انتخاب اللواء أحمد العوضي والمستشار فارس سعد وكيلين لمجلس الشيوخ    رئيس قطاع الإرشاد الزراعي يشارك بافتتاح مهرجان النباتات الطبية والعطرية ببني سويف    اليوم الرسمي ل بدء التوقيت الشتوي 2025 في مصر بعد تصريحات مجلس الوزراء.. (تفاصيل)    وسائل إعلام سورية: انفجار قنبلة في بلدة خربة غزالة بريف درعا أدى إلى إصابة عدد من الأطفال بجروح متفاوتة    كارولين ليفيت من بائعة آيس كريم إلى المتحدثة باسم البيت الأبيض    عاجل- الاحتلال الإسرائيلي ينصب حاجزًا عسكريًا في دير جرير شرق رام الله ويمزق صور شهداء    تشكيل الأهلي إيجل نوار في دوري أبطال إفريقيا    موعد مباراة الأخدود ضد الحزم في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لعامل لاتجاره فى الهيروين بشبين القناطر    الأرصاد: طقس خريفي غدًا مائل للبرودة صباحًا وحار نهارًا.. العظمى بالقاهرة 30 والصغرى 20    كشف ملابسات فيديو تضمن قيام شخص بإطلاق النار على قائد سيارة بالإسماعيلية    أمن المنافذ يضبط 77 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    نجمات اخترن تسريحة ذيل الحصان فى مهرجان الجونة 2025    أحمد مراد: نجيب محفوظ ربّاني أدبيًا منذ الصغر.. فيديو    2700 مظاهرة.. ذا هيل: احتجاجات لا للملوك ضد ترامب تدخل لحظة حاسمة اليوم    وزير المالية يلتقي نظيره اليوناني بواشنطن لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين    النفط يتكبد خسارة أسبوعية وسط مخاوف تخمة المعروض    موقف الدوسري من اللحاق بمباراة الهلال والسد القطري    موعد مباراة المغرب ضد الأرجنتين والقنوات الناقلة في نهائي كأس العالم للشباب 2025    القنوات الناقلة لمباراة بايرن ميونخ ضد بوروسيا دورتموند في الدوري الألماني.. والموعد    بعثة المصري تغادر طرابلس فى طريقها إلى القاهرة بعد التعادل مع الاتحاد الليبي    الرئيس السيسي يستقبل رئيس مجلس إدارة مجموعة «إيه بي موللر ميرسك» العالمية    ميناء دمياط يستقبل 33 ألف طن قمح قادمة من روسيا    قالي عايز تتعلم ادخل شعبة ب1400.. طالب يقاضي والده أمام محكمة الأسرة: رافض يدفعلي مصاريف الكلية    مرشح وحيد للمنصب.. «الشيوخ» يبدأ انتخاب رئيسه الجديد    ضبط منادى سيارات اعتدى على سائق وطلب إتاوة فى الجيزة    اليوم.. استكمال محاكمة 37 متهما بالانضمام لجماعة إرهابية ب«خلية التجمع»    «شؤون التعليم والطلاب» بجامعة أسوان يناقش خطة الأنشطة الطلابية للعام الجديد    الدويري: خروج مروان البرغوثي سيوحد حركة فتح ويمنح الموقف الفلسطيني زخمًا    لا تدَّعِ معرفة ما تجهله.. حظك اليوم برج الدلو 18 أكتوبر    الثقافة: تعامد الشمس على وجه رمسيس الثانى من أعظم المعجزات الفلكية فى التاريخ    ياسر جلال بعد أداء القسم بمجلس الشيوخ: لحظة فخر ومسؤولية كبيرة    ما هو حكم دفع الزكاة لدار الأيتام من أجل كفالة طفل؟.. دار الإفتاء توضح    مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية يوضح 7 فضائل لإطعام الطعام.. اعرفها    تعليمات جديدة من «الصحة» لضبط معدلات الولادات القيصرية في الإسكندرية    رئيس هيئة الدواء: 91% من استهلاك مصر ينتج محليا ومخزون المواد الخام يكفي 7 أشهر    ضمن «رعاية بلا حدود».. إجراء 64 ألف زيارة طبية منزلية لخدمة كبار السن وذوي الهمم بالشرقية    نجوى إبراهيم عن