لم يكن الراحل المبدع يحيى العلمى مجرد مخرج لأهم المسلسلات المصرية، لكنه كان أحد كبار المثقفين وصاحب أسلوب رشيق فى الكتابة، ظهر جلياً من خلال كتاب وحيد صدر له عن هيئة قصور الثقافة بعنوان «أيام تليفزيونية»..وفى هذا الكتاب يحكى المخرج الكبير الذى اختاروا ثمانية من مسلسلاته ضمن أفضل مائة عمل درامى عربى، عن علاقته بكبار الأدباء والمفكرين والكتاب العظام، واختص العلمى عميد الأدب العربى الراحل د.طه حسين بفصلين فى الكتاب..الفصل الأول حكى فيه كواليس الحلقة الشهيرة التى سجلتها الإعلامية ليلى رستم معه وجمعت فيها أشهر ادباء ومفكرى الجيل لمحاورته وأعدها العبقرى الرائع أنيس منصور..والفصل الثانى تناول من خلاله العلمى قصة رفض وقبول العميد لتسجيل حلقة من برنامج «كاتب وقصة» التى كان يخرجها العلمى فى بيته، رغم انزعاجه الشديد من أجهزة الاضاءة وخوفه من عبث المصورين والفنيين بفيلا «رامتان». والمخرج يحيى العلمى ولد فى 5 يوليو 1941 فى الزقازيق، بدأ عمله فى السينما والتليفزيون بعد تخرجه فى كلية الحقوق فى بداية الستينيات، وشكل مع المخرجين محمد فاضل وإسماعيل عبد الحافظ نجوم الجيل الثانى من مخرجى التليفزيون المصرى فى بداياته الأولى بعد الجيل الأول الذى تكون من الراحلين نور الدمرداش وحمادة عبد الوهاب ويوسف مرزوق. وما لا يعرفه الكثيرون أن العلمى لم يكن فقط «غول فيديو»، لكنه أخرج أيضا ثلاثين فيلما أبرزها «خائفة من شىء ما» و «طائر الليل الحزين» و «تزوير فى أوراق رسمية»، «المرأة التى غلبت الشيطان» و «شلة الأنس»، وكان آخر أفلامه «خليل بعد التعديل». ومن أهم أعماله فى التليفزيون مسلسل رأفت الهجان بطولة محمود عبد العزيز الذى تجاوز عدد حلقاته الستين حلقة تطرق فيها لحياة رجل مخابرات مصرى تم زرعه فى إسرائيل وكان له دور مهم فى حرب 1973، وكانت شوارع القاهرة تبدو خالية فى توقيت عرض المسلسل. وكذلك مسلسلات «لا» للكاتب الكبير مصطفى أمين و «الأيام» لطه حسين، و «هو وهى» و «زينب والعرش» و «الزينى بركات». وتوفى فى 19 يناير 2002 عن عمر يناهز 61 عاما بعد صراع مرير مع المرض استمر بضعة أشهر..رحم الله المخرج والفنان والإنسان الجميل الراحل.