جاء قرار منع فيلم «حلاوة روح» بطولة الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي بعد الهجوم الشديد عليه واتهامه بتحريض الأطفال على ارتكاب الأعمال المنافية للآداب، ليفتح من جديد ملف الرقابة على المصنفات الفنية، التي طالب البعض بإلغائها بعد ثورة 25 يناير بحجة الحفاظ على حرية الإبداع، فيما رأى كثيرون ضرورة الإبقاء عليها لحماية المجتمع من الإسفاف والابتذال. وتاريخ السينما المصرية يشهد بحفاظ معظم السينمائيين على الآداب العامة في أفلامهم ، فيما عدا استثناءات قليلة تحولت لتصبح القاعدة بعد نكسة 67، حين صدرت أوامر عليا للرقابة على المصنفات الفنية بعدم استخدام مقص الرقيب فى حذف المشاهد الإباحية والرقصات الخليعة ومشاهد العرى وتعاطى المخدرات من الأفلام. وكانت السينما المصرية وقتها قد توقفت مؤقتاً بسبب الهزيمة، فخرج عدد كبير من الممثلين والممثلات وصانعى الأفلام إلى بيروت، وصوروا أفلاماً هى الأسوأ فى تاريخ السينما العربية، سواء من حيث المستوى الفنى أو الانحطاط الفكرى أو مساحة الابتذال والعرى والمشاهد الجنسية والقصص التافهة، ثم عادوا إلى مصر لاستكمال المسيرة بسلسلة من أفلام الجنس والرقص والمخدرات، شاركت فيها الفنانة المعتزلة شمس البارودى بنصيب الأسد، ومعها ناهد شريف وناهد يسري ونعمت مختار ومديحه كامل ونجلاء فتحى وميرفت أمين وسهير رمزى ونيللى وشويكار ونوال أبو الفتوح. وقالت مديرة الرقابة على المصنفات الفنية فى ذلك الوقت السيدة اعتدال ممتاز فى كتابها «30 سنة رقيبة سينما» إن القيادة السياسية وقتها هى التى أصدرت هذه الأوامر بعدم حذف مشاهد العرى والمخدرات والعنف من الأفلام. وكان الهدف بالطبع من هذا التوجيه هو إتاحه الفرصة أمام الشعب لإغراق أحزانه فى كل ما يغيب الوعى وينسى الناس مرارة الإحساس بالهزيمة.. لكن الغريب أن هذه الفوضى الرقابية عادت مرة أخرى بعد ثورة يناير، فى صورة تجاهل تام لكل المحاذير السابقة، وخاصة على ما يعرض على شاشة التليفزيون الرسمى والقنوات الأرضية، ويكفى أن تراجع كم مشاهد تعاطى المخدرات وتدخين الشيشة وشرب الخمور فى مسلسلات رمضان خلال الأعوام الخمسة الماضية، لتعلم إلى أى حد أصبحت رقابة الدولة متسامحة مع مثل تلك الأشياء التى كانت محظورة وممنوعة، حتى سنوات قليلة مضت. وأصبحت موضوعات مثل الاغتصاب وزواج القاصرات والحمل السفاح، تُناقش الآن بحرية كاملة وبألفاظ واضحة وصريحة، ونحن بالمناسبة لسنا ضد ذلك، فهناك أمور كثيرة مسكوت عنها فى المجتمع يجب أن تتعرض لها الأعمال الدرامية وتناقشها وتعريها وتكشف جوانبها الخفية عن الناس، وتحذر الشباب من الوقوع فيها، لكن ذلك لابد أن يتم فى حدود اللياقة، ولابد أن يراعى حرمة اقتحام البيوت بالتليفزيون، ومستوى فهم المتلقى، كما يراعى آداب المجتمع العامة، واحتمالات إثارة غضب فئات كثيرة من الناس ترفض هذه الحرية غير المسئولة، وتعطي مبررات للمغيبين والمتربصين باتهام ثورة 30 يونيو بأنها ثورة ضد الأخلاق وتعاليم الدين وتقاليد المجتمع.