تعُد مشكلة تلوث البيئة من المشاكل المزمنة فى محافظة القليوبية بسبب مكامير الفحم الموجودة بالقرب من الكتلة السكنية بل بداخلها بطريق خط 12 والذى يضم أكثر من 500 مكمورة فحم تلوث عدة مدن وقرى منها بنها وطوخ والقناطر الخيرية وأجهور الكبرى إحدى قرى مركز طوخ وهى من أكثر القرى التى يوجد بها مكامير الفحم. أهالى هذه القرية تقدموا بشكاوى عديدة لإنقاذهم من براثن التلوث القاتل ولكن دون جدوى قاموا بتنظيم وقفات احتجاجية واعتصامات ولم يلتفت إليهم أحد حيث إن القرية تعانى منذ سنين بسبب هذه المكامير والغريب أنه يعمل فى تلك المكامير أطفال وشيوخ علاوة على الأدخنة المتصاعدة يوميًا منها واقتحام منازل القرية وإصاباتهم بأمراض الربو بل وفاة بعض الأطفال. فى بداية جولة «أكتوبر» لاحظنا إن «أجهور الكبرى» من أكثر القرى التى بها هذه المكامير ويبلغ عدد سكانها 50 ألف مواطن يشتغلون بالزراعة وتجارة الموالح ومعظمهم مصابون بمرض الربو والحساسية الصدرية بل وفاة العديد من الأطفال والذى نجم عنه هجرة عدد كبير من الأهالى خارج القرية إضافة إلى أن أحد سكان القرية والذى رفض ذكر اسمه قال إن هذه المكامير يقف وراءها مسئولون كبار وهم السبب الرئيسى فى عدم نقلها من القرية بالرغم من وعد المحافظ فى زيارته الأخيرة برفقة وزيرة البيئة بنقل هذه المكامير فى منطقة صحراء بلبيس بمحافظة الشرقية أو تنفيذ تجربة نموذج جديد للمكامير باستخدام الفرن الخرسانى المطور بهدف الحفاظ على البيئة والحد من التلوث الناتج عنها وأكد أن انتشار مكامير الفحم يعرض حياتهم وحياة أولادهم للخطورة مؤكدًا أن تراخى المسئولين فى نقل هذه المكامير أدى إلى تظاهر معظم القرى المجاورة لهذه القرية منها عزبة الصغير وعزبة البربرى والصدقية وعزبة الديوانى وقرية كومبتين والعمار وبرشوم. وأيضًا نلاحظ وجود سيارات نقل محملة بشكائر فحم جاهزة للتوزيع على المقاهى والفنادق وغيرها بجانب وجود أدخنة كثيفة «ليل نهار» والتى تتسبب فى تكوين شبورة وأيضًا لإتلاف جميع الأراضى الزراعية المجاورة بجانب أن المكمورة عبارة عن جمع مخلفات الأخشاب الزراعية ويوجد بها أكثر من 30 عاملا بأجر يومى 60:50 جنيها يوميًا معظمهم من الشباب خريجى المدارس والجامعات ويقوم العامل برص المكمورة بأخشاب فوق بعضها ومن الداخل أخشاب صغيرة ويحيطها بقش أرز وأتربة لتثبيتها مع ترك مكان صغير لإشعال النيران فيها وبعد ذلك يقوم العامل بإطفائها بخرطوم المياه للتحول إلى فحم منه فحم الفاكهة الذى يعتبر أغلى الأنواع الذى يبلغ ثمنه 1600 جنيه بجانب خشب البرتقال والجزورين والكافور وطن الخشب يصنع منه نصف طن فحم بعد حرقه وأرض هذه المكامير معظمها أملاك بمعنى تأجير المكان وليس هناك أى تراخيص لهذه المكامير من المحافظة أو وزارة البيئة. معاناة يومية وحكى عدد من أهالى القرية جزءا من معاناتهم فقال محمد محمود إبراهيم مقيم بجوار هذه المكامير إن وعود المسئولين بنقل المكامير حبر على ورق وأنه رغم إصدار الدكتور عادل زايد محافظ القليوبية السابق قرارًا بإزالة 11 مكمورة لإنتاج الفحم بقرية أجهور الكبرى وتشكيل لجنة لمتابعة باقى المكامير وإزالتها لم يلتزم مالكها بتقنين الأوضاع أو بشروط جهاز شئون البيئة إنه لم يتم تنفيذ أى من هذه الوعود لأن انتشار هذه المكامير يترتب عليه الكثير من الآثار السلبية على صحة الإنسان والحيوان.. وأضاف أن قرية أجهور الكبرى من القرى التى تساهم بشكل أساسى فى