الشارع المصرى يعيش فى سلسلة من الأزمات المتفاقمة التى تلاحقه دائمًا، بالدرجة الأولى أزمات البنزين والسولار، وأخيرا ازمة شركات الكهرباء التى أصبحت مهددة بالاغلاق نتيجة لنقص الغاز فهناك من يري أن هذه الأزمات ليست بجديدة وإنما هى ميراث الحزب المنحل فى النظام السابق الذى ارتكب جريمة فادحة بحق الشعب المصرى بتصدير الغاز لإسبانيا والأردن بالإضافة لمنح الغاز لإسرائيل شبه مجاني حتى أنها كانت تحقق سنويًّا ما يقرب من 10 مليارات دولار ربحاً من الغاز المصرى الذى نحتاج الآن لكل قدم مكعب منه لتشغيل محطات الكهرباء والمصانع، خصوصًا أن الجميع كان يعلم بمحدودية الاحتياطى المصرى من الغاز». اصبحت أزمة الكهرباء مرتبطة بالغاز بشكل غير مسبوق حتى إن أزمة نقص الغاز غطت على الأعطال المتواجدة بالمحطات لأنه بافتراض أن جميع المحطات جاهزة للتشغيل فلن نجد الغاز اللازم لتشغيلها ولذا لجأت حكومة هشام قنديل لزيادة أسعار بيع الوقود لقطاعات اقتصادية عديدة والتى سوف تزيد 50% على المستويات السابقة مما أثار احتجاجات من أصحاب مصانع عديدة تشملها الزيادة حيث أعلنت الحكومة أنها حددت سعر المازوت الذى يستخدم في الصناعات المحلية كثيفة الاستهلاك للطاقة، عند 1500 جنيه مصري 220 دولارا للطن حيث يسرى ذلك على كل الصناعات باستثناء المخابز وشركات إنتاج الكهرباء والصناعات الغذائية التى تحددها وزارة الصناعة كما ان أسعار بيع الغاز الطبيعى المحلى والمازوت والسولار لمصانع الأسمنت والطوب زادت أيضا 50%. وزارة الكهرباء من جانبها لجأت هذه الأيام إلى تخفيف الأحمال بواقع 2000 ميجاوات يومياً بالتناوب بكل محافظات مصر بسبب ضعف ضخ الغاز من جديد لمحطات الكهرباء. الخبير الاقتصادي محمد جودة القيادى بحزب الحرية والعدالة يقول إن المشكلات التي تعانيها مصر حاليًا ليست بجديدة علينا بل ورثها النظام السابق حتى وصلت إلينا وأوصلتنا في النهاية إلى الحال الذي نحن عليه ولكن هناك أزمات مصطنعة بالفعل منها ما هو ناتج عن تهريب وفساد مثل السولار والمازوت المهرب و قد تم بالفعل ضبط مليون لتر مهرب من المواد البترولية، والمتسبب غير معروف. وأما عن دور الحكومة الحالية في حل هذه المشكلات خاصة مشكلة الغاز وشبكات الكهرباء فيوضح جودة أنها يجب أن تعمل على ضبط الرقابة بدلا من رفع أسعار المازوت على الشركات والمصانع الكبرى لان هذا له مردود سلبىعلى باقى السلع. فى حين يرى محمود العسقلانى «رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء» أن الأزمات التى يتعرض لها المواطن والحكومة أزمات طبيعية وليست مفتعلة لأنها ترتبط بمشكلة حقيقية ناتجة عن سوء الإدارة وهى تؤثر بشكل أو بآخرعلى الحالة الاقتصادية وأوضح أن عجز الموازنة وصل إلى 140 مليار جنيه. أما عن الحلول التي يجب على الحكومة اتباعها فقال العسقلانى إنه يجب أن تعمل الحكومة على تدوير عجلة الإنتاج من خلال إلغاء الدعم الذى هو أساس المشكلة، ولا يمكن حلها بدون أن يكون هناك إلغاء لهذا الدعم حتى يصل لمستحقيه. (الأسباب الحقيقية) ومن جانبها رفضت وزارة الكهرباء التعليق على تفاصيل الأزمة التى ظهرت بصورة أكثر حدة لتضطر شركات توزيع الكهرباء إلى قطع