عودة المياه تدريجيا إلى كفر طهرمس بالجيزة بعد إصلاح خط الطرد الرئيسي    نتائج مباريات اليوم في تصفيات دوري أبطال أوروبا    مروة يسري تعترف: مستشارة مرسي قالت لي أنت بنت مبارك وهذا سر عدائي ل وفاء عامر    المتحدة تعلن الشراكة مع تيك توك لنقل الافتتاح التاريخي للمتحف المصري الكبير إلى العالم    كلب ضال جديد يعقر 12 شخصا جديدا في بيانكي وارتفاع العدد إلى 21 حالة خلال 24 ساعة    وفاة أكثر قاض محبوب في العالم وولاية رود آيلاند الأمريكية تنكس الأعلام (فيديو وصور)    سيد ياسين: المصري قادر على المنافسة على لقب الدوري    الأهلي يتعامل بحذر مع إمام عاشور «كنز مصر»    شريف الخشاب: الأداء في الدوري لا يزال عشوائيًا    رياضة ½ الليل| مناشدة زملكاوية.. عدوانية رابيو.. اجتماع مهم لليد.. وأزمة أرض أكتوبر    شوقي حامد يكتب: شباب يفرح    كمال الدين رضا يكتب: الإنذارات والكروت الحمراء    لا تهجير.. لا تصفية.. لا مساس بسيناء| مصر تنتفض ضد أوهام «إسرائيل الكبرى»    محمد سعيد يكتب: صفقة ألاسكا    أحمد هاشم يكتب: وهم إسرائيل الكبرى    جريمة غامضة.. زوج يطلق النار على زوجته لاعبة الجودو لأسباب مجهولة    اعترافات المتهمة بحريق مستشفى حلوان| شروق: «أنا اللي حرقت قسم العناية المركزة»!    ضبط مكان لذبح الحيوانات بمدينة منوف بالمنوفية غير صالحة للاستهلاك الادمى    افتتاح قمة الإبداع الإعلامي للشباب العربي بحضور هنو ومبارك وعمار وعبدالغفار وسعده    لميس الحديدي: ظهوري على شاشة النهار تأخر 14 عامًا    صلاح دندش يكتب : تخاريف    عصام عطية يكتب: الأوبرا بلا رؤية!    شحاتة سلامة يكتب: ولادي وولاد الذوات    كرة سلة - سقوط الكبار.. خروج كوت ديفوار ونيجيريا من ربع النهائي أمام ثنائي مجموعة مصر    انقذته وجبة الإفطار.. مأساة أب ودّع أسرته تحت أنقاض عقار الزقازيق (صور)    إصابة 4 أشخاص في حادث انقلاب بطريق أسيوط - الفرافرة    تنظيم الاتصالات: بدء فصل الخدمة عن الهواتف المستخدمة في المكالمات الترويجية الأحد    دياب اللوح: الموقف المصرى من القضية الفلسطينية محورى وثابت ومركزى    الإمارات تخلي 155 مصابًا ومريضًا من غزة برفقة ذويهم    حماة الوطن بالقاهرة: لدينا القدرة للمنافسة على جميع المقاعد وكوادرنا مؤهلة    حدث ليلًا| أسعار عمرة أغسطس 2026 وموجة حارة جديدة بهذا الموعد    وسط تفاعل كبير من الجمهور.. علم فلسطين يرفرف فى سماء مهرجان محكى القلعة.. صور    وائل كفوري يحتفل بمولودته الجديدة    بسعة 350 سريرًا وتكلفة 2.175 مليارجنيه.. وزير الصحة يتفقد مشروع إنشاء مستشفى التأمين الصحي بالعاصمة الإدارية (صور )    قوات الاحتلال تبدأ عملية "عربات جدعون 2" للسيطرة على غزة والمقاومة تهاجم موقعا للجيش الصهيوني    اعتماد 7 مدارس ثانوية فنية للتمريض بمحافظة الإسكندرية    شروط الالتحاق بأقسام آداب القاهرة للطلاب المستجدين 2025 (انتساب موجه)    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    محافظ الغربية: ملف المخلفات على رأس أولويات تحسين جودة الحياة للمواطنين    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الاكتئاب والفتور في العبادة (فيديو)    طلقها وبعد 4 أشهر تريد العودة لزوجها فكيف تكون الرجعة؟.. أمين الفتوى يوضح    المنشاوي يهنئ طلاب جامعة أسيوط بحصد 9 جوائز في مهرجان الطرب للموسيقى والغناء    بينها فساتين قصيرة وجريئة.. ياسمين رئيس تنشر فيديو لإطلالات مختلفة لها بالصيف    في يومه العالمي- متى تسبب لدغات البعوض الوفاة؟    