تصدرت شركة أوراسكوم للصناعة والإنشاء إحدى قلاع آل ساويرس الاقتصادية عناوين الصحف والمجلات وشاشات الفضائيات خلال الأيام الماضية لما نسب إلى مسئوليها من التهرب الضريبى والامتناع عن سداد أموال مستحقة للدولة تبلغ 14 مليار جنيه.. ثم هدأت الضجة حول الشركة بعد أن تم الاتفاق بين إدارة الشركة والحكومة على سداد 7.1 مليار جنيه. هذا ما يعلمه الناس عن أزمات آل ساويرس وشركاتهم التى تتوغل فى غالبية قطاعات الاستثمار والصناعة فى مصر، ولكن مالا يعلمه المواطن البسيط وأحيانًا الحكومة نفسها عن آل ساويرس هو أنهم يضطهدون عددا من العاملين بها بتهمة (الإصابة أثناء العمل)..نعم كل ما ارتكبه هؤلاء العمال البسطاء أنهم تعرضوا لإصابات أثناء ممارستهم مهام عملهم فى أحد مشروعات شركة أوراسكوم للصناعة والانشاءات. ولأن العمال لم يرضخوا للتهديد وذهب بعضهم بالفعل للقضاء وقدم شكاوى للجهات الحكومية المختصة، قامت الشركة باضطهادهم وتعطيل صرف قيمة فواتير العلاج وإلغاء العمليات الجراحية المقررة لهم. وعندها أحس العمال بأن الخطر قد اقترب من ذروته،قرروا ألا يتركوا بابًا دون اللجوء إليه أملا فى الحصول على حقوقهم المسلوبة ولجأوا إلى مجلة «أكتوبر» كمنبر إعلامى ينقل شكاواهم للمسئولين لعل أحدهم يتحرك!! خاصة وهم يحملون مستندات عديدة تشمل تقارير طبية وأشعة وشكاوى تقدموا بها إلى القوى العاملة ومكتب العمل وأخيرًا أرقام محاضر حرروها ضد الشركة فى أقسام الشرطة، وأوراق القضية التى ينظرها القضاء الإدارى (المحكمة العمالية) ضد الشركة. 16 حالة وقالوا نحن لسنا فقط ضحايا أوراسكوم بل هناك العشرات غيرنا، وفى الموقع الذى نعمل به يوجد 16 حالة (إصابة عمل) لديهم مشاكل مع الشركة منذ عام ونصف تقريبًا، وفى باقى المواقع هناك حالات أخرى تعانى من نفس المشكلة، فهذا هو أسلوب الشركة فى التعامل مع أبنائها.. (تأخذنا لحم.. وترمينا عضم)!!! وأضافوا أنهم لا يطلبون صدقة أو إعانة من الشركة ولكنهم يطالبون بالتثبيت لأنهم يعملون بنظام اليومية وغير مؤمن عليهم.. ويطلبون أيضا نقلهم لأعمال تتناسب مع خبراتهم كعمال فنيين بالشركة منذ سنوات مشيرين إلى أن مشاكلهم الصحية لا تمنعهم من العمل نهائيًا ولكنهم فقط ممنوعون بأوامر الأطباء من أعمال العتالة (أى حمل أشياء ثقيلة) وليس العمل نهائيًا. ويبدأ خالد هريدى محجوب -28 سنة- ليروى رحلته مع قسوة إدارة أوراسكوم التى يعمل بها منذ بدايات عام 2010 وأصيب بعد عام ونصف فقط من خلال ممارسته عمله. وقال خالد. أعمل فنى شدات معدنية (سقالات) وخلال قيامى بتركيب إحدى السقالات سقطت لأصاب بقطع فى الغضروف وتمزق فى الرباط الصليبى وتم نقلى للمستشفى وأكد الطبيب المعالج على ضرورة إجراء عملية جراحية لى ولكن للأسف لم تتحسن حالتى فتم إجراء عملية ثانية، لم تنجح هى الأخرى. وقام المستشفى بإجراء عملية جراحية على قدمى بالمنظار لم تقدم جديدًا لحالتى وتم الاتفاق مع المستشفى على إجراء جراحتين لساقى، وبالإضافة إلى تفصيل جهاز معدنى لقدمى لا أستطيع التحرك إلا بواسطته. وأضاف خالد: بصراحة الشركة هى التى قامت بسداد قيمة العمليات السابقة وكنت أشترى الأدوية على حسابى ثم أقوم بتسليم الفواتير للشركة وأصرف قيمتها، وظل الحال هكذا حتى بدايات العام الحالى حيث فوجئت بتعنت غريب