صندوق النقد الدولي: تخفيض البنك المركزي الأوروبي لسعر الفائدة قرار مناسب    بايدن يدافع عن التحرك للسماح لأوكرانيا بضرب روسيا بأسلحة أمريكية    ما نتائج اجتماع جانتس بقيادات حزبه؟.. إعلام إسرائيلي يوضح    حسام حسن يواجه بوركينا بالقوة الضاربة    "تعليم الشيوخ" تقر مقترح نقل عرض محتويات متحف وزارة التربية والتعليم (تفاصيل)    بالصور .. شاهد غرفة ملابس الفراعنة قبل مباراة بوركينا فاسو    الأرصاد: نسجل أعلى درجات حرارة على مدار العام.. وانخفاض مؤقت الأحد والاثنين    دار الإفتاء: الأحد 16 يونيو أول أيام عيد الأضحى المبارك    "هجبلك شقة".. ضبط سيدة استولت على 27 ألف جنيه من اُخري بسوهاج    مفاجأة جديدة في واقعة سفاح التجمع.. سر وجود نجله أثناء تنفيذ الجرائم    كارول سماحة تجري البروفة الأخيرة لحفلها في لندن (فيديو)    هاني تمام: الأضحية من مال الزكاة لا تجوز ويمكن الذبح بالوكالة    10 ذو الحجة كم يوافق ميلادي 2024؟.. صيام العشر الأوائل يبدأ من الغد    رئيس جامعة بنها يفتتح المؤتمر العلمي السنوي لأمراض الباطنة    للمرة الثانية... BMW تقدم تجدد الفئة الثالثة    إسعاف الفيوم توفر 81 سيارة بالمناطق السياحية خلال أيام عيد الأضحى    أستاذ علم نفس تربوي يوجه نصائح قبل امتحانات الثانوية العامة ويحذر من السوشيال ميديا    القباج وجندي تناقشان آلية إنشاء صندوق «حماية وتأمين المصريين بالخارج»    5 أبراج فلكية تعشق تربية الحيوانات الأليفة (تعرف عليهم)    رئيس جامعة الأزهر يبحث مع وزير الشئون الدينية الصيني سبل التعاون العلمي    التشيك: فتح تحقيق بعد مقتل 4 أشخاص وإصابة 27 جراء تصادم قطارين    أبو اليزيد سلامة يكشف أهداف المشروع القرآني الصيفي    الفريق أسامة عسكر يشهد تنفيذ البيان العملي لإجراءات التأمين التخصصي بالجيش الثالث    نقيب معلمي الإسماعيلية يناقش مع البحيري الملفات التي تهم المدرسين    رئيس هيئة الدواء يستقبل وزير الصحة الناميبى    أشرف زكي محذرًا الشباب: نقابة المهن التمثيلية لا تعترف ب ورش التمثيل    فصائل فلسطينية: استهدفنا مبنى يتحصن به عدد من جنود الاحتلال وأوقعناهم قتلى وجرحى    البنك الأهلي يطلق حملة ترويجية لاستقبال الحوالات الخارجية على بطاقة ميزة    اعتماد مخططات مدينتى أجا والجمالية بالدقهلية    الفريق أول محمد زكى يلتقى منسق مجلس الأمن القومى الأمريكى    على من يكون الحج فريضة كما أمرنا الدين؟    تكريم أبطال نادى ذوى الاحتياجات الخاصة بأسوان    لاعب الإسماعيلي: هناك مفاوضات من سالزبورج للتعاقد معي وأحلم بالاحتراف    «تنمية المشروعات»: تطوير البنية الأساسية ب105 ملايين جنيه بالإسكندرية    ياسمين رئيس بطلة الجزء الثاني ل مسلسل صوت وصورة بدلًا من حنان مطاوع    ماذا قال الشيخ الشعراوي عن العشر من ذي الحجة؟.. «اكتمل فيها الإسلام»    غرامة تصل إلى 10 ملايين جنيه في قانون الملكية الفكرية.. تعرف عليها    هيئة الدواء تستعرض تجربتها الرائدة في مجال النشرات الإلكترونية    سوسن بدر تكشف أحداث مسلسل «أم الدنيا» الحلقة 1 و 2    "مكنتش مصدق".. إبراهيم سعيد يكشف حقيقة طرده من النادي الأهلي وما فعله الأمن (فيديو)    وزير الخارجية يلتقى منسق البيت الأبيض لشئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    " ثقافة سوهاج" يناقش