زهرة تتفتح ورقة.. ورقة.. تشتاق لقطرات الندى فى فجر الصباح.. ينتشر عطرها ليعم المكان.. تنظر إليها أمها فى حب وحنان فهى تقترب من سنوات الأنوثة بخطوات واسعة كبيرة.. تشترى الأم كل شىء تقع عليه عيناها من أجل صغيرتها «العروس الجميلة» كما تخيلتها وحلمت بها.. نعم لم تبلغ بعد الخامسة عشرة من عمرها، ولكنها تعلم جيدًا أن البنات سرعان ما يكبرن.. سرعان ما يأتى ابن الحلال يفوز بهن.. الأيام تمر على الأسرة بحلوها ومرها.. ولكن الأم تلاحظ ذبولا غير عادى فى وجه ابنتها الجميل.. ويشحب الوجه وتبدأ فى الشكوى.. إنها تشعر بآلام فى ساقها اليمنى.. وتحولت الشكوى إلى بكاء فهى لا تستطيع أن تقف على ساقها ولو لدقائق.. كانت الأم تهدئ من روعها وتحاول أن تعالجها ببعض المسكنات، فهى تخاف من الذهاب بها إلى المستشفى وما يترتب على ذلك من مصاريف لن يستطيع الأب تحملها.. ولكن تحول البكاء إلى صراخ وهنا اضطرت الأم إلى أن تطلب من الأب السماح لها باصطحاب الابنة إلى المستشفى وبدأت رحلة المعاناة، أول الأمر وصف الأطباء بعض المسكنات التى لم تهدئ من آلام الابنة.. طلب الأطباء تحاليل وأشعة على الساق.. وكانت الصدمة التى قصمت ظهر الأم والأب أن ساق الابنة قد اغتالها مرض السرطان اللعين.. وأن علاجها سيكون بالعلاج الكيماوى والإشعاعى كمرحلة أولى ظلت الابنة تتردد على المعهد القومى للأورام شهورا، ثم قرر الأطباء إدخالها غرفة العمليات، وذلك لاستئصال الورم وتركيب دعامة عظمية ومعدنية.. بكت الأم على ابنتها العروس التى كتب عليها أن تعيش معذبة بسبب عجزها عن استخدام ساقها، ولكنها فى نفس الوقت حمدت الله على أن الابنة ستكون بخير مع الأيام.. عاشت «سحر» فترة عصيبة بعد إجراء الجراحة كانت تبكى كلما رأت أخواتها وبنات الجيران وهن يخرجن ويلعبن وهى نائمة على سريرها فى البيت أو المستشفى، ولكن الحمد لله كانت تخرج من شفتيها جوابا عن السؤال عن صحتها.. استطاعت أن تتجاوز المحنة لسنوات كانت تخضع فيها للمتابعة الدورية بالمعهد وكانت فرحتها وفرحة أمها كبيرة عندما تقدم لها ابن الحلال الذى طلب أن يرتبط بها ولم تخف الأم والابنة عنه ما مرت به من مأساة.. لم يتراجع بل أكد أنه يعلم ما مر بها وأنه مصّر على الارتباط بها.. وبالفعل تزوجته وكانت وصية أمها الوحيدة لها أن تحمل جميل الزوج على رأسها، فقد وافق على الارتباط بها برغم معرفته بحقيقة مرضها وأنه حقق لها ولأمها حلما كان يصعب تحقيقه.. وانتقلت من بيت أبيها إلى بيت زوجها ولم تمر شهور قليلة إلا وقد حملت فى طفلها الأول، ثم رزقها الله بثان.. كانت بانشغالها بالزوج والبيت والأولاد قد نسيت ما عانت منه مع المرض.. ولكن وآه من كلمة لكن.. كأن يد المرض تأبى أن تفارقها.. جاء يوم لم تظهر له شمس عندما شعرت بصدرها يضيق عليها والسعال يكاد يفتك بها وآلام لا حصر لها تكاد تمزق صدرها.. طلبت من الزوج أن يذهب بها إلى المعهد القومى للأورام حسب تعليمات الأطباء بالتوجه إليهم بمجرد ظهور أى عرض أو أى شكوى من مرض.. وكانت الطامة الكبرى التى واجهت «سحر» وزوجها أن السرطان هذه المرة فى الرئة، فقد أصيبت بثانويات بها وتحتاج إلى إجراء جراحة لاستئصال هذه الثانويات وبالفعل تم ذلك سريعا وخضعت لجلسات علاج كيماوى وإشعاعى حتى لا ينتشر المرض فى أماكن أخرى بالجسم.. الآن هى تبكى قسوة الزمان فالزوج سائق حر دخله لا يتعدى 800 جنيه شهريا ولديه طفلان يحتاجان إلى مصاريف واحتياجات الأسرة بخلاف احتياجاتها، أرسلت تطلب المساعدة.. من يرغب فليتصل بصفحة مواقف إنسانية.