تحذيرات عديدة لمنعها من الدخول ووجدوها في السوبرماركت في السنة الماضية ووصلت لمصر عن طريق المغرب العربي وليبيا ورفعنا تقريرا في نوفمبر الماضي نحذر من مخاطرها لرئيس لجنة المبيدات, وفي يوليو الماضي زرت معهد العلوم الزراعية بالسويد في معمل الكيمياء الايكولوجية أي الاتصال الكيميائي بين الحشرات حيث تنجذب للنباتات بروائح تسمي الروائح النباتية وتفرز الحشرة نوعا من الفرمون لجذب الذكور للتلقيح فيمكن استغلال هذه الكيماويات في الحد من الحشرة حيث أنها معروفة وموجودة في أسبانيا وحدث لها فوران هناك فتزايدت بشكل رهيب, في أسبانيا بالكامل. أعداء الحشرة وقد تمكن علماء إسبانيا من استخلاص الفيرمون الجنسي وتجهيزه واستخدامه في مصايد لتجميع الحشرة عن طريق مصايد مائية في وعاء من البلاستيك به ماء وصابون, وكانت فعالة في الجمع الضخم لهذه الآفة وأحدث وسيلة موجودة في أوروبا استخدام الفرمون الجنسي ومصائد ضوئية بإضاءة' بلاك لايت لامب' أي الضوء القاتم للمصباح' ولايراه إلا الحشرة فتنجذب له, وقد توصل الدكتور عصمت في عام2004 لمصيدة تم نشرها في مجلة علوم الحشرات الأمريكية, وتمت علي حشرة أخري بنفس المصيدة التي يمكن استخدامها بنجاح علي هذه الحشرة ويتم الحصول علي الفرمونات من إسبانيا لحين إنتاجها في مصر, وهناك طرق أخري يمكن اللجوء لها, إذ يوجد نوع من الطفيليات الصغيرة' تريكوجراما' تتغذي علي بيض الحشرة, ويجري عزل الطفيليات من حقول النباتات المصابة بالحشرة مثل الطماطم والبطاطس والفلفل تم إكثارها بأعداد ضخمة معمليا وإطلاقها في الحقل وهي آمنة بيئيا, وهي تقضي علي البيض, وتستخدم هذه الطريقة في أمريكا الجنوبية ويمكن استيرادها واستخدامها في مصر بالإضافة للمصايد الفرمونية, ويمكن عزل عذراء الحشرة والحصول عليها من التربة فيمكن عزل النيماتودا الممرضة لها وإكثارها واستخدامها مع ماء الري وهي تصيب الحشرة فقط دون غيرها من الأحياء والنباتات, ومن المهم استخدام بعض الفطريات الممرضة للحشرة نفسها لذلك يمكن استخدام أكثر من وسيلة بيولوجية للمكافحة لأن طبيعة حياة الحشرة علي النبات تحميها من التعرض للمبيدات لأن الحشرة عقب ثقبها النبات تعيش داخل الأنسجة فتكون في مأمن من المبيدات الحشرية التي يصعب وصولها للحشرة وهذا سبب ضعف المبيدات. تشابه حشرات! ويكشف الدكتور عصمت حجازي عن وجود حشرة في مصر نفس العائلة تسمي'Glishiidai' وتصيب نفس النباتات التي تصيبها الحشرة, لكن الحشرة الجديدة أكثر خطورة وتدميرا وإذا استقرت وتوطنت في مصر يمكن أن ترفع سعر العائلة الباذنجانية للأضعاف لأن طبيعة الحشرة تدمر من50% إلي90% من المحصول, وهناك تجربة مكافحة الحشرة في فرنسا حيث تمكنت من تحجيم الحشرة بعد استخدام الإدارة المتكاملة لمكافحة الآفة, ومن المهم الاتصال بالإسبان للحصول علي الفرمون الجنسي ومعرفة الطرق المختلفة التي استخدمتها, كذلك الاتصال ببعض الدول العربية مثل تونس لنقل خبراتها واستيراد الطفيل الذي يلتهم بيض الحشرة من الموطن الأصلي, والحشرة الموجودة في مصر حساسة لنوع من الفيروسات الممرضة لها والآمنة بيئيا تسمي الفيروس الحبيبي الذي تم عزله في مصر من الآفة المحلية ويمكن استخدامه من الفيروس الجديد القادم من الغرب ليضيف مكافحة جديدة وقام بعزل هذا الفيروس وإكثاره الدكتور سعيد أبوالعلا أستاذ المكافحة الحيوية بزراعة القاهرة وللأسف الأبحاث تم ركنها علي الرف ولم تستخدم, وهذا ما يعاني منه علماء مصر. ويري أن مكافحة الحشرة القادمة حديثا لمصر يمكن الاستفادة في الوقت نفسه في مكافحة الحشرة الأخري بنفس الطريقة بشكل مزدوج, حيث إن الحشرة الموجودة لا يجري مكافحتها.