بعد حرب 67، صدرت أوامر عليا للرقابة على المصنفات الفنية بعدم استخدام مقص الرقيب فى حذف المشاهد الإباحية والرقصات الخليعة ومشاهد العرى وتعاطى المخدرات من الأفلام، وكانت السينما المصرية وقتها قد توقفت مؤقتاً بسبب الهزيمة، فخرج عدد كبير من الممثلين والممثلات وصانعى الأفلام إلى بيروت، وصوروا أفلاماً هى الأسوأ فى تاريخ السينما العربية، سواء من حيث المستوى الفنى أو الانحطاط الفكرى أو مساحة الابتذال والعرى والمشاهد الجنسية والقصص التافهة، ثم عادوا إلى مصر لاستكمال المسيرة بسلسلة من أفلام الجنس والرقص والمخدرات، شاركت فيها الفنانة المعتزلة شمس البارودى بنصيب الأسد، ومعها نجلاء فتحى وميرفت أمين وسهير رمزى ونيللى وشويكار ونوال أبو الفتوح. كما ظهر اسم الممثلة ناهد شريف بكثرة فى هذه الأفلام التى كانت تظهر فيها شبه عارية، ولم ينافسها سوى ممثلة أخرى هى ناهد يسرى بطلة الفيلم الشهير مع الراحل عادل أدهم «سيدة الأقمار السبعة»، والممنوع عرضه حتى الآن فى الفضائيات وقنوات السينما.. وقالت مديرة الرقابة على المصنفات الفنية فى ذلك الوقت السيدة اعتدال ممتاز فى كتابها «30 سنة رقيبة سينما» إن القيادة السياسية «عبدالناصر» هى التى أصدرت هذه الأوامر بعدم حذف مشاهد العرى والمخدرات والعنف من الأفلام. وطبعاً مفهوم أن الهدف من هذا التوجيه هو إتاحة الفرصة أمام الشعب والجيش المهزوم لإغراق أحزانه فى كل ما يغيب الوعى وينسى الناس مرارة الإحساس بالهزيمة.. لكن الغريب أن هذه التعليمات عادت مرة أخرى فى السنوات الأخيرة من عهد مبارك، فيما يبدو الآن وكأنه محاولة لشغل الناس عن عمليات النهب المنظم لثروات مصر من خلال التجاهل شبه التام لكل المحاذير الرقابية السابقة، وخاصة فيما يعرض على شاشة التليفزيون الرسمى والقنوات الأرضية، ويكفى أن تراجع كم مشاهد تعاطى المخدرات وتدخين الشيشة وشرب الخمور فى مسلسلات رمضان خلال الأعوام الخمسة الماضية، لتعلم إلى أى حد أصبحت رقابة الدولة متسامحة مع مثل تلك الأشياء التى كانت محظورة وممنوعة، حتى سنوات قليلة مضت. وهناك أمور كثيرة مسكوت عنها فى المجتمع يجب أن تتعرض لها الأعمال الدرامية وتناقشها وتعريها وتكشف جوانبها الخفية عن الناس، وتحذر الشباب من الوقوع فيها، لكن ذلك لابد أن يتم فى حدود اللياقة، ولابد أن يراعى حرمة اقتحام البيوت بالتليفزيون، ومستوى فهم المتلقى، كما يراعى آداب المجتمع العامة، واحتمالات إثارة غضب فئات كثيرة من الناس ترفض هذه الحرية غير المسئولة، وقد يؤدى إلى تطرف على الجانب الآخر.