مدرس يقتل طالبًا ..وفاة طالب بسبب محول الضغط العالى بالمدرسة.. وفاة طفلة نتيجة أزمة قلبية.. هذه بعض الحوادث التى يتعرض لها الأطفال فى المدارس بسبب سلوكيات خاطئة وعدم الاهتمام بالأطفال فى المراحل الأساسية من التعليم. وصلت البلاغات سنويا إلى ما يزيد على أربعة آلاف بلاغ وتصل حالات العنف المقصود أو الموجه بعيدا عن حوادث الطرق التى تهدد «أتوبيسات المدارس» إلى نسبة ال 67% فى المرحلة الابتدائية وتصل فى المرحلة الإعدادية إلى 24 % فى حين تقل كثيرا فى المرحلة الثانوية لتصل إلى 7% على الرغم من صعوبة التعامل مع الأطفال بنسبة عكسية مع الأرقام التى توضحها التقارير.كشفت تحقيقات نيابة السيدة زينب برئاسة المستشار أحمد الأبرق فى واقعة تعدى مدرس على تلميذ حتى الموت أن الحادث وقع بمدرسة الشهداء فى السيدة زينب وظل الطفل فى حالة سيئة حتى لفظ أنفاسه الأخيرة. وقد أوضحت التحقيقات أن المجنى عليه طالب بالصف الخامس الابتدائى، يدعى «إسلام شريف»، وقد قرر المدرس معاقبته بسبب عدم حفظه للدروس فأمره بالوقوف مدة طويلة تحت أشعة الشمس ثم ضربه بقوة بذراعه على رقبته فسقط الطفل مغشيا عليه. ونقل التلميذ إلى مستشفى قصر العينى ليتبين إصابته بنزيف فى المخ توفى بعدها وتم توجيه تهمة ضرب أفضى إلى الموت للمدرس. واقعة أخرى وتحمل اسم الطالب أحمد إسماعيل ربيع بالصف السادس الابتدائى بمدرسة كرداسة التجريبية للغات، حيث كان محتجزا بمستشفى الدمرداش للعلاج من إصابته بحروق شديدة نتيجة لمسه محولًا كهربائيًا بغرفة ضغط عال أمام المدرسة. وكانت المدرسة قد سمحت للطلاب بالخروج مبكرا قبل الموعد الرسمى الذى يصل فيه أهالى الطلاب لاصطحاب أبنائهم مما دفع الطلاب للعب ولمس الطالب المحول أثناء اللهو مما أدى لإصابته بحروق ونقله إلى مستشفى الدمرداش، وكانت نسبة إصابته 60 %. واقعة أخرى لتجاوزات ضد أبنائنا فى المدارس وهى واقعة للتحرش داخل إحدى المدارس بمحافظة الغربية ورغم إحالة مدير المدرسة إلى النيابة والتحقيق مع كافة المدرسين بالمدرسة إلا أنها حادثة غريبة على مجتمعنا وتزيد من أوجاعنا ومعاناة أبنائنا فى المدارس. كما لفظت طالبة أخرى بالمرحلة الابتدائية بالدقهلية أنفاسها الأخيرة داخل مدرستها، بعد إصابتها بأزمة قلبية وعلى الرغم من عدم وجود شبهة جنائية فى الوفاة وتأكيدات أهل الطالبة بإصابتها بالقلب وأن الوفاة حسب تأكيد الطب الشرعى كان نتيجة أزمة قلبية يبقى السؤال هل كان من الممكن أن يتم إسعاف الطالبة ؟خاصة إذا كانت المدرسة مجهزة بمكتب صحى يتواجد فيه بصفة دورية زائرة صحية وطبيب كما يؤكد المسئولين بوزارة التربية والتعليم. حقوق الطفل تؤكد الدكتورة عزة العشماوى الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة الحاجة القصوى لتدريب معلمى المرحلتين الابتدائية والإعدادية على مبادئ وأسس حقوق الإنسان والطفل والتشريعات التى صدرت والمرتبطة بحقوق الطفل ومن أهمها قانون الطفل المصرى 126 لسنة 2008، والتعريف بدستور مصر الجديدة وما تضمنه من كفالة حقوق الإنسان، وبصفة خاصة المادة 80 من الدستور الخاصة بحقوق الطفل المصرى، وذلك تعليقا لها على قيام أحد المدرسين بقص شعر تلميذة بالمرحلة الابتدائية بسبب عدم ارتدائها الحجاب بمحافظة الفيوم. معربة عن أسفها من تكرار وتزايد حالات العنف فى المدارس بشتى صوره وأشكاله حتى وصل إلى حد الانتهاكات والقتل فى بعض الأحيان خاصة وأن المدرسة هى المؤسسة الأهم بعد مؤسسة الأسرة المنوط بها تربية وحماية والحفاظ على الأطفال، بينما نجد حالات متعددة تزايدت دون جدوى من الإدانة والاستنكار. وطالبت الدكتورة عزة العشماوى وزير التربية والتعليم بفتح ملف العنف داخل المدارس وإيلائه