تعزيز الهوية في الجمهورية الجديدة    نمو الناتج الصناعي الإسباني بواقع 0.8% في أبريل    مستعد لدعم الجزء الرابع.. تركي آل الشيخ يوجه رسالة للقائمين على فريق عمل فيلم "ولاد رزق"    التحقيق مع عاطل هتك عرض طفل في الهرم    فحص 889 حالة خلال قافلة طبية بقرية الفرجاني بمركز بني مزار في المنيا    للمساعدة في أداء المناسك.. نصائح هامة للحجاج لتناول وجبة غذائية صحية متكاملة    رئيس الوفد فى ذكرى دخول العائلة المقدسة: مصر مهبط الديانات    عضو بالبرلمان.. من هو وزير الزراعة في تشكيل الحكومة الجديد؟    إسبانيا تبدي رغبتها في الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»    أبوالغيط يتسلم أوراق اعتماد مندوب الصومال الجديد لدى جامعة الدول العربية    رئيس وزراء الهند للسيسي: نتطلع للعمل معكم لتحقيق مستويات غير مسبوقة في العلاقات    توزيع درجات منهج الفيزياء للصف الثالث الثانوي 2024.. إليك أسئلة مهمة    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية يتابع سير العمل بمشروعات مدينة أخميم الجديدة    هشام عبد الرسول: أتمنى تواجد منتخب مصر في مونديال 2026    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. أولى صفقات الزمالك وحسام حسن ينفي خلافه مع نجم الأهلي وكونتي مدربًا ل نابولي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات الأبطال على شط القناة
نشر في أكتوبر يوم 31 - 08 - 2014

عبور جديد تشهده سيناء، على الضفة الشرقية للقناة عندما تنتقل إلى موقع الحفر وتنظر على مد البصر تجد الحركة لا تتوقف على الأرض، الحفارات واللوادر وعربات نقل الرمال أصوات المحركات تذكرك بأصوات محركات المدرعات والدبابات المصرية وسيارات نقل الجند يوم السادس من أكتوبر، عمال الحفر يذكرونك بأفراد المشاة المنطلقين باتجاه سيناء بعد عبور قناة السويس واقتحام خط بارليف، الدخان الصاعد من مداخن محركات ومعدات الحفر تعيد إلى ذهنك ملحمة العبور، أكثر من 46 شركة تعمل فى المشروع الحلم الذى يجرى تنفيذه على أرض الواقع، أصوات المحركات كأزيز النحل العمل متواصل على مدار 24 ساعة.
خرجنا يوم الخميس قبل الماضى من القاهرة فى الساعة السادسة ونصف صباحا باتجاه مدينة الإسماعيلية وصلنا المعدية نمرة 6 على قناة السويس فى الثامنة لتنقلنا إلى الضفة الشرقية للقناة حملنا أوراقنا وبرفقة مصور المجلة حيث موقع العمل بالقناة الجديدة، وصلنا إلى القطاع الأوسط حيث المنصة التى أعلن منها الرئيس عبد الفتاح السيسى إشارة البدء فى حفر القناة الجديدة لنجد خلية نحل لا تتوقف عن العمل من المصريين، تركنا سيارتنا لنترجل إلى مواقع الحفر فى البداية التقيا محمد صالح السيد «سائق سيارة اسعاف يسكن فى غرب القناة ولكن عمله دائما شرق القناة على الطريق الدولى نويبع كوبرى السلام حتى نفق الشهيد أحمد حمدى، تم استدعاؤه للمشاركة فى التامين الطبى للعاملين فى حفر قناة السويس الجديدة، عندما تم استدعاؤه قال «كفاية أننا هنعمل حاجة للبلد ونشارك فيها فهى ستعم بالخير ليس على الجيل الحالى فقط بل والأجيال القادمة، نحن هنا نخدم مثل سائق اللودر والحفار فكل واحد منا فى موقعه يؤدى واجبه، لم اتخيل يوما أن يتم حفر قناة جديدة فقد سمعنا عنها من قبل ولكن لم يحدث والآن جاء إلينا رجل فجاء الجميع وقام بتنفيذ المشروع.
