«مصر هى الدولة الوحيدة التى خرجت سالمة من هذه المؤامرة».. هذا ما أكده اللواء وجيه دكرورى الخبير الاستراتيجى والاقتصادى فى حواره مع «أكتوبر». وقال إن هذه المؤامرة أتت بإعلان الشرق الأوسط الجديد ثم الشرق الأوسط الكبير وإعادة صياغة منطقة الشرق الأوسط وأدخلوا علينا مفهوما جديدا وهو «الفوضى الخلاقة» ونحن فى غفلة من أمرنا إلى أن بدأ تنفيذ مخطط تمكين جماعة الإخوان المسلمين ليس فى مصر فقط، بل هو مخطط للشرق الأوسط بالكامل، لتبقى المنطقة بالكامل تحت السيطرة الأمريكية.. وفى السطور التالية يكشف اللواء وجيه دكرورى تفاصيل هذه المؤامرة.. * هل كانت جماعة الإخوان أداة لتنفيذ المخطط الأمريكى فى مصر؟ ** نعم، لأن فصيل الإخوان المسلمين له شعبية فى المجتمع المصرى ويستطيع أن يحشد الجماهير وليس مدرباً على الأمور السياسية وليس لديه خبرة من الناحية السياسية..والغرب يستفيد من هذه الشعبية ويتدخل فى العملية السياسية أو يمليها عليهم. وتشاء الظروف أن مصر شعباً وجيشاً ووحدته الوطنية بمفهوم قطبى أو عنصرى الأمة المسلمين والمسيحيين انتفضوا ضد هذا النظام الفاسد، فاليوم لم نعد نرى التناحر الذى كان موجوداً قبل ذلك بين الأقباط والمسلمين. * هل خرجت مصر من هذه الظروف العصيبة أم مازالت تواجهها؟ ** مصر خرجت بالفعل لأننا أدركنا مدى خطورة المؤامرة، ثم وضعنا أيدينا على نقاط الضعف، ثم بعد ذلك وضعنا خارطة الطريق وهى عبارة عن أربع خطوات.. الدستور والانتخابات الرئاسية والمجالس النيابية والمجالس الشعبية.. وهذه الخارطة ليست خطه قومية بل هى أسلوب عمل للمرحلة القادمة ونحن خضنا صراعا طويلا بين الاختيار أيهما أولاً هل الانتخابات الرئاسية أم الدستور؟. والخارطة الجديدة حددت لنا ما نفعله وقد حصل تعديل فيها أثناء تنفيذها وهذا يعتبر جزءا من مرونة الخطة. ولكن مشكلة مصر الكبرى هى الأمن فى سيناء، ومن المؤكد أن المشير السيسى والقوات المسلحة سوف أن تستمر فى عملية تطهير سيناء والبؤر الإرهابية، فالذى يحدث الآن فى سيناء على يد القوات المسلحة هو التطهير لتبدأ مرحلة جديدة مع مصر فليس كثير على أحفاد 73 أن يضحوا من أجل تطهير سيناء لتكون بدون بؤر إرهابية وبدون جماعات محظورة. * هل توجد مشاكل أمنية على الحدود المصرية غير سيناء؟ ** توجد ولكن مشكلة سيناء أكبر لأنها تحتوى على تنظيمات تكفيرية غير مصرية بالتعاون مع حركة حماس والتى اعتقدت أن هذا المكان من الممكن تحويله إلى إمارة أو أفغانستان جديدة وهذا الأمر يستوعبه جيش مصر جيداً. وهناك تخوف آخر وهو جماعات أنصار بيت المقدس وهى مكونة من 1800 إلى 2000 شخص قضى على نصفهم تقريباً. لكن الجيش المصرى لهم بالمرصاد وسوف ينهى هذه المخاوف بإذن الله. * هل أدى ضرب أنصار بيت المقدس فى سيناء إلى انتشارهم فى أنحاء مصر؟ ** أنصار بيت المقدس هم عبارة عن أفراد تدربوا فى أفغانستان وهم فقراء مادياً ومعظهم من المصريين والفلسطينيين وانضم إليهم أفراد من العراق ومن لبنان وهو يعتبر تنظيما دوليا.. فى حين بدأ محمد الظواهرى فى جمع أموال من رجال الأعمال مثل خيرت الشاطر وبدأ فى تنظيم جماعة تحت بند مقاومة إسرائيل ومكافحة أعمالها داخل غزة مع حماس، فوجد محمد الظواهرى تنظيم أنصار بيت المقدس وكان هذا التنظيم يقوم بعمليات ضد إسرائيل مثل تفجير خطوط الغاز التى تمد إسرائيل وكان فى هذا الفعل توافق شعبى فتحولوا من فقراء إلى أغنياء ذوى إمكانيات واحترفوا العربات المفخخة واحترفوا أيضاً ما يطلق عليه التفجير الذاتى. ولكن مثل هذه العمليات لا تتناسب مع طبيعة الجيش المصرى أو أى جيش فى العالم ولا تتناسب مع طبيعة الإنسانية نفسها. * هل نحن أمام موجة جديدة من التكتيكات الإرهابية التى لم نعرفها من قبل؟ ** لا أستطيع أن أقول موجة جديدة فهى عبارة عن حالة موجودة لعب فيها المال دورا كبيرا. فالمال هو المشكلة الرئيسية فى العالم بأكمله فإذا اتحد المال مع السياسة فإنه يحدث فساد وإذا اتحد المال مع الدين فيحدث إرهاب لذلك وبعد أحداث 11 سبتمبر بدأ الأمريكان يدركون هذا الأمر فبدأوا فى تجفيف منابع المال فى كل مكان وأصدروا قوانين جديدة لمعرفة أين يتجه المال ولتقليل دعم الجماعات الإرهابية. * وما المتوقع من أمريكا إزاء الزعامة الجديدة؟ ** أمريكا أكبر قوة فى العالم اقتصادياً وتكنولوجياً وعسكرياً وليست قوة يستهان بها وليس هناك مواجهة، لذلك يجب ألا نصطدم بالأمريكان لأن الصدام ليس فى مصلحتنا وليس فى صالح الزعامات المصرية.. ويجب أن ندرك أنه عندما اصطدم ياسر عرفات أو صدام حسين بأمريكا كانت نهايتهما الموت بطرق قذرة فهم وضعوا السم لياسر عرفات وأعدموا صدام حسين فى أول أيام عيد الأضحى، نرى من هذا أنهم ينفذون ما يريدون بكل الطرق سواء السلمية أو الإرهابية أو بالأعمال القذرة أهم شىء هو تنفيذ غايتهم فى النهاية مهما كان الطريق المؤدى إليها. * فى ظل عودة المعونة الأمريكية وزيادتها إلى 1.5 مليار دولار.. هل نحن فى حاله مواجهة أم وفاق؟ ** أمريكا لها مصالح كثيرة مع مصر وهذه المعونات تدفعها أمريكا نتيجة إجراءات من الممكن أن نواجههم بها، فأمريكا تحصل على تخفيضات محددة فى المرور عبر قناة السويس وبتواجد طائراتهم فى الأجواء المصرية وكذلك عبور حاملات الطائرات. فنحن من الممكن أن نمنع هذا ولكن الصدام ليس فى صالحنا. * كيف نحقق المعادلة الصعبة بين ضمان مصالحنا وعدم الصدام مع أمريكا؟ ** الحكمة فى القيادة ونحن ندعو من الله أن يلهم بها الرئيس القادم سواء كان المشير السيسى أو غيره. * ما هى توقعاتك فى الانتخابات الرئاسية القادمة؟ ** المشير السيسى لن يخذل مصر أو الشعب المصرى بأكمله رغم أننى أعتقد على المستوى الشخصى أنه قد يخسر لأن وضع أى رئيس فى مجتمع عانى من مشاكل كثيرة والكل يطمع فيه.. فرئيس مصر القادم يصعب عليه أن يرأس دولة ليست معه أدواتها وهذا يحدث فى العالم كله وليس بمصر فقط وأن احتمال نجاح المشير السيسى كبيرة لأن أدوات الدولة كلها معه من قضاء وإعلام وشرطة وجيش وأنه الزعيم والقائد المنتظر نظراً لما فعله تجاه الشعب المصرى فأثبت أنه أنسب شخص لهذا المكان لأنه لديه قدرة قيادية وسيفهم ما يعانيه هذا الشعب. * هل المرشحون المحتملون لديهم هذه القدرة القيادية؟ ** أنا لا أرى حتى الآن مرشحا جديدا فكل الوجوه نعرفها وهى عبارة عن أحزاب وفى مصر لا توجد أحزاب.. الأحزاب فى مصر هى أضرحة بلا أولياء وحتى المستقلون لا يوجد فيهم من تستطيع أن تقول إن لديه هذه القدرة. فالرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك جرف الصفوف الثانية والثالثة والرابعة وهذا التجريف كان مدبرا فمبارك حكم مصر بوضع اليد مرتين وطول مدة حكمه أثرت فى هذه البلد سلباً برغم أنه كان يتمتع بأشياء كثيرة منها ثقة الزعيم الراحل أنور السادات.. وهناك أخطاء وقع فيها الرؤساء الثلاثة فخطأ جمال عبد الناصر أنه فضل قضية القومية العربية على الأمن القومى المصرى واختلافنا معه بسبب هذا واختلافنا أيضاً مع الرئيس أنور السادات لنفس السبب وفى آخر عشر سنوات اختلافنا مع مبارك أيضاً لأنه ضحى بالنسيج الوطنى فى سبيل قضية التوريث وهذه الأخطاء الكبرى أدت إلى كوارث. * هل ستحدث مواجهة بين العهد الجديد القائم ورموز النظام الأسبق؟ ** لا يمكن أن يحدث هذا.. فالوجوه القديمة تنقسم إلى جزءين جزء أخذ ثروة وهربها خارج البلاد واكتفى بهذا والجزء الثانى هم صغار المستفيدين وهم مازالوا موجودين فى بئر الدولة العميقة الصغيرة وهم رجال الحزب الوطنى فى المحليات والوزارات وهم هيكل الفساد الموجود حالياً. * إلى متى يستمر هذا الفساد فى مصر؟ ** إلى أن يتم خروج هؤلاء فى إطار خطه زمنية وصناعة برنامج قوى للإحلال والتوعية لمحو الفساد وخروجهم من مفاصل الدولة تدريجياً منعاً لفشل المؤسسات والوزارات. ويبقى شىء واحد وهو عملية ضبط سلوكيات المجتمع وهذه العملية لابد أن تحسم بقوانين حاسمة لأى ممارسة للبلطجة بعد خارطة الطريق وبعد وجود رئيس للدولة ووجود برلمان وحكومة تتشكل بطريقة سليمة ..لابد أن يصاغ قانون حماية المجتمع من البلطجة ولابد أن نأخذ ضده إجراءات رادعة ويجب أن تنتبه الدولة إلى خطورة ضعف قدرات الشرطة فلابد من تدعيمها ومضاعفة عددها الموجود حالياً وزيادة قوتها الحالية بتدريب قوى فمن الممكن أن يقوم الجيش بتدريبها لرفع كفاءاتها لأنه من الخطورة أن يشترك المواطنون فى عمليات الأمن. * ما هى نصيحتك للقيادة الجديدة؟ ** أولاً تتوخى الحذر والحكمة فى التعاملات الخارجية، فنحن لا نريد صداما ولا نريد حصاراً اقتصادياً أو نوعا من الضغوط الخارجية.. نحن لسنا أعداء لأحد نحن نريد أن نتقدم بمصر وشعارنا التعاون مع الجميع بكل سلام فى أرض السلام.. وداخلياً يجب أن يعى أى رئيس قادم أهمية أن هذا الشعب حورب مدة طويلة وأن يبدأ بالطبقات الفقيرة والمهمشة حتى تهدأ الأمور وسوف تهدأ حين يشعر الصغير أن هناك قيادة تعمل لصالحه لا تعمل لصالح رجال الأعمال ولا لتوريث ولا زعامة شخصية ويحارب الفساد ويبعد عن المحسوبية ويجب أن يشعر الشعب أن الرئيس الجديد هو من أبناء الشعب وواحد منهم.