الأهمية القصوى بهدف اتخاذ الإجراءات الوقائية والعلاجية لمعالجة المشكلة من جذورها ولنرفع شعار « تعليم خال من العنف أو شعار: مدرسة خالية من العنف» لانعكاس ذلك على العنف خارج المدرسة وفى المجتمع لما للمدرسة من تأثير فى تنشئة الطفل. وقالت إن المجلس القومى للطفولة والأمومة ينبه.. بل يرصد بصفة دورية تفاقم مشكلة العنف المدرسى مطالباً بضرورة اتخاذ الإجراءات لمنع العنف بصفة عامة والضرب فى المدارس بصفة خاصة، حيث كشف خط نجدة الطفل المجانى 16000 عن أن نسبة البلاغات عن العنف المدرسى كانت فى المرحلة الابتدائية بنسبة 67% من إجمالى بلاغات العنف المدرسى الواردة على الخط وتأتى المرحلة الإعدادية فى المرتبة الثانية بنسبة 24% ثم التعليم الثانوى بنسبة 7% وأخيراً فى رياض الأطفال بنسبة 3% من إجمالى البلاغات.. وجدير بالذكر أن الخط يتلقى 13222 بلاغاً سنوياً منها 4000 حول العنف ضد الأطفال. تهديد الأطفال ويؤكد محمود البدوى أن ظاهرة العنف والإهمال أو أى أعمال غير منضبطة ومضرة بالطفل بالمدارس ظاهرة للأسف الشديد باتت خطرًا يهدد حياة وأمن حوالى 40 % من جملة سكان مصر وهم فئة الأطفال دون سن 18 عام ووفقا لما تنص عليه المادة 2 من القانون 12/1996 المعدل بالقانون 126/2008 وهو قانون الطفل وكذا نص المادة 80 من الدستور المصرى المعدل. وهذا الخطر نتاج العديد من التداعيات التى تراكمت على مدى سنوات طويلة فأصبحت أمور مسلم بها وقواعد جامدة نحاول تحطيمها بالعلم والتنوير وزيادة مساحة الوعى المجتمعى بما للطفل من حقوق. دور الأسرة ويشير محمود البدوى خبير تربوى إلى أنه وعلى الرغم من أن بمصر أقوى بناء تشريعى حمائى للطفل وحقوقه على مستوى العالم كله إلا أن هذه القوانين تفتقر إلى آليات التفعيل والتنفيذ على أرض الواقع. وكذلك الحال بالنسبة للعديد من الجهات والهيئات المنوط بها حماية الطفل إلا أن جميعها تعمل فى إطار من التشرذم الذى يفتت الجهود أو بنظرية «الجزر المنعزلة « ومن ثم لو أننا أردنا تقليص عدد هذه الحوادث وتداعيتها التى تفطر قلوب المصريين بشكل شبه يومى تقريبا علينا أن نبحث عن سبل لتوحيد الجهود بين كافة الأفراد والجهات التى هى على تماس مع قضية حقوق الطفل. ويقول البدوى إن الدور الأهم والأعظم فى منظومة حماية الطفل هو دور الأسرة بوصفها خط الدفاع الحمائى الأول للطفل وهى منبع خبراته الحياتية فيجب على الأسرة أن تدرك أن لهذا الطفل حقوق وأساليب يجب أتباعها حين تنشئة لكى يشب طفل وفتى واعى وسوى ومدرك لكل شىء حوله. كما يجب أن تنظر الدولة إلى طبيعة وتكليف العديد من الهيئات الحكومية والمجالس القومية المتخصصة التى عزلت نفسها عن قضايا الطفل وحبست نفسها طوعا واختيارا داخل المكاتب بعيدا عن الشارع وهمومه التى باتت تلقى بانعكاسات وظلال قوية على أمن وسلامة الطفل المصرى الذى هو مستقبل وأمل هذه الأمة. سلوكيات خاطئة ويؤكد الدكتور صلاح عبد الحميد مستشار المجلس الأوروبى للأمومة والطفولة تدهور قيمة المؤسسة التعليمية وانعدام التربية والبعد الاحتماعى بين أفراد الأسرة هذه كلها معطيات خصبة للسلوكيات الشاذة التى انتشرت فى الأونة الأخيرة بمجتمعنا المصرى. وظاهرة التحرش فى مجتمعنا المصرى ليست ظاهرة جماعية بل هى فردية مقياسا بحالات تحرش واغتصاب الأطفال فى الدول الأخرى، حيث نجد ظاهرة التحرش والاغتصاب للأطفال بدول كبير مثل أمريكا 25% الضحايا فتيات و13% أولاد أى فتاة واحدة من كل 4 فتيات وطفل واحد من كل 6 أطفال ونأخذ أمريكا الجنوبية نسبة اغتصاب الأطفال 44% وأفريقيا نسبة الضحايا من اغتصاب الأطفال حوالى 34% وآسيا 23% وأدنى نسبة ضحايا الاغتصاب للأطفال من نصيب أوروبا حوالى 9%. ونرى أن هذه