أرى أن «نعم» للدستور هى بداية الطريق نحو الاستقرار الذى عماده هو الأمن. وأرى أن السيسى هو بداية تنفيذ خطة إعادة بناء الوطن على أساس سليم يبدأ من هذاالدستور. وبات واضحاً أن هناك «حبلاً سرياً» يربط بين الدستور وبين السيسى. بل أكاد أرى أن أحداً غير السيسى لا يصلح لقيادة البلاد.. حتى مع وجود هذا الدستور. حقيقة الشعب استيقظ. ولم يعد يخاف أحداً، بعد ما حققه فى عامين وإسقاط رئيسين ودفنه لنظامين، ولكن من يضمن ألا يجئ من يخدع الشعب العاطفى الذى يمكن أن تحركه كلمات معسولة ووعود براقة. ولكننا الآن على يقين أن الأمة تحث عن زعيم، يخرجها من الظلام إلى فجر عصر جديد.. وهكذا مصر دائماً على موعد مع القدر.. مع الزعيم. وليس ما أقول تزلفاً لشخص الفريق السيسى، فقد عشت عصور ثلاثة من الملوك هم: فؤاد الأول وفاروق ثم فؤاد الثانى.. وعشت عصور خمسة رؤساء جمهورية هم نجيب وعبدالناصر والسادات ومبارك ومحمد مرسى.. ولكننى على يقين أن هذه الأمة قادرة على صنع المستحيل.. إذا وجدت من يحسن قيادتها ويرعى أحلامها.. وها هى مصر الآن بعد ثلاثة قرون تجد من ينقذها تماماً كما انتظرت وياللصدفة الغريبة ثلاثة قرون إلى أن اختارت محمد على حاكماً لها.. ومحمد على جاءها بعد احتلال عثمانى استمر من يناير 1517 ونجحت فى فرضه حاكماً لمصرفى يوم 13 مايو 1805 بإرادة شعبية كان يمثلها زعيم سياسى هو عمر مكرم وزعيم دينى هو عبدالله الشرقاوى شيخ الأزهر ورجل أعمال وطنى هو أحمد المحروقى كبير تجار مصر. ولذلك نجح محمد على بسبب إجماع الأمة عليه وكان أهم عوامل نجاحه هومعرفته سر هذا الشعب المصرى واستطاع أن يفجر فيه روح التحدى.. فقاد محمد على بهذا الشعب الأهوال وخرج من القمقم الذى حاول الاحتلال العثمانى وضعه فيه، حتى هدد قوة السلطان والسلطنة العثمانية نفسها وأنزل بها الهزائم المتتالية، وانطلق يبنى دولة عصرية حتى إنه كان يصنع أسلحة بخبرة وإصرار المصريين واسألوا المؤرخين مثلاً عن بناء الأسطول المصرى الحربى الحديث الذى قام به الحاج عمر الذى استعان به محمد على لبناء الأسطول، حتى قبل أن يستعين بخبرة مسيو سريزى!! وكان الحاج عمر يوزباشىمن أهالى الإسكندرية!!. وإذا كان محمد على قد انطلق لبناء الدولة الحديثة بعد أن أعاد اكتشاف عبقرية المصريين، فإن الفريق السيسى الذى يحيطه الآن الشعب كله بحبه وعشقه يمكنه أن يبدأ نفس البداية وأن ينطلق بعد أن كشف الشعب نفسه عن معدته وعن قدرته على التقدم.. معتمداً على نفس الشعب الذى صنع المعجزة أيام محمد على فخشى الغرب من مصر وقوة شعب مصر وتحرك ضدنا.. وأقول: هل يرضى الفريق السيسى أن تعود إلى الساحة نفس الوجوه التى أطلت علينا بمجرد إسقاط نظام مبارك؟ أعتقد أن الشعب وأن محمد على نفسه يرفض ذلك، وكما استطاع الشعب ومحمد على إسقاط حكم قبطان باشا وخورشيد باشا وباقى الوجوه القديمة من بقايا المماليك مثل محمد بك الألفى وعثمان بك البرديسى وشاهين بك المرادى وغيرهم، حتى استقرت له الأمور.. فإن الفريق السيسى والشعب معه قادر على التصدى للمماليك الجدد.. أقصد الوجوه القديمة التى تطل مع كل انتخابات.. على أمل أن ينخدع فيهم الشعب.. ويقفزوا إلى السلطة، بعد أن قفزوا على ثورة 25يناير وركبوها.. وخدعوا الناس بأنهم هم.. البديل. إن تأخر الفريق السيسى فى إعلان ترشحه يعطى هذه الوجوه الفرصة لكى تطل من جديد.. وأن تقفز الى السلطة.. ومن المؤكد أن هناك من يمكنه أن يمول هذا، أو ذاك، كما تم تمويل الإخوان من الداخل والخارج.. وإذا كان الإنجليز مثلاً ساعدوا محمد بك الألفى ووعدوه بحكم مصر وأرسلوا حملة بقيادة الجنرال فريزر لغزو مصر عام 1807 فإن هناك الآن داخل وخارج مصر من يبحث عن محمد بك الألفى الجديد ليمولوه ويجلسوه على الكرسى، ليحكموا مصر، من وراء ستار.. وهذا لا يرضى الشعب.. ولا يرضى الفريق السيسي نفسه، أقول ذلك ليس تزلفاً للفريق السيسى.. فأنا لا أريد شيئاً من أحد، حتى ولو كان من السلطان.. ما أريده هو أن يحسم السيسى أمره.. وينزل إلى الساحة «ليلقف بعصاه» أفاعى المماليك الجدد.. والوجوه الجديدة القديمة التى لا تريد خيراً لمصر. وهذه كلمتى للتاريخ.. أعلنها مدوية لمحمد على الجديد لكى يتقدم ليأخذ بيد الوطن، وينقذ الأمة كلها من الأفاعى، أقصد المماليك.. أقصد الوجوه القديمة الجديدة.. حتى وإن غيروا جلدهم.