تطورات صحتها بعد الحادث: تحسن كبير واستكمل العلاج بمصر    ثلاث حفلات كبرى وندوات علمية في ثالث أيام مهرجان الموسيقى العربية    عبير الشرقاوي ترد على تجاهل ذكر والدها: نقابة المهن خسرت كتير    مجلس أمناء جامعة بنها الأهلية يوافق على إنشاء 3 كليات جديدة    الدفاع الأوكراني يتصدّى لهجوم جوي روسي واسع    دميترييف: العمل على فكرة النفق بين موسكو وواشنطن بدأ قبل 6 أشهر    ضبط محطة وقود لتصرفها في 13 ألف لتر سولار.. وتحرير محاضر لتعطيل أجهزة ATG بالبحيرة    100 مُغامر من 15 دولة يحلقون بمظلاتهم الجوية فوق معابد الأقصر    «الصحة» تواصل برنامج «درّب فريقك» لتعزيز مهارات فرق الجودة بالمنشآت الصحية    فيديو.. منى الشاذلي تمازح حمزة نمرة: أنت جاي تتنمر عليا    تعرف على عقوبة عدم التصويت في الانتخابات البرلمانية    زراعة 8000 شتلة على هامش مهرجان النباتات الطبية والعطرية في بني سويف    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    جولة لمدير الرعاية الصحية بالأقصر بوحدة طب أسرة طيبة لمتابعة خدمات المواطنين    رئيس وزراء مالطا يشيد بدور مصر في وقف حرب غزة خلال لقائه السفيرة شيماء بدوي    وزير الري: مواصلة إدارة الموقف المائي بصورة ديناميكية وفقا للرصد اللحظي في أعالي النيل والتنبؤات الهيدرولوجية    استقرار أسعار الدواجن والبيض في الأسواق المحلية بعد زيادة أسعار البنزين والسولار    تعادل مثير بين سان جيرمان وستراسبورج في الدوري الفرنسي    هل يجوز للمريض ترك الصلاة؟.. الإفتاء تُجيب    المصري هيثم حسن يقود تشكيل ريال أوفييدو أمام إسبانيول في الليجا    حكم التعصب لأحد الأندية الرياضية والسخرية منه.. الإفتاء تُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من إنشراح إلى شبكة التليفون الخلوى...جواسيس إسرائيل فى مصر
نشر في أكتوبر يوم 09 - 02 - 2014

نجاح أجهزة المخابرات المصرية مؤخرًا فى الكشف عن شبكة التجسس الخطيرة التى تعمل لصالح إسرائيل وتضم 9 متهمين من بينهم 3 مصريين و4 ضباط من جهاز المخابرات الإسرائيلى (الموساد). كشف عن أن الأوضاع الداخلية فى مصر بعد ثورة 25 يناير لم تشغل المخابرات المصرية عن القيام بمهامها فى حفظ الأمن القومى والجديد فى الأمر أن هذه الشبكة على امتداد 7 سنوات كانت تعتمد على الاتصالات الهاتفية من خلال شبكة «أورانج» الإسرائيلية، وذلك من خلال التغطية الجيدة التى توفرها هذه الشبكة للمناطق الحدودية. إذ يكفى أن تكون فى منطقة رفح والشيخ زويد لتتصل أو تتلقى أى اتصال من إسرائيل عبر هذه الشبكة، لكن المخابرات المصرية كانت لهم بالمرصاد عندما رصدت المحادثات الهاتفية بين العناصر الإسرائيلية والمتهمين منذ 7 سنوات.
كما رصدت أجهزة المخابرات المصرية محاولتهم تجنيد أشخاص آخرين للتجسس لصالح إسرائيل وقامت بتسجيل المحادثات الهاتفية بكل دقة والتى كان يطلب فيها الجانب الإسرائيلى إمداده بالمعلومات الخاصة بالأوضاع الأمنية والسياسية فى مصر ويركز على الأوضاع فى سيناء وأماكن وجود الأنفاق والعناصر الجهادية.
وقامت أجهزة الأمن برصد الأماكن والطرق التى سلكها المتهمون عند تنقلهم من الأراضى المصرية إلى الأراضى الإسرائيلية لمقابلة عناصر الموساد. كما رصدت المحاولات التى تمت لإتمام صفقة بيع صواريخ كانت بحوزتهم لبعض العناصر الفلسطينية والجهادية فى سيناء.
