اثار قرار باكستان المفاجئ بإعادة محاكمة الطبيب الباكستانى «شاكيل أفريدى» الذى حُكم عليه قبل أكثر من عام بالسجن 33 عاما بعد مساعدته للولايات المتحدة فى إيجاد مكان زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن العديد من الشبهات حول ما إذا كانت باكستان رضخت لضغوط أمريكية من أجل إعادة محاكمة أفريدى. وبرر مفوض مدينة بيشاور أوامره بإعادة محاكمة أفريدى، بأن القاضى الذى أصدر الحكم تجاوز صلاحياته القانونية فى القضية. واُتهم أفريدى بالخيانة على خلفية قيامه بحملة تطعيم مزيفة لتحديد مقر إقامة بن لادن وعائلته فى مدينة «أبوت أباد» الباكستانية لصالح وكالة الاستخبارات الأمريكية «السى آى أيه»، ورسمياً لم يعاقب الطبيب على هذا السبب، بل للاشتباه بارتباطه مع جماعة «عسكر الإسلام» المسلحة التى قامت بعدد كبير من عمليات الخطف فى إقليم «خيبر» حيث كان يعيش هذا الطبيب، وحكم عليه بالسجن لمدة 33 عاما فى مايو عام 2012. وبالعودة إلى كيفية مساعدة أفريدى لوكالة الاستخبارات الأمريكية، نجد أن أفريدى استغل مهنته كطبيب فى القيام بحملة وهمية للتطعيم ضد الشلل فى منطقة «أبوت آباد» التى كانت الشكوك تدور فيها حول هوية عائلة كبيرة منعزلة تقطن فى أحد مجمعاتها السكنية، كان الغرض من حملة التطعيم التى جرت ما بين مارس وابريل 2011 هو الحصول على عينات من الحمض النووى لساكنى المجمع ومقارنتها بالحمض النووى لأفراد عائلة بن لادن ورغم أن نتائج المقارنة جاءت ايجابية، فإن أفريدى قدم للأمريكان خدمة أخرى لتأكيد ما توصل إليه، فقد ساعد أجهزة السى آى ايه على تسجيل مكالمات هاتفية أجراها مع المالك المفترض للمجمع السكنى أرشد خان، والذى كان واحدا من المقربين لزعيم تنظيم القاعدة ومن الذين يعتمد الأخير عليهم فى نقل رسائله وتعليماته الشفهية إلى أتباعه، كما ساعدها على التنصت على مكالمات خان مع سكان المجمع وتسجيلها من أجل مقارنتها بما هو متوفر لدى الأمريكان من تسجيلات سابقة لأصوات بن لادن وأفراد أسرته. وحول دوافع أفريدى للتعاون مع الأمريكان للقبض على زعيم القاعدة أو قتله، فإن معظم من يعرفونه أجمعوا على أن السبب كان رغبته فى الانتقام من حركة طالبان الأفغانية التى تحالف بن لادن معها ومكنها من البقاء فى السلطة فى كابول طويلا، وطبقا لأحد المقربين منه فإن الرجل عالج ذات مرة مجموعة من قادة طالبان المجروحين كان من بينهم زعيمهم فى منطقة خيبر، وبدلا من أن يحفظ هذا له الجميل ألقى القبض عليه وجلده وسجنه فى عام 2007 لأسابيع طويلة بتهمة طلب مبالغ كبيرة لمداواة الجرحى من أفراد الميليشيات المقاتلة، ولم يفرج عنه إلا بعد أن قامت زوجته بدفع فدية مالية كبيرة، وعلى إثر هذه الحادثة غادر أفريدى باكستان مع زوجته للعيش فى الولاياتالمتحدة ولم يعد الى وطنه (دون أسرته) إلا فى عام 2008. وقد تبين للهيئة القضائية العليا التى شكلتها إسلام آباد للنظر فى قضية الغارة الأمريكية على أبوت آباد أن أفريدى بعد عودته من أمريكا اجتمع مرارا بمسئولين أمريكيين فى كل من إسلام آباد وبيشاور. وقد قامت واشنطن حينها بالتحرك فى كل اتجاه، ورفع صوتها احتجاجا وتنديدا وتهديدا للمحافظة على حياة أفريدى وإطلاق سراحه، وطلبت هيلارى كلينتون وزميلها وزير الدفاع السابق ليون بانيتا إسلام آباد بالموافقة على إجراء عملية تبادل للمطلوبين شريطة أن يكون أفريدى ضمنهم، لكن الحكومة الباكستانية برئاسة يوسف رضا جيلانى ردت بالرفض، وأعلنت أن أفريدى مواطن باكستانى ولا بد من محاكمته أمام القضاء الباكستانى، وحينها قررت أمريكا حجب مساعدات قيمتها 33 مليون دولار عن باكستان كإجراء عقابى. ولكن بعد أكثر من عام تقوم السلطات الباكستانية بإلغاء القرار وإعادة محاكمته من جديد، وينتظر أن تكشف الأيام القادمة عما إذا كانت باكستان رضخت للضغوط الأمريكية بشأن أفريدى، أم أن القاضى الذى أصدر الحكم تجاوز صلاحياته القانونية فى القضية، حسبما يقول مسئولون باكستانيون.