تدخل مصر الجديدة مرحلة سياسية جديدة بالغة التعقيد، ولكنها تحمل نسائم الديمقراطية الحقيقية بعد أن تخلصنا من الانتخابات المزعومة التى كانت تقودنا بخطى ثابتة إلى فاشية تقود مصر والمنطقة إلى الوراء وتدخلنا فى شباك التقسيم الجغرافى والطائفى. هذه المرحلة الجديدة تحمل فى طياتها خريطة سياسية داخلية جديدة، فمن المتوقع أن تظهر تحالفات سياسية جديدة، وقد تختفى بعض الشخصيات السياسية التاريخية وتتيح الفرصة لشخصيات جديدة بما تحمل من أفكار وقوة دفع قد تثرى ولاشك الحياة السياسية فى مصر. العمل السياسى يجب أن يحمل معه دائما عملا اجتماعيا وآخر إنتاجيا، يجب أن تقوم الأحزاب السياسية بتعديل توجهتها حتى تنصب فى خانة معالجة مشاكل الجماهير وخاصة الشباب، يجب أن تحرص الأحزاب والشخصيات السياسية على إقامة المشروعات الخاصة بفتح طريق إلى المستقبل للشباب. كما يجب على الحياة السياسية الجديدة أن تضع المرأة و قدراتها فى صدارة الاهتمامات، فالمرأة المصرية أثبتت أنها ضمير هذا الوطن وهى القوة الحقيقية وراء الصمود الشعبى، و حركه الشارع الذى لا يرضى إلا بتحقيق أهدافه. كما أنها القوة الحقيقية وراء رفض الظلام الفكرى، و أفكار التخلف والقفز إلى مناطق الجهل و القتامة، و ألمح فى التشكيل الوزارى الجديد - حكومة الببلاوى إذا جاز التعبير- الاهتمام بإعطاء المرأة جزءا من حقها، وهى بداية جديدة لمجتمع جديد يسعى إلى النور والتقدم فى الحياة. أيضا أثبت الشباب المصرى أنهم وقود هذا الوطن وعلينا جميعا فتح المجال أمامهم ولا نسمح بحركة تجريف أخرى تنهك الطاقات البشرية المصرية وتساعد على تخلف هذا الوطن وجموده. وأعتقد أن الفترة القادمة يجب أن يكون اهتمامنا الأول هو خلق فرص عمل للشباب ، لقد كان أحد الأسباب الرئيسية لثورة 25 يناير تفشى البطالة بين الشباب، لذا فإن الإسراع بخلق فرص للعمل أمر حيوى و ضرورى لاستقرار هذه الدولة. ومن هنا فإن الأحزاب السياسية المصرية إذا كانت تريد أن يكون لها تأثير قوى على الشارع المصرى، فيجب أن تهتم بعنصرى التقدم لهذا الوطن وهما الشباب والمرأة. أما عن تولى المناصب القيادية بالنسبة للشباب فهو أمر مطلوب، لكن أنصح الشباب بعدم التعجل، لأن السنين تضيف للشباب خبرة مطلوبة فى المنصب القيادى. وأذكر ذلك لأنى سمعت أن بعض شباب الخارجية يريدون تولى المناصب القيادية فى الوزارة، و يتعجبون لماذا لم تمنح لهم الفرصة وهم صغار السن. و أقول لهم إن الوزارة منحت هذه الفرصة بعد إعادة هيكلتها أيام الوزير عمرو موسى، وأفرز ذلك قيادات شابة محترمة اكتملت قدرتها بالخبرة و تولى مناصب عدة، وعندما آن الأوان لتتولى عملا قياديا مثل سفارة أو قنصلية كانت جاهزة ومدربة. أصبحت لدينا مشاكل فى علاقة الأجيال ببعضها، إن الجيل الأكبر غير قادر على التعليم للآخرين والجيل الأصغر غير قابل للتعليم من الأكبر، مشكلة كبيرة خاصة إذا اقترنت بما هو سائد الآن فى مجتمعنا من ظواهر جديدة مثل عدم احترام الأقدميات وعدم احترام الأكبر سنا. كل ذلك أدى إلى صراع بين الأجيال فى جو محموم، وفى بيئة جديدة تحمل ظاهره ندرة الفرص ووفرة المتقدمين لها. هناك شيوخ سنا لكنهم شباب روحا وعقلا، و هناك شباب سنا لكنهم شيوخ روحا وعقلا. الفرصة تكون للأصلح وليس شهادة الميلاد ولكن الأصلح يجب أيضا أن يكون قادرا على العطاء وتتوافر فيه اللياقة الذهنية والصحية والنفسية أيضا. لقد عانى الشعب المصرى خلال السنوات القليلة الماضية الكثير، لذا من الضرورى خلال الفترة القادمة أن نركز على اللياقة النفسية كأحد العناصر الضرورية حتى يتحمل مسئولية قيادة فى ظروف ضاغطة تمر بها الدولة. أرى علامات إيجابية فى الطريق، كما أرى مصاعب جمة ومخاطر وشرورا كثيرة هذا يتطلب قيادات رشيدة ورصينة تصمد فى وجه المصاعب و ذات ثبات انفعالى . سنصل إلى الهدف ونحقق حلمنا فى مصر الجديدة.. مصر التسامح والخير والتكافل.