وقصص الجاسوسية بين مصر وإسرائيل كثيرة لكن أشهرها قصة رفعت الجمال (رأفت الهجان) الذى زرعته المخابرات المصرية فى إسرائيل ولم ينكشف أمره حتى يوم وفاته، وقصة إبراهيم شاهين وزوجته إنشراح وأولادهما نبيل ومحمد وعادل، الذين جندتهم إسرائيل بل ومنحتهم رتبًا عسكرية فى الموساد.
تبدأ القصة بقيام المخابرات الإسرائيلية أثناء احتلال إسرائيل لسيناء فى تجنيد أحد أبناء مدينة العريش (إبراهيم شاهين) الذى كان يعمل بمديرية العمل فى سيناء بعد أن لاحظت حاجته إلى المال. وقام ضابط مخابرات إسرائيلى بإعطائه تصريحًا للسفر فى القاهرة وكانت مهمته هى السفر للقاهرة وإرسال اسعار الخضروات والفواكه هناك إلى شقيقه الذى كان يمتلك مكتبًا للتصدير والاستيراد فى لندن. وقبل السفر اصطحبه ضابط المخابرات الإسرائيلى إلى قائده المختص بتدريب الجواسيس المستجدين، وبسرعة أتقن إبراهيم التدريب وأصبح بين أنواع الأسلحة والطائرات والكتابة بالحبر السرى، كما نجح فى تجنيد زوجته إنشراح للعمل معه، وحمل معه إلى القاهرة العناوين التى سيراسلها من القاهرة وكلها عناوين فى مدن أوروبية.
بعد وصوله إلى القاهرة تقدم إبراهيم شاهين إلى إدارة المهجرين المصريين (من سيناء ودن القناة) وحصل على منزل فى منطقة المطربة ومعاش شهرى تدفعه الحكومة للمهجرين.
استمر إبراهيم وزوجته فى إرسال المعلومات المطلوبة إلى أن طُلب منهما السفر إلى روما، وهناك تم منحهما جوازى سفر باسم موسى عمر وزوجته دينا عمر، وسافرا من روما على طائرة شركة العال الإسرائيلية إلى مطار بن جوريون ومنه إلى مدينة بئر سبع، وكان الهدف من هذه الرحلة عرض إبراهيم على جهاز كشف الكذب خوفًا من أن يكون مدسوسًا من المخابرات المصرية، وبعدما أثبت الجهاز مصداقيته تم تكليفه بمتابعة وتقصى وقياس الحالة المعنوية للشعب، بالإضافة إلى النواحى العسكرية. وبعد عودتهما من روما قاما بتجنيد أولادهما الثلاثة للعمل معهما.
وحقق إبراهيم وإنشراح نجاحًا كبيرًا وعلى الأخص فى النواحى المعنوية، وذلك لاحتكاكهما بالمناطق الشعبية، وعاود الاثنان السفر إلى بئر سبع للحصول على دورة تدريبية متقدمة فى اعمال التصوير، وحصلا على كاميرات صغيرة تعمل تلقائيًا فى التقاط الصور، كما منح إبراهيم رتبة مقدم فى الجيش الإسرائيلى وزوجته رتبة الملازم أول، وعادا إلى مصر على أن يتلقيا التعليمات بشفرة خاصة من خلال الراديو.
وبرغم النجاح الذى حققاه إلا أنهما فشلا فى توقع نشوب الحرب فى السادس من أكتوبر وهو ما كانت إسرائيل قد وعدتهم بمكافأة سخية للغاية (مليون دولار) فى حال توقعهما لموعد الحرب.
وفى بداية 1974 سافر إبراهيم شاهين إلى تركيا ومنها إلى اليونان، ثم إلى تل أبيب لحضور اجتماع خاص على مستوى عال مع قيادات المخابرات الإسرائيلية الجديدة بعد أن أطاحت حرب أكتوبر بالقيادات السابقة، واستضاف نائب مدير المخابرات الإسرائيلية إبراهيم وأبلغه بأنه سيتم تزويده بجهاز إرسال متطور ثمنه 200 ألف دولار وهو أحدث جهاز إرسال فى العالم ملحق به كمبيوتر صغير فى حجم اليد له أزرار إرسال على موجة محددة. وقد قامت المخابرات الإسرائيلية بتوصيل الجهاز المتطور بنفسها إلى مصر خشية تعرض إبراهيم للتفتيش، وقامت الزوجة بالحصول عليه من المكان المتفق عليه عند الكيلو 108 طريق السويس (منطقة الثغرة)، وبمجرد وصول إنشراح إلى القاهرة قاما بإعداد رسالة على سبيل التجربة لكنهما اكتشفا عطلا فى مفتاح الجهاز على ما يبدو نتيجة عملية الحفر لإخراجه.