الاقتصاد القومى لتجارة الموالح ولذا أناشد المسئولين بالوقوف بجانبنا وتقديم المساعدة لنا بنقل هذه المكامير إلى مكان آخر بعيدًا عن الكتلة السكنية كما أطالب بوقف هذه المكامير فورًا مع وجود حل بديل لأن إلغاءها سيؤدى إلى غلق بيوت عمال كثيرين يعملون بها. فتحى حفناوى الشاذلى صاحب مكمورة قال إننا مع نقل هذه المكامير بشرط توفير السكن والأرض وجميع الخدمات حتى لا تؤثر على دخلنا ونحن أصحاب بيوت وأضاف أن هذه المكامير تساهم فى تحقيق البطالة حيث يعمل بها معظم الخريجين من دبلومات وجامعات لأن يومية العامل تتراوح ما بين 70:60 جنيها. وقال إن المكمورة يوجد بها 200 طن خشب من جميع مخلفات الأخشاب الزراعية مؤكدًا أن الفحم أنواع الأفضل منها خشب الفواكه ويصل ثمنه إلى 1600 جنيه وخشب المانجو 1300 جنيه بجانب الجزورين الكافور مع العلم بأن طن الخشب يصنع نصف طن فحم ويصدر إلى تركيا ولبنان والأردن وأوروبا بمعنى أنه من الصناعات التى تجلب عملة صعبة للبلاد فيجب دعمها من قبل الحكومة وليس إلغاءها. وأضاف أن ثمن طن الخشب 550 جنيها بعد تصنيعه فحما يصل إلى 1500 جنيه. كارثة صحية فيما أشار د. ياسر عادل حنفى بمركز البحوث الصحراوية بالنسبة لمكامير الفحم الموجودة فى بعض المحافظات وخاصة محافظة القليوبية هذا أمر فى غاية الخطورة وزارد بسبب أزمة الوقود وتوليد الطاقة فالدولة تلجأ للفحم بسبب عدم وجود بديل مناسب وأضاف أن العودة لاستخدام الفحم رفضت من قبل وزارة البيئة فى وقت سابق لأنه عامل أساسى فى تلوث البيئة ولكن الوزارة تراجعت لعدم وجود بديل مناسب للطاقة كما أن البديل المناسب مكلف جدًا مثل توليد الطاقة الشمسية وهذا الأمر اقتصادى بحت يكلف الدولة أموالًا طائلة. وأكد أن الدول الأوروبية لا تصنع الأسمنت وتقوم باستيراده من مصر لأنه ملوث للبيئة ومضر بصحة الإنسان والحيوان بسبب الأدخنة الكثيفة التى تصيب الإنسان بالربو والحساسية الصدرية بدليل أن معظم هذه المكامير تكاد تكون خارج الكتلة السكانية ولكن تقلب الرياح يؤدى إلى انعكاسها على المناطق السكانية ولذا فلابد أن تكون هناك خطة مدروسة على أعلى مستوى للحد من التلوث بجميع أشكاله وألوانه خاصة فى القرى التى تعانى من وجود مكامير بدائية لحماية المواطنين من هذا التلوث. من جانبه قال عبد الحكيم القاضى رئيس مجلس مدينة طوخ عن مشكلة الفحم بقرية أجهور الكبرى إنه جار البحث عن تطوير المكامير مع عرض النماذج المطورة الجارى تقييمها لاختيار الأفضل منها. وأضاف أنه جار الآن بالمحافظة عمل لجنة لبحث هذا الموضوع حسب تعليمات المحافظ ووزيرة البيئة. أكد رأفت عبد اللطيف مدير مكتب البيئة بالقليوبية أن هناك لجنة مشكلة من وزارة البيئة ومركز الحد من التلوث وعرض النماذج المطورة الجارى تقديمها لاختيار الأفضل منها بيئيا بالإضافة إلى عرض الإجراءات الجارية حاليًا بالتنسيق مع مركز الحد من المخاطر بجامعة القاهرة بشأن تخطيط استخدامات الموقع المقترح ودراسة الأحمال البيئية الناتجة طبقًا لعدد المكامير التى يمكن أن يشملها المشروع إلى جانب مناقشة فرص التمويل وتنفيذ المشروع بالتعاون والتنسيق مع محافظة القليوبية مشيرًا إلى أنه تم تشكيل فريق عمل من قبل وزارة الدولة لشئون البيئة وفريق آخر من مركز الحد من المخاطر بجامعة القاهرة للتعاون فى وضع شروط مرجعية لمشروع البيئة النظيفة الذى تتبناه محافظة القليوبية وبحث مصادر تمويله من خلال وضع شروط تضمن السلامة البيئية.