فى وقت تواجه فيه الأمة العربية تحديات كبيرة فيما يتعلق بقضايا السكان والتنمية جاء انعقاد «المؤتمر الإقليمى للسكان والتنمية فى الدول العربية تحت شعار «تحديات التنمية والتحولات السكانية فى عالم عربى متغير» ليقوم بمراجعة أهداف مؤتمر القاهرة الدولى للسكان الذى عقد 1994 فى ضوء الأهداف الإنمائية للألفية، وتجهيزًا للمؤتمر الدولى للسكان المزمع عقده نهاية 2014 تحت رعاية الأممالمتحدة. وطالب المؤتمر الذى استضافته مصر خلال الأسبوع الماضى بالخروج بحزمة مترابطة تهدف إلى تحسين مستوى الحياة للفئات المهمشة والقضاء على الفقر وتضييق الفجوة بين الجنسين والقضاء على الظلم الاجتماعى والمساواة فى الحقوق والفرص. فيما اعتبر الدكتور .نبيل العربى الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن مؤتمر السكان والتنمية يكتسب أهمية كبيرة متعددة الأفاق ومتشعبة الأبعاد، لإنشغاله بمواضيع السكان والتنمية، وكونه يعقد فى فترة ومرحلة شديدة الدقة والتعقيد، حيث تشهد المنطقة العربية منذ فترة حراكًا عاليًا على كافة المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية وغيرها، ترافقها تحولات مهمة ومتتالية. وأكد د. نبيل العربى على أهمية هذا المؤتمر كونه يتناول بالدراسة والنقاش العلمى قضايا وموضوعات سكانية واجتماعية وصحية تقع فى صميم أولويات التنمية فى البلدان العربية، ومن تلك الأمور النمو السكانى وصحة الأسرة والصحة الانجابية وقضايا الحراك السكانى وتداعيات التغير المناخى على الأوضاع السكانية والأنشطة السكانية المختلفة فى الريف والحضر. وشدد العربى على أن قضايا الشباب والمرأة والمسنين اصبحت تحظى بالاهتمام الكبير الذى تستحقه كتحديات سكانية لا بد من الاهتمام بها ومراعاتها، معتبرًا أن هذا المؤتمر هو الأهم والأول فى مسيرة العمل الإقليمى والدولى لمتابعة وتقويم نتائج وتوصيات وبرامج العمل التى صدرت عن المؤتمر الدولى للسكان والتنمية عام 1994، ولذلك تتضمن أعماله إجراء تقويم ومراجعة دقيقة تشمل فترة العشرين سنة الفاصلة بين مؤتمرى القاهرة الدولى 1994 والعربى 2013. وأضاف العربى أن أهمية هذا المؤتمر ايضًا على مستوى أقاليم العالم، فى الأهداف التى نتوخاها له وفى المخرجات والنتائج المتوقع صدورها عنه، وبشكل خاص وثيقة «الإعلان العربى للسكان والتنمية» معربًا عن تمنيه أن تكون وثيقة مرجعية رئيسية تُعين فى رسم سياسات السكان والتنمية على الصعيدين الإقليمى والوطني، وأن تكون إحدى الوثائق الإقليمية الرئيسية التى ستستخدم كمرجعية لإعداد وثيقة السكان والتنمية على الصعيد الدولى والمتوقع صدورها من الأممالمتحدة بنهاية العام المقبل 2014. وأشار العربى إلى أن المستوى الرفيع والتنوع الكبير للمشاركين، من متخذى قرار وبرلمانيين وممثلى منظمات المجتمع المدنى وخبراء وممثلى منظمات دولية وعربية، سوف يثرى حوارات ووقائع المؤتمر ويضمن نتائج عالية النوعية، من آراء ومقترحات لبرامج ومشروعات ذات اولوية وعملية قابلة للتنفيذ، موضحًا أنه رغم