ترددت كثيرًا فى اختيار موضوع هذا المقال، وكنت أريد الابتعاد عن «تسونامى» انتخابات الرئاسة التى يكتب الجميع عنها، ولكننى لم أستطع مقاومة الموجة. وجاء التردد الثانى بشأن عنوان المقال وكان الاختيار الأول «تحديات أمام الرئيس» لكننى فى آخر لحظة وجدتنى أكتب العنوان «معجزة شعب وقيادة زعيم». فالتحديات ليست أمام الرئيس وحده ولن يتغلب عليها بمفرده، وإن البطل الحقيقى فى أى معركة هم الجنود، وفى أى مسيرة بناء وتنمية هم أبناء الشعب. المشير السيسى حصد المحبة والتأييد من جميع الشعب قبل أن يدخل انتخابات الرئاسة وقبل أن يجلس على مقعد الرئيس، فاستحق أن يكون «زعيما» أولًا و«رئيسا» ثانيًا، وهذا بالطبع يمنحه القوة لمواجهة التحديات والصعاب، لأن الشعب دائمًا يقف مع الزعيم ويؤيده. وبخاصة إذا كان هذا الزعيم قدوة للبسطاء من أبناء الشعب، واستمرت سياسته فى المصارحة والتواصل المتبادل بين الزعيم والشعب. المشير السيسى سيتولى المسئولية فى لحظة فارقة من تاريخ مصر، فكلنا نعلم أن المخاطر التى تحيط بمصر من الخارج والصعوبات التى تواجهها فى الداخل قوية ومتشابكة ومتآمرة، تريد أن تسقط الدولة وتفكك الجيش وتقضى على الاقتصاد وتمنع عنا مياه النيل.. وبعبارة أخرى تريد تدمير مصر. كل ذلك لن يقهر إرادتنا ولن يقضى علينا، لأننا لن نستسلم، وعلينا أولًا أن نستعيد ذاكرتنا لنعرف أن الشعب المصرى لا يخشى الصعب ولا يهاب المستحيل إذا توحد على كلمة سواء، بنى الأهرامات وصنع الحضارة الفرعونية، حمى ديار الإسلام من التتار والصليبيين، شق قناة السويس، وبنى السد العالى، الشعب المصرى هو شعب المستحيل. وفى الحاضر يكفينا أن نكون على قدر المسئولية، وأن ندرك عناصر قوتنا الحقيقية، ليس بالكلام وكفانا كلامًا ولكن بالعمل، فلنتخلص من الأنانية والانهزامية واليأس، لنطهر أنفسنا، لنغير من أنفسنا، لنعمل يدًا بيد نبنى ونعمر ونصنع علمًا وحضارة لأولادنا وأحفادنا. للأسف، كثير منا ينتظرون أن يجلس السيسى على مقعد الرئيس، وهم نائمون فى العسل، ويبدأون فى إملاء طلباتهم.. نريد ونريد ونريد.. من أين سيلبى الرئيس طلباتكم، من مغارة على بابا، أم أن لديه خاتم سليمان ونحن لا ندرى؟! فى مصر القادمة لا مكان ل «تنابلة السلطان»، سنكون مجتمعًا عاملًا بجدية هذا إذا أردنا الحياة والبقاء. وسيكون مطلوبًا من الرئيس خطة عمل نسهم جميعًا فى تطبيقها، خطة عمل واقعية تحقق مع الوقت والعمل آمال وطموحات الشعب. لا نريد خطة عمل غير واقعية تسرف فى الوعود من أجل تهدئة الناس وبعد ذلك نفيق على واقع أكثر مرارة. نريد خطة إنقاذ عاجلة للاقتصاد، نريد رؤية لحل مشكلة البطالة، والاعتداء على الأرض الزراعية، وترشيد استهلاك المياه. نريد ضبط إيقاع الشارع وإعادة الانضباط والنظام، نريد ضبط فوضى الإعلام ودكاكين الفضائيات. نريد خططًا لتطوير التعليم والصحة، نريد تفعيل دولة القانون، ليشعر بوجودها المواطن، لتكون كرامة المواطن من كرامة الرئيس شخصيًا. نريد أن تعود مصر فتية قوية كما نريدها جميعًا. نقول للرئيس: المسئولية كبيرة والتركة ثقيلة أعانك الله عليها، ولكننا نقول لك ومن القلب لست وحدك.. كلنا معك، ويد بيد سنحمى ونزرع ونصنع ونبنى. ولنتذكر جميعًا أن اسم بلدنا هو «المحروسة» وأن أهلها فى رباط إلى يوم الدين، وأن جيشها خير أجناد الأرض، وقد ذكرها الله فى كتابه العزيز أكثر من مرة.. وعلى أرضها سار الأنبياء يوسف وموسى وعيسى عليهم السلام.. هذه هى مصر.. فهل نستحق بالفعل أن نكون شعبها؟.