إيران تدرس إرسال وفد إلى فيينا لاستئناف المحادثات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    الأوقاف تعقد 681 ندوة بعنوان "حفظ الجوارح عن المعاصى والمخالفات"    البيئة تناقش آليات تعزيز صمود المجتمعات الريفية أمام التغيرات المناخية بقنا    مدبولي لقادة الدول: حان الوقت لاتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لردع العدوان الإسرائيلي والاعتراف بالدولة الفلسطينية    حملة موسعة على منشآت الرعاية الأولية في المنوفية    محافظ الإسماعيلية يتفقد عددا من القطاعات الخدمية ويستمع للمواطنين بمركز أمراض الكلى    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    تحرك عاجل من "سلامة الغذاء" بشأن شكوى مواطن من مطعم بالبحيرة    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الأربعاء 20 اغسطس 2025 بمحافظة بورسعيد    انطلاق ملتقى الشباب العربي الياباني في الجامعة العربية    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    ترامب: رئيس البنك المركزي يضر بقطاع الإسكان وعليه خفض أسعار الفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من إنشراح إلى شبكة التليفون الخلوى...جواسيس إسرائيل فى مصر
نشر في أكتوبر يوم 09 - 02 - 2014

نجاح أجهزة المخابرات المصرية مؤخرًا فى الكشف عن شبكة التجسس الخطيرة التى تعمل لصالح إسرائيل وتضم 9 متهمين من بينهم 3 مصريين و4 ضباط من جهاز المخابرات الإسرائيلى (الموساد). كشف عن أن الأوضاع الداخلية فى مصر بعد ثورة 25 يناير لم تشغل المخابرات المصرية عن القيام بمهامها فى حفظ الأمن القومى والجديد فى الأمر أن هذه الشبكة على امتداد 7 سنوات كانت تعتمد على الاتصالات الهاتفية من خلال شبكة «أورانج» الإسرائيلية، وذلك من خلال التغطية الجيدة التى توفرها هذه الشبكة للمناطق الحدودية. إذ يكفى أن تكون فى منطقة رفح والشيخ زويد لتتصل أو تتلقى أى اتصال من إسرائيل عبر هذه الشبكة، لكن المخابرات المصرية كانت لهم بالمرصاد عندما رصدت المحادثات الهاتفية بين العناصر الإسرائيلية والمتهمين منذ 7 سنوات.
كما رصدت أجهزة المخابرات المصرية محاولتهم تجنيد أشخاص آخرين للتجسس لصالح إسرائيل وقامت بتسجيل المحادثات الهاتفية بكل دقة والتى كان يطلب فيها الجانب الإسرائيلى إمداده بالمعلومات الخاصة بالأوضاع الأمنية والسياسية فى مصر ويركز على الأوضاع فى سيناء وأماكن وجود الأنفاق والعناصر الجهادية.
وقامت أجهزة الأمن برصد الأماكن والطرق التى سلكها المتهمون عند تنقلهم من الأراضى المصرية إلى الأراضى الإسرائيلية لمقابلة عناصر الموساد. كما رصدت المحاولات التى تمت لإتمام صفقة بيع صواريخ كانت بحوزتهم لبعض العناصر الفلسطينية والجهادية فى سيناء.
وقصص الجاسوسية بين مصر وإسرائيل كثيرة لكن أشهرها قصة رفعت الجمال (رأفت الهجان) الذى زرعته المخابرات المصرية فى إسرائيل ولم ينكشف أمره حتى يوم وفاته، وقصة إبراهيم شاهين وزوجته إنشراح وأولادهما نبيل ومحمد وعادل، الذين جندتهم إسرائيل بل ومنحتهم رتبًا عسكرية فى الموساد.