من إدارة الشركة معى، ورفض طبيب الشركة اعتماد قرار المستشفى الخاص بضرورة إجراء عملية جراحية بصفة عاجلة حتى لا أفقد ساقى نهائيًا، كما امتنعوا لمدة شهر عن صرف فاتورة العلاج (الأدوية) ثم تمت مساومتى على قيمة الفاتورة. وعن سبب ما تفعله الإدارة معه، قال خالد: الشركة تصرف لى كل شهر أساسى المرتب فقط (أقل بكثير من نصف مستحقاتى المالية، ورفضوا صرف الباقى رغم أن ذلك حقى القانونى لأننى أصبت بسبب العمل، وعندما اشتكيت من ذلك تم تهديدى بفصلى بالعمل، فقمت بتقديم شكوى لمكتب العمل الذى ارسل لاستدعاء مسئولى الشركة لسؤالهم عن حقيقة الشكوى وعندما امتنعوا عن الحضور إلى لجنة فض المنازعات بمكتب العمل، قام مسئولو المكتب بتحويل الشكوى إلى المحكمة العمالية (بالقضاء الإدارى) وهو ما استفز الشركة وجعلها تبحث عن طريقة للتنكيل بى. ويلتقط منه طرف الحديث عبدالحكيم السيد عبدالحكيم (34 عاما) قائلًا: التحقت بالعمل فى الشركة منذ 2005 كحداد مسلح ثم تمت ترقيتى إلى مشرف عمال (حدادين مسلح) ثم إلى مشرف على جميع عمال المقاولات بالمشروع.. وأثناء وجودى بالعمل أصيبت بقطع فى الأربطة بالكوع وفصل عظمتى الكوع (المفصل) وتم نقلى إلى مستشفى المبرة بثكنات المعادى وقضيت شهرا ونصف الشهر وذراعى فى الجبس وبعدها تم إجراء عملية جراحية لى على حساب الشركة ولكنى خرجت منها بعجز فى الكف والكوع. وقرر الأطباء إجراء عملية جراحية أخرى ولكن الشركة رفضت ذلك واكتفت بصرف قيمة العلاج (الأدوية) حتى بداية العام الحالى لتبدأ المضايقات واصرار الشركة على عدم أحقيتى فى إجراء عملية جراحية رغم تأكيد أطباء المستشفى على أهمية تلك العملية وإلا سأصاب بعجز كامل فى ذراعى. أما رضا رمضان محمد (35سنة) فيقول:أنا ابن الشركة وأعمل فيها منذ عام 1996 (نجار مسلح) وشاركت فى أكثر من مشروع حتى وصلت إلى المشروع الحالى والذى اصبت خلال عملى فيه بكسر فى الذراع وبالإضافة إلى دخول قطع معدنية صغيرة (رايش) فى ذراعى واخترق بعضها العظام وكان ذلك فى 20/5/2010.. وقد تم وضع ذراعى فى الجبس لمدة 45 يوميًا تلته عمليتان لاستخراج الرايش من ذراعى ولكن للأسف لم تنجح تلك العمليات فى علاج ذراعى، وقرر الأطباء إجراء عملية ثالثة. وأضاف أن الأطباء قرروا ضرورة إجراء عملية حقن لعلاج هشاشة العظام التى نتجت عن الحادث وتم إجراء عملية جراحية ثالثة لتسليك أوتار الذراع ولكن للأسف لم يحدث تحسن فى حالتى.. وبعد 6 أشهر قرر الأطباء إجراء عملية رابعة لعلاج العظمة الزورقية ولكن لم تتحسن الحالة فتم إجراء عملية خاصة ليكتشف الأطباء وجود صديد باليد يهدد ببتر الكف خاصة وأن عظام الكف قد تحطمت تمامًا. وأضاف رضا: طبيب المستشفى أخبرنى أن ذراعى قد أصبحت عاجزة عن العمل وطالبنى باستخراج تقرير نسبة عجز من الجهات المختصة وعندما علمت الشركة بذلك رفضت تحويلى للجهة المختصة للحصول على تقرير نسبة العجز، وقامت بتحويلى إلى طبيب أخر لتضييع الوقت حتى تنتهى مدة المشروع واستغناء الشركة عنى. استهلكت عمرى وينتقل الحديث إلى محمد عبدالرازق سعيد (40 سنة) والذى يتحدث بصوت مملوء بالمرارة والأسى قائلًا: الشركة استهلكت عمرى فى العمل بمشروعاتها داخل وخارج مصر، فقد التحقت بالعمل فى عام 1996 وسافرت معهم للعمل بمشروعات فى الجزائر وأفغانستان