دأبت لجنة إصلاح التعليم والأزهر الشريف، منذ تشكيلها على العمل فى صمت فهى تعرف مهمتها التى لخصها أعضاء اللجنة فى تنقيح المناهج لتواكب متطلبات العصر والتصدى للظواهر الغربية التى طرأت على المجتمع المصرى مثل الإرهاب والعنف وكيفية مواجهة المتطرفين. اللجنة التى بدأت منذ عام ونصف أو يزيد قاربت على الانتهاء من مهمتها والخروج بمناهج جديدة تواجه التشدد والتطرف خالية من الشوائب والموضوعات غير المفيدة. "أكتوبر" ناقشت أعضاء اللجنة التى شكلت برئاسة الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف للتعرف على طبيعة عمل اللجنة وما توصلت إليه والخطوة المقبلة بعد الانتهاء من تنقيح المناهج. فى البداية أكد الدكتور، حامد أبو طالب الأستاذ بجامعة الأزهر وأحد المكلفين بهذه المهمة وأن اللجان المشكلة بمشيخة الأزهر لتصحيح المقررات التى تدرس لطلاب المعاهد الأزهرية، وكذلك فى الجامعة قاربت على الانتهاء من مهمتها، موضحًا أنه فى هذه المهمة تقوم اللجان المتخصصة فى المذاهب والعقيدة أو اللغة العربية بإعادة النظر فى هذه المقررات بما يتناسب مع العصر الذى نعيشه، بمعنى أنه فى كتب الفقه يتم بعد إيراد القاعدة ضرب أمثلة تطبيق لها، فتكون هذه الأمثلة متناسبة ووقت تأليف الكتاب، لذلك يتم الحرص من خلال هذه اللجان تغيير هذه الأمثلة بما يفهمه الطالب وكذلك بالنسبة لبعض المقاييس والمكاييل يتم تغييرها وفقا للمعمول به ووفق الموازيين الحالية حتى تكون فى متناول الطالب. وأضاف أن هذه اللجان تعمل على تجديد كتب التراث وليس تبديلها كما يرى البعض، وتجديدها بما يجعلها فى متناول الطلاب وبما يتناسب مع الوقت، لأننا نحاول وضع الطلاب فى المشكلات المعاصرة حتى يكون على علم بها، مع التدليل ببعض النماذج لاستيعاب مثل هذه المشكلات ليتحدث فيها دون أن يستمع لأحد أو يقرأ لأحد من المتشددين، بمعنى أن الخريج يصبح قادرًا على فهم الموضوعات بوعيه ويستطيع أن يبين الحكم الشرعى فى الأشياء. وعن دور اللجنة فى الأمثلة التراثية التى تعتبر جدلًا وكيف تم التعامل معها؟.. قال الدكتور أبو طالب إن كل هذه الأشياء التى لا تتناسب مع العقل إما أن يتم تهذيبها وشرحها بما يناسب العقل أو إقصاؤها.. ودلل على كلامه بموضوع الرق مؤكدا أن هذا الأمر موجود فى كتب الفقه، حتى أن من يرى هذا الموضوع يعتقد أن الإسلام يقر الرق ويقننه، مع أن الحقيقة هى أن الإسلام يحرر العبيد، ووضع من الأساليب والسبل ما يسهم فى القضاء على هذا النشاط الاقتصادى، فى وقت من الأوقات، فجاء الإسلام لا يقر الرق ولا يقر العبودية وإنما يحاول القضاء عليها، لكن شيئا فشيئا، بمعنى أنه ضيق أساليب الاسترقاق وجعلها سببًا واحدًا ووسع أبواب الخروج من الرق وجعلها متعددة، فأصبح لدينا فى الإسلام باب واحد للاسترقاق وما يزيد على 20 بابًا لتحريم الرق.. فهل سيبقى عبيد بعد ذلك ولفت إلى أنه يتم تغيير هذا الباب وبدلًا من أن يقال باب