الاتفاق الذى تم توقيعه بين الدول الست الكبرى وإيران فى جنيف قوبل فى إسرائيل باستياء شديد..وزراء الحكومة وفى مقدمتهم بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء أدانوا الاتفاق بشدة، لكن كان هناك أيضًا فى إسرائيل من ينظرون إلى النصف المملوء من الكوب ويقولون إن هذا الاتفاق به أيضاً إنجازات معقولة من بينها عدم رفع العقوبات المفروضة على إيران بصورة نهائية ومنعها من تخصيب اليورانيوم لمستوى ال20%. من بين هؤلاء يوئيل جوزانسكى الذى عمل فى السابق مسئولًا عن الملف الإيرانى بمكتب رئيس الوزراء وهو اليوم باحث كبير فى معهد أبحاث الأمن القومى. يقول جوزانسكى فى الموقع الإلكترونى لصحيفة (يديعوت أحرونوت) إن إسرائيل تقدمت بمطالبها علنًا وهى تعلم أنه لن يؤخذ بكل المطالب (جزء من السياسة الإسرائيلية هو المطالبة بالحد الأقصى على أمل الحصول على بعض هذه المطالب على الأقل. وأنا متأكد من أنه حتى رئيس الوزراء وآخرون لم يتوقعوا تلبية كل مطالبهم لأن هذا غير واقعى). ويضيف (الاتفاق معقد للغاية..به جوانب إيجابية وأخرى سلبية. وأنا لا أوافق على ما سمعناه من بعض أوساط الحكم فى إسرائيل والذين يرون الاتفاق سيئًا للغاية وأن السماء سوف تنطبق على الأرض غدًا). ويؤكد جوزانسكى أن المشكلة الخطيرة للغاية فى هذا الاتفاق أنه يحدد وضعية إيران كدولة شبه نووية ويضيف:(الاتفاق لم يعالج مسائل أخرى مثل ترسانة الصواريخ الإيرانية أو التدخل السلبى لإيران فى المنطقة مثل دعمها لحماس وحزب الله والمنظمات الإرهابية. لقد تحدثوا عن عمليات الطرد المركزى لا أكثر ولا أقل فى حين أننى أعتقد بأن الموضوع الذى لايقل أهمية فى هذا الشأن هو مكانة إيران فى المنطقة. والنتيجة هنا سلبية سواء من ناحية إسرائيل أو من ناحية الدول العربية المعتدلة). ويشير جوزانسكى إلى أهمية أن ينظر الإسرائيليون إلى الوضع الجديد لإيران. من دولة مقاطعة ومعزولة إلى دولة سوف تستعيد مشروعيتها الدولية. وعلى حد قوله فإن الاتفاق سوف يفتح الباب فى مرحلة متأخرة للتقارب بين الولاياتالمتحدة والدول الغربية من ناحية وبين إيران من ناحية أخرى. وهذا هو ماتخشاه إسرائيل وعدة دول عربية بالمنطقة. عاموس يادلين، رئيس المخابرات الحربية الإسرائيلية السايق يشارك جوزانسكى الرأى ويقول بأن نتنياهو لم يحصل على تأييد الدول الكبرى لقرار مجلس الأمن بوقف التقنيات النووية العسكرية؟ ويضيف: من المهم فى الاتفاق النهائى الحرص على خروج المواد المخصبة خارج إيران وتقليل عدد أجهزة الطرد المركزية قدر الإمكان. وإذا ما قررت إسرائيل الذهاب إلى الخيار العسكرى عليها أن تدرس الأمر جيدًا وهل هناك إمكانية لذلك وما هو الأمر الأكثر صعوبة: إيران مع سلاح نووى عسكرى أم نتائج الهجوم؟ فى نظر نتنياهو وفى نظرى أيضًا فإن الخيار الأول هو الأكثر صعوبة. المحلل العسكرى رون بن يشاى كتب فى (معاريف) يقول إن الاتفاق الذى تم توقيعه فى جنيف هو اتفاق معقول وربما جيد ولكن بشرط.. أن يكون بالفعل الاتفاق سارى المفعول على امتداد ستة أشهر من المفاوضات كما يقول الرئيس أوباما ووزير خارجيته كيرى. فهما يعدان بالتوصل إلى اتفاق نهائى يفرغ إيران من قرراتها النووية العسكرية. لكن لو تحول الاتفاق المرحلى المعقول إلى اتفاق دائم وهو ما يخشونه فى إسرائيل- فسوف يصبح آنذاك اتفاقًا سيئًا وخطيرًا. فعندئذ سوف تتمكن إيران من البقاء على ما هى عليه اليوم(دولة شبه نووية) يمكنها خلال 6-8 أسابيع الحصول على المواد اللازمة لإنتاج السلاح النووى. وفى هذه الأثناء، فإن إسرائيل يمكنها عمل الكثير. على نتنياهو ويعلون قبول ما حدث ولكن المخابرات الإسرائيلية خلال الأشهر الستة القادمة مطالبة ببذل الجهد المضاعف للتأكد من أن إيران لا تخادع وأنها لا تقوم بأى تطوير للحصول على السلاح النووى وأن مراقبى وكالة الطاقة الدولية يقومون بعملهم على أكمل وجه. كما أن أعضاء مجلس الشيوخ والنواب فى