العمل يستمر 24 ساعة متصلة خلية نحل لا تتوقف». التقط منه طرف الحديث عم حسن عباس مسعف من الإسماعيلية من قرية أبو عطوة، يشعر بسعادة غير عادية وجهه مبتسم دائما يقول أن سعادته لا توصف بهذا المشروع القومى وبمشاركته فيه فهو يحضر 3 أيام ثم يتم تسلم الوردية لزميل آخر حيث يتم العمل بنظام الورديات فى الموقع وهناك سيارات تخدم فى القنطرة وأخرى فى سرابيوم وهناك غرفة عمليات مركزية تتلقى البلاغ وتقوم بتوجية سيارات الاسعاف إلى موقع البلاغ .
نحن مسؤلون عن القطاع الأوسط فى القناة الجديدة وتعمل سيارات الاسعاف على مدار ال 24 ساعة يوميا ونقلنا حالة إصابة بمغص كلوى عند معدية سرابيوم وحالة لدغ عقرب.
ويواصل عم حسن قائلا: لدينا كافة الامكانيات لاسعاف أى حالة حتى نصل بها إلى المستشفى والسيارة بها كافة الإمكانيات الطبية.
وأتمنى توفير مكان لإقامة العاملين فى الاسعاف داخل الموقع فلو توفرت الخدمات سوف نقيم فى موقع العمل بصفة دائمة، لذا نتمنى إقامة كرفانات للعاملين فى الموقع.
وبجوار المهبط المخصص للطائرات إلى يمين المنصة هناك ثلاث عيادات متنقلة لتقديم الخدمة الطبية للعاملين بالمشروع التقينا الدكتور محمد حسن سليط أخصائى الباطنة ورئيس قسم الباطنة بمستشفى المقاطعة مركز السنبلاوين، ليروى لنا تفاصيل رحلته بعد تلقيه خبر تكليفه من قبل وزارة الصحة ضمن طاقم التأمين الطبى للعاملين فى حفر القناة قال «اتصل بى يوم الأحد الأستاذ نبيل من الوزارة وطلب منى الانضمام إلى فريق التأمين الطبى وأن أرشح له زميلا آخر فرشحت له الدكتور أسامة الغندور وعددا من الزملاء وكان مقررا السفر يوم الجمعة إلا أن مسئول الوزارة اتصل بى مرة ثانية وطلب أن نعجل بالوصول إلى الموقع وبالفعل بعد انهاء يوم العمل لنا فى مستشفى بالسنبلاوين تحركت أنا وصديقى الدكتور أسامة الغندور الساعة الخامسة عصرا وصلنا مستشفى القنطرة شرق الساعة العاشرة ونصف مساء، قضينا ليلتنا فى المستشفى ثم انتقلنا إلى الموقع صباحا لم نكن قد تعودنا على شغل الجبل .. حرارة الشمس شديدة جدا ورغم مشقة العمل، إلا أن لديك إحساس خاص لأنك تعمل شيئا من أجل الوطن.
ويواصل قائلا: وأنت واقف فى هذا المكان تخيل أن هذه الأرض كان عليها قبل حرب أكتوبر 1973 معسكرات للجيش الإسرائيلى، هنا وعلى الأرض التى نقف عليها حاليا هناك مصريون استشهدوا من أجل تحرير هذا التراب الوطنى واستعادة الكرامة المصرية، هؤلاء الشهداء الله أعلم بأسرهم وأولادهم بعد أن فقدوا عائلهم الوحيد، أين هم حاليا ومكانتهم فى المجتمع،هؤلاء ماتوا من أجل الوطن ومن أجل أن نقف على هذه الأرض، ومع التطور التكنولوجى فى نظام التسليح ماذا لو أن إسرائيل كانت ما زالت تحتل هذه الأرض ألم يكن لدى صواريخها القدرة على الوصول إلى قلب القاهرة، كل هذا يدور فى ذهنى وأنا أسير على رمال هذه الأرض الطيبة، والحديث ما زال موصولا للدكتور محمد حسن الذى يستكمل قائلا: أن الأجداد العظماء حرروا هذه الأرض بدمائهم وأرواحهم فقد أصبح علينا أن نواصل مسيرتهم .
