استطاعت ثورتا 25 يناير و30 يونيو، أن تحيى أغنيات الوطن الحقيقية، وعلى رأسها «أيقونة» يا حبيبتى يا مصر، غناء شادية ولحن بليغ حمدى وكلمات محمد حمزة، وغيرها من أغنيات ثورة يوليو التى غاب كل شىء فيها، وبقيت فقط أغنياتها.. وإبداعات باقة المبدعين العظام.. صلاح جاهين وأحمد فؤاد نجم والموجى وكمال الطويل وعبد الحليم حافظ الذى ارتبط صوته بصوت الثورة، وأصبح المعادل الغنائى لعبد الناصر. والغريب أن الأجيال الجديدة تحب هذه الأغانى وتحفظها عن ظهر قلب رغم أنها لم تعايش أحداث الثورة، ولم تعش انتصاراتها وانكساراتها.. ومن يتصفح المواقع الموسيقية على شبكة الإنترنت، سيتأكد من هذه الحقيقة.. ويجد شبابا أقل من العشرين يبحثون عن «صورة»، و«قلنا هنبنى وادى احنا بنينا السد العالى» وغيرها من الأغنيات الصادقة الجميلة. ويحكى كتاب «الغناء والسياسة فى تاريخ مصر» للباحثة الموسيقية الدكتورة ياسمين فراج قصة اشتباك أحد أدوات الثقافة وهى الموسيقى والغناء والسياسة عبر تاريخ مصر، بدءاً من عصور الفراعنة، وحتى موسيقى وغناء ثورة يناير وما تبعها إلى أن نصل للأغنيات الدعائية لمرشحى رئاسة الجمهورية. يقع الكتاب فى خمسة فصول الفصل الأول بعنوان «الأغنية الوطنية بين الماضى والحاضر»، ويعرض لأنواع وسمات الأغنيات الوطنية فى فترات مختلفة من تاريخ مصر منذ عصور الفراعنة وحتى القرن الحادى والعشرين، لنصل فى نهاية هذا الفصل إلى أنواع الغناء الوطنى التى ظهرت عبر تاريخ مصر الحديث. أما الفصل الثانى، وهو بعنوان «السلام الوطنى فى تاريخ مصر الحديث»، فيبحث فى تاريخ السلام الوطنى فى مصر الحديثة، وكل مايتعلق بملابسات البحث عن النشيد والسلام الوطنى لمصر، انتهاءً بتحليل موسيقى للنشيد والسلام الوطنى الحالى (بلادى بلادى) وأهم التعديلات التى طرأت عليه. بينما يغوص الفصل الثالث بعنوان «الموسيقى والغناء فى آخر ثورات مصر (25 يناير 2011)، ويعرض موسيقى هتافات ثورة يناير ويتناولها بالتحليل الموسيقى، مع الوقوف على الدلالات السياسية والاجتماعية لهذه الهتافات، يتبعه رصد للأغنيات التى تم إنتاجها فى الفترة مابين 25 يناير وحتى نهاية شهر مارس تقريبا من عام الثورة، ثم إلقاء الضوء على مشروع الارتقاء بالأغنية الوطنية الذى أطلقه مجموعة من شيوخ الشعراء والملحنين والإعلاميين باتحاد الإذاعة والتليفزيون المصرى تملقا لثورة يناير ولم يسفر عن شىء فى الجزء المعنون ب «أغنيات ثورة 25 يناير الوطنية من الإرهاصات إلى الادعاءات». ويتعرض الفصل الرابع، والذى يحمل عنوان «سيميولوجيا الأغنيات الدعائية لمرشحى رئاسة الجمهورية»، إلى كلمات وموسيقى الأغنيات الدعائية لأبرز مرشحى أول انتخابات رئاسية فى الجمهورية الثانية لمصر بعد ثورة يناير، والوقوف على الدلالات السياسية والاجتماعية التى روجت لها حملة خمسة من أبرز المرشحين فى الجولة الأولى والثانية. فيما يتناول الفصل الخامس بعنوان «المبدعون والطريق إلى ثورة 30 يونيو»، توثيق ردود أفعال الحركة الفنية والثقافية تجاه الهجمة الشرسة على قوة مصر الناعمة من خلال أربعة محاور هى: الغناء بالمرصاد، ويرصد فيه الكتاب دور الحركة الغنائية خلال عام حكم محمد مرسى. وأكاديمية الفنون.. الصدام الأول والأخير»، وتتعرض فيه الباحثة لدور أكاديمية الفنون فى صد الهجمات الظلامية عليها وعلى الثقافة المصرية، و «فنون اعتصام المثقفين»، اعتراضاً على محاولة ضرب القوة الناعمة المصرية، وأخيراً «موسيقى هتافات ثورة 30 يونيو» . ويضم الفصل السادس والأخير، بعنوان «نقد نماذج لأغنيات ارتبطت بأحداث سياسية فى مصر، النوتات الموسيقية لمجموعة من الأغنيات التى ارتبطت بأحداث سياسية فى مصر ولاقت نجاحا، ويتناولها بالتحليل والنقد الموسيقى والاجتماعى.