تبدأ القصة بقيام المخابرات الإسرائيلية أثناء احتلال إسرائيل لسيناء فى تجنيد أحد أبناء مدينة العريش (إبراهيم شاهين) الذى كان يعمل بمديرية العمل فى سيناء بعد أن لاحظت حاجته إلى المال. وقام ضابط مخابرات إسرائيلى بإعطائه تصريحًا للسفر فى القاهرة وكانت مهمته هى السفر للقاهرة وإرسال اسعار الخضروات والفواكه هناك إلى شقيقه الذى كان يمتلك مكتبًا للتصدير والاستيراد فى لندن. وقبل السفر اصطحبه ضابط المخابرات الإسرائيلى إلى قائده المختص بتدريب الجواسيس المستجدين، وبسرعة أتقن إبراهيم التدريب وأصبح بين أنواع الأسلحة والطائرات والكتابة بالحبر السرى، كما نجح فى تجنيد زوجته إنشراح للعمل معه، وحمل معه إلى القاهرة العناوين التى سيراسلها من القاهرة وكلها عناوين فى مدن أوروبية.
بعد وصوله إلى القاهرة تقدم إبراهيم شاهين إلى إدارة المهجرين المصريين (من سيناء ودن القناة) وحصل على منزل فى منطقة المطربة ومعاش شهرى تدفعه الحكومة للمهجرين.
استمر إبراهيم وزوجته فى إرسال المعلومات المطلوبة إلى أن طُلب منهما السفر إلى روما، وهناك تم منحهما جوازى سفر باسم موسى عمر وزوجته دينا عمر، وسافرا من روما على طائرة شركة العال الإسرائيلية إلى مطار بن جوريون ومنه إلى مدينة بئر سبع، وكان الهدف من هذه الرحلة عرض إبراهيم على جهاز كشف الكذب خوفًا من أن يكون مدسوسًا من المخابرات المصرية، وبعدما أثبت الجهاز مصداقيته تم تكليفه بمتابعة وتقصى وقياس الحالة المعنوية للشعب، بالإضافة إلى النواحى العسكرية. وبعد عودتهما من روما قاما بتجنيد أولادهما الثلاثة للعمل معهما.
وحقق إبراهيم وإنشراح نجاحًا كبيرًا وعلى الأخص فى النواحى المعنوية، وذلك لاحتكاكهما بالمناطق الشعبية، وعاود الاثنان السفر إلى بئر سبع للحصول على دورة تدريبية متقدمة فى اعمال التصوير، وحصلا على كاميرات صغيرة تعمل تلقائيًا فى التقاط الصور، كما منح إبراهيم رتبة مقدم فى الجيش الإسرائيلى وزوجته رتبة الملازم أول، وعادا إلى مصر على أن يتلقيا التعليمات بشفرة خاصة من خلال الراديو.
وبرغم النجاح الذى حققاه إلا أنهما فشلا فى توقع نشوب الحرب فى السادس من أكتوبر وهو ما كانت إسرائيل قد وعدتهم بمكافأة سخية للغاية (مليون دولار) فى حال توقعهما لموعد الحرب.
وفى بداية 1974 سافر إبراهيم شاهين إلى تركيا ومنها إلى اليونان، ثم إلى تل أبيب لحضور اجتماع خاص على مستوى عال مع قيادات المخابرات الإسرائيلية الجديدة بعد أن أطاحت حرب أكتوبر بالقيادات السابقة، واستضاف نائب مدير المخابرات الإسرائيلية إبراهيم وأبلغه بأنه سيتم تزويده بجهاز إرسال متطور ثمنه 200 ألف دولار وهو أحدث جهاز إرسال فى العالم ملحق به كمبيوتر صغير فى حجم اليد له أزرار إرسال على موجة محددة. وقد قامت المخابرات الإسرائيلية بتوصيل الجهاز المتطور بنفسها إلى مصر خشية تعرض إبراهيم للتفتيش، وقامت الزوجة بالحصول عليه من المكان المتفق عليه عند الكيلو 108 طريق السويس (منطقة الثغرة)، وبمجرد وصول إنشراح إلى القاهرة قاما بإعداد رسالة على سبيل التجربة لكنهما اكتشفا عطلا فى مفتاح الجهاز على ما يبدو نتيجة عملية الحفر لإخراجه.
