«شبه رئاسى مختلط» أو «مختلط شبه رئاسى» هذا ما سوف يكون عليه شكل نظام الحكم فى الدستور الجديد. حل «الفزورة» ليس صعبًا، فقد أقرت لجنة الخمسين نظام حكم شبه رئاسى مختلط، يجمع بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء على رأس السلطة التنفيذية. فالرئيس سيظل على رأس السلطة التنفيذية، لكنه لن ينفرد بجميع السلطات كما كان فى السابق، ولكن سيشاركه فى ذلك رئيس الوزراء. سيشاركه فى وضع السياسات العامة للدولة وتنفيذها، وهذا النظام أقرب للنظام الفرنسى فى الحكم. وقد حددت المادة (121) كيفية اختيار رئيس الجمهورية لرئيس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مجلس الشعب. كما نصت المادة (125) على أن «يضع الرئيس بالاشتراك مع مجلس الوزراء السياسة العامة للدولة ويشرفان على تنفيذها». وإذا كانت المادة (116) قد اشترطت «أن يكون من يترشح للرئاسة مصريًا من أبوين مصريين، وألا يكون قد حمل هو أو أى من أبويه أو زوجه جنسية دولة أخرى، وألا يقل سنه على 40 سنة ميلادية». فقد كنت أتمنى أن تضع حدًا أقصى لعمر المرشح ساعة الترشيح كأن لا يزيد مثلًا على 65 عامًا، فإذا كتب له النجاح وأكمل مدته الأولى سيكون على مشارف السبعين، وإذا نجح فى الحصول على مدة ثانية وأخيرة وأتمها يكون اقترب من الخامسة والسبعين.. وهذا يكفى، فقد عانينا من شيخوخة «المخلوع» وحالة الوهن التى أصابت الدولة بسبب شيخوخة الرئيس. ولماذا لم تنص نفس المادة على أن يكون المرشح لائقًا طبيًا ونفسيًا، حتى لا نقع مجددًا فى رئيس مثل «المعزول» يتشكك الجميع فى سلامة قواه العقلية، فكما استفادت لجنة الخمسين من التجربة الرئاسية السابقة وعدّلت نص اليمين الرئاسية لتنص المادة (114) على «رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية يرعى مصالح الشعب واستقلال الوطن ووحدة أراضيه وسلامته». فقد استحدثت كلمة وحدة أراضى الوطن فى هذه المادة وفى اليمين الرئاسية لمنع أى رئيس قادم من تقسيم أرض الوطن أو التنازل عن أى جزء منها. وجاءت المادة (120) لتكون رقيبًا ماليًا على الرئيس فجاء فيها «يتعين على رئيس الجمهورية تقديم إقرار ذمة مالية عند توليه المنصب، وعند تركه، وفى نهاية كل عام، وينشر الإقرار فى الجريدة الرسمية». وهذا شىء ممتاز، حتى إذا جاء رئيس وتضخمت ثروته، سيجد القائمون على محاكمته ومعهم الشعب أكمله دلائل الاتهام ثابتة وواضحة أمام الجميع. أما ما أخشاه فى هذا النظام «الشبه الرئاسى المختلط» فهو الخلاف بين الرئيس ورئيس الوزراء، والمواد التى تحدد العلاقة بين الاثنين هى المواد (141 - 142 - 147)، فالرئيس منتخب من الشعب، ورئيس الوزراء مرشح الحزب أو الائتلاف الحائز على الأكثرية فى مجلس الشعب. فإذا وقع الخلاف لمن ستكون الكلمة الفصل. تلك هى إشكالية النظام «الرئاسى شبه المختلط»، وبخاصة إذا كان الرئيس ورئيس الوزراء ينتميان إلى تيارات سياسية متعارضة، ولكل تيار منهما أفكاره ومعتقداته فى التعامل مع أمور الدولة ومشكلاتها. أو حتى لو كان بين الرئيس ورئيس الوزراء خلافات شخصية أو عدم توافق، هذه المحاذير التى قد يراها البعض بسيطة أو صغيرة، هى غير ذلك، ويمكن أن تسبب مشاكل للدولة لا يستهان بها. لأن المواد المذكورة والتى تحكم العلاقة بين الرئيس ورئيس الوزراء - 141، 142، 147- لا تفسر من قريب أو من بعيد ماذا يحدث فى حالة الخلاف بين الاثنين. المسألة الآن لم تعد صلاحيات الرئيس وتقليصها أو عدم تقليصها، لكن المسألة تجاوزت ذلك إلى نظام جديد لحكم مصر وللرئاسة المصرية لم نعرفه من قبل، ونتمنى أن يثبت نجاحه فى التطبيق الفعلى، وألا نكتشف مستقبلًا أننا كنا حقلًا للتجارب.. لكن الحقيقة المؤكدة أن مصر ليست فرنسا التى استعرنا منها نظامًا «شبه رئاسى مختلط».