أنت عندما تنظر إلى القناة والسفن التى تمر بها تتذكر الأجداد الذين حفروا القناة القديمة وكيف استطاعوا القيام بهذا العمل الشاق وسط الصحراء التى لم يكن فيها أى نوع من العمران عندما تم حفر القناة وبأدوات بدائية «الفأس والمقطف ونحن الآن نقوم بحفرها بالحفارات والبلدوذرات والقلابات التى تحمل مابين 18 و20 و22 متر من الرمال، وتقول فى نفسك هذا الكم من الأمتار به كام مقطف، والأجداد قضوا فى حفرة كام يوم؟ فى حين أننا حاليًا نقوم به فى خمس دقائق، وكيف استطاعوا نقل الرمال على مدى 10 سنوات ولم يكونوا مدركين لأهمية الحدث الذى يقومون به.
ولم يعلموا أن القناة التى حفروها بالسخرة ستكون لها هذه الأهمية الاستراتيجية على مستوى العالم. أو ستأتى بهذه المليارات التى تضخ فى الخزانة العامة للدولة حاليا وتستفيد منها الأجيال الحالية، أن ما قام به الأجداد وما قدموه من دماء وأرواح فى حفر القناة القديمة، يجب أن نحافظ عليه ونطوره، وهذا المشروع «قناة السويس الجديدة هو امتداد لما فعله الأجداد وسوف تستفيد منه الأجيال القادمة.
نقلة اقتصادية
ويستكمل الدكتور محمد حسن سليط قائلا: إن المستهدف من القناة الجديدة حال تنفيذها وفق المخطط الاستراتيجى لها سوف ينقل مصر نقلة غير مسبوقة اقتصاديا وسياسيا، وما نقوم به كفريق للتأمين الطبى للعاملين فى مشروع حفر القناة هو أقل بكثير مما قدمه الأجداد من دمائهم .
ويكفى أننا من المشاركين فى هذا الصرح العظيم الذى يحقق دخلا قوميا لها البلد الذى تعلمنا فيه وهذا جزء من رد الجميل لمصر فلك أن تتخيل أن طالب كلية الطب الخاصة يتكلف من 40 إلى 50 ألف جنيه فى العام أى ما يعادل 350 ألف جنيه خلال فترة الدراسة بخلاف الإعاشة بالمدينة الجامعية ومرحلة التعليم الابتدائى والإعدادى والثانوى وغيرها أى ما يقارب 500 ألف جنيه اليس هذا يستوجب تقديم بعض الشىء إلى هذا الوطن وهذا المشروع الحلم.
لقد جاءنا إلى هنا لكى نؤدى خدمة لبلدنا «مصر وحرصنا على أن نكون أول فريق طبى يصل أرض المشروع ونحصل على لقب أول طبيب شارك فى التأمين الطبى لمشروع قناة السويس الجديدة وهذا اللقب شرف سيظل وساما على صدرى مدى الحياة أفخر به ويفخر به أبنائى من بعدى فهو شرف أعلى من أى وسام آخر. فقد كنت أول طبيب باطنة مشارك فى تامين العاملين فى الحفر وكذلك الزميل الدكتور أسامة الغندور كان أول طبيب جراحة .