ولم يدر بخلد إنشراح أن المخابرات المصرية التقطت رسالة لها من خلال جهاز روسى حديث يسمى (صائد الموجات) وذلك أثناء تدريبها وتجربتها للجهاز، وأدرك رجال المخابرات المصرية أنهم على وشك الإمساك بصيد ثمين، وذلك فى الوقت الذى سافرت فيه إنشراح إلى روما ومنها إلى تل أبيب للحصول على مفتاح جديد.
وتم وضع منزل إبراهيم وإنشراح تحت المراقبة إلى أن تم اعتقاله صباح 5 أغسطس 1974 مع أولاده، وانتظارا لوصول إنشراح من تل أبيب أقام رجال المخابرات المصرية بمنزل إبراهيم لثلاثة اسابيع كاملة، وبمجرد وصولها استقبلها رجال المخابرات المصرية، وكانت المخابرات الإسرائيلية قد بثت رسائل بعد عودة إنشراح واستقبلها رجال المخابرات المصرية على الجهاز الإسرائيلى بعد أن قاموا بتركيب المفتاح الجديد، ووصل الرد من مصر (المقدم إبراهيم شاهين والملازم أول إنشراح سقطا بين أيدينا.. نشكركم على إرسال المفتاح.. تحياتنا إلى السيد إيلى زعيرا مدير مخابراتكم).
وتمت محاكمة الخونة بتهمة التجسس لصالح إسرائيل وأصدرت المحكمة حكمها بإعدام كل من إبراهيم وإنشراح بينما حكم على الابن الأكبر نبيل بالأشغال الشاقة وأودع الولدان محمد وعادل إصلاحية الأحداث نظرًا لصغر سنهما، وتم تنفيذ حكم الإعدام شنقًا فى إبراهيم شاهين فى حين تم الإفراج عن إنشراح وأولادها بعد ثلاث سنوات قضوها فى السجن، وذلك بوساطة من هنرى كسينجر ضمن عملية تبادل للأسرى مع أبطال حرب أكتوبر.
ونشرت صحيفة يديعوت أحرونوت فى عام 1989 تقريرًا عن إنشراح وأولادها قالت فيه إن إنشراح شاهين «دينا بن دافيد» تقيم الآن بوسط إسرائيل مع ولديها محمد وعادل بعد أن اتخذت لهما اسماء عبرية هى حاييم ورافى أما الابن الأكبر نبيل فقد غير اسمه إلى يوسى، وهاجر مع زوجته اليهودية إلى كندا.
ابن الريف
وهذه قصة إعلامى مصرى لجأ إلى إسرائيل عام 1968 وغير اسمه من يوسف سمير إلى نبيه سرحان، وقد تابع الملايين فى مصر والدول العربية برنامجًا كانت تبثه إسرائيل وقتها إلى جانب برنامج (حديث العم حمدان) وهو برنامج موجه ضد مصر بعنوان (ابن الريف)، وكبار السن حتما يذكرون أول الكلمات فى هذا البرنامج الموجه (إخوانى يا ولاد مصر الطيبين..). البرنامج من تقديم المصرى الفار من وطنه والذى أصبحت ابنته مطربة معروفة فى إسرائيل تسمى حياة سمير، وهو متزوج من اثنتين الأولى مصرية (ليلى إبراهيم موسى) عايشت معه رحلة هروبه من مصر ولجوئه إلى إسرائيل، والثانية فلسطينية من مدينة حلحول وتدعى (عناد رباح) عايشت معه رحلة أخرى فى إسرائيل.
وقصة (ابن الريف) غريبة ومثيرة يصعب توقعها إلا فى أفلام الحروب السرية الغامضة، ولكنها حقيقة عاشها الإذاعى المصرى الذى اختفى فى إسرائيل لمدة 10 سنوات وادعى بأنه يهودى من أصل ليبى حتى زيارة الرئيس الراحل السادات إلى القدس، عندما وقف أمام الرئيس فى مطار بن جوريون وقا له (أنا هنا فى إسرائيل وراء الميكروفون)!