ولم يدر بخلد إنشراح أن المخابرات المصرية التقطت رسالة لها من خلال جهاز روسى حديث يسمى (صائد الموجات) وذلك أثناء تدريبها وتجربتها للجهاز، وأدرك رجال المخابرات المصرية أنهم على وشك الإمساك بصيد ثمين، وذلك فى الوقت الذى سافرت فيه إنشراح إلى روما ومنها إلى تل أبيب للحصول على مفتاح جديد.
وتم وضع منزل إبراهيم وإنشراح تحت المراقبة إلى أن تم اعتقاله صباح 5 أغسطس 1974 مع أولاده، وانتظارا لوصول إنشراح من تل أبيب أقام رجال المخابرات المصرية بمنزل إبراهيم لثلاثة اسابيع كاملة، وبمجرد وصولها استقبلها رجال المخابرات المصرية، وكانت المخابرات الإسرائيلية قد بثت رسائل بعد عودة إنشراح واستقبلها رجال المخابرات المصرية على الجهاز الإسرائيلى بعد أن قاموا بتركيب المفتاح الجديد، ووصل الرد من مصر (المقدم إبراهيم شاهين والملازم أول إنشراح سقطا بين أيدينا.. نشكركم على إرسال المفتاح.. تحياتنا إلى السيد إيلى زعيرا مدير مخابراتكم).
وتمت محاكمة الخونة بتهمة التجسس لصالح إسرائيل وأصدرت المحكمة حكمها بإعدام كل من إبراهيم وإنشراح بينما حكم على الابن الأكبر نبيل بالأشغال الشاقة وأودع الولدان محمد وعادل إصلاحية الأحداث نظرًا لصغر سنهما، وتم تنفيذ حكم الإعدام شنقًا فى إبراهيم شاهين فى حين تم الإفراج عن إنشراح وأولادها بعد ثلاث سنوات قضوها فى السجن، وذلك بوساطة من هنرى كسينجر ضمن عملية تبادل للأسرى مع أبطال حرب أكتوبر.
ونشرت صحيفة يديعوت أحرونوت فى عام 1989 تقريرًا عن إنشراح وأولادها قالت فيه إن إنشراح شاهين «دينا بن دافيد» تقيم الآن بوسط إسرائيل مع ولديها محمد وعادل بعد أن اتخذت لهما اسماء عبرية هى حاييم ورافى أما الابن الأكبر نبيل فقد غير اسمه إلى يوسى، وهاجر مع زوجته اليهودية إلى كندا.
ابن الريف
وهذه قصة إعلامى مصرى لجأ إلى إسرائيل عام 1968 وغير اسمه من يوسف سمير إلى نبيه سرحان، وقد تابع الملايين فى مصر والدول العربية برنامجًا كانت تبثه إسرائيل وقتها إلى جانب برنامج (حديث العم حمدان) وهو برنامج موجه ضد مصر بعنوان (ابن الريف)، وكبار السن حتما يذكرون أول الكلمات فى هذا البرنامج الموجه (إخوانى يا ولاد مصر الطيبين..). البرنامج من تقديم المصرى الفار من وطنه والذى أصبحت ابنته مطربة معروفة فى إسرائيل تسمى حياة سمير، وهو متزوج من اثنتين الأولى مصرية (ليلى إبراهيم موسى) عايشت معه رحلة هروبه من مصر ولجوئه إلى إسرائيل، والثانية فلسطينية من مدينة حلحول وتدعى (عناد رباح) عايشت معه رحلة أخرى فى إسرائيل.
وقصة (ابن الريف) غريبة ومثيرة يصعب توقعها إلا فى أفلام الحروب السرية الغامضة، ولكنها حقيقة عاشها الإذاعى المصرى الذى اختفى فى إسرائيل لمدة 10 سنوات وادعى بأنه يهودى من أصل ليبى حتى زيارة الرئيس الراحل السادات إلى القدس، عندما وقف أمام الرئيس فى مطار بن جوريون وقا له (أنا هنا فى إسرائيل وراء الميكروفون)!