الولاياتالمتحدة لا يمكنهم عمل الكثير، لأن اتفاق جنيف- على الأقل على الورق- يوقف تقدم إيران فى اتجاه القنبلة، ولذلك ليس هناك من مبرر لفرض عقوبات إضافية، وهم في إسرائيل سوف يضطرون للتسليم بذلك. ويؤكد المحلل العسكرى الإسرائيلى أن الاتفاق المرحلى الذى تم توقيعه فى جنيف وفى أفضل الحالات يقوم بتجميد الوضع فقط، والأسوأ من ذلك أنه يعترف بحق إيران فى تخصيب اليورانيوم على أراضيها. ولذلك فإن طهران بمقدورها أن تحتفظ مستقبلًا وبعد الاتفاق لاتفاق النهائى بقدراتها وخبراتها فى تطوير السلاح النووى.أما العيب الرئيسى فى الأتفاق فيتعلق بالبلوتونيوم، فالايرانيون لا يوافقون حتى الآن على الإيقاف التام لعملية بناء مفاعل المياه الثقيلة فى آراك، مثلما طلب الفرنسيون فى جولة المحادثات السابقة، هم يوافقون فقط على وقف النشاط الذى يهدف بعد عامين أو ثلاثة لإنتاج البلوتونيوم.وهذا عيب خطيرًا لأنه بعد انتهاء عملية البناء فإن وضع أجهزة البلوتونيوم فى مفاعل مبنى بالفعل لايستغرق أكثر من ستة أشهر.وعندئذ سيكون لدى إيران بالإضافة إلى قدراتها على التخصيب دائرة وقود مكتملة يمكنها إنتاج قنبلة نووية قائمة على البلوتونيوم وبالإضافة إلى ذلك، وعند إدخال الأجهزة المطلوبة ويصبح المفاعل (ساخنا) لا يمكن المساس به فى عملية عسكرية خوفًا من وقوع كارثة على غرار تشيرنوبل. وفى موقع(والاه)الإسرائيلى، كتب دانى أيالون الذى عمل فى السابق كسفير لإسرائيل فى واشنطن وعضو كنيست ونائب لوزير الخارجية تحت عنوان (الاتفاق سيىء ولكن ماذا نفعل الآن؟): والاتفاق بين إيران والدول الست الكبرى- الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين- المعروفة ب «5+1» هوا اتفاق سىء وخطير. فالدول الكبرى اختارت عدم الاستفادة من تفوقها التام على إيران الضعيفة نتيجة نظام العقوبات الفعال والمؤثر. لقد كان بمقدورها أن تفرض على إيران تسوية تؤدى إلى تفريغ قدراتها النووية تماماً، ولكنها بدلًا من ذلك توصلت معها إلى اتفاق مرحلى لستة أشهر يسمح لإيران بالاحتفاظ بكل قدراتها وهو فى الواقع يحافظ على الوضع القائم. وبالمقارنة مع عالم الشطرنج المحبب لدى الإيرانيين، فقد نجح الإيرانيون فى أن يقولوا للغرب(كش ملك)، ونجحوا فى انهاء اللعبة بالتعادل من خلال تجسيد القدرات الزائدة لدى الخصم. والآن وبعد توقيع الاتفاق ليصبح حقيقة قائمة فإن إسرائيل يجب أن تواجه الواقع الجديد لا أن تخوض حرب الأمس. حكومة إسرائيل فشلت فى محاولات منع هذا الاتفاق السىء ولم تنجح فى إدخال أية تحسينات عليه. الآن يجب أن تركز جهودها وتستعد للمعركة السياسية القادمة. ويضيف أيالون: الهدف الآن هو تحقيق اتفاق دائم يمنع إيران من أن تصبح دولة شبه نووية يمكنها فى قفزة واحدة التوصل إلى إنتاج القنبلة وفى وقت قصير نسبيًا. فبعد ستة أشهر سوف ينتهى مفعول الاتفاق الحالى وحتى ذلك الحين يجب أن تعمل إسرائيل على تحقيق تفاهم استراتيجى مع الدول الغربية وفى مقدمتها الولاياتالمتحدة، من أجل التوصل إلى إتفاق دائم يفرغ قدرات إيران النووية بصورة تامة. وفى نفس الموقع الإسرائيلى كتب عمر دوستارى تحت عنوان( أوباما يجعل الحرب وشيكة): إن الاتفاق بين إيران والدول الكبرى يعترف فى حقيقة الأمر بحق إيران فى تخصيب اليورانيوم فى ين أن هذا الأمر ليس من حقها سواء بموجب معاهدة منع انتشار السلاح النووى التى وقعت عليها أو بموجب قرارى مجلس الأمن 1737و1747. وبالإضافة إلى ذلك فإن الاتفاق الجديد لايشير بشىء إلى مستقبل اليورانيوم المخصب بدرجة أقل من 20% والموجود على ارضيها. كما أن الاتفاق لا يضع فى الحسبان التغيرات الجوهرية فى كمية أو كيفية أجهزة الطرد المركزية الموجودة لدى إيران، حيث إن إيران بمقدورها إنتاج سلاح نووى حتى على أساس يورانيوم مخصب بدرجة منخفضة وذلك بواسطة عدد كبير من أجهزة الطرد المركزية وعلى الأخص بعد امتلاكها لأجهزة من الجيل الجديد من طراز ir_2m.