بعد حظر بناء المآذن فى سويسرا عام 2009، وحظر ارتداء النقاب فى فرنسا عام 2011، جاء الدور على ألمانيا لتصاب بعدوى «الإسلاموفوبيا»، حيث كشف وزير الداخلية الألمانى «هانز بيتر فريدريش» عن التفكير جديا فى طرد جميع المسلمين السلفيين خارج البلاد، ومطالبة عدد آخر من المسئولين الألمان بالشدة والقسوة فى التعامل معهم واصفين إياهم ب «المتطرفين الإرهابيين»، الأمر الذى ينذر بانطلاق جولة جديدة من الصدام بين اليمين السياسى المتطرف فى الغرب والأقليات المسلمة هناك. ورغم أن الجالية المسلمة فى ألمانيا تعيش هناك منذ زمن طويل فى هدوء وسلام باستثناء بعض الحالات الفردية كمقتل مروة الشربينى عام 2009، إلا أن الصدام تفجر مع زيادة عدد المهاجرين السلفيين المتشددين، حيث تشير التقديرات وفقا لمجلة «فوكس» الألمانية إلى ارتفاع عدد السلفيين فى ألمانيا خلال العام الماضى فقط من 3200 إلى 4750 شخصا تقريبا. وتزعم الأجهزة الأمنية فى ألمانيا أنها التفتت لخطورة الجماعات السلفية المتشددة خلال منتصف العام الماضى وبالتحديد عندما وقعت اشتباكات حادة بين أعضائها وأعضاء من حزب «برو إن آر دبليو» اليمينى المتطرف المعروف بعدائه الشديد للإسلام، وأدت إلى وقوع إصابات كبيرة فى صفوف قوات الشرطة التى حاوت الفصل بينهما حيث أصيب 39 فرد أمن من بينهم اثنان بإصابات خطيرة، قبل أن تصل الأزمة إلى ذروتها باكتشاف الشرطة الألمانية مخططا لاغتيال عدد من الشخصيات التابعة لحزب «برو إن آر دبليو» وعلى رأسها مؤسس الحزب «ماركوس بايسيشت» حيث اعتقلت اثنين ممن ينتمون إلى الجماعات السلفية داخل إحدى السيارات بالقرب من منزله ليلا، قبل أن تطلق الشرطة الألمانية حملة موسعة لمداهمة الكثير من أماكن ومعاقل السلفيين والتى وصلت إلى أكثر من 70 شقة ومنزلا وشركة وغيرها عثرت على أثرها على عدة أسلحة نارية، بالإضافة إلى 600 جرام من المواد المتفجرة وأدوات تصنيعها، وألقت القبض خلالها على العديد من أعضاء تلك الجماعات، حيث تشتبه فى ضلوع بعضهم فى المحاولة الفاشلة لتفجير قنبلة داخل محطة القطارات الرئيسية بمدينة بون نهاية العام الماضى، كما تعيش قوات الأمن الألمانية حالة من الاستنفار الأمنى عقب وصول منشورات من جماعات سلفية مجهولة تهدد وتطالب المسئولين الألمان بدعم الإسلام وعدم معاداته على حد تعبيرهم ومد المعارضة السورية بالسلاح. فيما كشف «راينر بانبيكر» مدير شرطة ولاية هيسن أن قوات الشرطة عثرت خلال عمليات التفتيش على قائمة اغتيال تضم أسماء عشرات من السياسيين والشخصيات الألمانية العامة، وعلى رأسهم المستشارة أنجيلا ميركل، بالإضافة لمخطط تدمير البرلمان الألمانى بطريقة مشابهة لتدمير مركز التجارة العالمى فى نيويورك عام 2001. وجاء التقرير السنوى لحماية الدستور فى ألمانيا الصادر عن مؤسسة الاستخبارات الداخلية محذرا من خطورة الجماعات السلفية المتشددة والتى اعتبرها أكثر المجموعات نموا فى العدد داخل ألمانيا، كما شدد على أن لديها مصادر للتمويل غير معلومة، كما أن أفرادها على استعداد تام ومدربين على ممارسة العنف. ووفقا لمجلة «ديرشبيجل» الألمانية، فإن وزير الداخلية الألمانى «هانز بيتر فريدريش» يعمل بكل طاقته من أجل استمرار تلك الحملات خلال الفترة المقبلة حتى تحقق كافة أهدافها، وأضاف أن تلك الحملات تستهدف جماعة سلفية بعينها وهى «دعوة إلى الجنة» و «ملة إبراهيم» والتى وصفها المسئول الألمانى برأس الحية التى تعمل بشكل مخالف للدستور على حد تعبيره، وتهدف إلى تهديد استقرار البلاد وأن لديها ايديولوجيا تشبه تنظيم القاعدة، مشيرا إلى أن السلطات الألمانية تبحث حاليا فرض حظر قانونى على تلك الجماعات.. بل قد يصل الأمر إلى إصدار قانون يسمح بإبعاد كل من يثبت تورطه فى أعمال عنف. وفى تصريح لمجلة «بيلد» الألمانية، أكد الخبير الدستورى «فولكر بيك» أن طرد أو إبعاد أى مواطن يحمل الجنسية الألمانية خارج البلاد غير دستورى، ولكن فى حالات تهديد الأمن العام يمكن إصدار قوانين خاصة لذلك، وفيما يتعلق بمعاداة حزب «برو إن آر دبليو» للإسلام يرى «بيك» أنها تصرفات غير مسئولة يرفضها الدستور الألمانى الذى يدعو إلى احترام كل العقائد مشددا فى الوقت نفسه على أن ذلك غير مبرر لممارسة الجماعات السلفية للعنف، ويضيف أن تعميم تهمة التطرف والعنف على كافة المسلمين فى ألمانيا يعد خطأ كبيرا، حيث إن الجالية المسلمة يصل تعدادها إلى 5 ملايين نسمة تشكل نحو 5% من إجمالى سكان ألمانيا.