أما الزوجة المصرية ليلى إبراهيم موسى فتقول: عندما نشبت حرب يونيو 1967 كنت متزوجة من يوسف سمير منذ أسبوعين فقط، وشارك فى الحرب كمتطوع ضمن الجيش الشعبى، وكنا نسكن فى حى روض الفرج بمنزل خاله. أذكر تلك المرحلة المؤلمة بعد النكسة فقد تحولت القاهرة إلى مدينة أشباح.. الجميع صامت والسواد فى كل مكان واستشهد فى الحرب أعداد كبيرة من خيرة أبناء مصر، وانتظرت عودة زوجى لكنه لم يرجع، ومرت الشهور واعتقدت بأنه استشهد فى الحرب، وبعد 9 أشهر وفى الخامسة صباحًا جاء إلى منزل والدى،حيث عدت لمنزل الأسرة طبعًا فى تلك الظروف، وسمعته يقول لوالدى إنه كان فى سجن أبو زعبل وأخذ يتحدث عن اعتقاله، وكان آنذاك يكتب قصائد شعر وبرامج لإذاعة الشرق الأوسط، وعندما اندلعت الحرب فى منطقة القنطرة وزارهم فى الموقع مذيع من الإذاعة المصرية فتحدث يوسف سمير وقال له:(قل لأحمد سعيد إننا مهزومون وأن يكف عما يذيعه فى الإذاعة من بيانات لا أساس لها من الصحة.. إن ما نسمعه فى الإذاعة فضيحة).
وعندما سمع قائد الموقع كلامه أمر الجنود بأن يغمضوا عينيه ويقتادوه إلى السجن، حيث أمضى هناك 9 أشهر دون أن يتمكن من إبلاغ ذويه، وبعد عودته توجهت معه لمنزل خاله، حيث كنا نسكن، وكان يوسف يائسًا جدًا بعد أن باع خاله أثاث المنزل وأعطاه لآخرين، فاضطررنا أن نتوجه للسكن فى فندق متواضع جدًا ولم يكن معنا نقود وأخذ يبحث عن عمل دون جدوى إلى أن وافقت مطبعة على طبع ديوان شعر له، لكن الأمن المصرى صادر الديوان فأصبحت الحياة مستحيلة والأبواب مغلقة فقرر أن يخرج من مصر وسارع باستخراج جواز سفر مشترك له ولى وقررنا السفر إلى ليبيا فى أوائل عام 1968 وكنت حاملا فى ابنتى «حياة» لكنهم أوقفونا عند الحدود بعدما وجدوا اسمه ضمن قائمة الممنوعين من السفر.
عدنا إلى القاهرة محبطين بعدما بعنا كل شىء حتى ساعة يده، بعدها ذهب يوسف سمير لمقابلة مسئول كبير فى الحكومة، وبعد حوار ونقاش ساخن سمح له المسئول بالسفر بشرط أن يتعهد بعدم مهاجمة مصر فوافق وقام بالتوقيع، وقال:(سأذهب إلى لبنان لكى أطبع كتبى عند نزار قبانى فأنا أعرفه وسوف يساعدنى فى ذلك).
