بعد ثمانى سنوات من حكم الجناح المتشدد فى إيران بقيادة محمود أحمدى نجاد، جاء انتخاب رجل الدين المعتدل حسن روحانى رئيسا لإيران ليحيى الآمال فى إصلاح العلاقات بين الجمهورية الإسلامية والدول العربية وخاصة دول الخليج التى اشتدت حدة التوتر بينها وبين إيران خلال السنوات الأخيرة بسبب القلق من البرنامج النووى الإيرانى، والنزاع حول الجزر الإماراتية الثلاث التى تحتلها إيران منذ 1971، وكذلك التهديدات الإيرانية ذات الطابع الطائفى لبعض الدول الخليجية التى تضم شيعة بين سكانها، إضافة إلى التدخلات الإيرانية فى الشئون الداخلية لدول الخليج لاسيما البحرين والسعودية. وفى أجواء من التفاؤل، عادت إلى الأذهان فترة حكم الرئيس الإصلاحى محمد خاتمى بين عامى 1997 و2005 عندما كان الهدوء يسود العلاقات بين الجانبين. وساعد على ذلك التصريحات الصحفية التى أدلى بها روحانى قبل انتخابه بأيام حيث قال فى حوار أجرته معه صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية إنه سيولى أولوية قصوى فى حالة انتخابه رئيسا لإيران لتحسين العلاقات مع دول الجوار على جميع المستويات. وأضاف: «فى حال وصولى للسلطة ستكون هناك محادثات دبلوماسية وتعاون مع جميع بلدان المنطقة لإزالة أى ملابسات أو سوء فهم أو عداء». وشدد روحانى: « لا أعتزم، فى حال انتخابى، التدخل فى الشئون الداخلية لأى دولة أخرى». وفيما يتعلق بالمملكة العربية السعودية، قال إنه يعتزم تحويل الخصومة التى تفاقمت فى الفترة الأخيرة بين البلدين إلى احترام متبادل وتدابير تصب فى مصلحة الطرفين والتعاون بين البلدين لتعزيز الأمن واستعادة الاستقرار فى المنطقة. أما بالنسبة لمسألة البحرين، فأكد أن الاستقلال السياسى والوحدة الوطنية والأمن فى البحرين تمثل عوامل مهمة لاستقرار وأمن المنطقة. وقد سارع قادة المنطقة إلى تهنئة روحانى والترحيب بانتخابه، وفى مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والذى أشاد خلال برقية بعث بها إلى الرئيس الإيرانى الجديد بتصريحاته التى أبدى فيها حرصه على التعاون وتحسين العلاقات بين بلاده والمملكة العربية السعودية. ومع ذلك، هناك من المسئولين والمحللين والمراقبين من يختلفون مع هذه النظرة التفاؤلية فى ظل التطورات السياسية الحالية فى المنطقة وكذلك هيمنة المرشد الأعلى آية الله على خامنئى على النظام فى إيران، خاصة أن روحانى كان يشغل منصب «ممثل المرشد فى المجلس الأعلى للأمن القومى» الإيرانى. وفى هذا السياق، قالت وزيرة الإعلام البحرينية سميرة رجب لوكالة رويترز «أعتقد أن روحانى فرد فى فريق. وأى أحد يأتى من ذلك الفريق سيواصل السياسة ذاتها ... لم تعد لدينا ثقة فى النظام الإيرانى بعدما حدث فى البحرين»، فى إشارة إلى الاحتجاجات فى أوساط الشيعة منذ عام 2011 والتى توجه البحرين أصابع الاتهام إلى إيران بالوقوف وراءها. كما حذرت بعض الصحف السعودية من الإفراط فى التفاؤل بفوز روحانى، وكتبت صحيفة الرياض أن الآمال ربما لا ترقى إلى مستوى الطموحات إذا سلمنا أن السياسة الخارجية الإيرانية ترسم فى مكتب المرشد الأعلى على خامنئى وتدار منه مباشرة ومن الأجهزة الأمنية والنخبة الدينية المرتبطة به. ونسبت إلى مصدر خليجى رفيع قوله: إن تعبير إصلاحى ومعتدل الذى يطلق على روحانى تعبير نسبى وبالتالى فإن انعكاسات هذا التعبير على العلاقات الإيرانية الخليجية قد تكون من الضآلة بحيث لا يمكن ملاحظتها. وفى تحليل لوكالة «رويترز»، لفت المحلل السعودى جمال خاشقحى أن محمد خاتمى، آخر رئيس إصلاحى لإيران، استطاع إصلاح العلاقات، لكن ذلك فى وقت كانت فيه النزاعات أقل حدة ولم تكن إيران آنذاك تتدخل بشكل مكثف فى سوريا والبحرين واليمن ولم يكن هناك شيعة يقتلون سنة. ورأت صحيفة «لوس انجلوس تايمز» الأمريكية أن استمرار إيران فى دعم نظام الرئيس السورى بشار الأسد مازال يشكل نقطة خلاف رئيسية، خاصة أن السعودية وقطر تعتبران من أهم الممولين لقوى المعارضة السنية. وأضافت الصحيفة أن التدخل الأخير من جانب حزب الله الشيعى اللبنانى فى النزاع السورى - وهو حليف لإيران- قد زاد من حدة التوتر بين طهران والدول العربية، مشيرة إلى قرار الرئيس المصرى محمد مرسى بقطع العلاقات رسميا مع سوريا وانتقاده العلنى لحزب الله. وفيما يخص علاقات إيران مع حزب الله، يستبعد المراقبون أى تحول جذرى من إيران تجاهه، ويرون أن علاقاتها معه ليست بيد الرئيس الإيرانى لا تمويلا ولا دعما عسكريا. وعندما سئل روحانى خلال حملته الانتخابية عن موضوع تدخل الحزب فى سوريا رأى أنه يندرج ضمن صراع شامل مكررا التنديد بالدعم الذى تلقاه المعارضة السورية من جهات معادية ومشبوهة. وبالتالى فإن حزب الله سيظل يمثل عقبة أمام تحسن العلاقات بين طهران ودول المنطقة.