أما الزوجة المصرية ليلى إبراهيم موسى فتقول: عندما نشبت حرب يونيو 1967 كنت متزوجة من يوسف سمير منذ أسبوعين فقط، وشارك فى الحرب كمتطوع ضمن الجيش الشعبى، وكنا نسكن فى حى روض الفرج بمنزل خاله. أذكر تلك المرحلة المؤلمة بعد النكسة فقد تحولت القاهرة إلى مدينة أشباح.. الجميع صامت والسواد فى كل مكان واستشهد فى الحرب أعداد كبيرة من خيرة أبناء مصر، وانتظرت عودة زوجى لكنه لم يرجع، ومرت الشهور واعتقدت بأنه استشهد فى الحرب، وبعد 9 أشهر وفى الخامسة صباحًا جاء إلى منزل والدى،حيث عدت لمنزل الأسرة طبعًا فى تلك الظروف، وسمعته يقول لوالدى إنه كان فى سجن أبو زعبل وأخذ يتحدث عن اعتقاله، وكان آنذاك يكتب قصائد شعر وبرامج لإذاعة الشرق الأوسط، وعندما اندلعت الحرب فى منطقة القنطرة وزارهم فى الموقع مذيع من الإذاعة المصرية فتحدث يوسف سمير وقال له:(قل لأحمد سعيد إننا مهزومون وأن يكف عما يذيعه فى الإذاعة من بيانات لا أساس لها من الصحة.. إن ما نسمعه فى الإذاعة فضيحة).
وعندما سمع قائد الموقع كلامه أمر الجنود بأن يغمضوا عينيه ويقتادوه إلى السجن، حيث أمضى هناك 9 أشهر دون أن يتمكن من إبلاغ ذويه، وبعد عودته توجهت معه لمنزل خاله، حيث كنا نسكن، وكان يوسف يائسًا جدًا بعد أن باع خاله أثاث المنزل وأعطاه لآخرين، فاضطررنا أن نتوجه للسكن فى فندق متواضع جدًا ولم يكن معنا نقود وأخذ يبحث عن عمل دون جدوى إلى أن وافقت مطبعة على طبع ديوان شعر له، لكن الأمن المصرى صادر الديوان فأصبحت الحياة مستحيلة والأبواب مغلقة فقرر أن يخرج من مصر وسارع باستخراج جواز سفر مشترك له ولى وقررنا السفر إلى ليبيا فى أوائل عام 1968 وكنت حاملا فى ابنتى «حياة» لكنهم أوقفونا عند الحدود بعدما وجدوا اسمه ضمن قائمة الممنوعين من السفر.
عدنا إلى القاهرة محبطين بعدما بعنا كل شىء حتى ساعة يده، بعدها ذهب يوسف سمير لمقابلة مسئول كبير فى الحكومة، وبعد حوار ونقاش ساخن سمح له المسئول بالسفر بشرط أن يتعهد بعدم مهاجمة مصر فوافق وقام بالتوقيع، وقال:(سأذهب إلى لبنان لكى أطبع كتبى عند نزار قبانى فأنا أعرفه وسوف يساعدنى فى ذلك).