واضافت ليلى موسى: عدنا وسافرنا مجددًا إلى ليبيا ورفع الحظر الذى كان مفروضًا على سفر زوجى ودخلنا ليبيا بشكل طبيعى، فتوجه زوجى وطلب مقابلة الملك إدريس السنوسى، وحمل معه كتبه ومقالاته واصطحبنى معه وكنت حاملا وحالتى الصحية متعبة، وأخذنى حتى يتأثر الملك السنوسى بوضعنا البائس، ودخلنا على الملك الذى رحب بنا وقال زوجى للملك:(لا مكان لى إلا هنا وزوجتى حالتها الصحية سيئة ولا نقود معى) فقال له الملك علشان خاطر الست المريضة زوجتك أوافق أن تكتب فى جريدة «العلم» الليبية فى كل شىء تريده إلا السياسة، فأنا على علاقة طيبة مع جمال عبد الناصر ومصر ولا أريد مشاكل مع أحد، وبالفعل عمل زوجى بالصحيفة واستأجرنا منزلا وتحسن الحال، لكنه لم يستطع البقاء هادئا وكتب مقالا فى الصحيفة هاجم فيه مصر، فاحتجت مصر لدى الملك السنوسى الذى أصدر أوامره بطردنا من ليبيا خلال 24 ساعة، وتم إبلاغنا بقرار الإبعاد وأخبرونا بأنهم لن يسلمونا إلى مصر وعلينا أن نختار أية دولة أخرى نذهب إليها.. وسافرنا بالطائرة من مطار ليبيا ولم تقبلنا أية دولة أوروبية وأصبحنا ننام فى المطارات، ثم نعود لمطار طرابلس وهكذا حتى نفدت نقودنا، وقاموا فى المطار الليبى بجمع ثمن تذكرة سفر لنا من المسافرين وكانت آخر رحلة توجهنا بها إلى اليونان التى سمحت لنا بالدخول، ونحن فى حالة يرثى لها وأنا مازلت حاملا وصحتى فى تدهور بسبب الظروف التى واجهتها، وتطلب الأمر نقلى إلى المستشفى فى أثينا، ثم خرجت من المستشفى، وفى أثناء سيرنا أنا وسمير بأحد شوارع أثينا، تقابل زوجى مع دبلوماسى كوبى يعمل فى السفارة الكوبية فى مصر وكان يعرفه فصافحه وأعطاه الدبلوماسى عنوان الفندق الذى يقيم به، وذهبنا إليه وتحدثنا عن مشكلة زوجى فقال الدبلوماسى الكوبى (لن تقبلك أى دولى كلاجئ.. لا دولة عربية ولا أفريقية إلا دولة عدو لمصر).
وتواصل ليلى موسى روايتها وتقول يبدو أن زوجى أصبح يفكر بنفس الاتجاه، وبدون علمى توجه لسفارة إسرائيل فى أثينا وطلب مقابلة القنصل، ولحسن حظه قابل القنصل الإسرائيلى «إبيلى دويك» وهو يهودى من أصل مصرى وعاش لفترة طويلة فى مصر ودرس فى الجامعات المصرية أى أنه وجد من يفهمه، رحب به القنصل وطلب منه زوجى اللجوء إلى إسرائيل، وقال: لا أريد منكم سوى ميكروفون، ويقصد العمل الإذاعى.
وتضيف الزوجة: طلب القنصل الإسرائيلى من زوجى الانتظار حتى ياتى رد تل أبيب فالمسألة ليست سهلة وتأخذ بعض الوقت، ثم جاءت موافقة مبدئية ووضعه الإسرائيليون فى أثينا على جهاز كشف الكذب، ثم جاءت الموافقة بعد عدة شهور كان زوجى خلالها يرسل للإذاعة الإسرائيلية أشعارًا ومسلسلات درامية إذاعية ويتقاضى ثمنها من القنصل.
وحول موقفها من اللجوء إلى إسرائيل تقول ليلى: بعد أن ذهب للسفارة الإسرائيلية فى أثينا جاءنى وأبلغنى بما حدث فصعقت وثارت ثائرتى، كيف تأخذنى لإسرائيل.. عند من قتلوا أبناءنا.. أريد العودة إلى مصر مهما كان الأمر، فقال لى: أنا لا استطيع العودة إلى مصر.. قررى ماذا تريدين إما السفر معى إلى إسرائيل أو العودة بمفردك إلى مصر.
وردًا على السؤال لماذا اختفى زوجها خلف أسماء مزيفة قالت ليلى: لقد اشترط علينا الإسرائيليون الصمت التام وألا نصرح أبدًا بأننا مصريون خوفًا على حياتنا، والتزمنا الصمت 10 سنوات وطلبوا منا أن نقدم انفسنا للمجتمع الإسرائيلى كيهود من اصل ليبى مهاجرين لإسرائيل، وبقينا بهذه الصورة حتى زيارة السادات للقدس.. صمت عشر سنوات كاملة لم أتحدث ومنذ ثلاثين عامًا وأنا أعيش على أمل العودة إلى مصر.. أصبحت أعيش مثل الشعب الفلسطينى الذى يحلم بالعودة.
***
وتتواصل قصص الجاسوسية والجواسيس إلى أن تصل لقصة عودة ترابين وحالفة وإيلان جرابيا وغيرهم كثير، لكن رجال المخابرات المصرية كانوا لهم بالمرصاد ولا يزالون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.