اقرأ معى تصريح موسى أبومرزوق نائب رئيس المكتب السياسى لحركة حماس ثم اضرب كفا على كف.. اسمع يا سيدى! يقول أبو مرزوق إن الحركة قبلت بمبادرة وقف إطلاق النار مع غزة فى ظل حكم الرئيس المعزول محمد مرسى بسبب حرص الوسيط المصرى على التواصل معهم وهذا ما افتقدته المبادرة الحالية تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى. معنى كلام أبو مرزوق أن حماس رفضت المبادرة المصرية الحالية لأن الوسيط المصرى لم يتواصل معها.. لم يضعها فى الاعتبار.. حتى لو كان ذلك صحيحا.. مع أنه ليس صحيحا.. فهل من أجل هذا الاعتبار الشكلى ترفض حماس المبادرة المصرية لتعطى إسرائيل المبرر لسفك دماء الأبرياء من الشعب الفلسطينى؟!.. هل يكون ثمن «عنجهية» حماس قتلى وصل عددهم حتى كتابة هذه السطور إلى أكثر من 600 شهيد.. والله وحده أعلم كم سيصل عددهم؟! وعلى أية حال فإن ادعاء أبو مرزوق بأن الوسيط المصرى لم يتواصل مع حركة حماس قبل أن تعلن مصر عن مبادرتها.. ادعاء غير صحيح وغير منطقى لسبب بسيط.. لا يمكن لدولة فى حجم مصر أن تقدم على إعلان مبادرة بصورة رسمية إلا بعد أن تتأكد من موافقة أطراف الصراع عليها. هذا هو العُرف السائد فى مثل هذه المسائل.. تفاوض مع الأطراف لا يتم الإعلان عنه حتى تضمن الدولة التى تقوم بالوساطة موافقة أطراف الصراع.. وبعدها يتم الإعلان رسميا عن مبادرتها.. ويأتى ذلك فى إطار حفاظ الدولة الوسيط على هيبتها وعلى مكانتها الدولية.. فقد تفاجئ الدولة الوسيط برفض أطراف الصراع لمبادرتها أو رفض أحد أطراف الصراع.. وهو ما يمكن أن يسبب لها حرجا دوليا.. إن صح التعبير.. فهل نصدق أن مصر بحجمها ومكانتها ودورها يمكن أن تقامر وتغامر وتعرض نفسها لهذا الحرج الدولى.. لابد أنها اتصلت بأطراف الصراع ولابد أنها تفاوضت معهم ولابد أنها حصلت على موافقتهم. أما إذا جاء أحد أطراف الصراع بعد ذلك وبعد أن وافق شفهيا على المبادرة وأعلن عدم موافقته عليها فليس لذلك إلا اسم واحد ومعنى واحد.. عدم احترام العهد والوعد والتراجع عن الكلمة! وهذا بالضبط ما حصل مع حماس.. تفاوضت مع الوسيط المصرى وقبلت مبادرته ثم تم استدعاء خالد مشعل - رئيس المكتب السياسى لحماس - إلى تركيا.. وهناك حصل على تعليمات برفض المبادرة المصرية فعاد إلى قطر حيث يقيم.. وقام بالاتصال بباقى قيادات حماس ونقل لهم التعليمات الجديدة.. وهكذا أعلنت حماس رفضها للمبادرة المصرية.. وتفنن قادتها فى توجيه الاتهامات لهذه المبادرة! *** سمعنا قادة حماس ومنهم خالد مشعل يتشدقون بعبارة واحدة.. ليس لنا مشكلة مع مصر ومع المبادرة المصرية.. مشكلتنا مع مضمونها.. مضمون المبادرة!. هذا الادعاء أو هذا الاتهام للمبادرة المصرية يقودنا إلى سؤال مهم: لماذا قبلت حماس المبادرة المصرية أيام الرئيس المعزول محمد مرسى ولم تقبلها أيام الرئيس السيسى.. خاصة أنه ليس هناك فارق كبير بين المبادرتين.. بل أن مبادرة السيسى فى الواقع أفضل من مبادرة مرسى. الإنصاف يقتضى أن نقارن بين المبادرتين للحكم بموضوعية أيهما أفضل. أستعين بتقرير نشرته صحيفة «المصرى اليوم» عن المبادرتين.. مبادرة مرسى ومبادرة السيسى.. وطبقًا للتقرير فإن البند الأول من مبادرة مرسى ينص على أن تقوم إسرائيل بوقف كل الأعمال العدائية على قطاع غزة برًا وبحرًا وجوًا بما فى ذلك الاجتياحات وعمليات استهداف الأشخاص.. بينما ينص البند الأول من مبادرة السيسى على أن تقوم إسرائيل بوقف جميع الأعمال العدائية على قطاع غزة برًا