التعب اللى عانينه من مشقة الوصول إلى الموقع أول يوم خاصة وأننا قدمنا بعد يوم عمل اذهبته ألفرحة التى وجدناها فى عيون العاملين والزائرين لموقع الحفر والتى تشبه فرحة يوم العيد. ويصمت الدكتور محمد سليط قليلا ثم يتحدث مبتسما ويقول: تعرف يا أستاذ؟
عندى 3 أبناء «منه فى الصف الخامس الابتدائى و رنا فى الصف الثالث الابتدائى و عمر» ثلاث سنوات ونصف وعند إبلاغى للأسرة بمأمورية قناة السويس قالى: أنت رايح يا بابا الحتة اللى فيها الضرب، ومش خايف.
قلت له : لا يا عمر أنا مش خايف.
قالى مش خايف ليه؟ قلت له لانى باعمل عملا وطنيا الناس هتستفيد منه وانت هتستفيد منه.. غاب قليلا وجاء اللى ومعه مسدس لعبه وقال لى خد ده معاك يا بابا متنساش تحط فيه طلقات. فاخذته منه وضحكت وتركت أسرتى متوجها إلى أرض المشروع، ويواصل الدكتور محمد حكايته قائلا: ابنى هذا يحتاج إلى فرصة عمل ولذلك هذا المشروع سيكون فاتحة خير على مصر كلها.
أتدرى لماذا الواسطة مازالت موجودة فى مصر، لأن فرص العمل المتاحة أقل من عدد المتقدمين، لكن عندما تكون فرص العمل المتاحة تقترب من عدد المتقدمين لن تكون هناك وساطة.
وقال الدكتور محمد أنهم يحتاجون إلى 2 كرفان بالموقع واحد يكون للمرضى الذين يحتاجون البقاء تحت الملاحظة والآخر لإعاشة الأطقم الطبية لضمان البقاء فى أرض المشروع 24 ساعة .
قرار جرئ
تركنا الدكتور محمد حسن سليط لنلتقى بالدكتور محمد السيد أخصائى الجراحة فى الموقع وهو من أبناء محافظة الشرقية مركز كفر صقر لديه ثلاثة أبناء وبنت كان جالسا إلى جوار إحدى سيارات العيادات المتنقلة بالقطاع الأوسط قال كنت سعيد جدا عند ابلاغى بالقدوم للمشروع وعندما وصلت إلى موقع العمل ورايت عمال الحفر والعمل المتواصل ليل نهار شعرت بسعادة أكبر فأشعر أنه فاتحة خير كبيرة على مصر والمنطقة بالكامل. فلم أكن متوقعا أن يحدث وأن تحفر قناة ثانية فهذا قرار جرىء مثل ما فعل المصريون القدماء فى بناء الأهرامات وساظل أفخر آننى كنت ضمن الفريق الطبى الذى عمل بمشروع حفر قناة السويس هذا الصرح العظيم ليوفر الخير لأبنائنا.
وعن الحالات التى وصلت إليه قال: وردت حالة إصابة كدمات وخراج بالوجة نتيجة لسع شمس وتم عم الإجراءت العلاجية تجاه الحالة.
انتقلنا إلى مواقع الحفر والتقينا بمصطفى رشاد الغول من العريش، فى بالقطاع الأوسط لدية طفلين ويعمل سائق لودر عند خروجه من منزله متوجها إلى موقع الحفر قال لهم احنا رايحين نحفر القناة الجديدة.
يوميا يتصل به أحد أولاده للاطمئنان عليه وعندما يسأل أحد الجيران الطفل عن والدة يقول لهم «بابا فى القناة بيعمل بحر .
يقول مصطفى « هذا أول مشروع أشعر فيه براحة نفسية رغم أنى سائق لودر منذ 18 عاما إلا أن دى أول شغلانه أبقى مرتاح فيها نفسيا، ورغم تعب الشغل لأنه كثير إلا أنك لا تستطيع أن تعرف سبب ارتياحك النفسى فى العمل .
ويواصل مصطفى قائلا: هذا أول مشروع ناجح اعمل فيه وأشعر بذلك، بالنسبة لى أنا خلصت تعليم منذ 18 سنه ومن وقتها وأنا أعمل سائق لودر لعدم توافر فرص عمل. قدمت فى وظائف كثيرة، ولكن لم أعين فيها.