الرق، وبما يشعرك للوهلة الأولى أن الإسلام يقرر الرق، سنجعل العنوان "تحرير العبيد" ويفهم الطالب أن الإسلام وكتب الفقه عندما تحدثت فى الرق كان بقصد القضاء عليه، ويتم شرح الموضوعات على هذا النحو حتى يصل للأجيال المعاصرة موقف الإسلام من الرق وأنه موقفًا يؤدى إلى التحريم وليس إلى الاسترقاق. واختتم كلامه مؤكدًا أن الخطوة القادمة ستكون بما يتناسب وتطبيق متطلبات الجودة فى التعليم بما يقر إعادة النظر فى المناهج بما يتناسب والتغيير فى هذه الفترة. فى حين قال الدكتور عبد المنعم فؤاد، أستاذ العقيدة والفلسفة وعميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين، إن ما يثار حول المناهج فى الإعلام غير دقيق، مشددًا على أن المناهج لا يعالجها لإعلام ولا برامج التوك شو، إنما علاجها يكون بالمنطق العلمى الأكاديمى وهذا ما يتبناه الأزهر الشريف منذ سنوات. وانتقد الدكتور فؤاد اقتتطاع بعض النصوص من المناهج ونصوصها وتوظيفها فى غير محلها بما يضر الإسلام ويشوه صورة الأزهر الشريف والمناهج التى تدرس، فبعضهم مثلا قال "قتال الكفار واجب على كل مسلم حر قادر" ويقول الإعلامى معقبًا إن هذا هو منطق الأزهر فى مناهجه التى تدرس للطلاب.. والتأكيد على أن الأزهر هو داعش وداعش هى الأزهر.. وهذا غير صحيح. أما حقيقة النص جاءت تحت باب الجهاد فى كتاب الاختيار الذى يدرس للصف الثالث الثانوى، وقبله بصفحه باب الجهاد.. ويعنى أن العدو إذا اعتدى على وطننا يكون "قتال الكفار واجب على كل مسلم حر عاقل قادر" لدرجة أن بقية النص يقول "حتى إن المرأة تخرج بدون إذن زوجها لتدافع عن الوطن".. متسائلًا: فهل هذا النص غرس الوطنية لدى الطلاب أم أنه دعوة للفتل والاقتتال؟... إذن كان على الإعلامى أن يوظف النص فى موضعه. وتابع: نحن لا نخرج إرهابًا ولا نقبل أن يكون فى منهجنا إرهابًا ولا تطرفًا، بل إن ثقافتنا التى تعلمنا هى فى الأزهر هى ثقافة "فاصفح الصفح الجميل" وثقافة "تبسمك فى وجه أخيك صدقة" وما تعلمناه عن قول رسولا لله ? "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".. وشدد أن مناهج الأزهر ليس بها إرهابًا إنما نطورها حسب الواقع.. وكل عام أو عامين نطورها بحيث تتناسب مع ما يجرى من حولنا ولتجمع بين الأصالة المعاصرة. وأكد الأستاذ بجامعة الأزهر أن ما يجرى الآن من تعديل فى المناهج ليس سببه الإعلام، إنما انطلاقًا من مسئولية الأزهر التى نحملها أمام الله، ولذلك يثق العالم كله فى الأزهر وترسل أكثر من 120 دولة طلابها لتلقى العلم الوسطى فى الأزهر، ولو كان الأمر كما يردد البعض فهل يعقل أن هذه الدول ترسل طلابها لتتعلم الإرهاب فى الأزهر واختتم كلامه مطالبا بمادة للثقافة الدينية فى جميع الجامعات المصرية حتى ينزرع الفكر الطيب الوسطى فى عقول أبنائنا وحتى لا يكون لقمة سائغة للمتشددين والمتطرفيين، وكذلك تعاون الوزارات المعنية مثل الشباب والتعليم مع مؤسسة الأزهر.