التيار عن نحو 10 % من مناطق القاهرة والمحافظات وبعد ايام من استقرار ضخ الغاز إلى محطات الكهرباء وبدء تشغيل المحطات الخمس التى توقفت بسبب ضعف ضخ الغاز إليها، فوجئ القائمون على تشغيل محطات الكريمات 2و3 والكريمات الشمسية ومحطة 6 اكتوبر الغازية ومحطة الشباب بالاسماعيلية بضعف ضخ الغاز إلى محطاتهم لأقل من 20 بارا مما يؤدى إلى توقف تشغيل المحطات تماما، وخسارة الشبكة القومية لكهرباء مصر لنحو 2500 ميجاوات. وكشف مصدر مسئول بقطاع الكهرباء ان السبب وراء ضعف ضخ الغاز هو خروج حقل غاز البرلس من الخدمة للمرة الرابعة خلال شهر مما أثر على توقف خمس محطات كهرباء تعمل بالغاز فألزمنا شركات توزيع الكهرباء ببدء جدول تخفيف الأحمال بقطع التيار على كافة مناطق الجمهورية. بواقع تخفيف 500 ميجاوات عن شركتى شمال وجنوبالقاهرة و200 ميجا عن الاسكندرية و500 ميجا عن محافظات وسط الدلتا و300 ميجا عن مناطق غرب الدلتا و350 ميجا عن محافظات القناة وسيناء و250 ميجا عن وسط العيد و250 عن محافظات جنوب الصعيد. أما وزارة البترول فقد أعلنت ان الأزمة تحدث دائما فى حقل غاز البرلس وما ان نسيطر على العطل حتى يأتى عطل آخر ليخرج الحقل من الخدمة، وقال ان هذا الحقل خرج للمرة الرابعة خلال شهر وهذا له تأثير على الكهرباء. وقال المهندس خالد عبد البديع رئيس شركة «جاسكو» للغازات الطبيعية إن استجابة الكهرباء لطلب وزارة البترول بضرورة استخدام الوقود فى محطة شبرا الخيمة، ساهم فى تعزيز قدرات التوليد فى محطات الكهرباء، خاصة العاملة فى القاهرة الكبرى مما ساهم فى الحد من قطع التيار الكهربائى . وارجع ائتلاف مهندسى محطات الكهرباء هذه الأزمة التى تحدث بين الحين والآخر إلى سوء إدارة المسئولين بقطاع الكهرباء وتضليلهم للرأى العام بشأن أزمة الطاقة التي تمر بها البلاد ومن الكارثة المحتملة فى فصل الصيف المقبل. وأكد الائتلاف أن 80% من محطات الكهرباء تعتمد على الغاز الطبيعى مما يجعل الشبكة معرضة للانهيار فى أى وقت عند حدوث نقص في الغاز أو عطل فنى فى أحد الحقول، حسبما جاء في البيان . وأشار الائتلاف إلى أن مسئولي الكهرباء ينكرون المشاكل الفنية ونقص قدرات التوليد في حالة توفر الوقود بالمحطات معلنا ان معظم المحطات معرضة للأعطال بسبب الفساد فى التوريد والتنفيذ والإشراف من قبل استشارى محتكر. (لغز المازوت) وقال سيد البرهمتوشى عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات،إن قرار الحكومة برفع أسعار الغاز والمازوت بواقع 50% على المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة يرجع إلى الأزمة الطاحنة التى تعترض محطات الكهرباء على مدار الأشهر الماضية وتكرارها منذ أيام، لافتا إلى أن القرار سيؤدى إلى ضعف القدرة التنافسية مع الدول الأخرى التى تحصل على دعم تصديرى يساعد على نمو الصناعة بشكل ملحوظ. وأضاف البرهمتوشى أن المستهلك النهائى هو المتضرر الوحيد من تلك القرارات غير المدروسة، لافتا إلى أن توقيت القرار «خاطئ».وقال ان هذه القرارات يتم صدورها فى وقت تتمتع فيه الدولة بالاستقرار الأمنى والسياسى والاقتصادى ، ولكن الشارع المصرى يفتقد هذه الشروط خلال المرحلة الحالية.