وقطر، ومع ذلك لم تشفع لى كل تلك السنوات عند إدارة الشركة عندما أصبت أثناء العمل فى 10/10/2010. ويضيف: أنا أعمل بالشركة كفنى شدات معدنية وأثناء عملى على السقالة وقعت على الأرض وتم نقلى إلى المستشفى وهناك قام الدكتور باعطائى حقنة مسكنة وأخرى مقويات (فيتامين ومنشطات) فأحسست بأن صحتى (زى البمب). وفى اليوم التالى ذهبت إلى عملى وقبل أن أصعد إلى السقالة أحسست كأننى قد فقدت السيطرة على قدمى وأن أعصابى ارتخت بشكل مفاجئ وسقطت على الأرض لا أستطيع الحركة فقام زملائى بنقلى مرة أخرى إلى المستشفى وبعد إجراء الفحوصات الطبية أخبرنى الطبيب بأننى مصاب بالغضروف فى الفقرتين الرابعة والخامسة ويجب إجراء عملية جراحية عاجلة لى حتى لا يتفاقم الأمر. وعندما علمت الشركة بذلك رفضت التقرير الطبى، رغم أنهم هم الذين أرسلونى لتلك المستشفى، وأخبرنى طبيب الشركة أن تشخيص هذا الطبيب خاطئ وأن حالتى لا تحتاج سوى للعلاج الطبيعى، وعندما رفضت هذا الكلام، قامت الشركة بتحويلى لمستشفى آخر وطلبوا منهم إجراء فحوصات جديدة لى وتجاهل ما تم إجراؤه من فحوصات سابقة. وبالفعل قام المستشفى بإجراء فحوصات وأشعة جديدة لى لتصل إلى ضرورة إجراء عملية جراحية لى وبشكل عاجل.. وعدت للشركة بالتقرير الجديد، ليستقبلنى طبيب الشركة بنفس الرد: أنت لا تحتاج سوى العلاج الطبيعى.. وصحتك (زى الفل). ثم قرر إرسالى إلى لمستشفى ثالث تحت ضغط منى يحسم هذا المستشفى طبيعة حالتى والعلاج الذى احتاجه.. وهنا كانت المفاجأة.. بالنسبة للشركة طبعًا وليس لى.. فالمستشفى قرر بعد إجراء فحوصات وأشعة جديدة أننى أحتاج لعملية فورية وأن العلاج الطبيعى الذى تصر الشركة على اجرائه لى يضر جسدى ولا يفيده ويهدد حالتى الصحية بالإضافة إلى أن الأدوية التى تصرفها الشركة لى ليس سوى مسكنات وفيتامينات وحقن أعصاب وكلها (لا تغنى ولا تسمن من جوع) كما قال طبيب بالمستشفى لى.. ومع تسليمى للتقرير الطبى الثالث واصرارى على إجراء العملية الجراحية التى نصحنى بها الأطباء فى المستشفيات الثلاثة، قررت الشركة معاقبتى والامتناع عن صرف العلاج (المسكنات) لى بل وامتنعوا عن سداد فواتير العلاج الطبيعى الخاص بى وهددونى بالفصل نهائيًا من العمل لو طلبت إجراء هذه العملية أو حتى إجرائها على نفقتى الخاصة دون إذن من الشركة! 50 ألف جنيه وحكاية سعد هاشم ثابت (40سنة) لا تختلف عن حكايات ومآسى من سبقوه سوى فى طبيعة الإصابة ووقت حدوثها، ويبدأ شكواه قائلًا:التحقت بالعمل فى شركة أوراسكوم للانشاء والصناعة مع بداية عام 2000، كفنى شدات معدنية (سقالات) وفى عام 2009 أصبت أثناء العمل بقطع فى الرباط الصليبى ووتر الغضروف وإصابة شديدة فى مفصل الركبة، وذلك نتيجة سقوطى عن السقالة. وكان تقرير المستشفى المبدئى يؤكد أن حالتى قد تتحسن بالعلاج الطبيعى لمدة 3 شهور بناء على تشخيص طبيب الشركة،وبعد مرور الأشهر الثلاثة جدد الطبيب العلاج الطبيعى لمدة مماثلة ولكن المستشفى رفض استمرارى فى العلاج الطبيعى لأنه لم يساعد فى علاجى بل أضرنى وتوقفت عن العلاج الطبيعى فى الشهر الرابع ونصحونى بإجراء عملية ترقيع فى الركبة ولكنها لم تنجح فى علاجى فتم اجراء عملية (سد وتليف) بالقدم ولم تنجح هى الآخرى.. فقرر الأطباء إجراء عملية ثالثة بالمنظار تلاها علاج طبيعى لمدة 