ويضيف نحن فى القطاع الأوسط سوف نصل بمنسوب الحفر ما بين 24 مترا و30 مترا حتى تخرج المياة، وسوف نصل بإذن الله إلى العمق المطلوب خلال 3 أشهر، وتقوم القلابات بعمل ستائر لأحواض الرمال على بعد 3 كيلو سوف يتم وضع الرمال ناتج الحفر بالكراكات فى تلك الأحواض ثم تنقل بعد ذلك إلى اجناب القناة الجديدة.
ويواصل مصطفى قائلا أكثر من 80 بالمئة من العاملين بالمشروع من أبناء سيناء.
ثم التقينا محمد أحمد سائق قلاب من أبناء العريش أيضًا يعمل بهذه المهنة منذ 12 عاما ، الابتسامة لا تفارق وجهه رغم مشقة وعناء العمل تحت الشمس ووسط الصحراء يعمل من فجر يوم الجمعة وحتى يوم الخميس بعدها يسافر يوم الخميس آخر النهار ليلتقى أهله وأصدقاءه من أبناء الفواخرية بمدينة العريش ثم يعود إلى عمله مرة أخرى، قال «لو مشتغلناش الناس مش هتاكل، المشروع ده فيه خير كبير لمصر كلها والدليل حالة السعادة التى تجدها على وجوه العاملين والزائرين للمشروع، ده أول مشروع أعمل به وأجد الناس يزورون المشروع ويقدمون لنا العصائر والابتسامة لا تفارق وجوههم.. الناس اللى بتيجى هنا بيكرمونا ويدعولنا، حتى الأمن دائما يسأل هل هناك أى عقبات تواجهكم فى العمل.. أية مشاكل، الجميع يعمل هنا من أجل إنجاح هذا المشروع، نحن نعمل هنا بأيدينا وبأسناننا .
وفى نهاية لقائى معه سألته انتوا عايزين أيه من المصريين أو من المسئولين عن المشروع قال « ادعولنا وخلى أمهات مصر تدعو لنا ، ووصى الناس علينا .
مشروع حقيقى
تركته بهذه الكلمات التى أثارت شجونى واستشعرت صدقها لالتقى شابا فى أوائل العقد الثالث من عمره، أحمد حيرم من أبناء الفواخرية أيضًا وهو سائق لودر شاب متعلم أنهى تعليمه الثانوى ثم عمل بهذه المهنة بادرنى هو قبل أن أسأله قائلا «الدنيا هنا حلوة قوى، حاسس أنى باعمل حاجة كبيرة لبلدى، باشتغل بضمير لأنى حاسس إن ده مشروع حقيقى، وأن الريس بتاعنا هيظبطلنا الدنيا، المشروع ده دخل جديد وخير كبير لمصر كلها إن شاء الله .
سألته أنت حاسس بأيه وانت فى موقع العمل قال « حاسس انى وسط أهلى، لأن دى بلدنا ولازم نقف جنبها، احنا هنا مش حاسين بأى تعب، على فكرة بكره ولادنا يحكوا ويقولوا اأباؤنا هما اللى حفروا القناة الجديدة دى ويفتخروا بكده زى ما احنا بنفخر أن أجدادنا هما اللى حفروا القناة الحالية.
تركته لالتقى شابا فى منتصف العقد الثانى من عمره صامت دائما العرق يكسو يحمل ملامح الشخصية المصرية الضاربة بجذورها فى هذه الأرض الطيبة ، تشعر فى ملامحه أنه حزين فى بداية لقائك معه، رفض أن يقوم المصور بالتقاط صورة له، وهو يقوم بتفريغ السولار من البرميل ليقوم بتموين اللودر، اقتربت منه لاكتشف، اننى لم أنجح فى قراءة شخصيته الحقيقية، واكتشفت بداخله شخصية مصرية حقيقية سالته: مالك حزين الجميع هنا مبتسم وسعيد؟
قال: أبدا أنا شخصيتى كده أنا مش حزين ولا حاجة .
