المرأة فى العالم العربى والإسلامى هل صارت متاعا وسلعة ونزوة.. أم شقيقة الرجال؟!.. أم هى الصورة المشوهة التى فرضتها علينا الفضائيات من أفلام سينمائية سطحية تكرس لمفهوم أن المرأة محظية الرجل.. بالإضافة إلى كم البرامج التى تتحدث ليل نهار عن الرجيم والجديد فى طرق التخسيس وأخرى عن أحدث خطوط الموضة.. والرجل مازال يتعامل معها بنظرة استعلاء وهو المفضل وصاحب العقل الراجح ويفسر الشرع بمفهومه السطحى المحدود. ولم يدرك أن الإسلام منح أعظم درجة حرية للمرأة فى تاريخ الحضارات الإنسانية.. ووضعها على قدم المساواة مع الرجل وتجلت فى أروع أدوارها وسجلت بطولات عظيمة فى التاريخ ومنهن أصحاب مدارس إسلامية وروين عن النبى (صلى الله عليه وسلم) أحاديثه وفى مقدمتهم السيدة عائشة رضى الله عنها وفاطمة الزهراء وامتد عطاؤها حتى عرفنا سميرة موسى وعائشة عبد الرحمن «بنت الشاطئ».. ومنهن وقفن كأشد الرجال أمام الظلم.. ومن النماذج التى لا ينساها التاريخ امرأة فرعون «آسيا بنت مزاحم» التى عاشت حياة الملوك وشاهدت جبروت الحاكم وعبودية الأتباع والرعية ولكن نور الإيمان تغلغل إلى قلبها واستجاب ربها دعاءها وكانت مثلا للذين آمنوا فقال تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).. وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم وآسية»، ولذلك خلد القرآن الكريم المرأة المؤمنة الصادقة التى باعت الجاه بثمن غال بتجارتها مع الله فربحت بيتًا فى الجنة.. وحينما علم فرعون إيمانها بدعوة موسى عليه السلام جن جنونه لأنه كيف تكفر به وتؤمن بعقيدة عدوه فأنزل عليها أشد العذاب بالسياط ووضع على صدرها الرحى ولكنها ارتقت إلى بارئها تظلها الملائكة لتسكن الجنة. وفى نفس قصر فرعون تفجرت بطولة لسيدة أخرى وهى مربية بنات فرعون حيث آمنت هى وزوجها برسالة موسى وما علم فرعون بإيمان زوجها قتله وظلت زوجته تخدم بنات فرعون وتمشطهم وبينما تمشط إحدى بناته سقط منها المشط فقالت بسم الله فقالت ابنة فرعون: أبى.. فصاحت الماشطة وقالت كلا بل الله ربى وربك ورب أبيك.. فأبلغت أبيها ثم سألها من ربك؟ فقالت: ربى الله.. فأمر بإحضار قدر به زيت وأحمى عليه النار ثم استدعاها مع أبنائها الخمسة وهى فى ثبات ويقين وتحتضن طفلها الرضيع فأمر جنوده بأخذ أكبر أبنائها وهو يصرخ ويتوسل لهم حتى لقى حتفه وذاب لحمه ثم أمرها بالكفر فأبت فأمر بالثانى ثم الثالث والرابع وقلبها يدمى ألما وحزنا من صراخ أبنائها ثم نزع جنود فرعون رضيعها من يديها وليثبتها الله أنطق رضيعها وقال: يا أماه اصبرى فإنك على الحق.. ثم ألقوه فى القدر وفى فمه بقايا حليبها.. وكانت تعلم أن لديها الفرصة لتحول بينهم وبين العذاب إذا نطقت بالفكر ولكن علمت أن ما عند الله خير وأبقى.. وجاء دورها وألقى بها فى الزيت المغلى.. وقال رسول الله عنها: «لما أسرى بى مرت بى رائحة طيبة فقلت ما هذه الرائحة فقيل لى هذه ماشطة فرعون وأولادها». فلم يذكر التاريخ اسمها بل حفظ صمودها. وفى نموذج آخر راقى من تضحيات المرأة فى نصرة دينها ومجتمعها كان فى قوة الخنساء وتأجيج إيمانها بالله بدفع أبنائها الأربعة إلى ساحة القتال وحثهم على الحرب فى سبيل الله فى معركة القادسية.. وحينما بلغ نبأ استشهادهم فلم تلطم الخدود بل قالت فى ثقة: «الحمد لله الذى شرّفنى باستشهادهم وإنى أسأل الله أن يجمعنى معهم فى مستقر رحمته».. وذلك بعكس ما عرف عنها بشاعرة البكائيات على أخوها صخر. ومع هذه الحقائق عن تضحيات المرأة فى الماضى يقع عليها مسئولية الآن فى استعادة ريادتها بجانب الرجل التى قد تتفوق عليه أحيانا.