6 أشهر وللأسف لم تتحسن حالة قدمى بل ساءت فأجرى لى الأطباء عملية رابعة تم خلالها استبدال المفصل بالكامل وتركيب آخر صناعى، وأخبرنى الأطباء بأننى سأحتاج لتغيير هذا المفصل كل 5 أو 10 سنوات وهذا سيكلفنى 50 ألف جنيه (سعر النهاردة)!! وأضاف سعد أن الشركة قامت بفصلى من العمل عقب إجراء أول عملية جراحية بحجة أننى لم أعد قادرًا على العمل، وهذا رغم أن إصابتى حدثت نتيجة عملى بالشركة.. المهم أننى قمت برفع دعوى (قضية) ضد الشركة فسارعوا بإعادتى للعمل ومساومتى حتى أتنازل عن القضية ولكننى تمسكت بالحصول على كامل حقوقى من الشركة وعندما رفضوا استمرت العلاقة متوترة بيننا، والشركة تحاول إجبارى للتوقيع على تنازل عن مستحقاتى. واختتم سعد شكواه قائلًا: كانت آخر عملية جراحية أجريت لى فى نهاية العام الماضى وبعدها طلب منى الطبيب المعالج أن أطلب من الشركة تحويلى للقومسيون الطبى للحصول على تقرير بنسبة العجز، وهو ما رفضته الشركة تمامًا وتحولت المضايقات (اللى على المتغطى) لمضايقات (على المكشوف.. وعلى عينك يا تاجر) وتم وقف صرف جزء كبير من مستحقاتى واخبارى بأن وقتى مع الشركة قد أوشك على الانتهاء وأننى مرتبط بالمشروع الحالى وعندما سينتهى سيتم إلقائى وزملائى فى الشارع. ومن سعد إلى أحمد محمد حسين (33 سنة) لا يختلف الأمر كثيرًا، فكلاهما أوشك على أن يكون (فى الشارع) وبلا مصدر دخل، حيث أصيب أحمد أيضًا خلال عمله كمبيض محارة بشركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة والتى التحق بها فى عام 2003.. وكانت إصابته قطع فى الرباط الصليبى والغضروف وذلك فى عام 2011، حيث سقط من على (السقالة) وتم نقله للمستشفى ليقرر الأطباء إجراء عملية جراحية سريعة له وهو ما حدث بالفعل. فقمت برفع قضية ضد الشركة، التى سارعت بإعادتى للعمل مرة اخرى ومساومتى على حقوقى الطبية والمالية للتنازل عن القضية، ولكننى رفضت ذلك فأصرت الشركة على حرمانى من إجراء العملية الثانية التى طلبها منى الأطباء وقرروا الاكتفاء بالعلاج الطبيعى الذى لم يقدم لى أية فائدة ولم تتحسن حالتى الصحية بسببه ومع ضغوطى على الشركة وافقت بصعوبة على إجرائى العملية الثانية والتى كان وقتها قد فات فلم تتحسن حالتى وقرر الأطباء أننى فى حاجة لعملية جراحية ثالثة بالإضافة إلى كورس مكثف من العلاج الطبيعى. عمل مناسب وأخيرًا يأتى الدور على حسنى شحاته عامر (41سنة) ليتحدث عن أزمته مع شركة أوراسكوم فيقول: أنا نجار ورشة «بأشتغل على آلات.. والمكن مالوش عقل ولا قلب.. ضربته فيها موت على طول أو على الأقل فقدان لعضو من أعضائى.. حتة من جسمى»!!. وهذا بالفعل ما حدث.. فأثناء عملى على المنشار قامت الصينية بقطع أوتار وأعصاب ذراعى، وتم نقلى للمستشفى وأجريت لى عملية طبية عاجلة، وتلى ذلك فترة علاج طبيعى.. ومع عدم تحسن الحالة قرر الأطباء إجراء عملية جراحية ثانية وفشلت هى الأخرى وقرر الأطباء أننى لن أستعيد القدرة على تحريك ذراعى واستعمالها كما كانت قبل الحادث ويجب نقلى لعمل آخر يتناسب مع حالتى الجديدة مع ضرورة استخراج شهادة (تقرير) بنسبة العجز وهو ما أشعل غضب الشركة ضدى فامتنعت منذ شهور عن صرف الدواء وإلغاء العلاج الطبيعى وتهديدى بالفصل والتشريد لو ظللت مُصرًا على الحصول على حقوقى الطبية والمالية.