ما بذلته الدول العربية من جهود حثيثة لتعزيز فرص التنمية ولمواجهة التحديات السكانية ولتوظيف الفرص، فإن المنطقة العربية لا زالت تعانى من تحديات سكانية متشعبة، بل إن بعضها قد شهد تفاقمًا خلال فترة الإنتقال الأخيرة. وقال إن البيانات تفيد أن عددًا كبيرًا من دول المنطقة لن تتمكن من تحقيق معظم أهداف خطة العمل الدولية للسكان والتنمية بحلول عام 2014 والأهداف التنموية للألفية بحلول عام 2015، وذلك لأن البلاد العربية تشهد معدلات بطالة عالية مقارنة بأقاليم العالم الأخرى، وقد ساهم ذلك فى تفاقم معدلات الفقر والتهميش وهى كما تعلمون إحدى الأسباب الرئيسية للأحداث التى شهدتها العديد من دول المنطقة فى الفترة الأخيرة. وأضاف: لا زال عددًا من الدول العربية ضعيفة الدخل تواجه تحدى النمو العالى للسكان، ودول أخرى تعانى من ارتفاع وفيات الأمهات نتيجة ارتفاع الأمية بينهن وضعف الوعى والخدمات الصحية وصعوبة التمكن منها، كما تشهد البلاد العربية حراكًا سكانيًا عاليًا، من هجرة قسرية وأخرى غير نظامية وهجرة عمل وهجرة كفاءات، وأنه بسبب الحروب والنزاعات تعاظمت أعداد اللاجئين والمهاجرين وأصبحت المنطقة تأوى أعدادًا كبيرة من اللاجئين فى العالم، كما أن تفاقم البطالة ومعدلات الفقر قد دفع جمهورًا واسعًا من السكان والشباب بالأخص للهجرة غير النظامية وغير الشرعية، مما عّرض العديد منهم للسقوط فى شبكات الإجرام المتنامية وعّرض البعض الأخر للموت غرقًا وهم فى طريقهم بحثًا عن الرزق. وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أن المنطقة تشهد تحديات سكانية مستحدثة ومتنامية ومنها تداعيات التغير المناخى على العديد من أبعاد معيشة السكان ورفاهم واستقرارهم، وتحدى الشيخوخة حيث تتنامى بإضطراد أعداد كبار السن، مما سوف يطرح عدة تحديات مستحدثه فى مجالات الرعاية الصحية والاجتماعية بالأخص، إن لم يقع التعجيل بالتخطيط والإعداد الجيد لها. ولفت إلى القضايا السكانية يجب ألا تطرح كتحديات فقط وإنما العديد من أبعادها تمثل فرص يمكن أن تساهم بفعالية فى إحداث النقلة التنموية إن أحسن توظيفها، ومن ذلك كون فئة الشباب قد بلغت أعلى أعدادها ونسبها فى البلاد العربية، حيث يفوق عددهم مائة مليون ويمثلون بذلك حوالى ثلث السكان فى سن 15- 29 سنة بل أن ثلثى سكان البلاد العربية هم دون سن ال25 . من جانبه قال د.بابا توندى المدير التنفيذى لصندوق الأممالمتحدة للسكان، أن مؤتمر القاهرة الدولى منذ عشرين عامًا فى القاهرة اتفق على أن السكان ليس تعداد فقط وإنما تحسين ظروفهم بالأمان الاقتصادى وحق المراة فى اتخاذ قرار إنجاب وعدد الأطفال، حيث لا ينبغى أن تموت المرأة بسبب الأطفال. وقال: منذ مؤتمر القاهرة وعدد الأزمات الإنسانية فى تزايد بشكل كبير وتحقق ذلك بين اللاجئين الذين انتقلوا من بلد لأخر واليوم العالمى اللاجئين يوم 20 يونيو الحالى، هناك 1.7 مليون لاجئ سورى فى كل من الأردن ومصر والعراق وتركيا ولبنان وهناك 6.8 مليون شخص تضرروا من الأزمة فى سوريا.