واضافت ليلى موسى: عدنا وسافرنا مجددًا إلى ليبيا ورفع الحظر الذى كان مفروضًا على سفر زوجى ودخلنا ليبيا بشكل طبيعى، فتوجه زوجى وطلب مقابلة الملك إدريس السنوسى، وحمل معه كتبه ومقالاته واصطحبنى معه وكنت حاملا وحالتى الصحية متعبة، وأخذنى حتى يتأثر الملك السنوسى بوضعنا البائس، ودخلنا على الملك الذى رحب بنا وقال زوجى للملك:(لا مكان لى إلا هنا وزوجتى حالتها الصحية سيئة ولا نقود معى) فقال له الملك علشان خاطر الست المريضة زوجتك أوافق أن تكتب فى جريدة «العلم» الليبية فى كل شىء تريده إلا السياسة، فأنا على علاقة طيبة مع جمال عبد الناصر ومصر ولا أريد مشاكل مع أحد، وبالفعل عمل زوجى بالصحيفة واستأجرنا منزلا وتحسن الحال، لكنه لم يستطع البقاء هادئا وكتب مقالا فى الصحيفة هاجم فيه مصر، فاحتجت مصر لدى الملك السنوسى الذى أصدر أوامره بطردنا من ليبيا خلال 24 ساعة، وتم إبلاغنا بقرار الإبعاد وأخبرونا بأنهم لن يسلمونا إلى مصر وعلينا أن نختار أية دولة أخرى نذهب إليها.. وسافرنا بالطائرة من مطار ليبيا ولم تقبلنا أية دولة أوروبية وأصبحنا ننام فى المطارات، ثم نعود لمطار طرابلس وهكذا حتى نفدت نقودنا، وقاموا فى المطار الليبى بجمع ثمن تذكرة سفر لنا من المسافرين وكانت آخر رحلة توجهنا بها إلى اليونان التى سمحت لنا بالدخول، ونحن فى حالة يرثى لها وأنا مازلت حاملا وصحتى فى تدهور بسبب الظروف التى واجهتها، وتطلب الأمر نقلى إلى المستشفى فى أثينا، ثم خرجت من المستشفى، وفى أثناء سيرنا أنا وسمير بأحد شوارع أثينا، تقابل زوجى مع دبلوماسى كوبى يعمل فى السفارة الكوبية فى مصر وكان يعرفه فصافحه وأعطاه الدبلوماسى عنوان الفندق الذى يقيم به، وذهبنا إليه وتحدثنا عن مشكلة زوجى فقال الدبلوماسى الكوبى (لن تقبلك أى دولى كلاجئ.. لا دولة عربية ولا أفريقية إلا دولة عدو لمصر).
وتواصل ليلى موسى روايتها وتقول يبدو أن زوجى أصبح يفكر بنفس الاتجاه، وبدون علمى توجه لسفارة إسرائيل فى أثينا وطلب مقابلة القنصل، ولحسن حظه قابل القنصل الإسرائيلى «إبيلى دويك» وهو يهودى من أصل مصرى وعاش لفترة طويلة فى مصر ودرس فى الجامعات المصرية أى أنه وجد من يفهمه، رحب به القنصل وطلب منه زوجى اللجوء إلى إسرائيل، وقال: لا أريد منكم سوى ميكروفون، ويقصد العمل الإذاعى.
وتضيف الزوجة: طلب القنصل الإسرائيلى من زوجى الانتظار حتى ياتى رد تل أبيب فالمسألة ليست سهلة وتأخذ بعض الوقت، ثم جاءت موافقة مبدئية ووضعه الإسرائيليون فى أثينا على جهاز كشف الكذب، ثم جاءت الموافقة بعد عدة شهور كان زوجى خلالها يرسل للإذاعة الإسرائيلية أشعارًا ومسلسلات درامية إذاعية ويتقاضى ثمنها من القنصل.
وحول موقفها من اللجوء إلى إسرائيل تقول ليلى: بعد أن ذهب للسفارة الإسرائيلية فى أثينا جاءنى وأبلغنى بما حدث فصعقت وثارت ثائرتى، كيف تأخذنى لإسرائيل.. عند من قتلوا أبناءنا.. أريد العودة إلى مصر مهما كان الأمر، فقال لى: أنا لا استطيع العودة إلى مصر.. قررى ماذا تريدين إما السفر معى إلى إسرائيل أو العودة بمفردك إلى مصر.
وردًا على السؤال لماذا اختفى زوجها خلف أسماء مزيفة قالت ليلى: لقد اشترط علينا الإسرائيليون الصمت التام وألا نصرح أبدًا بأننا مصريون خوفًا على حياتنا، والتزمنا الصمت 10 سنوات وطلبوا منا أن نقدم انفسنا للمجتمع الإسرائيلى كيهود من اصل ليبى مهاجرين لإسرائيل، وبقينا بهذه الصورة حتى زيارة السادات للقدس.. صمت عشر سنوات كاملة لم أتحدث ومنذ ثلاثين عامًا وأنا أعيش على أمل العودة إلى مصر.. أصبحت أعيش مثل الشعب الفلسطينى الذى يحلم بالعودة.
***
وتتواصل قصص الجاسوسية والجواسيس إلى أن تصل لقصة عودة ترابين وحالفة وإيلان جرابيا وغيرهم كثير، لكن رجال المخابرات المصرية كانوا لهم بالمرصاد ولا يزالون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.