الظاهرة متشابكة الصعوبات للمعالجة لأن الطرف الآخر وهو طفل صغير السن ولا يعى ولا يستطيع الإجابة ومنها أيضا أن توجيه الطفل والتحذير له بعدم اللعب أو مصاحبة بعض الآخرين وهو فى سن 4 أو 5 سنوات يساعدنا على قتل براءة الطفولة وتكوين عقدة استباقية للطفل أو الطفلة. ونرى أن هناك عوامل ساعدت على انتشار ظاهرة اغتصاب الأطفال بمصر هو الانفتاح الإعلامى والميديا ومشاهدة الأطفال للأفلام الجنسية حتى فى مجموعة الإعلانات المائلة إلى الإيحاء الجنسى بالكلام أو العبارات عن الذكورة المبكرة والأنوثة الناضجة واستضافة العديد من البرامج للكل.. واعتبر أن الدولة شريك فى تفشى هذه الظاهرة ليس بتشديد العقوبة الرادعة، إنما السماح أيضا بإعطاء مساحة كبيرة للفضائيات والسينما لعرض الأفلام التى تميل إلى إيحاءات جنسية. فى سبيل ذلك قامت دول الاتحاد الأوروبى بوضع هياكل واضحة تماما ومكملة للأمم المتحدة فى منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف من برامج وحملات توعية ومنح للأمهات والآباء والدعم لهم إذا نخرج من هذا. إن تدنى مستوى الثقافة والأدب والأخلاق وحسن السلوك وسماح الدولة باستيراد العادات والتقاليد السيئة عن طريق ضعاف النفوس ونرى أن الحكومات الغربية بدأت تحاربها ونحن للأسف بدأنا نطبقها والمجتمع الأوروبى بدأ الابتعاد عن الأقارب والأهل للحد من هذه الظاهرة. وأخيرا نرى أن دولة الهند فى عام 2012 حالات التحرش والاغتصاب للأطفال حوالى 9000 حالة ونوضح ضرورة إعادة هيكلة التوعية فى المؤسسات التعليمية والأسرية والمجتمع والدولة والتحلى بالأخلاق الدينية وإيقاف كل ما هو يسىء وتحريك الغريزة لدى الكبار وتأخر سن الزواج للشباب للظروف المالية. السلامة النفسية وتشير شيماء محمود خبيرة علم النفس إلى أن أغلب حالات العنف ضد أبنائنا فى المدارس إن لم تكن كل الحالات التى يحدث بسببها الإيذاء النفسى والبدنى والذى يصل فى بعض الأحيان إلى القتل يكون فيها الإيذاء غير مقصود ويكون الهدف منه التربية وتقويم سلوك الطفل ويجب لمعالجة هذا الأمر أن يتم إثقال المعلم بخبرات كيفية التعامل مع الأطفال فى المدارس وخاصة بعض الأطفال المتميزين حركيا والعقاب على الأخطاء وعدم الالتزام بطرق مختلفة وعقد دورات تدريبية للمدرسين بهذا الخصوص والتوعية والتدريب على طرق التهذيب والعقاب لتعديل السلوك بصورة صحية تحقق هدف التربية مع سلامة الطفل البدنية والنفسية. ويؤكد أحمد حجازى أستاذ علم الاجتماع بجامعة طنطا أن العنف ضد الأطفال فى المدارس يعد أحد أهم المشكلات التى يجب على مجتمعنا مواجهتها بحزم، وذلك لما لهذه المشكلة من تأثيرات خطيرة مباشرة على الأطفال ضحايا العنف فيما ينتج عن هذا الإيذاء من مسخ لشخصية الطفل وإذلاله وحرمانه من إنسانيته، وهذا غالبا ما يؤدى إلى اضطرابات نفسية متعددة لا يعلم تأثيراتها على الطفل والأسرة والمجتمع إلا الله سبحانه وتعالى، قائلاً: «علينا ألا نتوقع الكثير من طفل كان ضحية للعنف (إلا من رحم ربى)، فالآثار النفسية التى يخلفها العنف فى المدارس على أبنائنا تنعكس سلبيا على مساهمته كعضو فعال فى المجتمع، بل انه قد يكون ذا شخصية معادية للمجتمع». ويرى حجازى أن العنف ضد الأطفال موجود فى كل زمان ومكان، وان اختلفت أشكاله وأنواعه، أما عن معدلات ازدياد المشكلة أو انخفاضها، فنحن لن نستطيع رصد ذلك ما لم تكن لدينا دراسات وطنية أبيدومولوجية دورية، نعرف من خلالها معدلات الانتشار والزيادة والانخفاض، مشيراً إلى إن «مشكلة العنف ضد الأطفال فى المدارس ليست بالمشكلة الجديدة ولكن كمجتمع بدأنا نستشعر وجودها نتيجة تسليط الضوء عليها فى السنوات القليلة الماضية، وإلا لما شعرنا بوجودها أصلاً».