حدث ذلك منذ زمن بعيد قبل أن تطأ قدماى القاهرة العامرة خيلت لى القاهرة أجمل مما رأيتها عليها أنا فى مخيلتى ذلك أننى قد رسمت لها أن بها بناتًا كالشمع أما فى بلدى ترى المرأة تسحب طرحتها على وجهها ثم تنظر إلى الأرض كأنها تشاهدها للمرة الأولى فىانتظار أن تمر من أمامها ثم تعود لسيرتها الأولى، انسدل الليل ونزل نور الصباح خرجت الفتيات فى طابور منتظم متجهات نحو مضارب الحقول المزروعة بالقمح، هانم تلك الفتاة فائقة الجمال هى من خطفت قلب الخولى خميس ذلك الستينى المتلفح بعمامة من الخوف خميس رجل فارع الطول عريض المنكبين وأسنانه ساقطة صفراء من آثار دخان المدغة ريثما حلت هانم تخطف الأبصار كنسمة ربيع أو قل كمهرة جامحة لم تجد من يروضها بعد الخولى خميس زيرنساء النسوة يعرفن ولعه بالنساء يحكين عنه الأعاجيب يعرفن اساليبه الرخيصة ونصب خيوطه كالعنكبوت يصطاد فريسته كصياد ماهر يعرف من أين تؤكل الكتف، الخولى خميس هو المسئول عن تنظيم العمال، النساء للحصيد، والرجال يقومون بتخزين القمح وتجرينه على مضض وافقت هانم على العمل معه فى الحقول التى يشرف عليها نظرًا لأن سمعته قد فاقت كل حد، إلا أن جدتها لأمها اعترضت بشدة على العمل مع ذلك الخولى، تجلس الجدة الآن على صندوقها الخشبى المطعم بالنحاس تحمل فى يديها منشة ذيل البقرة تهش بها على الذباب تتدلى من عنقها محفظتها الجلدية تلتف حول عنقها بحزام من الجلد المجدوب - تضع يديها على عجيزتها. هانم تجلس أمامها على كرسى من البامبو فى صمت عميق، الجدة مفيش شغل مع الرجل ده، واعرفى إنك بعد جمعتين هتتجوزى ربيع، بس يا جدة انتى عارفة أن أبويا إد كلمة للخولى خميس وقال احنا الكلمة لدينا أطول من العمر، يا بت ده أكبر من ابوكى وأنا أكبر منه بعامين وانتى هتترملى بدرى وانتى يا جدة يعنى كنتى تعرفى الغيب لا يابت ما يعلم الغيب إلا الله، يا بت انتى عارفة إنه فلاتى وبتاع نسوان وسمعته ذى القطران، بس ده جواز على سنة الله ورسوله، يا بت ده أنتى بوزك ناشف وغاوية فقر بس ده على ذمته تلاتة: وايه يعنى ده الشرع بيقول أربعة: ذنبك على جنبك. دوى صراخ النسوة وتجمع الناس أمام بيت الخولى خميس وجدوه مقتولا فى ديوانه وخضب الجلباب بالدم، حينذاك وضعت هانم على رأسها التراب، يا بختى المايل جات الحزينة تفرح ملاقتلهاش مطرح، وصلت الشرطة وسألت عن عدوته فوجدوها كحصاء الأرض فقيضت القضية ضد مجهول.