أكد الصادق المهدى رئيس الوزراء السودانى السابق ورئيس حزب الأمة القومى، أن السودان مقبل على انتفاضة شعبية ستكون حاسمة ضد النظام الحالى إذا فشل الحوار الوطنى المزمع وواصل النظام رفضه لإعلان باريس كخريطة طريق للحوار. وفى حواره مع «أكتوبر» أوضح المهدى أن الجلوس على مائدة الحوار من أفضل الخيارات لحل الأزمة الراهنة فى السودان، ملمحًا إلى ضرورة التفاوض مع الجميع بما فيهم الفصائل المسلحة المعروفة باسم «الجبهة السودانية الثورية»، ومحذرًا فى الوقت ذاته من استعداد القبائل السودانية للخيار العسكرى واستخدام العنف إذا فشل الحوار الوطنى. وفى السطور التالية تفاصيل الحوار مع الزعيم السودانى المعارض الصادق المهدى. * بداية كيف ترون الإجراءات القانونية التى اتخذتها السلطة السودانية لمقاضاتكم؟ ** هذه الإجراءات بمثابة ممارسة ضغوط على حزب الأمة للتبرؤ من اتفاق باريس الموقع مع الجبهة الثورية فى 8 اغسطس الماضى وهناك أياد خارجية تساهم فى انحراف عملية السلام وضياع أهم الأهداف الوطنية ممثلًا فى الوصول إلى الاستقرار الأمنى والسياسى والاقتصادى ولن أتراجع عن إعلان باريس خاصة بعد توثيق التحالفات مع مؤيدى الاتفاق دوليا وإقليميا. * وما هى رؤيتكم لمستقبل الحوار الوطنى خاصة بعد إصرار النظام الحاكم على رفض إعلان باريس؟ ** النظام السودانى الذى يرفض إعلان باريس يعلن قبوله لاتفاق أديس أبابا الذى هو « ربيب» إعلان باريس، كما أن أمبيكى رئيس الهيئة التنفيذية العليا المكلفة من مجلس الأمن والسلم الأفريقى كوسيط فى الشأن السودانى مؤيد لاتفاق باريس ولذلك قدمنا له خريطة طريق تتلخص فى الاعتراف بالجبهة الثورية شريكا مقبولا واتخاذ النظام الاجراءات اللازمة لإعادة الثقة فضلا عن اجتماع القوى المتقاتلة للاتفاق على وقف العنف والسماح بأنشطة الإغاثات الانسانية وتبادل الاسرى ثم الدعوة لمؤتمر قومى دستورى داخل السودان لابرام اتفاقية للسلام العادل والاتفاق على مستقبل الحكم وادارة الفترة الانتقالية . وأؤكد هنا أن موقف المعارضة السودانية موحدا من خريطة الطريق وعلى النظام قبولها أو رفضها وبالتالى يفرض على الوضع فى السودان مصيرمظلم خاصة أن المناخ متأهب لانتفاضة شعبية حاسمة ضد نظام البشير، وفى حالة تمسك النظام السودانى بالتحالف مع الإخوان وتشكيل تحالفات إقليمية على هذا الأساس سيعرض السودان لمزيد من الصراعات والانقسامات فى الدولة. لافتا أن النظام دمر البلاد من كل النواحى حيث فصل جنوب السودان ، وأشعل الحرب فى جنوب كردفان ودارفور والنيل الأزرق وبموجب هذه الأعمال تم إصدار ( 61 ) قرارًا دوليًا، أوصل النظام إلى عزلة داخلية وإقليمية ودولية، حتى جرت هذه القرارات السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية * فى حالة تعنت النظام واستمرار رفضه لإعلان باريس ما هى خطواتكم المقبلة؟ ** إذا تعنت النظام السودانى وواصل رفضه لمتطلبات الاجندة الوطنية ستتخذ سياسات قوى التغير الشعبية فى السودان الإجراءات اللازمة ومن أهمها الدعوة لمؤتمر أمن إقليمى يضم السودان وجيرانه إبرام اتفاقية أمن اقليمى ، فضلا عن إقامة علاقات وطيدة مع دوله الجنوب السودانى وثانيا إنهاء الخلافات القائمة حول مبادرة حوض النيل لتوثيق علاقات دول حوض النيل على أساس الاتفاقية الادارية، إلى جانب أهمية بتطوير العلاقات الاقتصادية والثقافية التجاريه مع دول حوض النيل وكذلك العلاقات بين شعوبها فى إطار منظمة شعبية لبلدان حوض النيل باسم أسرة حوض النيل، وكذلك ضرورة تطبيع علاقات السودان مع الأسرة الدولية التى يعوقها وجود61 قرارًا دوليًا يخص النظام السودانى أغلبها تحت البند السابع مع ميثاق الأممالمتحدة. الحوار.. أفضل الخيارات * هل هناك بوادر أمل لاستكمال الحوار الوطنى بين النظام والمعارضة السودانية ؟ ** لاشك أن الجلوس على مائدة الحوار من أفضل الخيارات للوصول إلى حل الأزمة الراهنة وقد رحب حزب الأمة عندما أعلن رئيس الدولة فى خطاب الوثبة فى يناير 2014 لفتح باب الحوار الوطنى للاتفاق على قضايا الوطن المصيرية. كما إننا تجاوبنا بحماس شديد مع هذه المبادرة ولاسيما وهى تستجيب لمشروعنا الوطنى ونتيجة لهذة المبادرة تكونت آلية من سبعة أحزاب موالية للنظام وسبعة احزاب معارضة واتفق أن تكون قرارتها بالتراضى وليس بالتصويت. أول عقبة أمام هذه الآلية كانت ان المؤتمر الوطنى يريد أن تكون آلية الحوار برئاسة البشير وليس برئاسة محايدة كما كان حال آلية حوار جنوب أفريقيا، والعقبة الثانية أن النظام لجأ لاستخدام ميليشيات قبلية لمحاربة قوى المقاومة المسلحة فى السودان وأعلنت أن هذه القوى تجاوزت جرائم الحرب بما سيفرض على القوى الدوليه المعنية تبنى اجنداتها السياسية الخاصة فى السودان كما حدث فى أفغانستان .مضيفا ان هذا النقد الموضوعى استنكره النظام ودبر لى بلاغا كيديا لاعتقالى شهرا من مايو إلى يونيو وذلك بالرغم من أن البلاغ بموجب المادة 50 من القانون الجنائى الخاص بالعمل لاسقاط النظام بالقوة ما يوجب اعتقال المتهم حتى محاكمته ولا شئ قلته يمكن أن يفسر بأنه عمل لإسقاط النظام بالقوة، وبعد اطلاق سراحى أعلن حزب الامة ان مبادرة 2014 ماتت نظرا لعدم توافر الحريات وعدم جدية الحوار. الجبهة الثورية * إلى أى مدى تتوافق الرؤى بين حزب الامة والمعارضة المسلحة «الجبهة الثورية» ؟ ** نحن نؤمن بأهمية التفاوض مع الفصائل المسلحة السودانية التى تعرف باسم الجبهه السودانية الثورية والتى تكونت فى نوفمبر 2011 وضمت أحزاب دارفور المسلحة والحركة االشعبية فى الشمال، خاصة انها لها سند اجتماعى وعسكرى فضلا عن عدم جدية النظام السودانى فى التفاوض معها لتحقيق السلام. وسبق أن رفض النظام اقتراح حزب الأمة الذى كان بإمكانه تحقيق السلام فى دارفور وكذالك رفض اتفاق يوليو 2011 وكان من شأنه منع اندلاع حربى جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، ولذلك نحن نسعى للحوار الجاد مع الجبهة الثورية، وقد التقيت بهم ثلاث مرات فى مايو 2012 فى كمبالا وفى نوفمبر فى لندن 2012 وفى يناير 2013 فى كمبالا وأخيرا فى أغسطس 2014 فى باريس وكان اللقاء الأخير مثمرًا حيث صدر عنه اعلان باريس الذى أقر تغيير توازن القوى السياسية فى السودان بصورة قاطعة وتبنى العمل من أجل نظام جديد بوسائل سياسية والدعوة لسودان عريض عادل بين مكوناته السكانية الموحدة, فضلا عن مشاركة الجامعة العربية اسوة بالاتحاد الأفريقى فى الشأن السودانى و إضافة مصر أسوة بدول الايجاد فى الشأن السودانى. * ماهو السيناريو المتوقع فى السودان فى حالة فشل الحوار الوطنى؟ ** الحقيقة إننا نحذر السلطة السودانية من فشل الحوار الوطنى خاصة ان القبائل السودانية أصبحت مسلحة وهناك حالة استنفار شعبى ضد السلطة السودانية وتأهب للخيار العسكرى كما أن انهيار الوضع الاقتصادى فى السودان وارتفاع الاسعار سيدفعهم لاستخدام العنف بما يهدد أمن وحدة الوطن وسلامة أراضيه .لافتا انه حصل على وعود دولية عقب اتفاق باريس وفى حالة تحقيق السودان السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطى فإنهم سيرفعون العقوبات الاقتصادية وإعفاء الدين الخارجى وفك تجميد دعم الكوتنو للسودان والمساهمة فى توفير المواد التنموية. * ماهو موقفكم من «نجلكم» العقيد الركن عبد الرحمن بعد انخراطه فى الجيش السودانى واتخاذه موقفًا مضادًا عن حزب الأمة؟ ** ولدى عبد الرحمن ليس عضوا فى حزب الأمة فضلا عن إننى لن أجبر ابنى على اتخاذ موقف موحد ولكن أعطيته فرصة أخيرة إما أن يقنع النظام باتفاق باريس أو أن يتبرأ منه وسيعتبره جزءًا من النظام الفاسد الذى يجب إسقاطه. * ماذا عن موقف السودان من أزمة سد النهضة الاثيوبى وإلى أى مدى تدعم الموقف المصرى ؟ ** الحقيقة ان السودان لن يعارض فى بناء سد النهضة خاصة أن سد النهضة سينظم من تدفق النيل الأزرق المندفع فضلا عن انه سينتج الكهرباء بحوالى ربع التكلفة التى تنتجها السودان. الجانب الأثيوبى لن يتعرض لحصة مصر المائية ولن يكون هناك تحالف سودانى أثيوبى ضد المصالح المائية المصرية فضلا عن أن السودان لن يسمح بأى أضرار يتعرض لها الجانب المصرى من إزاء سد النهضة الأثيوبى. * كيف تقيمون دور حزب الأمة القومى السودانى فى الوضع الحالى فى السودان؟ ** حزب الأمة يمثل مركز صناعة الفكر فى السياسة السودانية عند وقوع انقلاب ذى مرجعيته إخوانية تولى حزب الأمة أبطال الإدعاء الإسلامى واعتبار الإجراء مقصيا لكافه القوى السياسية الأخرى، ولابد من توحيد كافة القوى السياسية الوطنية، آليات التفاوض من أجل وقف الحرب الأهلية ترتكز فى مبادرة الدوحة لانتهاء حرب فى دارفور. * ماذا عن الدور المصرى فى الأحداث الجارية فى السودان؟ ** الأمن القومى المصرى مرتبط بالأمن القومى السودانى ومصلحة مصر فى السودان أن ينعم بالسلام والأستقرار والديمقراطية مما يتطلب المتابعة الدقيقة لما يحدث فى السودان ودعم توجه السلام والتوجه الديمقراطى أسوة بموقف مجلس السلم والأمان الأفريقى. * إثارة مسألة حلايب وشلاتين من حين لآخر هل ستهدد مستقبل العلاقات بين البلدين؟ ** إن اثارة مسألة حلايب وشلاتين من حين لآخر ترجع إلى رغبة بعض القيادات السودانية خلق نوع من الخلافات السطحية بين مصر والسودان لتحقيق أغراض شخصية، ولكن العلاقات التاريخية بين البلدين لن تسمح بأن يحدث مواجهة حقيقية بين مصر والسودان.