وظهرت على ملامح وجهه ابتسامة صافية جعلتنى أسأله اسمك أيه قال جمعة محمد جمعة وبدأ يروى لى حكايته، فهو ابن ال 17 ربيعا لم يحصل على حقه من التعليم نظرا لظروفه ويشعر بسعادة لا توصف لمشاركته فى المشروع من أوله وسيواصل العمل حتى آخر المشروع وقال «اللى بنشوفه فى عيون الناس اللى بتيجى هنا موقع الحفر يخليك تتأكد أن مصر باذن الله السنه هادى هيتفتح فيها شغل جامد للشباب، وهيريح مصر كلها ومش هتلاقى ولا واحد بيشتكى من فقر ولا من حاجة وربنا هيكرمنا، لأن المشروع ده مش هيبقى تنمية لسينا بس ده هينمى مصر كلها وهيكون بشرة خير على سيادة الرئيس .
مصر بتتغير
سألته: هل تشعر هنا فى هذا المشروع بالتغير ؟ قال: «اللى عايز يعرف أن مصر اتغيرت يجى هنا، ده أكبر تغيير حصل فى مصر كلها والعالم كله باللى احنا بنعمله .
تركته بكلمته التى تسبق سنه وتعبيراته التى تؤكد أن أبناء هذا الوطن الحقيقيين دائما تجدهم فى مواقع العمل، وليسوا أمام الكاميرات . انتقلت إلى إحدى خيام الإعاشة للعاملين بموقع الحفر لالتقى شابا اسمه أحمد عبده بادرنى قائلا اتفضل شاى معانا يا أستاذ، احنا ولاد بلد برضه.
قبلت دعوته لأجلس معهم وسط الخيمة التى ليس لها أى دور سوى حمايتهم من لهيب شمس الصحراء، بادرنى قائلا «تعرف يا أستاذ أنا هنا فى القناة الجديدة بنتذكر قدماء المصريين اللى عملوا الأهرامات وأبو الهول واللى حفروا القناة القديمة واللى بنو السد العالى ، بس الفرق بينا أجدادنا، أنهم حفروا القناة القديمة بالسخرة ونحن نحفر القناة الجديدة برضانا .
التقط منه طرف الحديث نبيل جمال شاب يتحدث العربية والإنجليزية بطلاقة فى كلية الهندسة من أبناء محافظة العريش، قال « أبناء سيناء شغالين فى المشروع ده بقلبهم جامد فيه أماكن وصل فيها الحفر إلى 14 و15 مترا رغم أننا لم يمر شهر على بدء العمل وسيستمر الحفر حتى 24 مترا ، وهذا المشروع نقطة تحول فى خريطة الوطن يجب أن تضع بصمة لك فيه وأن تكون بصمة حلوة بالعمل، عليك أن تضع بصمتك فى كل مكان حولك أنت موجود فيه،فالمعارض للمشروع عدو للوطن ولا يحب مصر، هو عايز مصر خراب، ده المفروض يجى معانا هنا .. ونركبه عربية ونعلمه السواقة والتعليم مش عيب ويشتغل معانا فى المشروع ده علشان يعرف أن مصر بتتغير» .
ويواصل نبيل قائلا «فيه واحد دائما على خطأ ويظن أنه على صواب، ده لا يحب أن تتقدم مصر، نحن قلب العالم ولابد أن نكون أحسن دولة فى العالم ، المشروع ده هيخلى مصر تطلع وتطلع بدون أى مساعدات خارجية ولكن بمساعدات أولادها وتصبح رائدة العالم كله .
لملمنا أوراقنا وتركنا موقع الحفر فى القناة الجديدة على وعد بلقاء آخر مع هؤلاء الأبطال وأبطال آخرين فى قطاعات أخرى من القناة وحملونا بعض مطالبهم من المسئولين أن يتم توفير أماكن إعاشة للعاملين خاصة أن هذه الخيام تفى بالغرض فى الصيف ولكن لن تستطيع مقاومة الشتاء القادم فى الصحراء.
وخلال أعمال الحفر عثر على رفات أحد أبطال حرب أكتوبر 1973 ليؤكد أن أبناء هذا الوطن يواصلون ملاحم البطولة والفداء على مر العصور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.