وبحرًا وجوًا مع التأكيد على عدم تنفيذ أى عمليات اجتياح برى لقطاع غزة أو استهداف المدنيين. والحقيقة أن البند الأول فى المبادرتين يتطابق إلى حد كبير.. غير أن مبادرة السيسى طلبت تأكيدًا على عدم القيام باجتياح برى للقطاع وانتهى البند الأول لمبادرة السيسى بعبارة «استهداف المدنيين» بينما انتهى البند الأول لمبادرة مرسى باستهداف الأشخاص. وينص البند الثانى من مبادرة مرسى على أن تقوم الفصائل الفلسطينية بوقف كل الأعمال العدائية من قطاع غزة تجاه إسرائيل بما فى ذلك إطلاق الصواريخ والهجمات على خط الحدود.. بينما ينص البند الثانى من مبادرة السيسى على أن تقوم كافة الفصائل الفلسطينية فى قطاع غزة بإيقاف جميع الأعمال العدائية من قطاع غزة تجاه إسرائيل جوًا وبحرًا وبرًا وتحت الأرض مع التأكيد على إيقاف إطلاق الصواريخ بمختلف أنواعها والهجمات على الحدود أو استهداف المدنيين. فإذا أتينا إلى الفارق بين البندين فسنجد أنه تمت إضافة عدة كلمات للبند الثانى فى مبادرة السيسى وهى كافة.. وتحت الأرض.. وإطلاق الصواريخ بمختلف أنواعها.. واستهداف المدنيين. ونأتى للبند الثالث من مبادرة مرسى فنجده ينص على فتح المعابر وتسهيل حركة عبور الأشخاص والبضائع عبر المعابر الحدودية وعدم تقييد حركة السكان أو استهدافهم فى المناطق الجنوبية.. والتعامل مع إجراءات تنفيذ ذلك بعد 24 ساعة من دخول الاتفاق حيز التنفيذ.. أما البند الثالث من مبادرة السيسى فينص على فتح المعابر وتسهيل حركة عبور الأشخاص والبضائع عبر المعابر الحدودية.. فى ضوء استقرار الأوضاع الأمنية على الأرض. ونلاحظ هنا أن هناك اختلافًا بين البندين.. ففتح المعابر وتسهيل حركة المرور فى مبادرة مرسى تم تحديده بمرور 24 ساعة على تنفيذ المبادرة فى حين أن مبادرة السيسى تركت فتح المعابر وتسهيل حركة المرور لاستقرار الأوضاع الأمنية دون ذكر وقت معين للتنفيذ.. مع الوضع فى الاعتبار أن إسرائيل لم تلتزم بفتح المعابر واستمر حصارها لقطاع غزة بذرائع كثيرة. وبالنسبة للبند الرابع من مبادرة مرسى فهو ينص على أن يتم تناول باقى القضايا إذا ما طلب ذلك.. بينما ينص البند الرابع من مبادرة السيسى على أن باقى القضايا بما فى ذلك موضوع الأمن سيتم بحثها مع الطرفين. ويبدو واضحًا أن مبادرة السيسى فى هذا البند أكثر وضوحًا وتحديدًا. وهكذا تبين لنا المقارنة بين المبادرتين أنه ليس هناك فارق كبير بين الاثنين وإن كانت مبادرة السيسى الأفضل.. والسؤال: لماذا قبلت حماس مبادرة مرسى ورفضت مبادرة السيسى.. لماذا قبلت الأسوأ ورفضت الأفضل؟! *** ليس خافيًا أن حماس تسعى مع قطروتركيا لضرب الدور المصرى. خالد مشعل قال لصحيفة الديلى تلجراف البريطانية بالحرف الواحد: نريد إشراك تركياوقطر فى وساطة مصر.. وهذا معناه أن حماس لا تريد دورًا مصريًا قويًا. ونسمع من مصادر دبلوماسية عن اتصالات سرية بين قطر وإسرائيل لاستبعاد مصر من الحل والموافقة على قيام قطر بهذا الدور مستغلة نفوذها على الفصائل الفلسطينية خاصة حماس. ونسمع عن مبادرة قطرية تشمل شروطًا بلهاء منها فتح معبر رفح بالقوة.. كأن مصر لا تملك السيادة على أراضيها. وفى كل الأحوال تسعى حماس لضرب الدور المصرى وإضعافه بأى ثمن.. حتى لو كان هذا الثمن دماء الشعب الفلسطينى! *** التاريخ لا يغفر ولا يسامح.. وسوف يسجل التاريخ أن حماس باعت دماء الشعب الفلسطينى بأبخس الأثمان.. ومن أجل أهداف لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية!.